علي الشبكي عضو فعّال
عدد الرسائل : 74 العمر : 54 تاريخ التسجيل : 01/01/2007
| موضوع: الشبك بين حسابات الكبار وإثبات الهوية الخميس 4 يناير - 9:46 | |
| اضغط على الصورة لتراها بحجمها الكبير الشبك بين حسابات الكبار وإثبات الهويةأ. ياسين الموصلي الشبك جماعة قومية تدين بالدين الإسلامي وفقاً لمذهب أهل البيت(ع) ، تنتشر قراها ومناطقها حول مدينة الموصل وداخلها ، ولها لغة وعادات خاصة تشترك في بعض منها مع السكان
الآخرين وتختلف في البعض الآخر. وقد عرف الشبك ضمن أقدم الروايات التاريخية منذ آواخر العهد العباسي في العراق . وأشارت الوثائق العثمانية إليهم كجماعة مستقلة منذ القرن السادس عشر الميلادي. وورد ذكرهم في دائرة المعارف البريطانية والإسلامية.
لقد عانى الشبك من الظلم والتهميش منذ أمد بعيد. فالولاة العثمانيون كانوا يمارسون ضدهم أبشع أنواع الظلم والاضطهاد لكونهم شيعة. واستمر ذلك الظلم طيلة الفترات اللاحقة ، خاصة في عهد النظام البائد الذي رفض الاعتراف بهم ، واجبارهم على الاختيار بين القوميتين العربية أو الكردية في التعداد السكاني للسنوات 1977م وسنة1987م. فمن اختار منهم القومية الكردية كان نصيبه هدم مسكنه والترحيل إلى مناطق في كردستان ، ومن اختار منهم العربية كان نصيبه العيش في مناطق التهميش والاهمال مع الاتهام أحياناً بالأصول الأعجمية.
لقد جاء سقوط النظام البائد بمثابة فاتحة أمل للشبك وللقوميات والطوائف الأخرى في الاعتراف بها كجزء من التعددية الثقافية والفكرية للفسيفساء العراقي. غير أنَ ما أفرزنه الأحداث والتطورات السياسية ، خاصة في المؤتمر التحضيري العام لتشكيل المجلس الوطني المؤقت ، أثبتت انتهازية الآخرين ومساومات الكبار على حساب الصغار . بل عدم الاعتراف ببعض مكونات الشعب العراقي ، ومنهم الشبك الذين عدوا أكراداً . وما يؤسف قوله كانت الطعنة قد أتت ممن اضطهدوا من النظام السابق ، كالأخوة الأكراد والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق بعد دخول التحالف بين الطرفين من أجل تحديد قائمة موحدة للفوز في المجلس الوطني المؤقت. وتم تعيين أحد الأكراد من سكان مدينة أربيل كممثل عن الشبك وهو لا يمت بصلة إليهم ولا يعرف لغتهم ، وبالرغم من اعتراضات الشبك عبر ممثلهم في المؤتمر التحضيري الدكتور حنين قدو ، والتي نقلت عبر بعض القنوات الفضائيات.
لقد تناسى الأخوة الأكراد معاناة الشبك المشتركة معهم من ظلم النظام السابق ، ورفض الكثير من الشبك الخدمة العسكرية مع قوات النظام في المناطق الكردية. أما المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق فقد تناسى الأخوة الدينية والمذهبية ، وباعوا الشبك رغم وعودهم السابقة لهم ، وتناسوا الفرحة الكبرى والاستبشار بمممثل المجلس لدى دخوله الموصل بعد سقوط النظام.
إنَ الأصول التاريخية للشبك تجعلهم عراقيين أصلاء عاشوا في خضم الظروف والتحديات التي مرت بها المنطقة والعراق طيلة القرون الماضية. وبالتالي سقوط النظريات السابقة والمحاولات الحالية حاولت وما تزال إلحاقهم بالعرب أو الأكراد لم تثبت صحتها ، خاصة إذا ما علمنا أن وجودهم في قراهم ومناطقهم كان قبل مجيء الكثير من القبائل والعشائر في المنطقة. وهم ليست لديهم أطماح مستقبلية ، وإنما هدفهم الاعتراف بهويتهم مع ضمان التمثيل في الدولة ضمن عراق موحد مستقل يتساوى فيها الجميع.
إنَ الشبك بأصالتهم العراقية وهويتهم الاجتماعية والثقافية المستقلة ، لا يمكن أن يكونوا ورقة بيد الآخرين يتم استخدامها ضد آخرين ، خاصة وأنَ الموقع الجغرافي الذي تتمتع به قرى ومناطق الشبك تضع القضية في موقف شديد الحساسية . فهم بين المناطق ذات الأغلبية العربية والمناطق ذات الأغلبية الكردية مع مجاورة مناطق طوائف أخرى كالمسيحية واليزيدية. وأهمية دورهم يكمن في قيامهم ببناء أواصر الثقة والتعاون مع جميع الأطراف وعدم الانحياز والانخراط لفئة أو جهة ما ضد جهة أخرى ، خاصة إذا ما علمنا بأن هناك نوايا وأهداف ومطامح عرقية قد تثير حساسيات وتوترات مستقبلية بين العرب والأكراد حول الموصل ، وإنَ وجود الشبك والاعتراف بهم كجماعة مستقلة توفر ضمانة للمستقبل ومنعاً لحدوث ما لا يحمد عقباه. كما أنه يمثل عراق المستقبل الذي يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات مع الاحتفاظ بالخصوصية الاجتماعية والثقافية لكل عرق أو طائفة أو جماعة.
إنَ الواجب الوطني يفرض على الجميع وفي المقدمة الاحزاب والجماعات الكبيرة ، تغليب المصلحة العامة على مصلحة الحزبية والفئوية ، والاعتراف بجميع مكونات المجتمع العراقي. ولنا أمل كبير في المنصفين والحكماء وضع ذلك نصب أعينهم ، مع الدعوة الخاصة للدكتور ابراهيم الجعفري لتبني قضية الشبك ، خاصة وأنَ وجوده في الموصل أثناء فترة دراسته الجامعية قد وفرت له فرصة التعرف على جماعات الشبك واستقلالهم الاحتماعي والثقافي.
أستاذ جامعي ومؤرخ Y_almously@yahoo.com | |
|