شبكة الموصل الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اسلاميّة ثقافية عامة .
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 عامي في العراق لبريمر

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ابنة الحدباء
مشرفة
مشرفة
ابنة الحدباء


انثى
عدد الرسائل : 385
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالأربعاء 4 أبريل - 15:53

عامي في العراق لبريمر 02


عامي في العراق



المقدمة
فيما كانت الاوضاع الامنية في العراق تستمر في التدهور، رفضت القيادات العليا في البنتاغون مناشدة من بول بريمر لإرسال مزيد من القواتِ
هذا ما كشف عنه بريمر في كتابه الجديد 'عامي في العراق'، حول ولايته في العراق خلال السنة الاولى بعد سقوط نظام صدام، ويؤكد انه كانت لديه شكوك حول مدى قدرة اعداد قوات التحالف على السيطرة على البلاد، وهو يشدد على انه طرح هذه المسألة مرات عديدة مع كبار المسؤولين الاميركيين، وعلى رأسهم الرئيس بوش، لكن البنتاغون كان دوما متحمسا لخفض عديد القوات الاميركيةِ
يعرض الكتاب تفاصيل ما يجري خلف الابواب المغلقة في ما يتعلق بإدارة الاحتلال، ويعكس صورة جيدة عن نمط الحياة في العراق خلف الحواجز الامنية الاميركية داخل المنطقة الخضراء ببغداد، ويوجه نقدا، وان لم يكن قويا، للسياسة الاميركية في العراق، وهو يعترف بأن ادارة الولايات المتحدة للشأن العراقي كانت في حالة فوضى منذ بدء الاحتلال في مايو 2003ِ
يتحدث بريمر بتفاصيل وافية عن مجلس الحكم العراقي، وكيف تكون، وعن الشد والجذب في عملية تشكيله بين القوى السياسية العراقية المختلفة، ويسخر من كون اعضاء المجلس ال 25 كانوا دائما ما يختلفون حول كل القضايا صغيرها وكبيرهاِ
وردا على ارتفاع العديد من الاصوات داخل الولايات المتحدة للمطالبة بانسحاب فوري او بتقديم جدول للانسحاب من العراق خصوصا مع استمرار مسلسل العنف وفقدان العديد من الجنود الاميركيين، اضافة للاعداد الكبيرة من الضحايا العراقيين، يرد بريمر بالقول: مثل هذه الدعوة للانسحاب من العراق الآن، او تقديم جدول للانسحاب سيمثل خطأ تاريخيا، حيث سيشجع ذلك الارهابيين على الانتظار حتى نرحل، وهذا سيكون بمنزلة اعلان هزيمة للولايات المتحدةِ
ويرى ان هزيمة الولايات المتحدة في العراق ستكون لها آثار وخيمة على مصالح الولايات المتحدة ليس فقط في العراق، بل في كل منطقة الشرق الاوسطِ


بول برايمر
Baul Bremer

..............................................................................
[b][color=#aa0000]...... الفوضى
لم نجد شخصية عراقية أمينة ووطنية تحكم عراق ما بعد صدام



عامي في العراق لبريمر 10


[size=16]
الاثنين 12 مايو 2003


بغداد تحترق
عندما كانت طائرة القوات الجوية سي-130 تحلق فوق منحنى لنهر دجلة، ادرت الكرسي الذي كنت اجلس عليه وبدأت احدق عبر النافذة المستديرة في طائرة الشحنِ وكانت العاصمة العراقية تمتد الى الشمال تحت الجناح اليمين، وقد غطاها غبار ذو لون بني فاتح واعمدة من الدخان الداكن ترتفع تحت شمس ما بعد الظهيرةِ وبدأت اعدها ثلاثة، خمسةِِ سبعةِ
كان الى جانبي زميلي السفير المتقاعد هيوم هوران يتحدث عن امر ماِ غير ان صوته غرق في ضجيج ازيز المحركاتِ واخرجت قطعة الفلين التي كنت استر بها اذني التي وزعها علينا طاقم الطائرة عند ركوبنا على متنها في ذلك الصباح في الكويتِ
وارتفع صوت هيوم في صراخ وسط صوت المحركات 'ِِِ مبان حكوميةِِ مكاتب حزب البعث' واشار الى الدخان الذي ارتفع فوق انحناء النهر 'معظم الوزارات تتركز في تلك المنطقة، فقد كان صدام يجب القاء نظرة عن كثب على مواطنيه'ِ
في المقدمة وفي الكابينة المفتوحة كان الجنرال في سلاح الطيران ريتشارد مايرز رئيس هيئة الاركان ومرافقوه يحدقون الى الاسفل في بغدادِ وخلال نهاية الاسبوع كنت أنا والموظفون ممن يعملون معي قد انطلقنا برحلة بالطائرة دون توقف مع ديك مايرز على متن طائرة النقل العملاقة سي-17 من قاعدة اندروز الجوية في ولاية ماريلاند الى الدوحة في قطرِ ومن هناك اخذنا هذه الطائرة من طراز سي-130 اولا الى الكويت، حيث قضينا الليل وبعدها في هذا الصباح الى البصرة بجنوب العراقِ لقد ظللنا في سفر لمدة 48 ساعة تقريباِ
وكان كلاي ماكماناواي وهو ايضا سفير متقاعد وصديق قديم يعمل الآن نائبا لي، يجلس قريبا منيِ وقال وقد ارتفع صوته 'نهب المقدرات الصناعية، بعد سلب اي مكان يقومون باشعال النيران فيه، هنالك العديد من الثارات التي يجب اخذها'ِ
هز هيوم رأسه موافقاِ وهو واحد من المستعربين البارزين في وزارة الخارجية، وقضى معظم حياته العملية في الشرق الاوسط وكان يعرف بغداد معرفة جيدةِ ولم اكن اعرفهاِ


أول مرة
فمن بين المهام التي قمت بها خلال معظم العقود الثلاثة الماضية كدبلوماسي اميركي، عملت رئيسا لموظفي مكتب وزير الخارجية هنري كيسنجر وسفيرا فوق العادة لشؤون مكافحة الارهاب خلال ولاية الرئيس ريغانِ وتلك مهام اخذتني الى كافة العواصم في المنطقة تقريبا ما عدا بغدادِ وبينما كنت وزوجتي فرانسي التي ارتبطت بها منذ سبعة وثلاثين عاما قد عملت في السفارة الاميركية في افغانستان لفترة طويلة، الا ان هذه كانت اول زيارة لي للعراق، البلد الذي سأبدأ فيه مواجهة اكبر تحد في حياتيِ
وقبل اقل من شهر مضى كنت مجرد سفير سابق يعيش في سعادة خارج واشنطن يعمل في القطاع الخاص، فقد كنت ادير قسم ادارة الازمات في شركة اميركية كبرى هي شركة مارش وماكليلانِ
ولم اعتد انا وزوجتي فرانسي الضغوط السياسية وحجم العمل المضني للوظيفة الدبلوماسية الرفيعة وكنا قد اشترينا مؤخرا بيتا ريفيا قديما في نيوانغلاند حيث كنا نأمل في ان نقضي الاجازات مع ابنائنا واحفادناِ
ولكن في تلك الظهيرة الحارة فوق بغداد كنت على بعد ثمانية آلاف ميل بعيدا عن ضواحي واشنطن وجبال فيرمونت كما انني عدت الى الحكومة كاداري عينت أخيرا لسلطة التحالف المؤقتة التي شكلت حديثاِ وقد وصفتني بعض التقارير الصحفية بانني 'المندوب السامي الاميركي' في العراق المحتلِ
وبصفتي الاميركي الاعلى مرتبة في بغداد، فانني سوف اتحول الى مبعوث شخصي للرئيس جورج بوش وتبدأ سلسلة القيادة بالنسبة لي عبر وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وبعده مباشرة الى الرئيس وسأكون الشخصية الوحيدة التي تتمتع باعلى سلطة، باستثناء الدكتاتور صدام حسينِ
وبما اني مدني، فلن تكون لدي سلطة على اكثر من 17 الف جندي من قوات التحالف الموزعة في ارجاء العراق الذي يضم اكثر من 25 مليون نسمة، غير ان القيادة المركزية الاميركية التي تشكل الذراع العسكري للتحالف ومقرها الرئيسي في مدينة تامبا بولاية فلوريدا كانت لديها اوامر من الرئيس بوش ورامسفيلد لتنسيق عملياتها مع سلطة التحالف المؤقتة ومعيِ
وقوات التحالف التي اطاحت بصدام حسين بعد ثلاثة اسابيع من القتال الطاحن مشكلة في اغلبها من الجنود الاميركيين من القوات البرية والمارينز، وكانت تضم ايضا اكثر من عشرين الف جندي بريطاني، وعددا اقل من الجنود الاستراليين، بالاضافة الى قوات من دول حلف الناتو ومن بينها الاعضاء الجدد في الحلف من دول وسط اوروباِ


توزيع العراقيين
والمناطق التي احتلوها تختلف كأختلاف التنوع البشري في العراق فقد اتخذت قوات التحالف موقعا لها في منطقة الاهوار في دلتا شط العرب لنهري دجلة والفرات، وفي المدن على ضفاف النهر والمدن المقدسة في الجنوب، حيث يتركز الشيعة الذين يشكلون 60 في المائة من مجموعة السكان وعلى مسافة 500 ميل الى الشمال هنالك مواقع لقوات التحالف في سلسلة الجبال التي تغطيها اشجار الصنوبر في مناطق الاكراد الذين يشكلون حوالي 20 في المائة من مجموع السكان، كما تتوزع وحداتنا في المناطق السهلية الصحراوية في وسط العراق وغربه التي تتشكل المناطق الداخلية للاقلية السنية العربية التي تشكل حوالي 19 في المائة من مجموع المواطنين العراقيين وقد ظلت تسيطر على المجتمع العراقي منذ قرونِ
وخف ازيز المحركات، وزاد انحناء الطائرة باتجاه اليسار، وتقدم شاب من افراد الطاقم يرتدي زي الطيران بلون الصحراء، وهو يسير عبر مقصورة البضائع التي كانت تتأرجح ورفع اصابع يده اليمنى وقال 'خمس دقائق - خمس' واشار بقوة الى قصره لتذكيرنا بتثبيت حزام الامان الاحمر اللونِ
هذا النموذج من طائرة النقل سي - 130 يطلق عليه اسم 'كومبات تالون' وعادة ما تنقل بها قوات العمليات الخاصة في عمليات الانزال بالمظلات من الارتفاعات المنخفضة او انزال القوات الهجومية في عمق اراضي العدوِ وكنا قد انطلقنا من مدينة البصرة في الجنوب على ارتفاع 200 قدم فقط فوق القرى ذات البيوت الطينية وبساتين النخيل التي تجري بينها جداول الري العتيقة التي جعلت بلاد الرافدين تعد الهلال الخصيب منذ اقدم العصورِ
والهدف من الطيران السريع ليس توفير فرصة للشخصيات المهمة للتمتع بالمناظر بل لتقليل خطر الاصابة بواسطة النيران الارضيةِ
فخلال الغزو، وقبل شهر مضى، كانت الاسلحة الاوتوماتيكية والخفيفة تصيب الطائرات المروحية التابعة للقوات الاميركية التي تمر فوق هذه المزارع التي يبدو عليها الهدوء، وبالرغم من ان الرئيس بوش كان قد اعلن نهاية 'الاعمال القتالية الرئيسية' قبل 11 يوما سابقة فان نائب قائد القيادة المركزية الجنرال جون ابي زيد قد اعترف بان البلاد لم تتم السيطرة عليها بالكامل وقد ابلغنا بذلك في مركز القيادة المتقدم في قطرِ


موافقة زوجتي
وفي اقل من خمس دقائق هبطنا في مطار بغداد الدولي واحكمت حزام الامان وعادت بي الافكار الى الاحداث التي جاءت بي الى هذا المكانِ
كان ذلك في منتصف ابريل عندما غادرت وزوجتي فرانسي مطار هارتفورد بولاية كونيكتكت في سيارة فورد تورس مستأجرة في طريقنا إلى فيرمونت لاختيار اثاث لمنزلنا الريفيِ
وقلت لزوجتي 'اود ان اتحدث اليك في امر ما يتعلق بوظيفة قد تعرض علي' وسألت بسرعة: 'اي وظيفة؟' كنت وزوجتي قريبين جدا من بعضنا البعض ونشعر فورا بالمزاج السائد لديناِ فقد سيطر على السيارة جو من البرود وكررت القول 'اي وظيفة؟ آخر مرة سألتك فيها كان لديك وظيفة' وكانت محقة بالطبعِ
فقد ناقش افراد ادارة الرئيس بوش عدة وظائف معي خلال الاشهر الماضية ولكن كلما كنت اثير الموضوع كانت فرانسي تعارض الفكرة بشدةِ وقلت اثناء تنقلنا بالسيارة باتجاه الشمال، مثيرا الامر مرة اخرى 'هذه المرة وظيفة تمكنني من لعب دور مؤثرِ فهي بطريقة ما تستفيد من جميع المهارات التي اكتسبتها خلال فترة حياتي العملية الطويلةِِ الدبلوماسية ومعرفتي بالثقافات الاخرى والادارة وقوة التحملِِ' وكررت وقد بدا عليها الفضول هذه المرة: 'اي وظيفة؟!' وقلت 'المساعدة في جمع اطراف العراق معا'، وقالت 'انت؟' وبدت هادئة تتطلع في الطريق امامناِ
كنت ارغب في ذلك التحدي وعلى الاقل كنت ارغب في اتاحة الفرصة لي للمحاولة، ولكنني لن اقدم على ذلك من دون مباركتها، وقلت لها ان سكوتر ليبي رئيس موظفي مكتب نائب الرئيس ديك تشيني، وبول وولفوتس نائب وزير الدفاع اتصلا بي، فالإدارة المدنية الاولى التي اسسها البنتاغون بعد انتهاء الحرب في العراق، وهي مكتب اعادة البناء والمعونات الانسانية كانت تفتقر الى الخبرة فيما يتعلق بالاتصالات السياسية والدبلوماسية الرفيعة المستوى، وخلافا لمعظم ما ورد في اجهزة الاعلام، فإن البيت الابيض لم ينو البتة جعل رئيس مكتب اعادة البناء والمعونات الانسانية الجنرال المتقاعد غاي غارنر المبعوث الدائم للرئيس في بغدادِ وانا لدي المهارات المطلوبة والخبرة اللازمة لذلك المنصبِ وقلت 'انهم مهتمون بوضعي في الاعتبار عن اختيار من يتولى مهمة ادارة العراق المحتل'ِ
واخيرا، وبعد فترة طويلة من الصمت والتفكير قالت فرانسي: 'لا بأس اذا كان هنالك شخص ما يقوم بالعمل، فأنت قادر على ذلك'ِ
وبعد عشرة ايام من ذلك، كنت في المكتب البيضاوي، لقد تحركت الامور بسرعة بعد حديثي مع فرانسيِ طلبني وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي علم برغبتي في ان اوضع في الاعتبار عند اختيار شخص لتلك المهمة للقائه، وكنت اعرفه منذ عدة عقود، اي منذ عملنا معا في ادارة الرئيس فورد، وظللنا على اتصال طوال هذه السنين وكنت معجبا بشعوره الوطني، وذكائه الحاد ونشاطه، وناقشنا الوضع في العراق، واكدت على اهتمامي بالوظيفة، وقال انه سيناقش الامر مع الاعضاء الآخرين في مجلس الامن القومي، ويتصل بيِ وفي الساعة السادسة والنصف مساء ذلك اليوم ابلغني مكتبه ان لدينا موعدا للقاء الرئيس في اليوم التالي في الساعة العاشرة صباحاِ


