في حضرة القائد الشبكي

في حضرة القائد الشبكي الدكتور حنين القدو ....... بقلم محمد إبراهيم الشبكي
((السياسـة بـنـــكهــة شـبكـية ))
الحلقة الأولى
إن العراق لا يمثل حالة منفردة من حيث التنوع القومي أو الطائفي أو ألاثني وهو اقل تنوعا من أمم أخرى إضافة إلى ذلك فان التمثلات اللغوية أو العرقية أو الدينية أو الطائفية لاتقدم عبر ذاتها ضمانات لوحدة دولة ما واستمرارها. الذي حصل في العراق هو عدم توفير الاشتراطات التاريخية لقيام دولة حديثة وهذه مسالة لا تكمن في التكوينات الاجتماعية أو أنها دولة نشأت عبر تأثيرات سياسية أو كونها حديثة التكوين ونما مسالة وجود أزمة بنيوية سياسية نشأت مع صعود انقلاب 1968 ذي الأبعاد التهميشية القومية الفاشية ( تهميش العرب الشيعة والتركمان والأشوريين والايزيدية والشبك والعرب السنة من المنحدرات الحضرية في الموصل بغداد البصرة ) .
الحال انه منذ تشكيل الدولـة العراقية 1921 الأسطورية والخرافيـة التي كانت نـتاج نمـط الهيمنـة الكولينيالية البريطانيـة واستجابة لحقل التصورات الثقافـية والاجتماعية والسياسـية المهـيمنة في المجـتمع العـراقي آنذاك فقد تم ( استيراد الملك فيصل ) وتعينه في حكم العراق في حين تكونت الجماعات التي أسهمت في تأسيس الدولة العراقية من شيوخ القبائل العربية والأغوات الأكراد وكبار التجار والضباط والأشراف السابقين في الجيش العثماني هذا التحالف التقليدي استطاع البقاء في السلطة السياسية حتى عام 1958 مشكلا نخبة سياسية في المرحلة الملكية الدستورية فقد تم استخدام الجيش لضمان وحدة الدولة المركزية عن طريق القوة والدمج القسري للجماعات الاثنية والقومية والطائفية وتذويب خصائص القومية والثقافية لهذه المجموعات خالقة تعارضا في الهوية المركزية للبلد وتعدد الهويات داخل المجتمع الحافل بالتنوع والتعدد في حقبة الخمسينات وخاصة بعد وصول النخبة التقليدية العراقية أدت إلى أزمة مستديمة ولج عوامل موضوعية تسببت في تقارب الجماعات السياسية المعارضة وتبلور جهة الإنقاذ الوطني واندلاع الصراعات السياسة قبل مجيء انقلاب 1963 1968 .
عليه فان الطبقات في العراق كيانات متحركة وغير مستقرة نسبيا على الأقل من عام 1914 وبالطبع فأن البنية الطبقية لا تتميز من حيث المبدأ بالثبات غير أن الوضع في العراق اتسم بحركات دخول وخروج سريعين من والى الطبقات القائمة أو حركات صعود وتدهور داخل هذه الطبقات عينها وذلك نتيجة عدد من العوامل بينها الغزو الانكليزي وتغلغل رأس المال وتجزئة الإمبراطورية العثمانية وفصل المقاطعات العربية في شمال العراق عن مناطقها التجارية الطبيعية في سورية . وخلال الأربعينات ومطلع الخمسينات كان التدفق المفاجئ لأموال النفط بعد عام 1952 وثورة 1958 واندلاع الانقلابات المضادة العديدة في الستينات ,ومن ثم تقويض السلطة الاجتماعية للملكية الخاصة الكبيرة , كما كان للنمو الهائل للبيروقراطية ( أجهزة الدولة ) في حياة الناس الارتفاع المذهل في إيرادات النفط في السبعينات وما رافقها من تزايد في القدرة المالية للحكومة واستقلالها الاقتصادي عن المجتمع تزايد قدرتها على الحكم المطلق والهجرات الكبرى إلى المدن خلال العقود الأربع لرجال القبائل الفلاحين من الأرياف وتنامي سكان بغداد إلى 13 ضعفا بين عامي 1921 و1978 كما تعرضت الطبقات إلى انقلابات فجائية في خططها أو في العلاقات المتبادلة بين هذه الحركات والتحولات لمجموعات بأسرها وليس مجرد أفراد أو كما هو الحال مثلا في ثراء العديد من الشيوخ القبليين المالكين للأرض في ظل العهد الملكي (1921- 1958) على حساب أبناء القبيلة البسطاء , مما أدى إلى تقويض الروابط القبلية مما اضعف الموقع الاجتماعي التقليدي كما كان ذلك جزئيا نتيجة تغلغل شكل اجتماعي صاغته بالأساس العراق الحديث نسبيا بالسوق العالمي القائم على الصناعة الكبرى بينما كانت الأشكال الاجتماعية الأقدم عهدا تعطي القيمة لنبالة النسب أو للمعرفة الدينية أو القدسية. باختصار استمرت هذه الحالة إلى سقوط النظام وهذا ما ورثه منهم .
