الشيخ عبدالله الفيضي الملقب ببهاء الدين رحمه الله
عبد الجبار محمد جرجيسعائلة الفيضي من العوائل الدينية المعروفة في مدينة الموصل، ظهر فيها العديد من العلماء الأجلاء والقضاة الأوفياء إضافة الى من مارس منهم الوظائف الحكومية فادى واجبه بإخلاص،وخدم الناس بحب وتفاني.وعرفت هذه العائلة بوطنيتها الواضحة وحبها لوطنها الحبيب.والشيخ عبدالله الفيضي هو عميد هذه الأسرة وهو ابن الشيخ مصطفى بن جرجيس بن عبدالقادربن عثمان بن محمود الخضري ولاندعي السبق في الكتابة عنه فقد كتب عنه العديد من الكتاب والباحثين.لقب بالفيضي بسبب انه نظم قصيدة (وسيلة المشتاق الى مكارم الأخلاق) ولفيوض علمه على الناس،كما عرف بـ(ذي الجناحين)لأنه كان حاملا لعلم الشريعة وعلم الطريقة ثم عرف بلقب آخر (بهاء الدين) عندما منح الإجازة العلمية.شيوخ الشيخ الفيضي1.درس عند الشيخ (عبدالله العمري1207هـ/1793م) المتوفي سنة(1297هـ -1879م) وكان كبير علماء الموصل وعرف بـ(عبدالله باش عالم) أي رئيس العلماء في حينه وأخذ عنه العديد من العلوم العقلية والنقلية ،ثم منحه الإجازة العلمية.2.درس عند الشيخ (محمد أمين الحافظ بن عبدالقادرالحافظ بن ملا عبيدة وأخذ عنه علم القراءات القرآنية وكان شيخا من شيوخها فمنحه الإجازة العلمية بالقراءات السبع.وكان المرحوم محمد أمين من مواليد الموصل سنة(1188هـ/1774م) المتوفي فيها سنة(1280 هـ/1863م).3.كما درس عند الشيخ(احمد أفندي) المعروف بابن الخياط العلوم العقلية والنقلية وأخذ منه الإجازة العلمية ثم درس أيضا على يد الشيخ إسماعيل البرزنجي المتوفي سنة 1271هـ/1862م).4.ثم درس عند الشيخ(نور الدين البريفكاني1790-1834م) العالم الكبير والشيخ الذي تخرج عنده العديد من العلماء وطلاب العلم،ثم كان له العديد من الخلفاء الذين أخذوا عنه الطريقة القادرية نسبة الى الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره.5.كذلك درس عند الشيخ(محمود الخضري المتوفي سنة(1252هـ/1836م).6.درس عند الشيخ(أبو الثناء الآلوسي شيخ علماء بغداد والمتوفي فيها سنة (1270هـ/1873م) وأخذ عنه الإجازة بسائر المنطوق والمفهوم.7.كما درس عند الشيخ (عبد الرحمن أفندي الروزبهاني ) والذي توفي في سنة 1275هـ/1858م).إضافة الى أخذه بعض العلوم من الشيخ (عبد الغني جميل مفتي بغداد) المتوفي سنة(1279هـ -1862م).عند هؤلاء النخبة من العلماء اخذ الشيخ الفيضي رحمه الله كافة العلوم العقلية والنقلية ليصبح شيخا كبيرا من شيوخ وعلماء الموصل البارزين.تلاميذ الشيخ الفيضيقام الشيخ الفيضي بتدريس العلوم الدينية الشرعية للعديد من طلاب العلم.الذين أصبحوا فيما بعد من كبار علماء الموصل.وتخرج على أيديهم العديد من العلماء ومن طلابه:1.الشيخ محمد ذخري 1269هـ/1852م) والمتوفي فيها سنة (1316هـ/1898م) وهو ابن الشيخ الفيضي رحمه الله تتلمذ على يد والده وأخذ منه الإجازة بالعلوم الشرعية وقام بعدها بالتدريس في المدرسة النعمانية التي قام بإنشائها السيد عثمان بك الحيائي الجليلي(1178هـ-1764م) والمتوفي فيها سنة(1225هـ).حيث انشأ المدرسة سنة(1309هـ/1891م).2.