شبكة النبأ: نقلت وكالة أسوشيتدبرس عن مقربين من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قولهم إن الأخير أبدى مخاوفه من أن تعمد الإدارة الأميركية إلى إسقاط حكومته، في حال لم يصادق مجلس النواب على مشروع قانون النفط والغاز في نهاية شهر يونيو/حزيران القادم.
وأضافت المصادر التي رفضت الكشف عن أسمها للوكالة أن المسئولين الأمريكيين أخبروا المالكي أنهم يتطلعون لرؤية حكومة عراقية تحظى بقبول دول المنطقة، وعلى رأسها السعودية والأردن ومصر، وذلك بنهاية العام الحالي، على أن تكون هذه الحكومة أكثر تمثيلا لمكونات الشعب العراقي.
وأشارت الوكالة إلى أن مخاوف المالكي تعززت بزيارة كل من رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إلى المملكة العربية السعودية مؤخرا.
ورغم إن الشعب العراقي يعدّ من الشعوب الجديدة العهد بالعمل السياسي الحر ألا انه اثبت انتباها كبيرا لأكثر ما يجري من حوله بما في ذلك بعض المسالك التي سار فيها وهو يعلم إنها لا تمثل طموحه، ولكن يبدو انه عمل بالحكمة القائلة ( مالا يدرك كله لا يترك جله).
وهنا وفي الاتجاه نفسه يبدو إن العراقيين تنبهوا كثيرا لما يدور في أروقة السياسة المظلمة والتي أخذت في هذه الأيام تصدر أصواتاً من هنا وهناك تردد الخطاب الأمريكي القائل (ما أتينا إلى هنا لنسلم الحكم لأناس يدينون بالولاء لغيرنا).
ويبدو من الواضح جدا إن الأمريكيين يبحثون الآن عن (القشة التي تقسم ظهر البعير) ليقولوا لحكومة المالكي انتهى الوقت ولم تصلوا لخط النهاية.
و كما كان متوقعا انتدبوا( الأمريكان) وجوه من داخل العراق لتؤدي الدور وهذه الوجوه (شيعية) لأنهم يمثلون الغالبية و(مستقلون) لأنهم لا يأتمرون بأمر مرجعية دينية و(عراقية) لأنهم يملكون تكتلا سياسيا متنوعا داخل البرلمان( التكتل الجديد)، وهذا ما يضع في كل فم يقدح بذلك المشروع حجرا أمريكيا (قانونيا ـ وإعلاميا).
وبذلك يكون الانقلاب من داخل قبة البرلمان ولا حاجة لجيش عسكري ولا حاجة لقتال الشوارع، فحجب الثقة عن الحكومة الحالية ليس بالصعب إذا ما أكمل التكتل السياسي الجديد أوراقه، لم يصرحوا بذلك، نعم ولكن السياسة لا تعرف الصراحة.
وفيما لو دخلت الخطة غرفة العمليات ماذا سيحدث؟
فالائتلاف العراقي سيجد نفسه محرج كثيرا في قضية الأغلبية في مجلس النواب، حيث إن انسحاب حزب الفضيلة الإسلامي من داخله أرسل إشارة سلبية بذلك مفادها: الحكومة غير جيدة وأنا لا امانع في تغيرها وان لم يصرح بذلك، والتيار الصدري الحليف القوي للمالكي هو الآخر لم ير حتى ألان من هذه الحكومة ما يبشر بخير فالاعتقالات مستمرة في صفوفه وهو في أحسن الأحوال سيتخذ موقف الحياد، أما المستقلون في داخل الائتلاف فقد وجدوا أنفسهم مهمشين في اتخاذ القرارات التي تتخذ باسمهم لذلك هم يبحثون عن طريق للخروج من المأزق.
هذا من الجانب الداخلي أما من الجانب الأبعد فلا نعتقد إن أصحاب الفكرة سيدخرون جهدا في تمرير قرار حجب الثقة وهم المستاءون من عمل الحكومة ويتمثلون في( جبهة التوافق والقائمة العراقية وجبهة الحوار والمصالحة وبعض القوائم الصغيرة).
أما في الجانب الآخر والكفة الثقيلة الأخرى وهم الكرد فهم لا يمانعون في أية حكومة تأتي بشرطين أن تكون مصالح حكومتهم المركزية فوق كل شيء أولا وان تضمن لهم الحكومة القادمة عدم عودة البعث إلى مضاجعهم لتجربتهم السيئة معه ثانيا وان تكون أكثر جدية في منحهم سلطات أوسع في كركوك أن لم تكن كل كركوك بيدهم.
