ومن سمات شخصيه الشهيد ( قدس ) ابتعاده عن النسقية في الأسلوب كما أسلفنا أو كما اسماها هو الابتعاد عن الاستصحاب ، أيضاً من سماته انه يخاطب العقل في طرحه للمفاهيم التي يريد توصليها للأخر ، ففي بحثه (( النبوة الخاتمة )) ، يتناول السيد الشهيد وبأسلوب عقلي موضوعي لماذا التجديد في النبوات بمعنى بعد كل فترة يبعث نبي ، ولماذا كانت نبوة محمد ( ص ) خاتم النبوات ؟ فبحثه يعتمد (( على تقصي الأسباب من زاوية عقلية )) فعندما يتساءل الشهيد عن أسباب التجديد والتغيير في النبوة بمعنى (( لماذا لم يحل معضلة الإنسان نبي واحد ، أو رسالة واحدة ؟ )) ويجيب الشهيد على هذا التساؤل بأربعة أسباب نذكرها ليطلع عليها القارئ وليأخذ لمحة عن منهجه العقلي في الإجابة على التساؤلات المتعلقة بتحديد النبوة:
[color=#990000]1. استنفاذ غرض النبوة .
2. انقطاع تراث النبوة .
3. محدودية نفس النبي .
[color:ec5b=#990000:ec5b]4. تطور الإنسان المدعو .
فكل سبب من الأسباب السابقة هو سبب معقول لتغيير النبوة وتجديدها ، فالسبب الأول مثلا عندما تكون النبوة لعلاج حالة معينة في المجتمع ، أي حالة مرضية غير صحيحة فتاتي هذه النبوة لعلاج تلك الحالة ، وبعد انتهاء العلاج لا يعقل أن تستمر النبوة العلاجية هذه كخط عام للإنسان في المستقبل (( فمثلاً ما يقال من إن المسيحية كانت تتجه إلى نزعة روحية مفرطة ـ يعني الإفراط في الروحية ـ والتركيز على الجانب الغيبي بدرجة اكبر بكثير من التركيز على أي جانب من جوانب الحياة المعاشة المحسوسة .. والتركيز على جعل النفس منقطعة عن كل علائق الدنيا ، هذا التركيز الذي قامت على أساسه فكرة الرهبنة المسيحية كان علاجاً لمرض كان يعيشه شعب بني إسرائيل حينما ظهرت المسيحية . هذا المرض ـ وهذا الانغماس المطلق في الدنيا .... وهذه الحالة النفسية التي تجعل الإنسان اليهودي مشدوداً إلى درهمه ، وديناره ، ويومه ، وغده )) النبوة الخاتمة .
مثل هذه الحالة تعتبر حالة مرضية تحتاج لعلاج ، فجاءت المسيحية لعلاج حالة المادية المسيطرة على الإنسان اليهودي ، والتي تعتبر شذوذاً (( وانحرافاً لأنه دواء للمريض وليس طعاما للصحيح )) .
فهذا السبب وكذلك الأسباب الأخرى هي أسباب موضوعية يتقبلها العقل كحجة يقنع بها الإنسان العاقل بالأسباب التي تدعو إلى التجديد والتغيير في النبوة فمخاطبة العقل هي سمة أخرى من سمات أسلوب السيد الشهيد ، تضاف إلى السمة السابقة السمة الأخرى التي تميز بها الشهيد في أسلوب طرحه لتصوراته والمفاهيم والنظريات الإسلامية التي يريد تبليغ الأمة بها وهو الأسلوب العلمي المستند إلى جمع الحقائق الموضوعية والأدلة الواقعية والتحليل لهذه الأدلة لصياغتها بما يخدم الهدف الذي يروم تحقيقه وهذا الأسلوب تميّز به السيد الشهيد عن غيره من الباحثين والمفكرين الإسلاميين فهو لم يلجأ إلى مسلّماته الشخصية . لإقناع الأخر ، حتى لو كانت نصوصاً من القران أو السنة ، على اعتبار إن الأخر ليس بالضرورة أن يكون مؤمناً بالنص المُتبنى عند المحاور كحجة وان امن به كوجود لكن مضمون النص مُختَلََف عليه عند الاثنين ، أذن لا يمكن الاستدلال به كحجة ، لذا فالسيد الشهيد يلجأ وبقدرات عالية إلى الأسلوب العلمي المنهجي في إثبات المفاهيم والأفكار التي يريد أقناع الآخرين بها ، ولجوؤه إلى هذا المنهج العلمي أثار عليه بعض الشبهات ممن يقعون ضمن دائرة النسقية والنصيّة التي لا تستعين بالمنهج