طلال النعيمي المدير العام
عدد الرسائل : 1810 العمر : 67 تاريخ التسجيل : 31/12/2006
| موضوع: الشيخ سعيد كرجية الخميس 27 سبتمبر - 18:38 | |
| الشيخ سعيد كرجية رحمه الله عبدالجبار محمد جرجيس شيخ من شيوخ الموصل الزاهدين،عرف الحق،فاتبعه وسلك الطريق فوصل به الطريق الى مسالك الفناء والتوحيد،زهد في الدنيا فطلقها،وعشق الحياة فتاه في حب الله فعبده كأنه يراه،وعلم علم اليقين إن لم يره فهو يراه.عرف الشيخ منذ نشوئه بالتقوى والورع،كان تقيا شديد الحياء،محبا للعلم والعلماء،شغف قلبه بتعلم القرآن الكريم.فداوم على قراءته ليلا ونهارا وتدبر آياته فوعاها وطبق أحكامها وسار في هداها.تعلم القرآن الكريم في بداية شبابه عند الكتاتيب وأحب العلم والعلماء وأراد أن يسلك طريق العلماء.في ذلك الوقت كان الشيخ الكبير محمد الرضواني رحمه الله شيخ علماء الموصل وفقيها.جلس عنده طالبا للعلم ومن خلال دراسته حفظ القرآن الكريم ثم درس الحديث النبوي الشريف وأصوله فوعاه وتمكن من معانيه وحفظ أحكامه.ثم درس الفقه الإسلامي وأحكام الأصول ثم تواصل مع الشيخ الرضواني ليأخذ عنه كل ما يتعلق بالعلوم العقلية والنقلية. والعديد من العلوم الأخرى كذلك درس اللغة وآدابها وفروعها وعلومها.ثم علم المنطق والكلام والآداب والتاريخ وبعضا من سير الرجال.أصبح عالما متزنا متمثلا بخلق القرآن فصفا قلبه وتنورت مشاعره في حب الله وطاعته. حياته التجارية: كانت أسرته من الأسر الموصلية المعروفة،عرفت بجاهها الاجتماعي ومكانتها التجارية وأصالتها في تجارة الأقمشة في الموصل،وبقي في عمله هذا سنين طويلة عرف بها بالتاجر الأمين والبائع المخلص أحبه الناس واحترمه التجار ووقره الكبار والصغار.كان طيب الحديث،لسانه ذاكر،وقلبه خافق بحب الله.,تسامح في أعماله التجارية،لم يكن فضا،بل كان متساهلا ومحبا،لم يلهه شيء عن ذكر الله فكان من الذاكرين الشاكرين الذين عبدوا الله لأنه أهلا بالعبادة لا طمعا في جاه أو خوفا من معصية وكان من (عباد الله الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)..مرت عليه فترة من الزمن عاش في حالة نفسية طغت عليه سمات اللجوء الى الله والتفرغ لعبادته لينال رضاه..ترك العمل وانفرد عابدا،فزهد في الدنيا فتركها، وتاه في دياجي العشق الإلهي،لم يتزوج وغلب عليه الورع،عاش الوحدة في داره الكبيرة.كان يصوم الدهر،ولا يفطر،رضي بما قسمه الله إليه (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله).وهذه مشيئة الله وكان راضيا بقضاء الله وقدره رقيق الشعور،مرهف الحس.تمكن من المضي وحيدا في هذا الطريق..لم يطلب شيئا في حياته إلا من الله..وإذا مرض طلب من الله الشفاء (وإذا مرضت فهو يشفين). صفاته الشخصية: كان متوسط القامة، نحيف البنية، جميل الصورة،يميل وجهه الى البياض المتوهج بعبق النور،مستديرا ،كانت عيناه واسعتان،ترك لحيته تمشي على هواها ،غير أنه بعد ذلك حف اللحية وخففها.كان وقورا هادئا مشغولا بعبادة ربه ليلا ونهارا.وقور مهيب الطلعة حسن المحيا،لم يلبس زي العلماء بل لبس العمامة والعباءة والزبون الموصلي.يلاطف من يزوره في داره ثم يبادر بالدعاء له ويشير إليه الى الصلاة.