لماذا ترغب في المهمة المستحيلة؟
سألني الرئيس بوش مباشرة 'لماذا ترغب في هذه المهمة المستحيلة؟'، وجورج بوش شخص نشط وحازم، كما ظهر على شاشات التلفزيون يحاول ان يحرك البلاد، ويحشد قواها في اعقاب 11 سبتمبر، ولم اكن قد التقيته من قبل، وذلك بالرغم من انني خلال سنوات عملي كدبلوماسي عرفت والده ووالدته وحظيا باحترامي، اجبت 'لأنني اعتقد ان اميركا قد قامت بعمل عظيم في تحريرها للعراقيين، سيدي، ولأنني اعتقد ان في مقدوري تقديم يد المساعدة'ِ
انتهى هذا الاجتماع الاول القصير ما عدا ان هناك رسالة طلبت مني فرانسي ان ابلغه اياها 'سيدي الرئيس، ترغب زوجتي في ابلاغكم، ان الرسالة المفضلة بالنسبة اليها في خطابكم حول حالة الاتحاد هي عبارة 'ان الحرية ليست هي هدية اميركا للعالم، بل هي هبة الله للانسانية'ِ
وابتسم الرئيس، وصافحني حيث بدا انه تأثر بكلمات فرانسيِ





فريق العمل
خلال الاسبوعين التاليين حضرت سلسلة من الاجتماعات المتواصلة في البنتاغون محاولا الاطلاع على الوضع في العراق قبل مغادرتي، وبين تلك الاجتماعات كنت احاول ان اجمع افراد الفريق الذي سيعمل معي وكان البنتاغون قد عين مسبقا الكولونيل في السلاح الجوي سكوتي نوروود كمساعد عسكري ليِ
وسكوتي كان يعرف كيفية التواصل مع وزارة الدفاع وبدأ فورا في تقديم خدماته لي بمهارة غير عاديةِ كما قدم السلاح البحري ملازما شابا هو جستن ليمونِ
وفي زيارة الى نائب الرئيس تشيني علمت ان مساعده الخاص براين ماكورماك مهتم بالذهاب الى العراقِ وجدته واقفا بالقرب من ماكينة النسخ خارج مكتب تشيني في البيت الابيض وسألته ان كان ذلك صحيحاِ قال براين 'نعم' بابتسامة تنم عن الثقةِ وسألته 'هل انت متزوج؟' فلم اكن ارغب في اخذ اشخاص لديهم اسر صغيرة السن الى بغدادِ واجاب 'ليس بعد ولكني على استعداد للمغادرة خلال اسبوع' هذا هو نوع الحماس الذي اسعى للحصول عليه وبالتالي عينته فوراِ
وادراكا مني بحاجتي الى بعض المشورة من شخص ذي خبرة فكرت في صديقي وزميلي القديم السفير كليتون ماكمانا وايِ فقد عمل كنائب لي مرتين في وزارة الخارجية، كما عمل في فيتنام في وزارة الدفاع ويعرف العاملين في اجهزة الاستخباراتِ
واتصلت به ووصفت له مفهومي عن المهمة وقلت 'العديد من الليالي والايام الطويلة ولابد ان تكون هناك بعض المفاوضات المحبطةِ وسأكون في حاجة الى الكثير من العون يا كلاي، فالرجاء الحضور للانضمام الي'ِ
وبعدها كان لابد من وجود شخص ذي خبرة يعرف الثقافة واللغة العربيةِ وكنت قد عملت بصورة وثيقة قبل عقد مضى مع واحد من افضل الشخصيات في وزارة الخارجية هو السفير هيوم هوران الذي كان يقضي فترة تقاعد سعيدة في واشنطنِ
ناقشت مع كلاي المهمة الضخمة التي ستواجهها سلطة التحالف المؤقتةِ فقد كان لدى السلطة مسبقا اكثر من ستمائة موظف من المدنيين، وان عدد الموظفين سوف يصل الى الآلاف دون شكِ وقلت 'اعرف شخصا واحدا فقط يمكنه معالجة مثل هذا التحدي الاداري وهو بات كنيدي' ووافق كلاي على ذلكِ
وكان بات يعمل كنائب سفير في بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في نيويورك فهل سيتخلى عن تلك الوظيفة ويترك اسرته ويختار مخاطر العراق وعدم استقرار الوضع فيه؟ وتوصل كلاي الى بات عن طريق وزارة الخارجية وقد كان في طريق عودته من اجازة قضاها مع الاسرة في المكسيكِ
وبعد الحصول على موافقة رئيسه السفير جون نيغ وبونتي، قال بات 'يشرفني ان اعمل معكم'ِ
وكانت هناك فجوة اخيرة يجب ملؤها - فقد كنت أعرف أن عملي سوف يشمل تفاعلا قويا مع الكونغرسِ وقد اقترح أحدهم أن الخبير في شؤون الكونغرس توم كورلوغوس قد يكون مهتما بالعمل في العراقِ وكنت أعرف كورلوغوس منذ عدة عقود وأدرك أنه سوف يشكل إضافة قوية إلى الفريق وذلك بسبب الاحترام البالغ الذي يحظى به ضمن الحزبين السياسيينِ ولكنني كنت أشك في أنه في هذه المرحلة من حياته قد يرغب في مغادرة وضعه الآمن لعمله في مجال اللوبي في واشنطن ويذهب إلى حياة الخطر في بغدادِ وقد أسعدتني مفاجأة قبول توم الفوري بالانضمام إلينا وقد أضفنا في وقت لاحق زميلا آخر سابق في وزارة الخارجية هو بوب كيلي إلى الفريق الذي يتولى مهمة استقبال المئات من الزوار من الكونغرس إلى العراقِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shiaatalmosel.yoo7.com
ابنة الحدباء
مشرفة
مشرفة
ابنة الحدباء


انثى
عدد الرسائل : 385
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالأربعاء 4 أبريل - 15:55

لا عراقيا يحكم العراق!
في أقل من عشرة أيام من استلامي للمهمة كان لدي طاقم الموظفين التابعين لي وكبار نوابي، وبدأت في تقييم حجم المهمة التي أواجهها، فقد برز فراع في السلطة ملأته الفوضى في العراقِ فعندما تدفقت دبابات التحالف إلى داخل بغداد، دمرت ما هو أكثر من أسلحة الحرس الجمهوري ومدفعيتهِ فقد تحطم نظام صدام حسين البعثي الدكتاتوري الذي يعد من أكثر الأنظمة الشمولية القمعية وحشية، وأصبح قادة ذلك النظام مطاردين، وبينما حقق التحالف الذي تقوده أميركا نصف أهدافه المعلنة بالنسبة لتغيير النظام عن طريق الإطاحة بصدام حسين، إلا أننا لم نتمكن من الوصول إلى شخصية عراقية أمينة ونشطة وتتميز بالوطنية يمكن أن تحكم عراق ما بعد المرحلة البعثيةِ
وبينما كنت أنظر في هذه المسألة أضاف جيم دوبنز الدبلوماسي السابق والمحلل ذو الخبرة في مؤسسة 'راند' للأبحاث بعدا آخر عندما جاء إلى مكتبي في البنتاغون وقال وهو يقدم لي وثيقة 'جيري عليك الاطلاع عليها' وكنت أعرف أن مؤسسة راند تعد واحدة من أكثر مؤسسات البحث التي تحظى بالاحترامِ
وكانت الوثيقة مسودة لتقرير راند بتقديرات حجم القوات الضرورية لتحقيق الاستقرار في عراق ما بعد الحربِ وكانت دراسة محايدة وصريحة فالمهنيون في مؤسسة راند لا يتعاملون مع السيناريوهات الوردية بل انهم يطبقون المنطق البارد في ما يتعلق بالمشكلاتِ تناولت الدراسة العلاقة فيما بين حجم القوات والاستقرار خلال سبعة احتلالات سابقة، من حجم قوات الحلفاء في محلة ما بعد الحرب العالمية الثانية في ألمانيا واليابان، إلى غزو الصومال في عام 1993، والبلقان في وقت لاحق في ذلك الوقتِ وكذلك تجربتنا الأخيرة في أفغانستان وبالرغم من انني لست من الخبراء العسكريين، فانني وجدت النتائج التي تم التوصل إليها مقنعة وفي الوقت نفسه، تثير الانزعاجِ






معادلة: 20 لكل ألف
لقد أثبتت الأدلة التاريخية ان تحقيق التوازن في السنوات الأولى في أعقاب أي احتلال عسكري يجب أن يكون هناك 20 جنديا من جنود الاحتلال مقابل كل ألف مواطن في البلد المحتلِ
وجاء في التقرير ان 'سكان العراق اليوم قرابة 25 مليون نسمةِ وان عدد السكان هذا يحتاج إلى نصف مليون جندي على الأرض لمقابلة نسبة العشرين جندي مقابل ألف مواطنِ ويزيد هذا العدد ثلاث مرات على عدد القوات الأجنبية التي نشرت في العراق'ِ وقد اتفقت مع جهود الوزير رامسفيلد الرامية لإحداث تغيير في المؤسسة العسكرية الأميركية لمقابلة التحديات التي بدأت تبرز في القرن الحادي والعشرينِ فقد تصور رامسفيلد تشكيل وحدات أصغر حجما وأكثر قدرة بقوات للعمليات الخاصةِ كما وافقت أيضا أن قواتنا مازالت أفضل تشكيلا بالنسبة لمواجهة معارك أرضية كبرى مستجدة في أوروبا مقارنة بالطوارئ التي من المحتمل أن تواجهنا في المناطق النائية بعيدا في أطراف الكرة الأرضية وبالإضافة إلى ذلك فإن قوات رامفسيلد الخفيفة السريعة حققت بالفعل انتصارا سريعا مذهلا في العراقِ ولكن هل الوضع على الأرض في العراق يدعم النتائج التي تقول اننا في حاجة فقط الى ثلث عدد القوات الخاصة بالاحتلال التي اقترحتها دراسة مؤسسة راندِ
وفي ذلك المساء اعد لي ملخص لمسودة الدراسة وارسلت نسخة منه الى دونالد رامسفيلد، وكتبت على غلاف المذكرة 'اعتقد ان عليك الاطلاع على هذا الامر'، ولكن لم اتلق اي رد منه البتة حول ذلك التقريرِ
وفي ذلك الاثناء كانت هنالك التسريبات العادية في واشنطن، فقد وصلت انباء امكان تعييني الى وسائل الاعلام بعد وقت قصير من اجتماعي مع الرئيسِ وبدأت فورا ماكينة الاشاعات في الدوران بوتيرة سريعة محاولة تقييم اختياري وعلاقة ذلك بالصراع الدائر فيما بين رامسفيلد ووزير الخارجية كولن باولِ






رجل من؟
اشارت بعض التقارير الى انني اعرف رامسفيلد منذ ان عملنا معا في ادارة الرئيس فوردِ وان رامسفيلد قد اقترح اسمي لتولي المنصب الى الرئيس وتوصلت الى نتيجة مفادها انني لا بد وان اكون 'رجله'ِ وهناك تقارير اخرى ركزت على مستواي في العمل في السلك الدبلوماسي، حيث تعرفت على باول، وتكهنت انني في الواقع مرشح وزارة الخارجيةِ
وكان من الواضح ان الرئيس بوش على علم بهذه الاشاعات لانه في اعقاب الاسابيع التالية، وقبل اربعة ايام من مغادرتي الى بغداد، دعاني لتناول الغداء لوحدي معه في البيت الابيض، وذلك قبل الاجتماع مع مجلس الامن القوميِ
وتناولنا الغداء في غرفة صغيرة في المكتب البيضاوي تطل نوافذها على حديقة البيت الابيض، ونحن الاثنان من الرياضيين اذ ان جورج بوش يمارس رياضة الركض والتدريب على حمل الاثقال وكنت قد شاركت في العاب القوى الثلاثية، وفي سباق الماراثونِ وبالتالي فقد تناولنا السلطة المكونة من الخضروات والكمثرىِ
وبعد مناقشة تناولت امورا مختلفة تتعل
ق بقضايا السياسة الخارجية، تركز حديثنا حول العراق وسألني بوش 'ماذا استطيع ان افعل لمساعدتك'؟ وقلت 'احتاج الى مساعدة في مجالين سيدي الرئيس'ِ
واشرت اولا الى انني لن استطيع ان احقق النجاح اذا كان هناك آخرون في العراق يقولون انهم ايضا يمثلون الرئيسِ
وكنت اخشى بصفة خاصة ان مسؤول مجلس الامن القومي زلماي خليل زادة الذي يحمل لقب 'المبعوث الرئاسي'، وانه زارالعراق في منتصف ابريل لمساعدة جاي غارنر في اتصالاته مع القيادات السياسيةِ وقد كان لدي انطباع انه سوف يستمر في زيارة العراق بصفته 'مبعوثا'ِ
وقلت 'سيدي الرئيس، ان هذا الامر يعني انه يجب ان تكون لدي سلطة كاملة لحشد مصادر الحكومة الاميركية لانجاز مهمة اعادة الاعمار'، وقال فورا 'افهم ذلك واوافقك'ِ
وقلت 'انها ستكون مهمة طويلة وشاقةِ سباق ماراثون وليس مسابقة ركضِ وانا في حاجة الى مساندتك لمنحي الوقت الكافي لتنفيذ عمل جيد'ِ