العلمي الموضوعي في الاستدلال لذا فالسيد الشهيد يعتبر سابق لثقافة عصره الذي عاش فيه . وكمثال على ذلك كَتَبَ الشهيد بحثاً بعنوان (( بحث حول المهدي )) إذ يناقش فكرة المنقذ والمخلّص للبشرية واليوم الموعود الذي تسود فيه العدالة وينتهي الظلم بأسلوب نفسي موضوعي يتناغم مع تطلعات الإنسانية في الخلاص إذ يقول (( ليس المهدي تجسيداً لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب ، بل عنوان لطموح اتجهت أليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها ، وصياغة لإلهام فطري ، أدرك الناس من خلاله ـ على الرغم من تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب ـ إن للإنسانية يوماً موعوداً على الأرض ..... بل لم يقتصر الشعور بهذا اليوم الغيبي على المؤمنين دينياً بالغيب ، بل امتد إلى غيرهم أيضاً وانعكس حتى على اشد الأيدلوجيات والاتجاهات العقائدية رفضاً للغيب والغيبيات ، كالمادية الجدلية التي فسرت التاريخ على أساس التناقضات ، وامنت بيوم موعود ، تصفي فيه كل تلك التناقضات ويسود فيه الوئام والسلام )) وهكذا لأسباب نفسية فطرية تؤمن البشرية بهذا اليوم الموعود ويأتي دور الدين لدعم (( هذا الشعور النفسي العام ))
فالسيد الشهيد يثبت بالأسلوب النفسي العلمي أن اليوم الموعود طموح أنساني للخلاص من الظلم ثم تأتي الفكرة الدينية لتنسجم مع هذا الطموح وتدعمه وتعطيه وضوحاً اكبر ، فالمسلم تأتيه القناعة بفكرة المهدي عن طريق العلم والاستعداد النفسي العام وعن طريق الدين والنصوص التي تؤكد هذه الفكرة . وبنفس الأسلوب العلمي هذا يخلص الشهيد إلى نتيجة مفادها أن طول عمر الإنسان لا يتعارض مع الطبيعة البشرية والسنن الإلهية وقد وجد في التاريخ من البشر من وصل عمره ألف عاماً إلا قليلا كالنبي نوح ، ويقول السيد الشهيد (( ولا ادري هل هي صدفة أن يقوم شخصان فقط ، بتفريغ الحضارة الإنسانية من محتواها الفاسد وبنائها من جديد ، فيكون لكل منهما عمر مديد يزيد على أعمارنا الاعتيادية أضعافاً مضاعفة ؟ّ! احدهما مارس دورهُ في ماضي البشرية وهو نوح الذي نص القران الكريم على انه مكث في قومه ألف عام إلا خمسين سنة ، وقدر له من خلال الطوفان أن يبني العالم من جديد ، والأخر يمارس دورهُ في مستقبل البشرية ، وهو المهدي الذي مكث في قومه حتى الآن أكثر من ألف عام وسيقدر له في اليوم الموعود أن يبني العالم )) ويعلل السيد الشهيد إطالة العمر بعاملين اولهما انه يتم بواسطة القوانين الطبيعية التي أودعها الله تعالى في الكون ولم يتح للبشرية أو العلم أن يكتشفها الآن ، وربما تأتي مئات من السنين حتى يتمكن الإنسان أن يفهم أو يكتشف هذه القوانين الطبيعية التي مكنت الرسول ( ص ) للإسراء إلى السماء أو (( اتاحت لأخر خلفائه المنصوصين العمر المديد قبل أن يتاح للعلم تحقيق ذلك )) والعامل الثاني يتحقق طول العمر فيه بمعجزة إلهية تعطل القانون الطبيعي تحقيقاً لأمر الهي تتطلبه المحافظة على رسالة السماء أو الحفاظ على حياة حجة الله في الأرض كضرورة لإنجاز مهمة هذا الحجة على الأرض ، كما حصل لإبراهيم ( ع ) عندما القي في النار ، أو خروج النبي محمد ( ص ) ، من بين حشود الناس من قريش وهي مجتمعة لقتله ، حينئذ تتدخل الإرادة الربانية لتعطيل ذلك القانون (( وعلى العكس إذا كان الشخص قد انتهت مهمته التي أعد لها ربانيا فانه سيلقى حتفه ويموت أو يستشهد وفقا لما تقرره القوانين الطبيعة )) .