وعود على بدء، ترى ماذا هيأ المالكي وحكومته أو والائتلاف لمثل هذا اليوم؟
هنا وبلا شك فان الطريق الذي سلكه المالكي والائتلاف للوصول إلى المربع المتقدم في البرلمان هو نفسه الذي سيسلكه للدفاع عن ذلك المكسب.
ولكن يا ترى هل سيكون الوقت نفسه والخطاب الذي خوطب به الناس أيام الانتخابات هو نفسه سيعاد للدفاع عن المكسب الانتخابي؟
يقينا سيرتفع صوت قيادات الائتلاف عاليا بان البعث يحاول العودة إلى السلطة ولكن بثياب الحلول الطارئة وبمشروعية البرلمان، وهنا لن يدخر الائتلاف جهدا في تحشيد الشارع ضد هكذا قرار.
ولكن هل سيستجيب الناس لنداء القيادات التي رشحوها لتنوب عنهم في مجلس النواب؟
قد يكون الجواب صعبا وفي نفس الوقت مريرا، ولكن الواقع يفرض نفسه دائما ومشهور القول(من خرج من ملتنا فليس منا) سيأخذ دبيبه في النفوس وسيقذف كل طرف من الائتلاف بتهم ضد الطرف الآخر يحمله مسؤولية فشله في القيادة وبأنه انحرف عن فكرة الائتلاف وان الاستئثار بالسلطة قد أغشى عينيه، وهذا ما يسهل كثيرا على الجهة المقابلة في الوصول إلى المبتغى.
ما هو خيار الائتلاف؟
نحن هنا لا ننصب أنفسنا أوصياء على احد أو ننوب عنه ولكننا ومن مبدأ ( خير الناس من نفع الناس)، نرى على القيادات السياسية إن تحضر أوراقها مقدما لهكذا يوم فان وقع فهم جاهزون له وان لم يقع وهذا (ما نتمناه) كفى الله المؤمنين القتال، وحسب الرؤى التي قدمها بعض الخبراء والمحللين للقضية السياسية في العراق فأن ذلك قد يتم من خلال:
1ـ أن الخلاص من الطواغيت أمر إيجابي بغض النظر عن الدوافع، والتاريخ يؤكد أن الله قد ينصر هذا الدين بالرجل الفاجر، ولكن لايتحتم علينا جعل أمريكا مخططة لنا في كل شيء بل يجب اتخاذ موقف حاسم وواضح من قبل الائتلاف بالذات من سياستها في العراق، ولاسيما إن أكثرية الشعب العراقي (الطائفة الشيعية) لا تثق بأمريكا كثيرا وهذا ما لم يجد صداه في أجواء البرلمان الذي كان من المفترض أن يمثل تلك الأغلبية.
2ـ أن الفراغ السياسي الذي يتركه الطغاة يصعب ملأه بسرعة ولاسيما في مجتمع كالمجتمع العراقي المتعدد الأعراق والمذاهب، ومن اجل بناء تركيبة جدية تنوب عن ذلك الغطاء العسكري الكبير بنظام يستمع فيه إلى الجميع واقعا لا إعلاما ويؤمن بأحقية الجميع في طريقة تعامله مع السياسة التي يراها بشرط أن تكون المصلحة الوطنية فوق وقبل كل شيء.
3ـ في أزمات كالأزمة العراقية لا نعتقد أن التعبئة الجماهيرية والعسكرية فقط هي ذات البعد الرابح ولكنها بحاجة إلى أعادة النظر في السياسة الداخلية لأصحاب القرار الحقيقي وان يتخلوا ولوا زمنيا عن المقولة المشهورة (نحن أناس لا توسط بيننا ... لنا الصدر دون العالمين أو القبر).
4ـ على جميع الأحزاب والمكونات السياسية الأخرى المشتركة في العملية السياسية مساءلة نفسها هل أن الشعب اختارها لقناعته التامة بها أم ان اختياره لها كان بديلا عن الاحتلال والدكتاتورية وليس لقناعته التامة بها، ومعرفة تلك الأسباب ومعالجتها وإلا فان الوفاق بينهما لن يدوم طويلا.
5ـ أن التحدي الحقيقي هو النهوض بالعراق ثقافيا واقتصاديا وعلمياً والعمل على محو الأمية التي تقدرها الأمم المتحدة بـ 42 %، وترك التسقيط المتبادل بين الأحزاب والحرب السياسية غير المشروعة والالتزام بالهوية الوطنية بديلا عن غيرها من الهويات ورفعه