[color=black]لا عراقيا يحكم العراق!
في أقل من عشرة أيام من استلامي للمهمة كان لدي طاقم الموظفين التابعين لي وكبار نوابي، وبدأت في تقييم حجم المهمة التي أواجهها، فقد برز فراع في السلطة ملأته الفوضى في العراقِ فعندما تدفقت دبابات التحالف إلى داخل بغداد، دمرت ما هو أكثر من أسلحة الحرس الجمهوري ومدفعيتهِ فقد تحطم نظام صدام حسين البعثي الدكتاتوري الذي يعد من أكثر الأنظمة الشمولية القمعية وحشية، وأصبح قادة ذلك النظام مطاردين، وبينما حقق التحالف الذي تقوده أميركا نصف أهدافه المعلنة بالنسبة لتغيير النظام عن طريق الإطاحة بصدام حسين، إلا أننا لم نتمكن من الوصول إلى شخصية عراقية أمينة ونشطة وتتميز بالوطنية يمكن أن تحكم عراق ما بعد المرحلة البعثيةِ
وبينما كنت أنظر في هذه المسألة أضاف جيم دوبنز الدبلوماسي السابق والمحلل ذو الخبرة في مؤسسة 'راند' للأبحاث بعدا آخر عندما جاء إلى مكتبي في البنتاغون وقال وهو يقدم لي وثيقة 'جيري عليك الاطلاع عليها' وكنت أعرف أن مؤسسة راند تعد واحدة من أكثر مؤسسات البحث التي تحظى بالاحترامِ
وكانت الوثيقة مسودة لتقرير راند بتقديرات حجم القوات الضرورية لتحقيق الاستقرار في عراق ما بعد الحربِ وكانت دراسة محايدة وصريحة فالمهنيون في مؤسسة راند لا يتعاملون مع السيناريوهات الوردية بل انهم يطبقون المنطق البارد في ما يتعلق بالمشكلاتِ تناولت الدراسة العلاقة فيما بين حجم القوات والاستقرار خلال سبعة احتلالات سابقة، من حجم قوات الحلفاء في محلة ما بعد الحرب العالمية الثانية في ألمانيا واليابان، إلى غزو الصومال في عام 1993، والبلقان في وقت لاحق في ذلك الوقتِ وكذلك تجربتنا الأخيرة في أفغانستان وبالرغم من انني لست من الخبراء العسكريين، فانني وجدت النتائج التي تم التوصل إليها مقنعة وفي الوقت نفسه، تثير الانزعاجِ






معادلة: 20 لكل ألف
لقد أثبتت الأدلة التاريخية ان تحقيق التوازن في السنوات الأولى في أعقاب أي احتلال عسكري يجب أن يكون هناك 20 جنديا من جنود الاحتلال مقابل كل ألف مواطن في البلد المحتلِ
وجاء في التقرير ان 'سكان العراق اليوم قرابة 25 مليون نسمةِ وان عدد السكان هذا يحتاج إلى نصف مليون جندي على الأرض لمقابلة نسبة العشرين جندي مقابل ألف مواطنِ ويزيد هذا العدد ثلاث مرات على عدد القوات الأجنبية التي نشرت في العراق'ِ وقد اتفقت مع جهود الوزير رامسفيلد الرامية لإحداث تغيير في المؤسسة العسكرية الأميركية لمقابلة التحديات التي بدأت تبرز في القرن الحادي والعشرينِ فقد تصور رامسفيلد تشكيل وحدات أصغر حجما وأكثر قدرة بقوات للعمليات الخاصةِ كما وافقت أيضا أن قواتنا مازالت أفضل تشكيلا بالنسبة لمواجهة معارك أرضية كبرى مستجدة في أوروبا مقارنة بالطوارئ التي من المحتمل أن تواجهنا في المناطق النائية بعيدا في أطراف الكرة الأرضية وبالإضافة إلى ذلك فإن قوات رامفسيلد الخفيفة السريعة حققت بالفعل انتصارا سريعا مذهلا في العراقِ ولكن هل الوضع على الأرض في العراق يدعم النتائج التي تقول اننا في حاجة فقط الى ثلث عدد القوات الخاصة بالاحتلال التي اقترحتها دراسة مؤسسة راندِ
وفي ذلك المساء اعد لي ملخص لمسودة الدراسة وارسلت نسخة منه الى دونالد رامسفيلد، وكتبت على غلاف المذكرة 'اعتقد ان عليك الاطلاع على هذا الامر'، ولكن لم اتلق اي رد منه البتة حول ذلك التقريرِ
وفي ذلك الاثناء كانت هنالك التسريبات العادية في واشنطن، فقد وصلت انباء امكان تعييني الى وسائل الاعلام بعد وقت قصير من اجتماعي مع الرئيسِ وبدأت فورا ماكينة الاشاعات في الدوران بوتيرة سريعة محاولة تقييم اختياري وعلاقة ذلك بالصراع الدائر فيما بين رامسفيلد ووزير الخارجية كولن باولِ






رجل من؟
اشارت بعض التقارير الى انني اعرف رامسفيلد منذ ان عملنا معا في ادارة الرئيس فوردِ وان رامسفيلد قد اقترح اسمي لتولي المنصب الى الرئيس وتوصلت الى نتيجة مفادها انني لا بد وان اكون 'رجله'ِ وهناك تقارير اخرى ركزت على مستواي في العمل في السلك الدبلوماسي، حيث تعرفت على باول، وتكهنت انني في الواقع مرشح وزارة الخارجيةِ
وكان من الواضح ان الرئيس بوش على علم بهذه الاشاعات لانه في اعقاب الاسابيع التالية، وقبل اربعة ايام من مغادرتي الى بغداد، دعاني لتناول الغداء لوحدي معه في البيت الابيض، وذلك قبل الاجتماع مع مجلس الامن القوميِ
وتناولنا الغداء في غرفة صغيرة في المكتب البيضاوي تطل نوافذها على حديقة البيت الابيض، ونحن الاثنان من الرياضيين اذ ان جورج بوش يمارس رياضة الركض والتدريب على حمل الاثقال وكنت قد شاركت في العاب القوى الثلاثية، وفي سباق الماراثونِ وبالتالي فقد تناولنا السلطة المكونة من الخضروات والكمثرىِ
وبعد مناقشة تناولت امورا مختلفة تتعل
ق بقضايا السياسة الخارجية، تركز حديثنا حول العراق وسألني بوش 'ماذا استطيع ان افعل لمساعدتك'؟ وقلت 'احتاج الى مساعدة في مجالين سيدي الرئيس'ِ
واشرت اولا الى انني لن استطيع ان احقق النجاح اذا كان هناك آخرون في العراق يقولون انهم ايضا يمثلون الرئيسِ
وكنت اخشى بصفة خاصة ان مسؤول مجلس الامن القومي زلماي خليل زادة الذي يحمل لقب 'المبعوث الرئاسي'، وانه زارالعراق في منتصف ابريل لمساعدة جاي غارنر في اتصالاته مع القيادات السياسيةِ وقد كان لدي انطباع انه سوف يستمر في زيارة العراق بصفته 'مبعوثا'ِ
وقلت 'سيدي الرئيس، ان هذا الامر يعني انه يجب ان تكون لدي سلطة كاملة لحشد مصادر الحكومة الاميركية لانجاز مهمة اعادة الاعمار'، وقال فورا 'افهم ذلك واوافقك'ِ
وقلت 'انها ستكون مهمة طويلة وشاقةِ سباق ماراثون وليس مسابقة ركضِ وانا في حاجة الى مساندتك لمنحي الوقت الكافي لتنفيذ عمل جيد'ِ


[color:ab5a=black:ab5a]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shiaatalmosel.yoo7.com
ابنة الحدباء
مشرفة
مشرفة
ابنة الحدباء


انثى
عدد الرسائل : 385
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالأربعاء 4 أبريل - 16:01

إصلاح دولة مدمرة
العراقيون الشيعة شاركوا بشجاعة في الدفاع عن بلدهم ضد إيران




عامي في العراق لبريمر 03



الحلة - 22/5/2003
صادف هذا اليوم اكتشاف مقبرة جماعية في المدينة تحت أحد ملاعب كرة القدم، وتجمع الأهالي يحفرون بأيديهم بحثا عن أقارب لهم.
كان مشهدا مهولا حين رأينا الناس يجمعون عظام الضحايا من الرجال والنساء الذين كان أقاربهم يتعرفون عليهم من خلال علامات فارقة أو أوراق ثبوتية وجدت إلى جانب الجثة، ولفت انتباهي أحد جنود المارينز إلى جانب جمجمة طفل كانت مازالت يكسوها الشعر.
عانت الحلة ذات الأغلبية الشيعية كثيرا بعد انتفاضة الشيعة ضد صدام عام 1991 وتعرضت لتصفيات واسعة من أجهزة القمع الصدامية عقابا لأهلها على التمرد على النظام.
ورأيت في اليوم نفسه في الحلة لمحة عن العراق الجديد، فقد قابلت الشيخ فرحات القزويني الذي أبلغني انه 'حرر' المسجد الذي كان يستخدمه صدام لتمجيد ذاته في المدينة، كما قال انه يحلم بإنشاء جامعة تضم كل أطياف العراق من طلبة ومدرسين لتعطي نموذجا للعراق الجديد بأنه لكل العراقيين.
ولدى مغادرة الحلة، رأينا من المناسب زيارة بابل خاصة ان طريقنا تمر من جانبها، ولم أجد دليلا على الحدائق المعلقة، لكنها بدت لي أشبه بديزني وورلد ايست.
وكان صدام قد عزز طموحاته بإعادة بناء بابل في التسعينات وخاصة بعد هزيمة جيشه الساحقة في حرب تحرير الكويت، وعلى الرغم من احتجاجات علماء الآثار في العالم، قام صدام بالبناء مباشرة على المواقع الأثرية مما ألحق أضرارا كبيرة بهذه الآثار، ثم بنى قصرا له على تلة مجاورة.
ولكن زيارتي للحلة ورؤية المقبرة الجماعية جعلتني وجها لوجه أمام المتحدي المتمثل بكيفية بناء قوات أمن وجيش وشرطة جديدة لحفظ الأمن في العراق.




تطهير الجيش
خدم الكثير من العراقيين بكرامة في القوات المسلحة منذ أجيال، رغم وحشية صدام، فقد شارك العراقيون الشيعة في الدفاع عن بلادهم بشجاعة ضد إيران الشيعية خلال الحرب الإيرانية - العراقية التي امتدت ثماني سنوات. وكان الجيش السابق يضم عددا كبيرا من الضباط المحترفين، ولهذا السبب وغيره، لم يحظوا بثقة صدام. لقد عمل الدكتاتور على الابقاء على قيادة الجيش في أيدي مقربين منه، كما فعل هتلر، وجعله يخضع لرقابة أجهزة الأمن، وكان يقوم باستمرار، بعمليات تطهير لكبار الضباط لضمان ولاء الجيش له، وحوله إلى أداة للقمع.
كان الجيش السابق قد اختفى عن الانظار قبل وصولي بوقت طويل، فمعظم افراد وضباط الجيش الذين رأوا كيف يتجه مسار الحرب عام 2003 تواروا عن الانظار وانخرطوا مع عائلاتهم او بدأوا العمل في مزارعهم، فقد ابلغ جون ابي زيد صحيفة نيويورك تايمز ان 'وحدة عسكرية واحدة من الجيش العراقي السابق لم تظل متماسكة، ولذلك لم يكن الجدل يدور حول استخدام القوة الراهنة ام لا؟ بل ما اذا كان يتعين علينا ان نستدعي هؤلاء الجنود والضباط الفارين من الخدمة ام لا؟'
وفي اوائل مايو وقبل ان نصل العراق، اجرى الديموقراطي المعتدل والت سلوكومب الذي كان يشغل منصب كبير المستشارين للشؤون الامنية والدفاعية، مباحثات في البنتاغون شملت نائب وزير الدفاع بول وولفوويتز حول الدلالات السياسية لاختفاء جيش صدام، وكان من الواضح ان العراق بحاجة الى جيش جديد وانه لا بد من ان يكون هناك مكان لجنود سابقين، ولكن السؤال كان كيف يمكن تحقيق هذا الهدف؟




لماذا الحل؟
وفي التاسع من مايو 2003، اي قبل يوم واحد من مغادرتنا الولايات المتحدة الى العراق، ارسلت مذكرة الى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونسخة منها الى وولفوويتز وعدد آخر من المسؤولين في الوزارة الخص ما دار في تلك النقاشات وخلصت الى ضرورة حل جيش صدام واجهزته الامنية كمقدمة لانشاء جيش وجهاز امني جديد، وارفقت بالمذكرة مسودة قرار بذلك.
وعقدت جلسة اخرى لمناقشة الموضوع مع المستشارين وولت وكلاي واستمر النقاش لايام واكملنا النقاش حول الموضوع مع مسؤولي البنتاغون بمن فيهم وكيل الوزارة دوغلاس فيث والآن حان الوقت للوصول الى نتيجة من اجل تقديم التوصيات الى وزير الدفاع.
وكتبت الى رامسفيلد: 'اولا دعنا نكن واضحين بشأن ما نريد تحقيقه، انه لامر اساسي ان نقنع العراقيين اننا لن نسمح بعودة ادوات القمع الصدامية كالبعث والمخابرات والجيش. فنحن لم نرسل قواتنا على بعد آلاف الاميال لاسقاط صدام ووضع دكتاتور آخر مكانه'.
ولانه كان يتعين علينا ان نأخذ التركيبة الطائفية في البلاد وتاريخها، فإن تشكيل جيش عراقي جديد ليس بالامر السهل. اذ يجب ان يمثل الامة بأسرها، وليس كما كان عليه الوضع بالنسبة لجيش صدام، الذي كان غالبية ضباطه من السنة، وكان صدام هو الذي يسند المناصب العليا فيه لمن يريد، اما الجنود والرتب الدنيا فكانت من الشيعة، وكان يتم معاقبة من يفرون من الخدمة العسكرية بل ان العقاب طال عائلاتهم.