وهكذا نرى السيد الشهيد كيف يسوق الأدلة الموضوعية والعلمية لطرح أطروحة الإمام المنتظر أو اليوم الموعود ليثبتها إلى العقل السليم خارج أطار النص أو النقل وهذا ما انتهجه أيضاً في معالجة أطروحة الخلافة بعد وفاة النبي ( ص ) سيما وان الرسول الأكرم (( كان يدرك منذ فترة قبل وفاته ، أن اجله قد دنا ، وأعلن ذلك بوضوح في حجة الوداع ـ ولم يفاجئه الموت مفاجأة . وهذا يعني انه كان يملك فرصة كافية للتفكير في مستقبل الدعوة بعده )) محمد باقر الصدر ـ نشأة الشيعة والتشيع .
فهل يعقل أن يترك النبي ( ص ) وهو خاتم الأنبياء وصاحب الرسالة ألتغييريه لبناء الأمة في الحاضر والمستقبل كون الإسلام خاتم الأديان هل يعقل أن يترك أمته من دون قائد بعده ، وليس وجود قائد أيما قائد كاف لاستمرار الرسالة لتحقيق أهدافها الإسلامية الرسالية التي أرادها الله بل الضرورة تفرض وجود قائد اقرب ما يكون إلى مبادئ النبوة ، ومُعَّداً أعداداً رسالياً خاصاً وبأشراف مباشر من النبي محمد ( ص ) هذه الضرورة (( تفرض على القائد الأول يعد للتجربة قائدها الثاني الذي تواصل على يده ويد خلفائه نموها الثوري ، وتقترب نحو اكتمال هدفها ألتغييري في اجتثاث كل رواسب الماضي الجاهلي وجذوره ، وبناء امة جديدة على مستوى متطلبات الدعوة ومسؤوليتها )) السيد الشهيد ( قدس ) .
ووفق هذه المنهجية التي أراد النبي محمد ( ص ) لها الاستمرار من بعده اعدَّ الرسول الأكرم الإمام علي ( ع ) لهذه المهمة الرسالية ، يقول السيد الشهيد ( قدس ) (( الشواهد كثيرة على أن النبي ( ص ) كان يعد الإمام أعداداً خاصاً لمواصلة قيادة الدعوة من بعده ، فالشواهد على إعلان الرسول القائد عن تخطيطه هذا ، وإسناده زعامة الدعوة الفكرية والسياسية رسمياً إلى الأمام علي ( ع ) لا تقل عنها كثرة ، كما نلاحظ ذلك في حديث الدار وحديث الثقلين وحديث المنزلة ، وحديث الغدير ، وعشرات النصوص النبوية الأخرى . ))
بعد هذه الحجج العقلية والنقلية يسوق السيد الشهيد ( قدس سرّه ) احتمالات الموقف ما بعد وفاة الرسول الأعظم ( ص ) بطريقة منطقية عقلية .
فالاحتمال الأول أما أن يكون الرسول ( ص ) قد أهمل أمر الدعوة الإسلامية بعد وفاته و ((
ترك مستقبلها للظروف والصدف )) ، وهذا احتمال لا يمكن افتراضه لأنه لا ينسجم وطبيعة الرسول محمد ( ص ) وحرصه على مستقبل الإسلام والدعوة حتى وهو على فراش الموت حيث قال ( ص ) ((
ائتوني بالكتف والدواة اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً )) فهذا يدل على أن الرسول حريص كل الحرص على آلمستقبل وعلى استمرار منهج النبوة من بعده ، وتحصينها من الضياع أو الانحراف.
والاحتمال الثاني أن الرسول لم يهمل أمر الدعوة واهتم بمستقبلها إلا انه ترك أمر اختيار القائد من بعده إلى الأمة عن طريق الشورى ، وهذا الاحتمال يستبعده السيد الشهيد أيضاً لأسباب عديدة منها واقعية وموضوعية وهذا منهجه في البحث ومن جملة ما ذكره السيد الشهيد في هذا المجال قوله ((
أن النبي ( ص ) لم يمارس عملية التوعية على نظام الشورى لان هذه العملية لو كانت قد أنجزت لكان الطبيعي أن تنعكس وتتجسد في الأحاديث المأثورة عن النبي ( ص ) وفي ذهنية الأمة ... مع أننا لا نجد في الأحاديث عن النبي ( ص ) أي صورة تشريعية محددة لنظام الشورى )) ـ نشأة الشيعة والتشيع .
