بحث تاريخي عن مدينة عانه
بالرغم من ان تاريخ مدينه عنه وخاصة في فترات قديمة غير واضح تماما " الا ان الثابت ان هذه المدينه من المدن العراقية الموغلة في القدم .
ومدينة عنه هذه الحالية تقع على الجانب الغربي لنهر الفرات محصورة بين النهر والتلال المطلة عليها وعندما نتحدث تأريخيا " عن مدينة عنه نعني به الجزء الذي يقع على جزيرة يحيط بها ماء الفرات من الجهات الاربعة والتي كانت تعرف بجزيرة لباد وحديثا " يسمونها جزيرة القلعة . ورد اسم عنه في المصادر التأريخية منذ العهد البابلي القديم بصيغة ( هانات) وكانت مركز مملكة على الفرات يعرف بأسم خاني ويدل هانات في اللغة البابلية على القدسية حيث يكتب الاسم بصفة (ها ـ نا ـ ا ت) وغالبا " ما يكتب مسبوقا "بأسم الاشارة المقدسة .
وردت عنه بهذه الصيغة في زمن الملك (زمرى وليم ) ملك مارى ( تل الحريري) سنه 1782-1759ق.م وقد ضمها الملك البابلي حمورابي الى مملكته مع جميع مدن الفرات الاوسط ومملكة مارى في سنه حكمه الـ35.
حكم حمورابي بين 1792-1750ق.م
اما في المصادر الاشورييه فقد ورد ذكر مدينة بصفة انات ( ا- نا- ا ت ) جاء ذلك في نقش الملك الاشوري بلير الاول1115-1077ق.م والتي يسجل فيها حملاته الناجحه وبطولاته ضد مدن اقليم سوهي والتي تشكل عنه مركزهذا الاقليم.
في ما ورد ذلك عنه في زمن الملك الآشوري( آشور –بل - كالا ) ( 1074 – 1057 ق.م ) عند مهاجمته ثانية الاراميون ومدن اقليم سوني ومنها عنه وجاء ذكر عنه في زمن الملك الاشوري توكوليتى نيفورتا الثاني سنه( 889-884 ق.م ) في حملاته على مدن الفرات الاوسط و الاعلى وبعد سقوط الدوله الاشوريه خضعت عنه كباقي مدن العراق واعلي الفرات للحكم البابلي الحديث . ومن خلال التنقيبات في جزيرة القلعه ثم العثور على لوح كتابي من القرن السابع قبل الميلاد وجدت اسماء عدد من ملوك عنه يفتخورن فيه بان نسبهم يعود للملك البابلي حمورابي .
مر بها اسطول ترجان الروماني عام 115م وحاصرها جوليان سنه 363 م ووجد صعوبه في فتحها ولم يستطيع التغلب عليها الا عن طريق الخدعة كما تعرضت المدينه الى هجوم الامبراطور البيزنطي ( وارمس ) سنه 591م ذكرها الؤرخ اسيدور الثرخي بصيغة اناتو وجاء ذكرها في المصادر الارامييه بصفة اناثا في قصه مسيحيه تقول ان الملك الساساني شابور الثاني سنه 309-379 ق.م قد بنا لنفسه بيتا" قرب عنه.
وفي القرون الثلاثة الاولى للميلاد ظهرت في مدينه عنه الديانات المسيحيه وقال عنها اسيدور الترخي ان احد امراء المناذرة المسمى معين والذي كان من مشاهر القادة في عهد الملك الساساني شابور قد بنى فيه في عنه ديار" مشهورا " كان المسيحيون يحجون اليه كل عام اسمه مارسركس.
اما في المصادر العربيه الاسلامية فقد ورد ذكر عنه بثلاث صيغ :ـ
الاولى عانات عند الطبري واليعقوبي والثانيه عانه واستمر هذا الاسم فتره متأخرة حيث بدات كتابه اسم المدينة بصيغة عنّه واختلف اللغويين في معنى اسمها فمنهم من قال انها اسم الالهة سامية كانت تعبد في سوريا بأسم عنّه او انانه وكانت هذه الاله معروفة دائما " في بلاد الشام مع اسم الاله بعل وفي مقابل عشتار ومنهم من قال انها تعني قطعات الحمر الوحشية .
مر بها خالد بن الوليد في الفتح العربي الاسلامي للعراق وخرج اليه بطريقها يطلب الصلح فصالحه واعطاه ما اراد على ان لا يهدم بيعه او كنيسة وعلى ان يضريوا نواقيسهم في أي وقت شاءوا .
تعرضت مدينة عنه خلال تأريخها الطويل الى ما يقارب ( 150 ) هجوما " من اقوام مختلفة وكان لموقعها التجاري اثرا " مهما " حيث كانت نقطة التقاء اهم طريقين تجاريين :ـــ
- الاول يأتي من منابع الفرات من الغرب متجها " الى بابل.
- الثاني تيماء عبر الجزيرة الى قلب الارض الاشورية وهنالك اربع وثائق من نينوى تشير الى طريق يبتدئ من كور ــ ابل الى انات كما ان لموقعها العسكرى اهمية في شد الانظار اليها فقد كانت في زمن الدولتين البابليه القديمة والاشورية مركزاً سوقيا مهما " بالنسبة للجيوش التي تذهب الى بلاد الشام وكان نهر الفرات يمثل خطأ " دفاعيا " مشيد عليها الحصون والقلاع لاغراض الدفاع عن قلب العراق ضد هجمات القبائل التي نزحت من جزيرة العرب والتي كانت تحاول العبور الى الجانب الشرقي من النهر وفي الدولة البابلية الحديثة اصبحت لمدينةعنه وعموم المنطقة اهمية اكبرمن الناحية العسكريةحيث ان جيوش هذه الدولة كانت باستمرار تنطلق عبر هذه المنطقة بأتجاه بلاد الشام ومصر.
وقد مر بمدينة عنه عدد من الرحالة الاوربيون ومن اشهرهم بنامين والرحالة البلجيكي موسيل والبريطانية ( مس بيل) بصيغة رحالة تبحث عن الآثار.
__________________