رفض شيعي كردي
وبينما كنت اناقش المستشار سلوكومب حول موضوع الجيش، اتفقنا على عدم استدعاء الجيش القديم الذي كان يخضع لهيمنة السنة لان ذلك سيثير حفيظة الغالبية الشيعية وسوف يعتبرونه عودة للصدامية دون صدام.
وكذلك، عبر الاكراد، الذين يتمتعون بقدر من الحكم الذاتي والحماية الاميركية من قوات صدام، عن رفضهم القاطع لاعادة الجيش السابق، وهكذا كان الشعور بعدم الثقة في الجيش السابق، في اعمق ما يكون، سواء الشيعة او الاكراد، ولا يسع الولايات المتحدة المجازفة بفقدان تعاون هاتين الفئتين من ابناء الشعب العراقي معها.
وواجهتنا كذلك، صعوبات عملية مهمة تعترض استدعاء افراد الجيش السابق، فكل جيش يحتاج الى ثكنات وقواعد ومعدات، فقد تم تدمير كل القواعد والثكنات عقب اختفاء افراد الجيش عام 2003، كما اختفت كل المعدات العسكرية الخاصة بهم.
واكد لي كلاي انه لم تبق وحدة واحدة او ثكنة واحدة على حالها، وهكذا، فان المسألة لا تتعلق باعادة تشكيلة عدة كتائب من الجيش، وحتى لو تمكنا من استدعاء افراد من الجيش، فانه لا مكان لهم ولا معدات.




عودة الجيش لكسب السنة
واشار وولت الى ان البعض يجادل بان اعادة الضباط السنة قد يجلب تأييد السنة للتحالف، ولكن ذلك يغفل المشكلة المتمثلة بالحجم الهائل والهيكل الضخم لجيش صدام.
لقد كان صدام يمتلك جيشا اكبر من الجيش الاميركي في الوقت الذي يبلغ فيه عدد سكان الولايات المتحدة عشرة اضعاف سكان العراق، وكان في الجيش العراقي 11 ألف جنرالا مقابل 300 فقط في الجيش الاميركي.
وهكذا فحتى لو تجاهلنا الاعتراضات السياسية على استعادة جيش معظم افراده من السنة وتغلبنا على مشكلة المعدات والثكنات، فلن نتمكن من توفيرت مواقع قيادة إلا لقلة قليلة من كوادر الجيش السابق، وهذا سيثير حفيظة بقية اركان القيادة الذين سيتم استبعادهم وهم يرون رفاقهم يتولون القيادة.
وكنت قد ابلغت الجنرال ابي زيد والجنرال ماكيرنان بعد وصولي الى بغداد بوقت قصير ان الرئيس بوش يريد جيشا عراقيا قادرا على القيام بمهام الدفاع الوطني، ولكن يجب ان يكون هذا الجيش ممثلا لجميع شرائح الشعب، والا يقوم بقمع المواطنين او تهديد الجيران، واي محاولة لاعادة ضباط سنة الى قيادة الجيش ستكون مرفوضة دون شك من الشيعة والاكراد الذين يشكلون معا اكثر من 80 في المائة من السكان، وهي بالتالي وصفة للحرب الاهلية.
ومع ذلك، كان يتعين علينا ان نجد مكانا للجنود السابقين في المجتمع العراقي، ولذلك كان اقتراح سلوكومب ان نختار بعناية بعض الضباط السابقين لاشراكهم في الجيش الجديد، وكان ذلك مشروطا باستبعاد كبار قادة الجيش السابق او اعضاء الدائرة الداخلية لاجهزة الامن، اي ان الجنود العاديين كان مرحبا بهم في الجيش الجديد.
وفي الحالات الاخرى، سيتم تقييم كل حالة لوحدها بالنسبة للضباط المتقدمين للانخراط في الجيش الجديد، وفقا لمؤهلاتهم وليس على اساس اخر. وكنا نعتقد ان العراقيين سيشعرون بالفخر للخدمة في الجيش العراقي الجديد. وهذا ما وجدناه بالفعل. واصبح المنضوون تحت لوائه في معظمهم، اما عناصر في الجيش السابق او اعضاء في احدى الميليشيات المناهضة لصدام.
وكان علينا ايضا ان نتعامل مع حقيقة انه من الضروري ان يكون الجيش الجديد اصغر بكثير من جيش صدام، وفيه عدد قليل جدا من الضباط الذين خدموا في جيشه، ولذلك فبالاضافة الى ايضاح ان الجيش الجديد يرحب بالضباط السابقين من الرتب المتدنية، علينا ايجاد مصدر دخل لمئات الالاف من الجنود والضباط السابقين، والبدء بدمجهم في المجتمع، وتمكنا من تأمين فرص عمل للبعض منهم كحراس امن، وعمل البعض منهم في مؤسسات عسكرية كالطواقم الطبية العسكرية وقوات الهندسة أو في الوزارات وبعضهم واصل حياته المدنية.




الغاء اجهزة الامن
وللقيام بهذه العملية الدقيقة كان علينا اولا الغاء اجهزة الامن التابعة للنظام السابق. ومثل هذا القرار لن يترتب عليه طرد جندي واحد أو حل وحدة عسكرية واحدة. فذلك حدث قبل اسابيع. بل انه يشكل حلا رسميا لهيكل السلطة القديم، وان سقوط نظام صدام وحزب البعث اصبح امرا دائما.
وقمنا بالتنسيق الدقيق لهذه الخطوة مع البنتاغون. ففي التاسع عشر من مايو، ارسلت مذكرة الى الوزير رامسفيلد تتضمن شرحا تفصيليا لتوصياتنا بحل وزارة الدفاع العراقية والهيئات التابعة لها بما في ذلك المخابرات والأمن والجيش والوحدات العسكرية وشبه العسكرية الأخرى، وقلت في مذكرتي ان هذه الخطوة ستكون حاسمة في سعينا الهادف الى تدمير اسس نظام صدام واظهارا للشعب العراقي ان لا عودة لصدام وعصابته.
وأبلغته اننا عرضنا دفع تعويضات نهاية خدمة لمئات الآلاف من الجنود في الجيش السابق باستثناء كبار الضباط البعثيين في الجيش واجهزة الامن، الذين فر كثيرون منهم الى خارج البلاد. وقبل ارسال هذه المذكرة الى البنتاغون ناقشتها مع سلو كومب ومع كبار القادة المدنيين والعسكريين في ادارة التحالف بمن فيهم ماكيرنان والقيادة المركزية في قطر.
وفي البنتاغون، قام فيث بمراجعة المذكرة في الثاني والعشرين من مايو وطلب منا بعض التوضيحات، وفعلنا. وظل الناطق باسمي دان سنيور ينسق صياغة البيان طوال الليل مع مدير مكتب رامسفيلد لاري دي ريتا. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، حين اعطاني رامسفيلد التفويض بالمضي قدما في هذا الموضوع، ابلغت الرئيس بالخطة من خلال رابطة تلفزيونية بالفيديو.




الأمر رقم 2
وفي الثالث والعشرين من مايو 2003، وقعت على الأمر رقم 2 لادارة التحالف والمعنون 'حل مؤسسات'، والذي شمل وزارة الدفاع وكل الهيئات التابعة او المرتبطة بها وكل التشكيلات العسكرية بما في ذلك الحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص وميليشيات حزب البعث المسماة 'فدائيي صدام'، كما شمل دفع نهاية خدمة لكل المسرحين من هذه المؤسسات (مع بعض الاستثناءات)، وان ادارة التحالف، بصدد تشكيل جيش جديد كخطوة اولى نحو خلق قدرات عسكرية للدفاع عن النفس للعراق الحر. وسوف تكون هذه القوة التي ستخضع لمسؤولين مدنيين، 'مهنية وفعالة عسكريا وممثلة لكل العراقيين'.



بين الطالباني والحكيم
وبعد المصادقة على هذه الخطوة في واشنطن، ركزت وحدات ادارة التحالف والقيادة المركزية على نهج يتألف من مرحلتين لاعادة دمج الجنود المسرحين في المجتمع. وبدأنا نبحث عن هؤلاء الجنود، لاسيما في المناطق الشيعية من اجل اشراكهم في برامج الاشغال العامة. ثم اعلن سلوكومب عن خطة لتشكيل فرقة عسكرية كاملة للجيش الجديد، تتألف من 12 ألف جندي خلال عام واحد، ثم ثلاث فرق اخرى في العام التالي، واننا سوف نشرك بعض الجنود والضباط من الجيش السابق فيها، وكذلك افرادا من الميليشيات الشيعية والكردية.
وخلال اسابيع بدأنا صرف نهاية الخدمة للجنود والضباط السابقين ما عدا الضباط ذوي الرتب العالية الذين وصل عددهم الى 8 الاف ضابط من اصل مئات الآلاف كما قدمنا دفعة مالية واحدة لكل هؤلاء.
وبالنسبة لقرار حل الجيش السابق، قال لي الزعيم الكردي جلال الطالباني انه كان افضل قرار اتخذته ادارة التحالف خلال فترة عملها في العراق التي امتدت لاربعة عشر شهرا.
اتصلت بالسيد عبدالعزيز الحكيم بعد فترة وجيزة من اتخاذ ذلك القرار. على أمل ضم بعض افراد ميليشيات بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي يتزعمه الحكيم الى الجيش الجديد.
لم يكن الحكيم يحظى بشعبية كبيرة، كما كان والده او شقيقه محمد باقر الذي اغتيل قبل عامين، في أوساط قيادة المجلس الأعلى المكونة من سبعة اشخاص. وكان الحكيم يحظى بسمعة في العراق بأنه من الصعب التعامل معه.
أجابني الحكيم 'اخبرني يا حضرة السفير، لقد قلت ان الجيش الجديد سيقوده ضباط عراقيون، فمن هم هؤلاء الضباط؟ فقلت له: أعدك بأن يكون قائد الكتيبة الأولى شيعيا. وقد اوفيت بذلك الوعد'.
وخلال أيام من توقيع الامر المتعلق باجهزة الأمن السابقة قمت بزيارة الى الزعيم الكردي مسعود البرزاني في منزله بالقرب من مدينة السليمانية، وعبر لي البرزاني عن اعجابه بقرار حل الجيش وقدم لي التهاني بذلك واثبت ان ادارة التحالف جادة بخلق عراق جديد وموحد. واضاف ان اعادة ضباط من الجيش السابق كان سيمثل خطأ كبيرا، ولكننا - نحن الاكراد - انفصلنا عن العراق. فقد قاتلنا جيش البعث منذ البداية، ولو عادوا لقاتلناهم.. ولاندلعت الحرب الأهلية'.
واضاف ان 'الاكراد موجودون في سوريا وايران وتركيا، واذا اندلعت الحرب الأهلية في العراق، لأصبحت حربا اقليمية. ولكننا تفادينا هذه الكارثة الآن'.




أول الزائرين
في السادس والعشرين من مايو، استقبلت اول وفود الكونغرس الزائرة الى العراق وكان برئاسة الجمهوري دانكان هنتر الذي يشغل رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب. لم يمكث الوفد في العراق سوى ساعات تماشيا مع قرار للبنتاغون الذي يقضي بعدم مبيت اي وفد اميركي زائر الى العراق، لأسباب أمنية. وقد اطلعناهم انا والجنرال ريكاردو شافيز على تفاصيل الاوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية.
وبشكل عام كان الاعضاء الزائرون يخرجون بانطباعات عن الوضع في العراق افضل مما كانت لديهم قبل قدومهم.
وقد استقبلنا خلال 14 شهرا، 239 عضوا في الكونغرس وهو رقم قياسي لعدد المسؤولين الاميركيين الذين يزورون الشرق الأوسط.
ومع قدوم الصيف وصلت درجة الحرارة الى اكثر من 50 درجة مئوية بحيث تحول مكتبي في القصر الرئاسي الذي لا تكييف فيه، الى ما يشبه الفرن.

التحدي الكبير
كان من بين أهم الأولويات بالنسبة لي، ان يعود انتاج العراق النفطي والتصدير مرة اخرى. ولكن ذلك كان تحديا كبيرا. وابلغني مدير مصفاة الدورة المهندس الكفؤ وشار خشاب ان هذه المصفاة بناها الأميركيون عام 1955 ولم يتغير او يرمم فيها شيء حتى الآن، أي انها ظلت تعاني من الاهمال لاكثر من خمسين عاما.
وبالاضافة الى ذلك، تعرضت هذه المصفاة الى عمليات سلب ونهب لكل محتوياتها وشملت الانابيب والأسلاك الكهربائية وكل قطعة تمكنوا من فكها لاعتقادهم بامكانية بيعها بثمن مرتفع. ولكن الفضل يعود الى هذا المهندس النشط وفريقه من العراقيين الذين اعادوا هذه المنشأة الى العمل.
ويقول المهندس خشاب 'لقد طلبت بنادق كلاشنكوف لموظفي المصفاة وتولينا حمايتها الى ان قدم الجنود الاميركيون فلم أذق للنوم طعما لثلاثة أيام وثلاث ليالي'.
وقلت له: 'انك رجل شجاع'، لكننا في الواقع، كنا نحتاج الى ما هو أكثر من الشجاعة، فالنفط يمثل شريان الحياة للاقتصاد العراقي، واذا لم يتدفق النفط، فإن الاقتصاد سيموت، ويمتلك العراق ثاني أكبر احتياطي من النفط في العالم وتقدر احتياطاته ب 112 مليار برميل، وكان العراق ينتج 5.2 مليون برميل يوميا قبل الحرب، وتوقف الانتاج تماما بعد التحرير لان العمال كانوا يخشون القدوم إلى اماكن العمل، ولم يكن العراق يصدر اي شيء من النفط لدى وصولي، الأمر الذي يعني ان الاقتصاد لا يمتلك اي عوائد.
كانت مصافي النفط ومصانع أخرى تابعة للحكومة تشغل أكثر من نصف مليون عراقي في وقت وصلت فيه نسبة البطالة الى اكثر من 50 في المائة، لقد أدت عقود من الادارة الفاسدة والسرقة في وضح النهار، اضافة الى اكثر من عشر سنوات من العقوبات الدولية، الى شل اقتصاد البلاد، وكان يتعين علينا التحرك بسرعة لاعادة تشغيل عجلة الاقتصاد والبدء بعملية الاصلاح.
وقد كان العراق، قبل ان يدمره صدام، يمتلك واحدا من انجح اقتصادات المنطقة، حيث كانت ايراداته من النفط سنويا في مطلع السبعينات تصل الى ما يعادل 75 مليار دولار عام 2003، وكان معدل دخل الفرد يصل الى 7500 دولار في عام 1980، وهو معدل لم يكن يضاهى في اي بلد آخر في المنطقة، لا سيما في بلد كان يقدم التعليم والرعاية الصحية بالمجان، ولكن صدام وازلامه دمروا البلاد في السنوات العشرين التالية، خاصة الطبقة الوسطى والاقتصاد، وبددوا ثروات البلاد على الحروب.
لقد كان النظام الاقتصادي الذي تبناه حزب البعث في العراق هو مزيج من الاشتراكية والطوباوية والبيروقراطية والمؤسسات الخاضعة لسلطة الدولة وسوء توزيع موارد الدولة، اما العراق الجديد فهو بحاجة الى اقتصاد حديث.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shiaatalmosel.yoo7.com
ابنة الحدباء
مشرفة
مشرفة
ابنة الحدباء