على ضوء هذه المقدمـة انطلقت مع سياسي شبكي كرس حياته دفاعا عن العراق وعن مظلومية أبناء القومية الشبكية, سأتوقف معـه عند هذا الحد عندما خاض ولازال يعد لـيل ونهار التسيس . لان التاريخ لم يدق يوما أبواب المحرومين والمستضعفين ذلك العملاق لتاريخ قصاص حكايات اسكندر وقيصر ذلك المرابط في البلاط (الملكي) لم يغادره يوما ما كما يردد (علي شريعتي ) التاريخ يكتب من الأقوى دائمـا ولم ينزل إلى بيوتات الشعب أو ساحــة هذا العيب في التاريخ هو مشكلة كبيرة تناحر العالم ما بينهم وداروا بسبب قضية تاريخية مضى عليها الزمن ومئات السنين إنهم ( مؤرخو السلاطين ) كما تتغنى بهذا المصطلح السياسـية العراقـية (مـريم الريـس ) في مقال كتبته في الصباح قبل أشهر قليلة ... هنا ارتأيت أن اكتب أو أسمع قليلا من تجربة شخصية ( لشخص دخل المدينة السياسية العراقية حاملا لقضية إنسانية ) فسمع ما سمع ورأى ما رأى إلى هنا بدأت استجوبــه في بيتـه لأكون قريبا منه مكانيا ..هنا استمع إلى قصة التاريخ السياسي من منطقة هادئـة من زاويـة بعيدة قريبـة (من الأسفل إلى الأعلى) .
بدأنا أنسنـة قضيتنا كما يستشهد به ( أركون ) قبل أن يدخل في القالب السياسي ولو كان فالذنب ليس ذنبنا انه ذنب الكبار الذين أدخلونا هنا في هذه الأزقة الضيـقة , في كل ما ذكرته إلا ما خلا لم يكن مقصودي من ( تسيس أو سياسة أو مسايسة ) إلا لنقل الحدث بالصوت لتكتمل عندك الصورة . متعمدا أن أتناسى الآن ولن أنسى الجانب الوثائقي لتوثيق كل ما ذكرناه لكن قد تكون الأسئلة هي من تشترط علي ذلك داعيا الموضوع إلى مخاض آخر عدما يحمي الوطيس إلى وقت آخر كان هدفنا أن نحقق قضية السياسية لنبني مجتمعاً ( مثاليا ) لا يقبل التصدق ولا الوصاية . العجب إن مشروعنا لاقى التحدي منذ البداية حسنا كان مما أدى إلى إنضاج تجربتنا بفترة قياسية . الحق ليس الإنضاج ...لكن بمعنى قصر المدة وقلة الخبرة وشحة الدعم الاجتماعي عن التجربة هذه وجدت نفسي مع سياسي شبكي اقرب إلى ( هرومنطيقيا ) مقدمتي محاولا الوصول إلى السياسة بنكهة شبكية كما ارتأيت ..
