ومن سماته وخصاله:
خُلقه الرفيع المبرّأ من كل رياء أو تصنع ويكفيك أن تعايشه دقائق لتعرف ذلك فيه واضحاً جلياً يغنيك العيان عن البرهان.
تخرج السيد محمد محمد صادق الصدر من «كلية الفقه في النجف الاشرف في دورتها الأولى عام 1964».
وكان من المتفوقين في دروسه الحوزوية كما تؤكد روايات زملائه من تلاميذ ابن عمه الشهيد آية الله محمد باقر الصدر الذي تزوج ثلاثة من أولاد الصدر الثاني وهم مصطفى ومقتدى ومؤمل من بناته.
وبغض النظر عن مراحل دراسته التي تخطاها بتفوق وجدارة يكفي أن نشير إلى أن سماحته يعتبر من ابرز طلاب السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) ومقرري أبحاثه الفقهية والأصولية.
ومن المعروف أن مدرسة السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) تعتبر أرقى مدرسة علمية في المعرفة الفقهية والأصولية عمقاً وشمولا ودقة وإبداعاً. ويعتبر سماحته علماً من أعلام تلك المدرسة المتفوقة والمتميزة.
وقد درس (قدس سره) جملة من العلوم والمعارف الدينية عند مجموعة من الأساتذة نذكر أهمهم على نحو الإجمال:
1 - الفلسفة الإلهية، درسها عند المرحوم الحجة محمد رضا المظفر صاحب كتاب أصول الفقه والمنطق.
2 - الأصول والفقه المقارن، على يد الحجة السيد محمد تقي الحكيم.
3 - الكفاية درسها عن السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه).
4 - المكاسب درسها عند أستاذين الأول محمد باقر الصدر والثاني الملا صدر البادكوبي.
5 - أبحاث الخارج وهي أعلى مستوى دراسي حوزوي حضر عند عدد من الأساتذة الفطاحل وهم:
آية الله السيد محسن الحكيم
آية الله السيد محمد باقر الصدر
آية الله السيد روح الله الخميني
آية الله السيد الخوئي
رضي الله عنهم أجمعين، فنال على أيدي هؤلاء مرتبة الاجتهاد والفتوى التي أهلته للمرجعية العليا.
باشر بتدريس الفقه الاستدلالي (الخارج) أول مرة عام 1978، وكانت مادة البحث من (المختصر النافع) للمحقق العلامة الحلي. وبعد فترة باشر ثانية بإلقاء أبحاثه العالية في الفقه والأصول (أبحاث الخارج) عام 1990 واستمر متخذاً من مسجد الرأس الملاصق للصحن الحيدري الشريف مدرسة وحصناً روحياً لأنه اقرب بقعة من جسد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
عطاء فكري ثري
تأثر الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) بأفكار أساتذته من العلماء والمراجع إذ أن مجرد معرفة عدد من أسماء هؤلاء الأساتذة ستساعد في توضيح الملامح الفكرية لشخصيته، فهو درس لدى آية الله الخميني (قدس سره) والشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر وآية الله السيد الخوئي، وآخرين، إلاّ انه إذا تجاوزنا المشترك الفقهي لهؤلاء الثلاثة، يمكن القول انه استلهم الفكر الثوري من تجربة ودروس آية الله الخميني (قده)، واستلهم همّ المشروع التغييري في العراق من تجربة ودروس ونظريات آية الله السيد محمد باقر الصدر الذي يعد أكبر مفكر إسلامي في العصر الحديث، ولذا يمكن القول، أن السيد محمد محمد صادق الصدر قد وظف بالإضافة إلى قدراته الفقهية التقليدية تجربتين في تجربته، التجربة الخمينية، والتجربة الصدرية الأولى، فهو توجه بكل جهوده إلى الجانب الإصلاحي العملي الذي يحقق حضوراً تغييرياً في وسط الأمة، وأنجز أول تجربة عملية تغييرية يقودها فقيه في بلد مثل العراق بحركة إنتاج فقهي، عملي أيضاً، أي بمعنى فقه يواكب حركة الحياة، بتطوراتها، ومستجداتها، وتحدياتها، وآفاقها المستقبلية، إذ انه أراد أن يربط الفقه بالواقع وأن يبعث فيه روح التجديد، وبهذا الاستنتاج يمكن القول إن السيد محمد محمد صادق الصدر كان فقيهاً عملياً واقعياً معاصراً ثورياً، قد لا يتطابق في ثوريته مع السيد الخميني، وقد لا يُصنف في إنتاجه الفكري مع الفكر الصدري الأول، إلاّ انه ضمن الظروف التي عاشها استطاع أن يقترب من الاثنين وأن يوظّف منهجهما المرجعي وأن يتأثر بتجربتهما، وأن يصوغ ملامح تجربته الخاصة. ومرةً أخرى لابد من التأكيد بان قيمة هذه التجربة تنبع من كونها عراقية، بكل استثناءات العراق المعروفة، المتعلقة بالسلطة والجو السياسي، والأمة، وموقع الحوزة.
ومهما يكن من أمر فان الصدر الثاني ترك وراءه عدداً مهماً من المؤلفات التي قد تساعد في فهم ملامح مشروعه العام.