انثى
عدد الرسائل : 385
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالأربعاء 4 أبريل - 16:03

الإيرانيون يلعبون دورا في العنف في العراق
عامي في العراق لبريمر 04
ا
نفجار انابيت البنك المركزي العراقي اتلف مليارات الدنانير واوقعنا في ازمة


بدأنا بتعليم حلقة دراسية عن اقتصاد السوق الحرة، تلك الحلقة التي اكتسبت شعبية كبيرة وبدأ يحضرها مسؤولون من مختلف الوزارات ومن القطاع الخاص وقادة سياسيون في مقتبل العمر، وامل ان يكون لهذه الحلقات تأثيرها الايجابي على العراق الجديد.
في احدى أمسيات الحلقة الدراسية، كانت لدى ديفيد اوليفر مدير الإدارة والميزانية في سلطة التحالف انباء سيئة، حيث قال ان 'معظم الشركات ال 1920 الخاضعة لإدارة الدولة تمنى بالخسائر، الأمر الذي يكلف الخزينة حوالي مليار دولار سنويا، اما التكاليف غير المباشرة فتتمثل في المخصصات غير الفاعلة لرأس المال والعمالة والتي يصعب تقدير حجمها'.
كما اشار ديفيد الى ان النظام المصرفي العراقي أصبح مفلسا، فالبنوك الستة التابعة للدولة كانت تقدم القروض وفقا لتوجهات سياسية، وبينما يوجد حوالي اثني عشر مصرفا خاصا، فإنها كانت أشبه بالصناديق العائلية وليست مؤسسات تجارية، وقد اغلقت كل هذه البنوك ومعها البنك المركزي عند تحرير العراق.
واضاف ديفيد 'وهكذا، واجهنا أزمة سيولة أيضا، فمن أين سنوفر المال للشعب العراقي كي تبدأ عجلة الاقتصاد بالدوران؟'.
وبالاضافة الى دعم الكثير من السلع الأساسية ومنها الوقود ومشتقاته التي تكلف الدولة أكثر من 5 مليارات دولار سنويا وفقا لتقديرات البنك الدولي، بدأ صدام حسين في عام 95 بتوزيع بطاقة تموين يحصل بموجبها كل فرد في كل أسرة عراقية على المواد الأساسية بالمجان، الأمر الذي يثقل كاهل ميزانية الدولة، وبالاضافة الى ذلك، اطلقت هذه الاوضاع مشكلة تهريب النفط ومواد أخرى الى الخارج، حيث الاسعار أعلى بكثير في الدول المجاورة. والمشكلة الاخرى التي واجهناها عدم توفر بيانات او سجلات رسمية للميزانية التي كانت سرا من اسرار الدولة في عهد صدام الذي كانت الميزانية تخضع له مباشرة.
وقال بيتر ان 'صدام لم يكن خبيرا اقتصاديا'.
وكان صدام حسين، ومن اجل تغطية النفقات الحكومية التي كانت تفوق العوائد في التسعينات، عمد الى طباعة اوراق نقد اضافية، ففي نهاية عام 2002 كانت نسبة التضخم تفوق ال 100 الف في المائة ونسبة البطالة حوالي 50 في المائة. وقد اصابت نسبة التضخم الهائلة الطبقة الوسطى والموظفين في مقتل، وانخفضت قيمة الدينار العراقي بشكل دراماتيكي.
وفي ظل غياب النظام المصرفي، بدأنا نبحث عن وسيلة لضخ السيولة في السوق، وفكرنا بموظفي الحكومة الذين يصل عددهم الى 5،1 مليون شخص والذين لم يتلقوا رواتبهم منذ بدء الحرب، ثم هناك السجناء الذين تم تحريرهم ويبلغ عددهم مئات الآلاف والذين لم يحصلوا على شيء منذ اشهر.
ولدى التمحيص في هذا الموضوع، وجدنا نظاما للخدمة المدنية يتسم بالفوضى، فقد تم تدمير هياكل الرواتب عبر سنوات من صفقات الدفع الخاصة والمحسوبيات والفساد والمكافآت على اسس حزبية وعائلية ورشاوى تقدم على انها عمولات!
واتفقنا على انه ليس بالامكان ارجاء دفع رواتب الموظفين الى حين انجاز نظام جيد لذلك، وطلبت من المساعدين خطة عاجلة لدفع رواتب موظفي الحكومة، وفي الوقت ذاته نعكف على بلورة نظام معقول لدفع الرواتب. وقد اتخذت قرارا برفع الراتب التقاعدي من دولارين في الشهر الى عشرين دولارا.
وفي النهاية ارتفعت فاتورة الرواتب الشهرية في الاشهر الاولى الى 170 مليون دولار، ثم اطلقنا دراسة مهنية يشارك فيها خبراء عراقيون واجانب، لوضع جدول حديث للرواتب.
ولكن كنا بحاجة الى بيانات شخصية، الامر الذي كان من الصعب الحصول عليه في بعض الوزارات، ولم يكن متوفرا اصلا في وزارات اخرى، وكنا مضطرين لدفع الرواتب والرواتب التقاعدية على شكل نقدي، ولكن في ظل نقص الاوراق النقدية من الدينار العراقي، دفعناها بالدولارات. وفي الرابع والعشرين من مايو، سلمنا الدفعة الاولى من الرواتب للموظفين في ظل حراسة وتيقظ قوات التحالف.
وابلغت مستشاري سلطة التحالف بضرورة تحسين مستوى التعليم، وبالفعل بدأنا بترميم الف مدرسة وتزويدها بالمعدات، كما رفعنا راتب المدرس من ثلاثة دولارات الى 150 دولارا شهريا. وبدأنا بتطهير المناهج الدراسية من الدعاية البعثية، وكان ذلك يعني ضرورة طباعة 5 ملايين كتاب قبل بدء العام الدراسي في اكتوبر.
وفي هذه الاثناء، حدد خبراء ومقاولو سلطة التحالف العشرات من المشاريع الطارئة لتحسين انظمة المياه والاتصالات والموانئ والكهرباء، وبدأنا العمل على ضمان توزيع اكثر عدالة للطاقة الكهربائية في ظل النقص الحاد في الطاقة الكهربائية.


مشاكل وحلول
في الرابع من يونيو، حطت طائرة الرئاسة الخاصة في قاعدة العديدية في قطر، ووصلت الى القاعدة برفقة السفيرة الاميركية في الدوحة مورين كوين، ثم انضم الينا الجنرال تومي فرانكس والجنرال جوني ابي زيد وعدد من كبار المسؤولين القطريين.
ونزل الرئيس بوش، الذي كان قادما من العقبة بعد حضور مؤتمر اسرائيلي فلسطيني، من الطائرة واخذ يصافح مستقبليه، وبدا متفائلا ومليئا بالحيوية، وحين وصل الي قال: 'بريمر وامسك بي في كتفاي بكلتا يديه، واضاف: ماذا انت صانع.. تعال معنا الى الفندق لتدخن السيجار' وتبع الرئيس الى سيارة الكاديلاك المصفحة كل من كولين باول وكونداليسا رايس، بينما عدت الى سيارة السفير، ولكن احد مساعدي الرئيس جاءني الى السيارة وقال ان 'الرئيس يريدك في سيارته'.


في سيارة الرئيس
وحين صعدت الى السيارة قال لي: 'هيا اطلعنا على اخر الانباء في العراق، جلست مقابل الرئيس والى جانبي رايس بينما جلس باول الى جانب الرئيس في المقعد الخلفي'.
وجرى نقاش سريع بيني وبين الرئيس في الطريق الى فندق ريتز كارلتون الدوحة.
قلت للرئيس: 'دعنا نبدأ بالامن والوضع في بغداد يتحسن ولكن لا تزال تواجهنا مشكلات، فالعنف يأتينا من ثلاث: النهابون والبعثيون والمخابرات السابقة، وربما يلعب الايرانيون دورا في ذلك'.
سألني الرئيس: 'ماذا يعتقد العراقيون حيال ذلك؟'.
فأجبت: 'انني بناء على محادثات مع زعماء قبائل شيعية، فانهم لا يريدون لايران ان تعبث في بلادهم'.
وسأل الرئيس: 'ماذا عن الامن في المناطق الاخرى؟'.
قلت: 'مازال هناك المزيد الذي يجب علينا عمله في غرب وشمال بغداد، ووردت لي تقارير عن سلفيين سعوديين يأتون الى العراق'، وقلت ان معظم القوات العراقية التي اختفت بعد الحرب، اختلطت مع السكان في المناطق السنية في غرب وشمال بغداد في مدن مثل تكريت وسامراء والفلوجة وبغداد، وعلينا عمل المزيد لتعقبهم.
وسألني بوش: 'كيف الاوضاع بشكل عام؟' فقلت انني متفائل لسببين اولا: ان العراق لديه موارد ممتازة، حيث وفرة المياه والاراضي الخصبة والاحتياطات الهائلة من النفط، كما ان العراقيين اناس نشطون ولديهم عقول نيرة'.
واضفت 'انه ليس من الصعب فهم الاضطراب النفسي الذي يعاني منه العراقيون فقد شهدوا السقوط الاكثر دراماتيكية لأي نظام خلال عقود، ومعظم العراقيين ليس لديهم تجربة مع حرية الفكر، ولديهم فهم غامض لمعنى الحرية، ولكنهم يرغبون في ان نعلمهم ذلك'.
وسألني الرئيس: 'هل يمكنهم ادارة بلد حر؟ قلت له ان بعض زعماء السنة لا يثقون بالسنة'، فقال: وما انطباعك؟ قلت له: لا اوافق على ذلك ومن لقاءاتي مع العديد من زعماء الشيعة المعتدلين يمكنني القول ان بالامكان التعامل معهم'.
فسأل الرئيس: 'وماذا عن الاقتصاد؟' فقلت له ان البطالة هي مشكلتنا الكبرى ونعتقد انها تصل الى 50 في ا لمائة، وكذلك فان نصف عدد السكان هم من الشباب الامر الذي يجعل ذلك خليطا قابلا للانفجار'.
وشرحت للرئيس ان العراق كان لديه نظام اقتصادي ستاليني مشلول، ونحن بحاجة الى خلق فرص عمل، وابلغت الرئيس انني كنت انوي الاعلان عن برامج طارئة لخلق فرص عمل في الاسبوع التالي للقائنا، وفي المدى الاطول، نخطط لمساعدة العراقيين في تحويل الصناعات العسكرية الى مؤسسات مدنية.
وسأل الرئيس: 'وماذا عن خلق جهاز شرطة وجيش جديدين؟' فقلت له ان ذلك يمثل الاولوية القصوى بالنسبة لنا. لكن الجنود السابقين ليسوا ملائمين او مدربين على العمل الشرطي. واشرت الى وصول المفوض السابق لشرطة نيويورك بيرناردو كيرك لمساعدتي في مجال الشرطة العراقية، ولديه خطة لبناء قوات شرطة محترفة.
كما ابلغت الرئيس ان انتاج النفط بدأ يتزايد، واننا ننتج الان 700 الف برميل يوميا واننا سنبدأ التصدير عما قريب عبر انابيب النفط التركية. وحين دخل موكب الرئيس الى سرداب الفندق، طلب مني ان ابقى معه، وقال مازحا: 'التصق بي وسوف ترى العالم السفلي لأفخم فنادق العالم'.
وفي صباح اليوم التالي، قدم الجنرال تومي فرانكس في جناح الرئيس ملخصا للمشكلات الامنية في شمال وغرب بغداد. وقد انضم الينا كل من باول ورايس وكبير موظفي البيت الابيض آندي كارد.
وقال فرانكس مخاطبا الرئيس: 'لقد اكدت للوزير رامسفيلد ضرورة الابقاء على مستوى عدد القوات الراهن لتحقيق اهدافنا، واشار على خريطة العراق الى مناطق الجنوب التي تخضع للقوات البولندية، فتدخل الرئىس قائلا: 'انا لست خبيرا عسكريا لكني اعتقد اننا يجب الا نعول كثيرا على القوات غير الاميركية، وعلينا تفادي اي تدهور في قدراتنا القتالية، فقوات حلف وارسو السابق قد تبدو جيدة على الورق فحسب، لكنها ليست بمستوى التدريب والتسليح الذي تتمتع به القوات الاميركية'.
وقد ظل باول صامتا طوال اللقاء. وانا اكن احتراما شديدا له وتربطني به علاقة جيدة منذ كان قائدا عسكريا رفيعا في اوروبا ابان الحرب الباردة وكنت سفيرا في هولندا. ولكنه تحدث اخيرا قائلا: 'انه في افضل الاحوال، ستكون هناك حكومة تمثيلية في العراق يهيمن عليها الشيعة، فهل سيكون هناك قانون تطبيق الشريعة الاسلامية كما في نيجيريا وباكستان؟'. فأجبت 'انني افهم انه سيكون هناك قوانين من الشريعة واخرى من القوانين الغربية. كما هو الحال في قطر، على سبيل المثال، حيث يقتصر تطبيق الشريعة على الاحوال الشخصية'.
وسأل باول: 'ما السيناريو الافضل بالنسبة لك للعام المقبل؟' فقلت: 'خلال عام، يمكن كتابة الدستور واجراء انتخابات ديموقراطية'. وكانت كونداليسا رايس تسجل الملاحظات، ثم تدخلت 'هل يمكن لنظام الانتخابات ان يضمن قيام احزاب سياسية كما هي الحال في بعض الدول الاوروبية مثل المانيا؟'، فقلت: 'امل ذلك بالتأكيد. فهذه احدى وسائل تعزيز فرص قيام عراق مستقر'.