وبقي
الاحتمال الثالث الذي يحدد موقف الرسول ( ص ) من الدعوة بعد وفاته وهو (( أعداد ونصب من يقود الأمة . وهذا هو الطريق الوحيد الذي بقي منسجماً مع طبيعية الأشياء ومعقولاً في ضوء ظروف الدعوة والدعاة )) وهكذا فان الوقائع العملية وسلوك النبي في هذا المجال هو الذي ((
يضمن مستقبل الدعوة وصيانة التجربة في خط نموها )) والذي تبنى هذا المنهج هو التشيع الذي تبنى التجربة النبوية في أن يختار ((
بأمر الله سبحانه شخصاً يرشحه عمق وجوده في كيان الدعوة ، فيعده أعداداً رساليا وقيادياً تتمثل فيه المرجعية الفكرية والسياسية للتجربة ، وليواصل بعده ـ بمساندة القاعدة الشعبية الواعية من المهاجرين والأنصار ـ قيادة الأمة وبناءها عقائدياً ، وتقريبها باستمرار نحو المستوى الذي يؤهلها لتحمل المسؤوليات القيادية )) ويضيف السيد الشهيد ( قدس ) ((
وهكذا وجُد التشيع في إطار الدعوة الإسلامية متمثلاً في هذه الأطروحة النبوية التي وصفها النبي ( ص ) بأمر من الله ـ للحفاظ على مستقبل الدعوة )) .
وإذ يطرح السيد الشهيد رؤاه الفكرية لصيانة الرسالة الإسلامية من الانحراف كما أراد الله تعالى لهذه الرسالة من تحقيق أهداف اجتماعية وإنسانية ، حيث جعل الله تعالى ضمانة عدم انحرافها التزام خط الرسول ( ص ) ومن بعده التزام خط علي ( ع ) والأئمة المعصومون ( ع ) لبناء قاعدة الرسالة والدعوة للحاضر والمستقبل ، ومن خلال فهم علي ( ع ) والأئمة المعصومين ( ع ) من بعده للرسالة والدعوة بترسيخ المنهج السليم في الحفاظ على كيان الإسلام الشامل والصحيح . وإذ يطرح السيد الشهيد ( قدس ) هذا المنهج لا يطرحه بصفته المذهبية بل يقدمه أطروحة أسلامية متكاملة لجميع المسلمين وبطريقة علمية عقلية تنأى عن التعصب والانغلاق ، بل يطرحه بالطريقة المنفتحة المرنة التي تجمع المسلمين عموماً على المبادئ المشتركة خارج أطار المتذهب والتعصب انطلاقاً من وعيه وشعوره بالمسؤولية تجاه أمته ودينه المهدد من أعداء الإسلام بمختلف اتجاهاتهم إذ أن هؤلاء الأعداء يحاربون الإسلام كمنهج للحياة ، ولا يميّزون بين مسلم وأخر إلا بما يخدم أهدافهم حيث نراهم أحياناً يتبنون مذهباً من المذاهب ويحاولون نصره على المذاهب الأخرى من اجل خلق الفتنة الداخلية لقتل الإسلام من الداخل ، سيما إذا وجدوا في المذهب الذي يدعمونه بذور التعصب الأعمى تجاه المذاهب الإسلامية الأخرى إذ يغذون هذه العصبية لغرض الهدم وزرع بذور التمزق الذي يقود إلى الضعف وإذا وجدوا رجال دين مسلمين يحملون هذه الأفكار المنحرفة فان أعداء الإسلام يحتضنوهم ويقدمون لهم كل الدعم خدمة لأهدافهم في زرع بذور الفرقة والعداء بين المسلمين ، ومن هذا المنطلق أدرك السيد الشهيد هذه النوايا السيئة لأعداء الإسلام فحمل أسلام أهل البيت إسلام المحبة والإنسانية فطرحه بصورته الناصفة كدين عالمي يدعو إلى العدالة ونبذ الظلم ويدعو إلى التزام الإنسان والدفاع عن حقوقه التي منحها الله تعالى له من الحرية والكرامة والعيش الكريم والتي صودرت وحوصرت من النظريات الغربية الوافدة . هذا الطرح الكلي الذي تبناه السيد الشهيد دعاه إلى إن يطرح منهج أهل البيت ( ع ) ، بطريقة تتناسب ومسؤوليتهم في قيادة الأمة إذ أن ((
هناك دور مفروض للائمة في نص الشريعة الإسلامية ، في عالم التشريع ، وهو دور صيانة تجربة الإسلام ، تجربة المجتمع الإسلامي التي أنشأها النبي ( ص ) ، وكان المفروض أن هذه القيادة تتسلسل في هؤلاء الأئمة ألاثني عشر ( ع ) واحداً بعد الأخر )) . محمد باقر الصدر ـ أهل البيت ..تنوع ادوار ووحدة هدف .