يقول الشيخ محفوظ العباسي إن من بين زواره من المشايخ الأجلاء الشيخ(عبد الله الجميلي) والشيخ (عبدالمنعم الوطني)والشيخ(حسين باشا الحسيني)و(كاكا بن الشيخ عبد الكريم)من اربيل (والمرحوم الشيخ ناظم العاصي) من كركوك ثم زاره العديد من سورية والهند وتركيا،إضافة الى العديد من العلماء المواصلة الذين يزورونه.ٍ الشيخ كرجية والشيخ محفوظ العباسي: حدثني الشيخ محفوظالعباسي أطال الله عمره في سنة 1995م عندما كنت مديرا لأوقاف نينوى وزرته في داره العامر في حي الزهور.فقال:كنت قد صحبت الشيخ (حسين المشهداني) وكان من الرجال الصالحين وله أحوال خاصة .وكنا نجلس صباحا في إحدى القهاوي في رأس الجسر(جسر نينوى الحالي)..أنا وعدد من محبي الشيخ حسين رحمه الله.فقلت للشيخ مستأذنا،أن اذهب لأزور سيد سعيد(وهو رجل جذيب) كان يعمل بجمع عقاب السكائر ورميها في سرداب الدار الذي أقيمت عليه العمارة الجديدة وفيها صيدلية السراج.المطلة على شارع نينوى..ثم ازور(الشيخ سعيدكرجية) رحمه الله.فقال لي الشيخ (حسين) رحمه الله،سعيد الأول(المجذوب)اتركه انه مشغول،و(سعيد كرجية)لا تذهب إليه الآن سيأتي هو عندك.فامتثلت وسارت الأيام..وتوفي الشيخ (حسين المشهداني)في 9ذي القعدةسنة1391(هـ/1971م)..ودارت الأيام..وفي احد الأيام يقول العباسي كنت جالسا في داري،عصرا،وإذا بالباب يطرق،فخرجت لأفتح باب الدار،فرأيت الشيخ(سعيد كرجية)رحمه الله قد أتى به أحفاده الى داري.وقال احدهم يا شيخ محفوظ،الشيخ جاء عندك..الله اكبر.. تذكرت ما قاله الشيخ حسين المشهداني سابقا من أن الشيخ(سعيد كرجية) سيأتيك.هذه الحالة تحققت بعد وفاة الشيخ المشهداني بسبع سنوات.لأن الشيخ كرجية جاءني في سنة(1398هـ/1977م).فحمدت الله حق حمده ..وعاش عندي الشيخ كرجية عدة أشهر صائما قائما ذاكرا حامد الله،محبا لرسوله،وجمعتني معه أيام طويلة كانت ألذ الأيام. مرضه ووفاته : بقي الشيخ كرجية أواخر حياته عند الشيخ العباسي،وكانت صحبة الأحبة في الله..جمعهم حب الله وطاعته ولزوم أوامره،والابتعاد عن زواجره..مرض بعد ذلك الشيخ كرجية.عدة أيام وانقطع عن الأكل والشرب مدة أكثر من عشرين يوما قبل وفاته.كان لا يفتر عن ذكر الله وتسبيحه.ولم يترك العبادات والصلاة ولم يتهاون رغم شدة المرض وعجز الجسم ، فلم يكن هذا الهزال عائقا أمام عبادة الله.بعدها صعدت روحه الطاهرة الى بارئها بعد أن أدى آخر صلاة للفجر من يوم الجمعة الموافق13ربيع الأول1398هـ/الموافق سنة 1977م.وتم تشييعه تشييعا لائقا به الى مثواه الأخير في مقبرة أسرة آل كرجية،بعد أن صلي عليه في جامع النبي يونس عليه السلام..وقال في رثاه الشيخ الدملوجي:
أنت السعيد ومن سواك يعاني
من محنة عظمى ومن خسران
ملكوا ولكن من متاع فان
وملكت حب المالك الرحمن
فجزاك عن صبر وعن إيمان
خير الجزاء وحلة الرضوان
طوبى لعبد مقرض الرحمن
يلقى الجزاء مضاعف الإحسان
كم ذا زهدت بطيب عيش هاني
يا صائما دهرا بغير تواني
كيما تنال جزاءه بحنان
في الخلد ذات الحور والولدان
ما إن شكوت مرارة الأحزان
أو حدت عن درب لدرب ثاني
فلقد سعدت بمسلك الإيمان
فعلوت عن سقط المتاع الفاني
حق المقام فما عدتك أماني
فجنانه المأوى بكل أمان
رباه فارحم ياعظيم الشان
أحبابه باللطف والغفران
وارحم ذوي قرباه بالإيمان
والعفو عن جرم وعن نسيان
هذا مقام الصالحين دعاني
لمديحهم فمقامهم نوراني
وسعيد يسعد مادحوه فأرخوا
عممه علمه الرضواني
فرحم الله الشيخ (سعيد كرجية)واسكنه فسيح جناته. | |
|