مشكلة الدينار
وحين عدت الى بغداد مساء ذلك اليوم، انخرطت في عقد اجتماعات مع الفريق الاقتصادي لبحث ازمة الدينار العراقي، حيث لم تكن هناك اوراق نقدية كافية لاحتياجات البلاد.
وكان مأزق سلطة التحالف اننا كنا ندفع نفقات الحكومة العراقية التي تصل الى مئات الملايين من الدولارات، بالدولار الاميركي. فقد تدهورت الثقة بدينار 'صدام' الذي يحمل صورته والذي كان يمثل العملة الرسمية في جنوب العراق منذ حرب الخليج عام 1991. وكانت مشكلة العملة معقدة لدرجة كان يصعب السيطرة عليها.
واما العقدة الاخرى، فكانت تتعلق بالاكراد، حين انفصلوا عن العراق عام 1991 واقاموا منطقة كردستان التي تتمتع بالحكم الذاتي. لقد استمروا في تداول الدينار العراقي، الذي اطلقوا عليه 'الدينار السويسري' لانه طبع في سويسرا.
وكان السبب في ازمة العملة العراقية هو انفجار انابيب المياه في سراديب البنك المركزي مما ادى الى تخريب المليارات من اوراق العملة التابعة للبنك المركزي، عند نهاية الحرب، وسبب نقصا في اوراق العملة مما جعل من الصعب على التحالف وقف دفع الرواتب بالدولار، ولم نتمكن من طباعة اوراق نقدية جديدة بسبب عدم العثور على قالب ال10 آلاف دينار، الذي ربما تعرض للسرقة، وبسبب الشك في ان هذه الفئة من العملة تعرضت للتزوير، اصبحت تصرف بأقل من قيمتها بكثير.
واقترح احد الخبراء الاقتصاديين طباعة كميات كبيرة من فئة ال250 دينارا او استبدالها بفئة 100 الف حتى نتمكن من سحبها من السوق، وبالفعل، اعطيت على مضض تفويضا بطباعة اوراق من فئة 250 دولارا.
ولكن مع مرور كل يوم كانت اوراق النقد بالدولار تزيد في الشارع، الامر الذي قوض ثقة الناس بالدينار العراقي.
وابلغني ماكفرسون بعد اجتماع جمعه بكبار مستشاريه الماليين ان 'زملائي وانا نرى امكانية انهيار دينار صدام بالكامل'، اومأت برأسي لهذه الانباء السيئة، وقلت ان فقدان العملة العراقية قيمتها بالكامل هو آخر ما نريده فهذا الحدث ستكون له تبعاته السياسية والاجتماعية الكبرى، لان من شأن ذلك الغاء مدخرات الملايين من المواطنين العراقيين، وقال بيتر ان ذلك قد يفرض على الاقتصاد العراقي التعامل بالكامل بالدولار.
فقلت له: ان ذلك سيكون بمنزلة المأساة، وسوف يبعث برسالة مدمرة الى العراقيين، والعالم بأن الولايات المتحدة تعامل العراق كمحمية وان الاحتلال سوف يكون دائما ولا يمكننا ان نجعل ذلك يحدث بكل بساطة.
وبعد نقاش طويل، قررنا اصدار عملة جديدة تكون معتمدة في كل ارجاء العراق، بما في ذلك المناطق الكردية في الشمال، وقررنا تثبيت سعر صرف العملة القديمة لكي يتم احلال العملة الجديدة مكانها بسلاسة.
قلت لفريق المستشارين المجتمعين معي ان هذه ستكون سابقة ان تصدر قوة احتلال عملة جديدة ولكن ليس امامنا من خيار سوى ان يصبح الدولار العملة المعتمدة في العراق وهذا ما لا نريده.
المشكلة الاولى التي واجهتنا هي معرفة حجم الاموال المتداولة في السوق، فأرقام البنك المركزي لم تكن تتمتع بالمصداقية، وكانت تقديراتنا تشير الى ان ما بين 4 - 5 مليارات دينار من العملة العراقية يجري تداولها في البلاد، وبناء على هذا التقييم كنا نعتقد اننا بحاجة الى طباعة وتوزيع حوالي 2200 طن من العملة العراقية الجديدة، وان نجمع حوالي 2800 طن من العملة القديمة لكي يتم اتلافها.
وكان الهاجس الامني في بالنا بعد انتشار الآلاف من المجرمين الذين اطلقهم صدام من السجن قبل الحرب.
واعتقدنا ان الهجمات على البنوك التي توزع الاوراق النقدية الجديدة سوف تزداد، وقد اعتمدنا السرية في نقل وتوزيع اوراق النقد الجديدة لتلافي المخاطر.
وبدأ ماكفرسون باجراء مفاوضات سرية مع عدد من الشركات لطبع اوراق النقد الجديدة لتحديد التكاليف وتاريخ التسليم، وابلغنا ان العملية تستغرق ثلاثة اشهر على الاقل، فأعطيت التعليمات لماكفرسون للبدء فورا، حيث ليس لدينا الكثير من الوقت لاضاعته.

القوات الخاصة الأميركية عملت عبر الاردن
في الحادي والعشرين من يونيو، اقلعت بطائرة
C130 من مطار بغداد، وبرفقتي وفد عراقي، الى عمان لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي، وفي عمان، انضممت الى كولين باول لعقد اجتماع خاص مع الملك عبدالله الثاني في مكتبه الخاص. فخاطبنا الملك قائلا، حضرة الوزير وحضرة السفير 'انني في غاية الاهتمام لمعرفة كيف يمكن للاردن مساعدتكم في المسائل الامنية'.
لقد ساعدنا الاردن كثيرا اثناء الغزو، حيث سمح للقوات الخاصة بالعمل من داخل اراضيه. وكنت قبل ايام من قدومي إلى عمان قد لبيت طلبا للملك الاردني بالاجتماع برئيس المخابرات الاردنية بحضور مدير مكتب 'سي. اي. ايه' في بغداد لمناقشة التعاون في مجال تدريب قوات الشرطة العراقية والتعاون الاردني- العراقي في مجال ضبط الحدود بين البلدين.
ولمسنا من الملك كل الاستعداد للمساعدة لكنه لم يكن جاهزا للانخراط في علاقة امنية بعد وقد شكرت الملك ووعدت بالاستمرار بالاتصال معه. وانطلقنا باول وانا، بعد الاجتماع الى الجانب الاردني من البحر الميت.
قال لي باول مبتسما: 'هل تعلم ان رامسفيلد اتصل بي في اوائل مايو وقبل ان يعينك الرئيس في موقعك هذا، وابلغني انه سوف يطرح اسمك علي وعلى رايس وتينيت وتشيني، قبل ان يقترحه على الرئيس'.
واضاف باول 'حاولت عدم اعطاء اي انطباع اثناء حديثي على الهاتف مع رامسفيلد، لكني كنت مسرورا لهذا الاقتراح، لدرجة ان الناس في مكتبي اعتقدوا انني كسبت اليانصيب! وشعرت بالارتياح لعلمي انني احظى بدعم باول ايضا'.
وفي كلمتي امام المنتدى، قلت ان الاهداف الاستراتيجية للتحالف تتمثل في فتح اقتصاد العراق امام العالم الخارجي.
وشددت على اهمية تشجيع القطاع الخاص والاستثمار الاجنبي، وقلت ان التحديات الاقتصادية التي تواجه العراق لا تقل عن التحديات السياسية.
وذكرت الحضور بأن العراق في عهد صدام كان مسحوقا بسبب عسكرة الاقتصاد والتخطيط الخاطئ وعمليات السرقة.
فقد وصلت نسبة البطالة الى50 في المائة قبل الحرب، ولكن اقتصاد العراق ليس ميئوسا منه. فانا معجب بهذا البلد وما لديه من قدرات وامكانات، ولا ينقص العراق سوى فرصة لتوظيف هذه الامكانات. وسوف نوفر له هذه الفرصة.
واختتمت كلمتي بتذكير زعماء هذا الملتقى ان الحرية السياسية تقترن بالحرية الاقتصادية.
وفي السابع من يوليو، اتخذنا خطوتين كبيرتين في برنامجنا الطويل الامد للاصلاح الاقتصادي. واعلنت ان العراق سوف يبدأ بتبديل الدنانير العراقية القديمة بالجديدة، ووقعت كذلك على قانون لتأسيس اول بنك مركزي مستقل حقا، والذي يضاهي في عمله، الاحتياطي الفيدرالي الاميركي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shiaatalmosel.yoo7.com
ابنة الحدباء
مشرفة
مشرفة
ابنة الحدباء


انثى
عدد الرسائل : 385
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالأربعاء 4 أبريل - 16:07

بول بريمر
المدونة السياسية
صعب أن يتخلى الطالباني والجلبي عن حيلهما

عامي في العراق لبريمر 05
الطالباني في العلن معنا وفي السر يعارضنا


بغداد صيف 2003
بينما كان خبراؤنا يكافحون من اجل تطوير خطط لإصلاح الاقتصاد العراقي، كان هناك فريق آخر في سلطة التحالف المؤقتة يعمل بجد لبدء عملية الاصلاح السياسي.
ان وجود ممثل خاص للامم المتحدة في بغداد قد يعقد مهمة تشكيل الحكومة المؤقتة، فهناك احتمالات بان يستغل العراقيون وجود اي خلاف قد يقع فيما بين التحالف والامم المتحدة، وهو امر مزعج، وبالتالي فقد شرعنا في تنقيح استراتيجيتنا السياسية، وقررنا بعدها ان نختبرها على ابراهيم الجعفري زعيم حزب الدعوة الاسلامي، وذهبنا اليه في مدينة كربلاء المقدسة.
واثناء رحلتنا بمركبات همفي ناقشنا خطتنا التي كانت في حالة تطور، وقلت ملخصا نقاشاتنا 'ان الامر الاساسي هو التحرك بسرعة' فقد شعرت ان علينا اقامة الحكومة العراقية المؤقتة بسرعة لاظهار جدية التحالف في تحقيق الاصلاح السياسي، وفي منحهم المسؤولية مبكرا لحكم انفسهم.
غير ان تلك الحكومة يجب ان تكون ممثلة لجميع العراقيين وكنت قد ابلغت مجموعة السبعة، اي المنفيين، انهم لا يحققون هدف التمثيل فالعراقيون يرغبون في تمثيل اوسع وكذلك الرئيس بوش.
وكان في مقدورنا الضغط على مجموعة السبعة بأن تتوسع باتجاه مجموعة أكثر تمثيلا مكونة من حوالي ثلاثين شخصا في أقرب وقت ممكن.
اتفق معظم العراقيون ممن تشاورنا معهم على اهمية صياغة دستور جديد.




حلف الاصوليين والبعثيين
التقينا الجعفري في مكتب صغير في كربلاء بالقرب من مرقد الامام الحسين، وكان الجعفري يتحدث بسرعة ويؤكد على النقاط التي يدلي بها عند طريق اشارة باليد، وقال الجعفري 'يعتقد البعثيون انهم يستطيعون استعادة السلطة ولكن يجب ايقافهم' واعتقدت انه قد تكون لديه معلومات دقيقة، اذ كنت قد ابلغت الرئيس بوش في قطر ان استخبارات التحالف لديها تقارير ذات مصداقية، تشير الى ان المتطرفين الوهابيين القادمين من الخليج تسللوا الى العراق، وانهم يتصلون بالبعثيين السابقين غالبا في المساجد، ويعتبر هؤلاء الاصوليون الوهابيون ان وجود قوات التحالف في العراق امر غير جائز شرعا.
واكدت للجعفري ان 'التحالف لن يسمح البتة للبعثيين باستعادة السيطرة على هذا البلد'.
اثناء احتسائنا للشاي عرضت على الجعفري العملية السياسية التي تقوم على السرعة والبطء العجلة في تشكيل الحكومة المؤقتة، واخذ الوقت في عملية صياغة الدستور والمصادقة عليه.
وقال الجعفري عبر مترجم 'السفير بريمر انت تتحدث عن ايام واسابيع بالنسبة لنا لكي نتوصل الى قرار سوف يؤثر في شعبنا لعقود وقرون، وعليه يجب علينا التحرك بحذر'.
وقلت 'دكتور الجعفري، وفقا لقرار الامم المتحدة فان خطة التحالف لتشكيل حكومة مؤقتة يجب ان تتم في اسرع وقت ممكن، ونأمل ان يتعاون معنا زعماء مسؤولون من الطائفة الشيعية لتحقيق هذا الامر، وانه سيكون بمنزلة مأساة ان يرتكب الشيعة الخطأ ذاته كما حدث في عام 1920'.
وبدأ الجعفري وهو يفكر في هذه المسألة، فقد وضعته امام الامر الواقع، حيث اشرت في واقع الامر الى ان القطار سوف يغادر المحطة، وان الامر يعود الى السياسيين الشيعة ليكونوا فيه.




