بدايات شرب النركيلة
عبد الجبار محمد جرجيسانتشرت في السنوات الأخيرة هواية شرب (الناركيلة) من قبل الرجال والشباب وأصبحت واجهات بعض المخازن والدكاكين مواقع عرض لهياكل الناركيلة وملحقاتها كما تفننت شركات تصنيع التبوغ بتهيئة أعداد وأنواع من هذه التبوغ الخاصة بشربها. لكنهم نسوا أو تناسوا ما لهذه (النركيلات) من مساوئ صحية قاتلة على صحة الإنسان منها تهطل القلب وإصابة شرايينها بالسرطان بنسبة أكثر من 50% من الذين يشربونها إضافة إلى العديد من الأمراض النفسية والقصبات الهوائية. ونقدم اليوم بعضا مما توفر لدينا من معلومات عن بدايات شرب هذه الآفة. تعرف النركيلة في نجد بالاركيلة وفي اللهجة السورية بالشيشة وفي الكويت بالجوزة، وتشير بعض المصادر إلى أنها وجدت في الهند ومنها انتقلت الى إيران ومنها دخلت الى البلاد العربية. فقد استعمل الهنود الغلاف الخارجي لجوز الهند كوعاء أساسي للنركيلة بدلا من الوعاء الزجاجي ثم يثبتون في وسطها أنبوبا خاصا للتدخين وآخر في مقدمتها لسحب الماء الحار الى الفم بواسطة (المشرب). في حين تذهب بعض المصادر الأخرى إلى أن الشاه طهماسب المعروف (بنادر شاه) الذي حاصر مدينة الموصل سنة 1743م لمدة أكثر من (42)يوماً لغرض فتحها وإخضاعها لسيطرته ولم يتمكن آنذاك. انه أول من ابتكرها وقد أشار الشاعر (جبران توني) الى أنها من ابتكار طهماسب بقوله:
أركياني تعددت صفاتها
واستحكمت من أضلعي لذاتها
جليستي في وحدتي أنيستي
تطرب منها النفس كركراتها
من نسل طهماز رأت كسرى
على إيوانه موزونة دقاتها
يسبح منها القلب في قارورة
تحف في مياهها أناتها
وعلى هذا هناك من يطلق في سوريا عليها اسم (نفس طهمازي) وتعرف في الموصل في بعض الوقت باسم (الغريشة). وقد وردت بهذا الاسم على لسان بعض الشعراء يرد فيها على امرأة كان يحبها وتحبه إلا أنها طلبت منه ان يترك شربها اتكلي المسعدة الغرشة بطّلها واكلها إذا هاض نار كلبي بيش أطفيها ويقدم الكثير من المواصلة في المقاهي القديمة على شرب النركيلة لغرض ابتعادهم عن الهموم والتفكير بالمشاكل وبعث النشوة والنشاط لديهم حيث كانت منتشرة بشكل ملحوظ في المقاهي والبيوت وفيها قال الشاعر (جبران توني) وهو لبناني يصف النركيلة وشربها فيقول:
أروح في الصبح بها واعتدي
في نشوة تنعشني قبلاتها
الثمها ثم أعض فمها
حتى تروي شفتي لهاتها
فتلقى أنفاسها في لذة
ان ما نهلت اتقدت جمراتها
تفرج الهموم عني نفحة
تكثر في سكوتها عظاتها
والنفس تلقي في السكون راحة
إذا الهموم استحكمت حلقاتها
قضت عليّ بالتواري مدة
سياسة تعددت لوثاتها
فكنت أقضي الوقت مع اركيلتي
فلي شكاتي ولها شكاتها
أبثها همي فالقي عندها
روحا بروحي امتزجت ذراتها
فتناجيني وكلانا صامت
فان نفخت عذبت نغماتها
وان أحدث سكتت راضية
لا تقطع الحديث شقشقاتها
رفيعة مطواعة نديمها
تؤنسه في راحة جلساتها
الأجزاء المكونة للنركيلة:-1 الشوشة الزجاجية: التي يوضع فيها الماء الذي يمر دخان (التنباك) به فينقيه ويبعث صوتا جميلا عند مرور الدخان به فيعمل على ترطيبه وهذا الصوت يسمى عندنا (البربقة).-2 البكار: الذي يلي الشوشة قرب فمها حيث يربط البكار بالشوشة ويكون من الخشب المزخرف وأحيانا مطعما بالصدف أو بالفضة أو العاج وفي بعض البيوت الغنية بالمرحان ويدخل فيه أنبوب الشوشة.-3 الرأس: وهو عادة من مادة الصفر أو النحاس على شكل وعاء صغير لحفظ التنباك وجمرات النار ويوضع فوقه فنجان أو غطاء معدني لحفظه من السقوط ويكون عادة في أعلى النركيلة.والتنباك: تتن خاص يحضر عن طريق نقعه برشه بالماء وعصره وتركه مدة من الزمن كي يتخمر ثم يوضع في رأس النركيلة ثم توضع فوقه جمرات النار ثم يقوم المدخن بالتدخين بواسطة (المبسم) والمبسم أو المشرب أنبوب من المعدن وأحيانا من المعدن النفيس أو (الشبح) والشبح اصماغ متحجرة صفراء اللون يتصل بأنبوب مطاطي طوله متر ونصف منقوش وملون بألوان زاهية ويكون عادة المشرب عند بعض رواد المقاهي من الذهب ويحمله في جيبه عندما تقدم له النركيلة ينزع مشربها ويثبت مشربه الخاص به ثم يشرب. -4 الماشة: أو الملقط من الصفيح السميك لوضع الجمرات فوق التنباك وتقليبها بين فترة وأخرى وأحيانا تكون الماشة مربوطة بالنركيلة قرب رأسها وعند بعض الأغنياء ماشة من الفضة تكون في جيبهم يستخدمونها عند الحاجة. وتستورد هذه النركيلات الفاخرة من إيران سابقاً ويوجد في بعضها صورة (الشاه نادر شاه). ومن عادات تقديم النركيلة ان توضع في صحن وفوق الصحن قطعة من قماش (الجوخ). وهذه العادات غالبا في المجالس الخاصة في البيوتات التي فيها مجالس وخاصة في شهر رمضان. وأشهر من كان يقوم بتقديم وتهيئة النركيلات على هذه الصورة (نعوم حلوة) وقد هاجر قبل سنوات طويلة الى أمريكا.-5 الاطش دان: على شكل وعاء (طاسة) من البرنز فيها قاعدة ومسكة من الخشب يوضع فيها قليل من الرماد والجمرات من النار يحملها (القهوجي) للزبائن لإشعال النركيلات أو الغليون أو الامزك الخاصين بشرب السكائر والتتن. وذلك لعدم وجود الشخاط قديماً