هذا الدور والتسلسل الذي اختاره الله تعالى حفاظاً على الإسلام من الانحراف ، فيما لو تولى الأمر أناس آخرون له ثلاث مراحل حسب تشخيص السيد الشهيد ( قدس ) : حسب ما ذكره في كتابه أهل البيت .
المرحلة الأولى : ((
وهي تفادي صدمة الانحراف ، هذه المرحلة التي عاش فيها قادة أهل البيت ( ع ) مرارة الانحراف ، وصدمته بعد وفاة رسول الله ( ص ) ... الأئمة ( ع ) في هذه المرحلة قاموا بالتحصينات اللازمة بقدر الامكان .. فحافظوا على الرسالة الإسلامية نفسها )) ، فمن اضطلع بهذه المسؤولية من أهل البيت ( ع ) الأمام علي ( ع ) والإمام الحسن والحسين وعلي بن الحسين ( ع ) .
المرحلة الثانية : ((
وهي التي شرع فيها قادة أهل البيت ( ع ) ـ بعد أن وضعوا التحصينات اللازمة .. ضد صدمة الانحراف ـ ببناء الكتلة المنضوية تحت لوائهم )) وفي هذه المرحلة لا يعني أن المسالة حدية بحيث تنتهي مرحلة وتبدأ أخرى أنما هناك تداخل ، ولكن هناك اولويات أيضاً ، فمرحلة التحصين ضد الانحراف لا يعني أنها انتهت بل أصبح خطرها اقل بحيث يأتي دور الأمام لبناء حالة جديدة أخرى يتطلبها الظرف الموضوعي إضافة إلى حماية التحصين بدرجة من الدرجات ولكن الجهد الأكبر للائمة ( ع ) انصب في هذه المرحلة على بناء الجماعة التي تبنت مشروع أهل البيت ( ع ) بمساعدتهم في فهم الإسلام وبناء مرتكزاته الأساسية والأئمة الذين قاموا بهذا الدور إضافة إلى الأمام علي بن الحسين ( ع ) الذي اعتبره السيد الشهيد نهاية المرحلة ولكن ليس بصورة حدية بحيث يمكن أن تقول ((
هذه اللحظة هي نهاية المرحلة وبداية أخرى وإنما هذا التصور يتفق مع طبيعة الأحداث المتصورة في خط تاريخ الإسلام )) أهل البيت ... محمد باقر الصدر .
فيعتبر السيد الشهيد زمان الأمام الباقر ( ع ) الذي استمر بمنهج إبائه في التحصين ضد الانحراف بالإضافة إلى دوره في توعية المجموعة المنضوية تحت لواء الأئمة ( ع ) (( حتى تكون هذه الجماعة ، هي الرائد والقائد والحامي للوعي الإسلامي الذي حصن بالحد الأدنى ، هذا العمل مارسه الأمام الباقر ( ع ) على مستوى القمة واستمرت إلى زمن الأمام الكاظم ( ع ) )) . [color=#000066]المرحلة الثالثة : بدأت بحياة الأمام الكاظم ( ع ) حيث هي متداخلة مع المرحلة السابقة ، ففي هذه المرحلة بالإضافة إلى استمرار الأئمة عليهم السلام في التحصين وبناء الوعي الجماهيري خاصة عند الجماعة التي تبنت مذهب أهل البيت ( ع ) ، إلا أن هذه المرحلة (( [color:ec5b=#003300:ec5b]لا تحدد بشكل بارز من قبل الأئمة ( ع ) أنفسهم ، يحددها بشكل بارز موقف الحكم المنحرف من الأئمة أنفسهم ، وذلك لان الجماعة التي نشأت في ظل المرحلة الثانية التي وضعت بذرتها في المرحلة الأولى نشأت ونمت في ظل المرحلة الثانية .... وبدا للخلفاء أن قيادة أهل البيت ( ع ) ، أصبحت على مستوى تسلم زمام الحكم والعود بالمجتمع الإسلامي إلى حظيرة الإسلام الحقيقي )) وهذا خلّف بشكل رئيسي ردة فعل للخلفاء تجاه الأئمة ( ع ) من أيام الأمام الكاظم ( ع ) ـ محمد باقر الصدر ( قدس ) .