جيل الطالباني والجلبي
وصل سيرجيو دي ميلو الممثل الخاص الجديد للامم المتحدة الى العراق في 3 يونيو، وحضر فورا الى القصر للقائي، ودي ميلو دبلوماسي ذو كفاءة يتحدث الانكليزية والفرنسية بطلاقة، وهو يتمتع بخبرة في مجال نزاعات الدول النامية. وقد اعجبت به في التو. وخلال ساعة استعرضت وجون سورز زميلي البريطاني، خططنا الاقتصادية والسياسية معه. وقال 'ارغب في تقديم المساعدة سعادة السفير بريمر'. وقد شعرت بالارتياح جراء هذا الامر. واثناء توديعي لدى ميلو صافحني وقال 'سنستطيع العمل معا بصورة جيدة'. وكان سيرجيو دي ميلو عند كلمته، غير ان بعض اعضاء مجموعة السبعة سعى لعرقلة عملنا. واثنان في المجموعة هما احمد الجلبي وجلال الطالباني ثبت انه من الصعب بالنسبة لهما طرح حيلهما جانبا. فبعد يوم من اول اجتماع لي مع المنفيين في 16 مايو نشر مقال في صحيفة 'نيويورك تايمز' اشار الى ان العراقيين الذين التقيتهم اصيبوا بخيبة امل لما سمعوا من حديث. فقد شعروا ان التحالف قد تراجع عن 'اتفاقياته' التي تم التوصل اليها في السابق مع الحكومة الاميركية.
وعندما علمت ان التقرير يقوم على اساس مقابلات اجريت مع الطالباني والجلبي استدعيتهما كلا على حدة. وابلغت كلا منهما انه لا يمكننا الاستمرار في عملنا بجدية مع مجموعتهما اذا كانت نقاشاتنا السرية تنقل بطريقة محورة الى الصحافة. وووافق الطالباني بان على العراقيين العمل بجدية وان مجموعة السبعة لا تمثل جميع العراقيين.
غير ان الجلبي الذي التقيته في اواخر مايو القى علي محاضرة حول الحاجة الى تنفيذ الاتفاق والتحرك بسرعة باتجاه اقامة 'حكومة مؤقتة' التي قال ان زلماي زادة الذي كان حينها 'المبعوث الرئاسي' وعد بانها ستشكل خلال اربعة اسابيع بعد الغزو. وقلت له 'ان ذلك بكل بساطة امر غير واقعي. فنحن في حاجة الى حكومة تكون ممثلة لكل العراقيين. وفي استطاعتكم ان تساعدوا في تحقيق هذا الهدف. غير اننا ننوي التحرك بسرعة لاقامة الحكومة المؤقتة التي دعا اليها قرار الامم المتحدة'.
وكنت في وقت لاحق قد تبادلت الحديث مع السيد عبدالعزيز الحكيم من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق. وقد بدأ الحكيم حديثه باسلوب مهذب معبرا عن سعادته بقرارنا حول اجتثاث البعث وتفكيك الاجهزة الامنية العراقية البغيضة. وقال انه 'الى ان تعلنوا هذه القرارات، فان العديد من العراقيين قد يطرحون تساؤلات حول نوايا التحالف في اجتثاث ادوات الرعب الصدامية'.
وقد بعث هذا القول الامل لدي وقلت اي انكم سوف تساعدوننا في توسيع مجموعة السبعة وتحويلها الى حكومة مؤقتة كما طلبت الامم المتحدة؟' ولزم الحكيم الصمت وبعدها نطق كلمة واحدة 'مستحيل'.وقلت 'لماذا ياسيد' وطالت فترة صمته. واخيرا شرح وجهة نظر حزبه 'اذا عقد المواطنون العراقيون مؤتمرا وطنيا الان فاننا نستطيع صياغة الدستور خلال ثلاثة اشهر، ومن دون مساعدة اجنبية فنحن لدينا تقاليد عريقة في العلم كما تعرف سعادة السفير'.
وشرحت له بهدوء اسباب عدم تحقيق صيغته للنجاح. فهدفنا كان بصدق 'حكومة تمثل العراقيين' تتمتع بحصانة دستورية. غير انني وافقته في وجوب تولي العراقيين مهمة صياغة دستورهم. ويعتبر هذا جزءا من برنامجي الخاص بالعراقيين القائم على العمل من اجل المشاركة. اي انهم اذا رغبوا في لعب دور في التحولات السياسية للبلاد فانه لابد لهم من العمل.




فشل جديد
غير ان مجموعة السبعة فشلت مرة اخرى في الاختبار ولم يكن في مقدورها السماح بأي توزيع لسلطاتها. كما ان حاجة المجموعة للتوصل الى اجماع حرمهما من التقدم باي توصية فيما يتعلق باي من القضايا التي رفعناها للمجموعة وهذا امر ينذر بحدوث مشاكل.
وقد بدأ بعض اعضاء المجموعة يدرك اننا والامم المتحدة جادون في امر تشكيل الحكومة المؤقتة وان سلطتهم سوف تتقلص ضمن اي مجلس موسع. ولم يعجب هذا الامر العديد من الاعضاء فقد ابلغ الجلبي سكوت في اواخر مايو انه سيعود الى اميركا لحضور حفل تخرج ابنته في جامعة هارفرد. وتوقعت ان يمضي بعض الوقت في واشنطن للدعوة الى افشال خطتنا الخاصة بالحكومة الموسعة.




الشريف علي
في اواخر يونيو، جاء المطالب بعرش العراق الذي الغي منذ زمن بعيد للقائي، وكانت الملكية العراقية التي اقامها البريطانيون في العشرينات من القرن الماضي تتولاها الاسرة الهاشمية، حتى سقطت في انقلاب دموي في عام 1958، والشريف علي بن الحسين في اواخر الاربعين نحيف وانيق، وكانت اسرته هربته وهو طفل عندما سقط النظام الملكي، وعاش منذئذ في انكلترا، وهذا امر واضح عليه، فهو يرتدي بدلة من بدلات سافيل رو الراقية الانيقة التي تكلف آلاف الدولارات، وحذاء ايطاليا وساعة روليكس ويفوح منه عطر زكي، ويتحدث الانكليزية بطلاقة اهلها، وهو يختلف عن العراقيين، وكان قد عاد الى بغداد في طائرة خاصة ومعه سبعون من المرافقين.
والامر المدهش، هو ان الشريف علي وافق على ان مجموعة السبعة لا تمثل كافة العراقيين، وان اجراء انتخابات مبكرة امر غير ممكن، بل ويعتبر خطوة غير حكيمة، وقال لي بنبرة ناظر مدرسة يخاطب احد التلاميذ 'انها ستأتي لصالح المتطرفين ولكنني سعادة السفير افضل اجراء استفتاء مبكر حول شكل الحكم، اي العودة الى الملكية ام لا' واضاف ان الحكومة المؤقتة ستواجه 'فترة عصيبة' ووافقته قائلا 'ان الامر لن يكون سهلا ولكن هذا هو حال الديموقراطية'.
ومع توالي ايام شهر يونيو، استمر بعض اعضاء مجموعة السبعة في مقاومة توسيع الحكومة الجديدة، وقد علمنا انه في احد اجتماعاتهم اعد جلال الطالباني خطة لاستباق تشكيل مجلس الحكم الذي كنا نسعى لاقامته عن طريق جعل مجموعة السبعة تدعو ل'مؤتمر وطني' تختار اعضاءه لاختيار الحكومة الجديدة وهذا الامر قد يفتت الوحدة الوطنية التي كنا نجاهد لتحقيقها.
وفي اجتماع معي في اليوم التالي اكد الطالباني بانه معنا 'مائة في المائة' وذلك على الرغم من معارضته للامر في السر قبل يوم واحد، وقد عرفنا في وقت لاحق، ان التعامل بجدية مع الطالباني امر مفيد.
وبعد ايام قليلة من ذلك دعاني السيد عبدالعزيز الحكيم لتناول الغداء في منزله على ضفاف دجلة، وبعد الانتهاء من تناول وجبة ممتازة انتقلنا الى غرفة اجتماعاته، حيث شربنا الشاي وتحدثنا في السياسة.
في اجتماعاتنا السابقة كان دائما يعارض توسيع مجموعة السبعة والانتقال الى مجلس الحكم الاوسع تمثيلا وكنت والمستشارون العاملون معي نرغب في ان ينضم حزبه الى مجلس الحكم، ولكنهم اذا لم ينضموا سيكون ذلك خيارهم، فنحن لا نود ان ينظر الى التحالف على انه يعزل مجموعة شيعية مهمة وان كانت مثيرة للجدل.
وابلغني الحكيم انه يتفق ان اجراء الانتخابات امر غير ممكن في هذه اللحظة، واضاف 'ولكنني مازلت افضل عقد مؤتمر وطني لاختيار الحكومة الجديدة او ترك مجموعة السبعة تختار الحكومة العراقية' وقلت له 'هذا امر مستحيل يا سيد، فنحن لن نعقد مؤتمرا وطنيا في هذه المرحلة، اذ لا يوجد ما يرقى الى اجماع وطني حول كيفية اختيار مثل تلك الحكومة، ناهيك عن انتخابها، كما اننا لا نستطيع السماح لمجموعة السبعة بتحويل نفسها الى حكومة مؤقتة موسعة، فقد دخل التحالف الآن المرحلة النهائية من مراحل اختيار مجلس الحكم، ونأمل ان تصبح وزملاؤك جزءا من تلك العملية'، وقال الحكيم 'انوي السفر الى لندن في اجازة خلال يومين' وقلت 'انني ادرك بكل تأكيد انكم في حاجة الى الراحة، واتفهم ذلك، ولكنني اعتقد، مع احترامي لكم، ان السفر الآن خطوة غير حكيمة وذكرته اننا سنضع اللمسات الاخيرة لمجلس الحكم خلال الاسابيع الثلاثة المقبلة، واضفت 'اننا نرغب في ضم كافة زعماء الاحزاب المهمة في المجلس'، وكما ذكرت الجعفري اكدت له انه من المهم الا يرتكب الشيعة خطأ العشرينات الماضية.
وفهم الحكيم الاشارة ووافق على الغاء الاجازة الا انه ظل على عدم التزامه فيما يتعلق بالمشاركة في مجلس الحكم.
وفي الثالث والعشرين من يونيو جاء دور الجلبي، وكان قد عاد لتوه الى العراق بعد قضاء عشرة ايام في واشنطن يحشد مساندة الكونغرس والادارة في مواجهته لخطط التحالف السياسية. والجلبى كان لا يزال يعد شخصية ذات نفوذ في واشنطن. وكنت قد سمعت ان المعلومات الاستخبارية الخاصة ببرامج صدام لاسلحة الدمار الشامل وصلت واشنطن عبر المؤتمر الوطني العراقي.
وكان الجلبي حينها قد تحول الى معارض صريح للتحالف وكان يحاول اقناع اعضاء مجموعة السبع الآخرين بمقاطعة مجلس الحكم بتكليف نواب عنهم فقط لتلك الهيئة. وكنت قد حددت قاعدة صارمة تقول ان مجلس الحكم يجب ان يمثل زعماء المجموعة فهذا هو السبيل الوحيد لضمان ان تتحمل الاحزاب نفسها مسؤولية قرارات مجلس الحكم، والا فإن زعماء الاحزاب سيضعون ممثلين لهم في المجلس بينما يجلسون هم على الهامش يهاجمون القرارات الصادرة عنه.
وفي اجتماع صعب امتد لساعتين في مكتبي في ذلك اليوم، القي على الجلبي محاضرة حول 'اخطائنا' وكيف ان علينا 'الغاء' خططنا الخاصة بمجلس الحكم. وقال انه 'بدلا من ذلك عليكم تنظيم انتخابات محلية للمحافظات'.
وقلت في نفسي: من دون دستور وبوجود قانون جنائي بعثي مازال ساري المفعول وعدم وجود اي اجماع ولا قوانين انتخابية او قوانين خاصة بأنشطة الاحزاب السياسية.
وتركته يستمر في طرحه، وبعدما تذكرت اجتماعنا الاول في مايو قلت 'لقد ابلغت مجموعة السبع عندها انهم لا يمثلون العراق. لقد كنتم في المنفى وقد طلبت منكم توسيع المجموعة لضم العراقيين ممن عاشوا تحت حكم صدام وضم النساء والمسيحيين والتركمان وزعماء العشائر. وقد وافقتم على ذلك ولكنكم لم تفعلوا'.
وقلت له بما ان مجموعة السبع فشلت في الاختبار، والتحالف ظل يعمل ليل نهار خلال الاشهر الماضية، وبينما كان هو في واشنطن، من اجل التوصل الى مرشحين للمشاركة في مجلس الحكم. واضفت 'لقد توصلنا الآن الى اكثر من ثمانين رجلا وامرأة من جميع انحاء البلاد ممن نعتقد بأنهم قد يكونوا مؤهلين. وانا ليست لدي اي نية لاهدار نتائج هذا العمل الجاد المضني'.
واكدت على اننا نرغب في مشاركته ومشاركة زعماء الاحزاب الآخرين في المجلس. وكان من الواضح ان الجلبي غير سعيد لاننا بكل بساطة لن نسلم السلطة فورا للمنفيين. وقال الجلبي 'سعادة السفير، انك بتأخير العملية السياسية انما تخاطر باعطاء الانطباع بأن اميركا تنوي البقاء لفترة طويلة في العراق. وتلك مبادرة غير جيدة'. وقلت له 'دكتور الجلبي، لقد كان الرئيس واضحا للغاية. اننا سنظل في العراق حتى ننهي المهمة ولن نبقى يوما واحدا اضافيا'. ورد الجلبي 'اعرف انه قال ذلك، ولكن التحرك ببطء يعطي الانطباع للبعض بأن اميركا تود البقاء في العراق'.
ووقفت واتجهت الى مكتبي واخذت صورة اسرتي التي اضعها فوق المكتب، وعدت الى حيث يجلس الجلبي وعرضت عليه الصورة 'اذا كانت لدى اي احد اي شكوك هذه هي الضمانة بأنني لن ابقى ليوم اضافي اكثر من اللازم'.
وعند مغادرته ابلغ الجلبي بمرارة السفير البريطاني سورز انه حسب ما سمع ان لدينا العديد من 'الاسلاميين' مرشحين للانضمام الى مجلس الحكم، ففي تلك المرحلة كان الجلبي فيما يبدو ينظر الى مستقبله السياسي ضمن حكومة عراقية علمانية.