 الدكتور حنين القدو ﺁلفته أستاذا في جامعة الموصل يتحدث مع الطلاب الشبك ويكاد يشعر بفرح شديد إذا سمع بأحدهم ..انه (شبكي) من أبوين شبكيين كان لهما الدور الأبرز في عودتـه وحنينه إلى دياره والعمل من اجل مجتمعه أرضعته أمه حب ( الأرض ) وهذا ليس ذنبا لأحد على احد... لذا ظل ملازما لها راجعا إليها رغم هجرته إلى بلاد الغربة ( للدراسة ) ويبدو أن حنينه إلى أهله وشعبه كان للقدر أن يرجعه للعيش معهم وحمل ألامهم وهمومهم.. كيف كانت بداياتك مع العمل السياسي ..؟؟
في الواقع منذ أن كنت طالبا في الدراسة الإعدادية وكما ذكرت في مقدمتك الجو السياسي والاجتماعي المغبر كان لها وقع في توجيه أفكارنا, كانت القضية الفلسطينية هي القضية الخصبة آنذاك داخل مؤسسات التعليم وتجمعات الشبان ومنهاج الثورات . نعم كنت مهتما بقضايا الشعب الفلسطيني باعتبارهم من الشعوب المستضعفة ولست متهما بان يكون المستضعف شعارا لقضيتنا حينها كانت القضية الأكثر تأثيرا في الشارع العربي بصورة عامة والعراقي بصورة خاصة ...هذا الاهتمام زاد عندما كنت في بريطانيا لأدرس الدكتوراه.
 إذن من أي مكان بدأت بعد أن عرفنا الزمان ؟
مع بدء عمليات تهجير وتصفية النخب المعارضة لسياسة النظام السابق وبداية الحرب العراقية الإيرانية شعرت بمأساة كبيرة لما يعانيه الشعب من ويلات الحروب بعد أن دفع العراق خيرة شبابه إلى هذه الحروب الجوفاء ومحرقة قادسية صدام وعندما سمعت خبر اندلاع الحرب في يوم 22 أيلول 1980 سالت الدموع من مقلتي وعيناي لأنني أدركت ما سيعانيه الجندي العراقي وكم من الأرواح البريئة سوف تزهق في جبهات القتال وكم من الأمهات ستفقد أبنائها وكم من الأطفال سيصبحون يتامى وكم من الوقت سيطول الحرب وكم من الدمار سيلحق بالعراق, كنت حينها قد قرأت في مجلة ايكنومست البريطانية بان للعراق احتياطي يقدر ب 40 مليار دولار وإذا تم استخدام هذا الفائض النقدي بشكل جيد يمكن أن يحول منطقة الشرق الأوسط بكامله إلى واحة خضراء والى جنة عدن...لقد أدركت حينه بان النظام سوف يرتكب مجازر بحق شعبه وبدأت أعيش مع مأساة الشعب العراقي ومعاناته وكان الطلبة البعثيون يقيمون الاحتفالات في بريطانيا واعدين العراق بنصر مبين وإسقاط النظام الإيراني...مع هذه التطورات قمت بنشاط سياسي مع مجموعة من الطلبة العراقيين الواعين المدركين لخطورة الحرب الذي شنه صدام حسين على الجارة إيران والطلبة كانوا كلا من د. رياض صالح عودة ود. طالب شبر ود. مظفر عبود والآن هو مستشار لدى السيد المالكي والأستاذ حازم جعفر وبدأنا بتنظيم صفوفنا والاتصال ببعض الأخوة من العراقيين المناوئين لصدام وبالمنظمات المناهضة للحرب حيث قمنا بتظاهرات ضد الحرب وطالبنا الدول والمنظمات الدولية بالتدخل لوقف الحرب وإسقاط النظام العراقي.
وكان احد مطالبنا هو قيام حكومة عراقية برلمانية ممثلة لمكونات الشعب العراق وفى حينه أسسنا علاقات مع الأحزاب العراقية المعارضة وبدأنا بحملة لتعرية النظام العراقي واستطعنا أن نطرد الاتحاد الوطني من الكثير من المنظمات الطلابية في الجامعات البريطانية بجهود منسقة مع التنظيمات المعارضة الأخرى.

ـــــــــــــــ
يتبع يوم الاثنين القادم بعون الله تعالى