الشيخ احمد فخري الفيضي:المولود في الموصل سنة(1272هـ/1855م) المتوفي سنة(1324هـ)وهو الابن الثاني له.درس عند والده العلوم وأخذ الإجازة منه وقام بعد ذلك بالتدريس في المدرسة العثمانية سنة(1316هـ/1898م).3.الشيخ محمد ضياء الدين الشعار:المتوفي في الموصل سنة(1334هـ/1912م) كان عالما ومرجعا دينيا في عصره إضافة الى كونه شاعرا.4.الشيخ سليمان بك آل مراد الجليلي المولود في الموصل سنة(1326هـ/1908م) أصبح في عصره من كبار علماء الموصل وتخرج على يديه العديد من طلاب العلم الذين أصبحوا فيما بعد من كبار العلماء.5.الشيخ مصطفى البكري المولود في الموصل ستة(1259هـ/1843م). المتوفي فيها سنة(1344هـ/1926م) وكان عالما كبيرا درس على يديه العديد من طلاب العلم في حينه.6.الشيخ عثمان الديوجي:المولود في الموصل سنة(1308هـ/1941م)وكان عالما كبيرا ومدرسا ناجحا وقاضيا عادلا.في بغداد وعضوا في محكمة التمييز، الشرعي السني تخرج على يديه العديد من كبار الموصل.7.الشيخ محمد أغا الديوجي:المتوفي في الموصل سنة(1314هـ/1896م) كان من كبار القراء في وقته لازم الشيخ محمد نوري واخذ عنه الطريقة القادرية.وكان يدرس علم التجويد والقراءات.8.الشيخ احمد الديوجي:المولود في الموصل سنة(1288هـ/1871م) المتوفي فيها ستة(1362هـ/1944م)،عالم كبير،تولى القضاء في سنجار وهو والد المرحوم الأستاذ سعيد الديوجي.9.الشيخ الملا عثمان الموصلي:المولود في الموصل سنة(1281هـ/1864م) المتوفي فيها سنة (1341هـ/1922م) كان عالما وشاعرا وموسيقيا كبيرا وله القدح المعلى في علم الموسيقى.سافر الى اسطنبول ومنها الى مصر.وكان ضمن المشاركين في الثورة العراقية سنة 1920م.10.الشيخ محمد النوري القادري:المولود في الموصل سنة(1238هـ/1822م) المتوفي فيها سنة (1305هـ/1877م).علم من أعلام الموصل.باني ومرشد التكية القادرية في الجامع النوري الكبير.وشيخ من شيوخ الموصل.ساهم في تعمير الجامع النوري الكبير،وأصبح احد خلفاء الشيخ الكبير(نور الدين البريفكاني) رحمه الله.11. الشيخ ابراهيم الراوي الرفاعي:درس على يد المرحوم الشيخ الفيضي بعضا من الدروس عند قدومه الى الموصل وبقائه فيها مدة ستة أشهر ،درس على يد بعض العلماء الذين زامنهم الشيخ الفيضي رحمه الله.12.الشيخ ابراهيم البقال الكاتب:ويعتقد انه كان خطاطا في وقته وقد طلب يوما الشيخ (عبدالله العمري باشعالم من الشيخ الفيضي إرساله الى جامع النبي يونس ليكتب على باب الحضرة وباب الجامع.13.الشيخ صالح الدباغ :احد طلاب العلم آنذاك،حيث درس عند الشيخ الفيضي.14.الشيخ محمد بن الحاج حسن بن علي الدباغ:عالم من علماء القراءات،توفي في الموصل سنة(1318هـ/1900م) كان مدرسا في مدرسة الرابعية.15.الشيخ المتصوف حسن البزاز:المولود في الموصل سنة(1261هـ/1845م) المتوفي فيها سنة (1305هـ/1877م).عالم كبير وشاعر متصوف له ديوان شعر طبعه في مصر صديقه المرحوم(محمد شيت الجومرد1277هـ/1860م).16.الشيخ محمد بن حسن الدباغ: المتوفي في الموصل سنة(1318هـ/1900م) اخذ عنه الإجازة بالقراءات السبع.17.الشيخ محمد بن حمدان السويدي/المولود في الموصل سنة(1276هـ/1859م) والمتوفي فيها سنة(1357هـ/1938م).تكية الفيضي :في سنة(1264هـ/1847م) بنى تكية للدرس والتعبد في محلة النبي جرجيس، في مسجد(محضر باشي) مقابل دار آل زكريا وهو حاليا مدرسة ابتدائية،وقد أرخ تاريخ بناء هذه التكية بقوله:
بنى تكية أرضى ببنيانها الله
أبو الخير عبدالله قد راق مرآها
فراح لسان الدين يتلو مؤرخا
على العلم والتوحيد قد شيد مبناها
وقد قام الشيخ الفاضل (محمد أمين محمد شريف الفيضي) بتعمير هذه التكية في نهاية عقد التسعينات في القرن الماضي،بمساعدة وإشراف المرحوم الشهيد (فيضي الفيضي) رحمه الله،مع توسيعها بعض الشيء.وتم وضع اللوحة المؤرخة لها في واجهة التكية بعد تعميرها وفيها الأبيات التالية:
كعبة السالكين طاب رباها
فاسع فيها ولب حول حماها
عرفات التقى ومروة ذكر
والصفا للقلوب عند مناها
معدن النور بيت فيضي التجلي
فاز من يهتدي بنور هداها
مهبط السر روضة العلم فيها
فاح للعارفين عرف شذاها
شادها عبدالله أرخ
تكية للقادري بناها
وكانت هذه التكية ولاتزال تمارس طلب العلم والدراسة والتعليم لعدد كبير من طلاب العلم.على الطريقة الشرعية والعلوم الدينية المستندة الى القرآن والسنة النبوية وفيها العديد من الكتب المهمة وعدد كبير من طلاب العلم.يتواجدون فيها يوميا لطلب العلم .وبإدارة الوريث الشرعي للعائلة الفيضية الشيخ محمد أمين محمد شريف الفيضي وخلفائه من بعده.مؤلفات الفيضي اهتم الشيخ عبدالله الفيضي رحمه الله بالدراسة والتحصيل العلمي حتى غدا من أكابر علماء الموصل،ووصلت شهرته الى بغداد والعاصمة العثمانية آنذاك.حتى أكرمه السلطان عبد الحميد رحمه الله،الى جانب ذلك أفاض الله عليه من علوم الدنيا والدين فواصل البحث والتأليف لخدمة الإسلام والمسلمين وخلف العديد من الكتب المؤلفة. كان في مقدمتها كتابه القيم(نور القمر في سيرة سيدنا عمر) رضي الله عنه.وقد طبع في 1938م،ويعتبر من أهم المصادر البحثية عن هذا الخليفة العظيم،ومرجعا من المراجع المهمة في التاريخ الإسلامي.الذي قال فيه الشيخ(محمد نوري القادري):قد صح للفيض نظم كالدرر ونثره المنشور كله غررفقل هو الشمس بلا ريب ظهر أما ترى منه بدا نور القمركما قام بتأليف ما يزيد على(31) كتابا سوى(نور القمر في سيرة سيدنا عمر) وهي: الفوائد في شرح العقائد،العقود المضيئة،معينة الطلاب على كتاب صناعة الإعراب،تحفة الأنوار،وصية المريد وطريقة التوحيد،كشف الرموز،ورسم المسمى،فتح القفل،نظم العلاقات وشرحها،فائدة الإخوان،رأس المال،الشذرات الذهبية،الفتاوي الفيضية،ديوان الفيضي،المقامات البغدادية،ألفها عندما كان في بغداد،سيف العون في رقبة فرعون،الأخوية الوفية على الأسئلة التحفية،شفاء القلوب من أمراض الذنوب،نظم وسيلة المشتاق الى مكارم الأخلاق،مجموع في اللطائف الشعرية.إضافة الى كتب أخرى.,نأمل أن ترى هذه المخطوطات من الكتب النور على أيدي أحفاد هذا الشيخ الجليل،ليستفاد منها العلماء والأدباء وطلبة العلم.شاعريته:كتب الشيخ الفيضي رحمه الله ألوان متعددة من الشعر،حيث عرف عنه(النظم الشعري التعليمي)إضافة الى نظمه الشعر التقليدي وكانت له قوة في النظم،مع سبك المحتوى الفني، له(المنظومة الشعرية المسماة نظم العلاقة)جاء فيها(33)بيتا من أروع ما يكون النظم الشعري والتي مطلعها:
يقول عبدالله فيضي الموصلي معتصما بلطف ربه العلي
الحمد لله عظيم الشأن وملهم البديع والبيان
وأفضل الصلاة والسلام على النبي اشرف الأنام
ويستمر في هذا النهج الى أن يصل الى نهاية هذه القصيدة فيختمها:
ونختم المقصود بالصلاة على النبي مظهر الصلات
وآله وصحبه وأمته ومن جرى على سبيل سنته
كما كان له العديد من النظم الشعري التقليدي.ومنها ما كتبه على منارة جامع النبي شيت(عليه السلام) فيقول:وزارة الأوقاف قد أنشأت منارة في طالع السعد في شطر بيت ثم تاريخها منارة فيها ثناء المجدوكان قد قال في القبر قبل وفاته،ونقشت في حجر على شاهد قبره المدفون فيه في جوار التكية:دخلت القبر منفردا ذليلا وفوقي كالجبال من الترابوأرجو روضة سيصير قبري وأنجو في المعاد من العذابالمدارس الإسلامية التي درس فيها:على عادة التدريس في الجوامع والمساجد الإسلامية في المدينة التي قام بإنشائها العديد من وجهاء الموصل.وقاموا بتوفير الموارد الوقفية اللازمة لإدامة التدريس في هذه المؤسسات الدينية.لعدم وجود المدارس في الفترة التي سبقت سنة(1900م)عندما كانت السيطرة العثمانية جاثمة على ارض العراق ومعظم البلاد العربية ،فساهم في نشر الوعي واللغة العربية والعلوم الأخرى في هذه المدارس،قام الشيخ(عبدالله الفيضي) رحمه الله بالتدريس المتواصل في بعض من هذه المدارس ومنها:1. المدرسة العثمانية التي كانت في جامع الرابعية والتي أسسها الجليليون آنذاك.2.التدريس في مسجد(محضر باشي) في منطقة باب النبي جرجيس والذي فيه التكية الفيضية والقريب من دار المرحوم الفيضي.3.التدريسي في جامع(الصاغة) في بغداد،عندما ذهب هناك وجلس للتدريس عنده العديد من طلاب العلم والعلماء.أحفاده من العلماء: 1.ولده الشيخ أحمد فخري الفيضي والذي أصبح من علماء الموصل البارزين وقام بالتدريس وله العديد من طلاب العلم الذين أصبحوا فيما بعد علماء مشهورين.2.ولده الشيخ محمد ذخري الفيضي الفيضي:من العلماء الذين شهد لهم المعاصرين ممن كانوا في تلك الفترة الزمنية.3.الشيخ محمد شريف الفيضي:عالم من علماء الموصل وداعية من دعاة التصوف.4.الشيخ محمد أمين محمد شريف الفيضي:نجله ووريث العائلة الفيضية علما وعملا ومرشدا روحيا للعديد من العلماء وطلاب العلم.5.الشيخ الشهيد فيضي محمد أمين محمد شريف الفيضي:ابن العلماء وكنز الشهداء غدا عالما شابا،وداعيا الى الله ورسوله لنشر دين الإسلام بالحب والتعاون والعلم.6.الشيخ محمد بشار محمد أمين محمد شريف الفيضي: عالما من العلماء العاملين وداعيا من الدعاة المخلصين وحاملا لواء الدين،وهو في شبابه قدوة للصالحين.هؤلاء هم أحفاد الشيخ الفيضي الكبير..وسنتكلم لاحقا عن بعض سيرهم الذاتية ليطلع أبناء المسلمين على رجال العلم في مدينتهم إن شاء الله.وفاته:بعد مسيرة علمية زاخرة قضاها في البحث والتأليف والتدريس تعب من الدنيا،واستعد للآخرة فلقي ربه ٍمرضيا في شهر رمضان من سنة(1309هـ/1794م) ودفن في قبر بالقرب من التكية فيزوره محبي العلم والعلماء رحمه الله واسكنه فسيح جناته.