اقناع الطالباني والبرزاني بمجلس الحكم[size=16]
كنت اعرف من خلال زيارتي السابقة ان الزعيمين الكرديين رحبا بالتحرير وبحل حزب البعث وقوات الامن، الا ان ايا منهما لم يرغب في الانضمام الى مجلس الحكم، بل ان الطالباني كان ينوي القيام برحلة الى اسيا واوروبا لمدة ثلاثة اسابيع في الوقت الذي كنا فيه نحاول تشكيل المجلس.
وقد ابلغته في مقره الرئيس في السليمانية اننا 'مصرون على دعم قضية اقامة عراق فيدرالي' وشعر الطالباني بالسعادة لان التحالف بات يدعم هدف الاكراد الذين ظلوا ملتزمين به منذ فترة طويلة، الا انه كان مترددا في الانضمام الى مجلس الحكم. واكدت له ان 'مجلس الحكم ستكون له سلطة سياسية حقيقية'، وبعد ساعات من المناقشات وبعدها في مأدبة كردية كبرى وافق الطالباني على 'تأجيل' جزء من رحلة اسيا، وذلك على الرغم من انه مازل ينوي زيارة اوروبا.
وقال اخيرا 'سيدي السفير سأقبل المشاركة في مجلس الحكم على اساس طلب شخصي منكم'.
انتهيت من زعيم وبقي الاخر.
وفي اليوم التالي التقيت البرزاني الذي يعد زعيما قبليا كرديا تقليديا أكثر من الطالباني، وهو يرتدي الزي الكردي التقليدي ويقيم في مسكن بديع على قمم الجبال في صلاح الدين يحيط به رجال القبيلة واشجار التفاح، وكنت أنا اقيم في بغداد حيث تشتد الحرارة، وقال البرزاني 'اكره بغداد ولا أود الاضطرار للعيش هناك أو السفر اليها ، ولكن اذا كنت مصرا، سأوافق على مضض على العمل في المجلس'، وقلت 'اصر على ذلك'، قال 'لذا سأوافق'.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shiaatalmosel.yoo7.com
ابنة الحدباء
مشرفة
مشرفة
ابنة الحدباء


انثى
عدد الرسائل : 385
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالأربعاء 4 أبريل - 16:09

مع شمر
ضمن جهودنا الرامية الى الوصول الى تمثيل عشائري مناسب في مجلس الحكم عقدت اجتماعا مع الزعماء من قبيلة شمر الكبيرة في ذلك الاسبوع.
واثناء عملي الدبلوماسي في افغانستان وملاوي ادركت اهمية دور العشائر الذي مازالت تلعبه في العديد من الدول والعشائر العراقية تضم تناقضا في داخلها فهي من حيث المظهر قد تبدو نسبيا بانها غير ذات اهمية، وذلك لان اكثر من 70 في المائة من سكان العراق يقيمون في المناطق الحضرية وفي الواقع فان زعماء العشائر لم تعد لديهم السلطة التي كانوا يتمتعون بها في ظل الاحتلال البريطاني قبل ثمانين عاما، وبالرغم من ذلك فان العشائر مازالت تلعب دورا مهما في الحياة الاجتماعية والسياسية في البلاد.
وكان اجتماعي في 24 يونيو في مقر سلطة التحالف المؤقتة مع حوالي عشرة من شيوخ عشيرة شمر تجربة لا تنسى، والشمر من أكبر العشائر العراقية وهي تضم اعضاء من السنة والشيعة، وذلك على الرغم من ان اغلب الزعماء من السنة.
وحضر الشيوخ الى اللقاء بزيهم التقليدي ومعظمهم كان قد تجاوز الستين من العمر، ومن بينهم عضو شاب هو الشيخ غازي الياور، الذي كنا ننظر في أمر ترشيحه في مجلس الحكم، وهو في حوالي الأربعين من عمره وتلقى دراساته في أميركا ويعمل كرجل اعمال ناجح في المملكة العربية السعودية، وحضرت الاجتماع ليديا خليل التي تتحدث العربية بطلاقة وهي من الفريق الذي يضع خطط الحكم.
ومثل غيرهم من زعماء العشائر، يكثر هؤلاء الاشخاص الكلام، وقبل انتهاء الاجتماع الذي دام ثلاث ساعات وبعد تناول الكثير من الشاي وتبادل التهاني بمناسبة تحرير العراق، تحدث كبير الشيوخ، وقال 'سعادة الحاكم أود ان اؤكد لكم ولاء شمر الدائم لكم وللدول التي حررتنا'. وصدرت همهمات بالموافقة من الآخرين، واستطرد يقول 'ان ولاءنا ثابت لا يتزحزح'، واضاف وهو يضع يده على صدره، ان هذا الشعور كان في عقله، ولكن الأمر الاهم هو انه مكتوب في قلبه وقلوب زملائه، وهز الآخرون رؤوسهم بالموافقة 'فعبر العقود كنا دائما نبدي ولاءنا وسنظل ملتزمين بهذا التقليد العشائري العتيق'. وصدرت المزيد من اصوات الموافقة، وانهى حديثه بالقول 'اذا ما قررنا خيانتكم، اتعهد لكم واعطيكم كلمتي بأننا سنبعث لكم بانذار قبل شهر'.
وقد حملت معي هذه الرسالة المطمئنة مكتوبة في قلبي عن عودتي الى الشمال في اليوم التالي للقاء الزعماء الأكراد، وكان هدفي اقناع الزعيمين جلال الدين الطالباني ومسعود البرزاني بالانضمام الى مجلس الحكم، فخلال مناقشاتنا السابقة في بغداد عبر الأكراد عن عدم رغبة في الخضوع مرة أخرى لسلطة بغداد
مجلس الحكم
مشكلتنا المزمنة في العراق: لا زعماء سنة يعتد بهم
الناشطون السنة تم استيعابهم في البعث أو الأمن أو تم اغتيالهم
عامي في العراق لبريمر 06
بحر العلوم محترم ساخر سريع البديهة اعترض على كل أمر قلته
كنا قد افترضنا منذ البداية ان يكون الشيعة اغلبية في مجلس الحكم المؤقت، بما انه كان يعتقد انهم يشكلون نسبة 60 في المائة من مجموع السكان وبعدها كنا نرغب في ضمان مشاركة المرأة. كما كانت هناك حاجة لأعضاء وطنيين وذوي كفاءة من السنة. ومحاولة الوصول اليهم وضعتنا في مواجهة مشكلة مزمنة الا وهي عدم وجود زعماء سنة يعتد بهم فكافة السنة الناشطين سياسيا تقريبا تم استيعابهم اما في حزب البعث، او في الاجهزة الامنية، او اغتيلوا بتهمة الخيانة.
والأكراد يطلبون ان يتم تمثيلهم حسب نسبة الاكراد الى مجموع السكان العرب اي حوالي عشرين في المائة. وهنالك المسيحيون والتركمان وغيرهم من الاقليات التي من المهم اشراكها بصورة من الصور. وكأن ذلك التعقيد لا يكفي، كنا نأمل ان يتم تمثيل المحافظات العراقية التي يبلغ عددها 18 محافظة في المجلس، كما لم نكن نرغب في ان يسيطر الاسلاميون على الاغلبية العلمانية في البلاد.


لا تقل لأحد
استمرت محاولاتي في اقناع مجموعة السبعة في الانضمام للمجلس، حيث عقدت اجتماعا آخر طويلا مع السيد عبدالعزيز الحكيم في الاول من يوليو وقد المح الى انه سيتعاون اذا ما اطلع على القائمة الشاملة لأعضاء المجلس مسبقا وذلك حتى يطمئن على انه بالفعل مجلس 'تمثيلي'. واعتقدت انه ربما رغب في معرفة عدد الشيعة للتأكد من انهم الاغلبية. وطمأنته إلى ان النتيجة النهائىة سوف تعكس 'توازن المجتمع العراقي' وقلت له انني سأطلب من هيوم هوران اطلاعه على قائمة المرشحين للمجلس شرط الا يبلغ اي احد بذلك الامر.
من السيستاني والدستور
وعند حضور الجلبي لاجتماع آخر في 3 يوليو كان قد خف حماسه للمعارضة بعد ان سمع انني اقنعت الزعيمين الكرديين بالانضمام الى المجلس. وقال ان ذلك خلق لديه انطباعا جيدا لانهما كانا قد اكدا له قبل اسبوع عدم مشاركتهما. وادرك ان عليه الاستمرار في العملية والا فإنه سيواجه خطر التهميش.
وقال الجلبي انه التقى مؤخرا آية الله علي السيستاني الذي ابلغه انه لا يهتم بكيفية تشكيل المجلس ولكنه اصر على ان يقوم العراقيون وليس التحالف بصياغة الدستور العراقي. واضاف الجلبي 'لقد قرأ السيستاني ان الجنرال ماكارثر هو الذي صاغ دستور اليابان وهو يخشى ان يقدم التحالف على اتخاذ الخطوة ذاتها هنا'.
وابلغت الجلبي انه 'ليست للتحالف نية لصياغة الدستور وسأحرص على ان يفهم السيستاني هذا الامر'.
وقال الجلبي يبدو ان دي ميلو ابلغ السيستاني انه لا يرى اي سبب يحول دون اجراء الانتخابات في العراق خلال وقت قريب.
وبعد مغادرة الجلبي اتصلت بسيرجيودي ميلو وابلغته برأيي في اجتماعه مع السيستاني وكيف انه خلف لدى السيستاني عدم فهم بالغ للتعقيدات التي تقف حائلا دون اجراء انتخابات مبكرة في العراق، وقال 'سأحاول ان اصحح هذه النقطة مع السيستاني' ولكن كما عرفنا فإن الضرر كان قد وقع.


ضم الشيوعيين
واثناء عملنا في توسيع مجلس الحكم في الاسبوع الاول من يوليو طرح البريطانيون فكرة ضم شخص من الحزب الشيوعي العراقي، وسألني سورز ان كان لدي اعتراض على تلك الفكرة، وقلت انه لا يوجد لدي اعتراض طالما وجدنا شخصا يكون قد تخلى عن الافكار الشيوعية حول كيفية ادارة الاقتصاد. وعليه فانه في الثامن من يوليو كنت في مكتب سورز اجلس قبالة السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي عزيز محمد الذي تقاعد أخيرا. وهو كردي في التاسعة والسبعين من عمره. وبعد شرح خططنا الخاصة بالمجلس سألته عن ماهية الدروس التي خرج بها من تجربة سقوط الاتحاد السوفيتي.
وفي رده استطرد عزيز طويلا وأخذ يتحدث كيف ان بريجنيف كان يتلقى رسائل دون ان يقرأها ويبعث برسائل لم يكن قد كتبها. وقد اعطاني حديثه الانطباع بانه يعشق ان بريجنيف مازال يدير شؤون البلاد في موسكو. ولم اجد الشجاعة كي ابلغه ان ليونيد لم يكن بصمة جيدة أخيرا. وشطبنا عزيز من القائمة.
ولحسن الحظ فقد اجرى سورز بعد يومين من ذلك مقابلة مع زعيم الحزب الذي تولى منصب السكرتير العام بعد عزيز، حميد ماجد موسى وهو شخص ممتلئ ونشط في منتصف الاربعينات من عمره. وموسى الذي ينتمي الى الطائفة الشيعية ثبت انه اكثر اعضاء مجلس الحكم كفاءة وشعبية.


في المراحل الاخيرة
لقد بلغنا الان المراحل الاخيرة ولكن ما زلنا نعمل على وضع اللمسات الاخيرة لتمثيل الشيعة في مجلس الحكم.
ففي العاشر من يوليو عقدت اجتماعا اخر مع السيد عبدالعزيز الحكيم الذي مازال يحاول الابتعاد، وكان يرغب بشدة في تكليف نائبه عادل عبدالمهدي بتمثيل المجلس الاعلى في مجلس الحكم. وقال الحكيم 'احتاج ان اكون متفرغا لخدمة مواطني' ويبدو في هذا الصدد ان الحكيم يلجأ الى تقليد 'التقية' لحماية نفسه. وقلت 'ان مجلس الحكم يعد افضل موقع لخدمة مواطنيك فهناك ستوجه السلطة والمسؤولية'.
واشرت استطرادا الى انه سيكون هناك تمثيل واسع للشيعة في المجلس، بوجود المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق او بدونه، وكانت تلك رسالة واضحة باننا سائرون قدما في طريقنا مهما كان قراره.
وقال الحكيم 'الا يمكن ان تسمحوا باستثناء بالنسبة للمجلس الاعلى لكي يرشح نائبا لمجلس الحكم؟' وقلت 'لا. لقد وافق كل زعماء الاحزاب بالعمل شخصيا في المجلس. وعليه اذا لم تشارك في المجلس فان المجلس الاعلى لن يكون ممثلا فيه'.
حسنا، سوف انظر في الامر بجدية اذا ما منحتموني بعض التطمينات، قلت 'ما هي التطمينات'؟ قال عبدالمهدي، الذي ظل صامتا حتى ذلك الوقت، انهم يرغبون في 'معاملة تفضيلية' وقلت 'هذا امر مستحيل فلدي مسؤولية تجاه كل العراقيين لانجاح عمل المجلس. وسأكون مستعدا للقاء السيد الحكيم او اي عضو في المجلس في أي وقت طوال الاربع والعشرين ساعة في اليوم، غير ان اس الديموقراطية هو النزاهة والحلول الوسط. وعليكم وزملائكم في المجلس العمل على حل خلافاتكم بانفسكم'.
ولقد تركت الفرصة للسيد الحكيم للاطلاع على القائمة المقترحة لعضوية مجلس الاحكم وان يقرر بعدها. واطلعه هيوم في وقت لاحق على القائمة بطريقة سرية، وكما هو متوقع اعترض الحكيم على اسم احد معارضيه وكنا قد اضفنا اسمه في آخر لحظة عن قصد لاختباره، وعندما سربت كلمة تقول انني سأحذف الاسم اذا ما وافق الحكيم على الانضمام للمجلس، توصلنا الى صفقة.


مشكلتان
عمل فريق الشؤون السياسية بجد لتحديد الاسماء والمناصب في المجلس حتى ساعة متأخرة من ليلة 9 يوليو حيث واجهوا مشكلتين متبقيتين اذ مازال لدينا ثلاث نساء في القائمة المؤقتة، وكنا نأمل في اربعة كحد ادنى وكنت قد حثثت الاكراد لاسابيع على تقديم اسماء بعض المرشحين، وكان السبب وراء ذلك هو ان المرأة ظلت تلعب دورا سياسيا نشطا في كردستان خلال العقد الماضي.
وفي 10 يوليو ابلغنا الحزبان الكرديان انهما لم يستطيعا الاتفاق فيما بينهما حول اي عضوات اضافيات، ومنحتهما 24 ساعة اضافية لحل هذه المشكلة واجتمعا وتشاورا ليوم كامل ولم
يتوصلا لأي شيء.
والمشكلة الثانية كانت ضم السيد محمد بحر العلوم احد اكثر رجال الدين الشيعة احتراما وتوقيرا في العراق. وكان بحر العلوم قد فر من البلاد خلال انتفاضة الشيعة في الجنوب في عام 1991، وقضي معظم العقد التالي في لندن.
وكنت قد التقيت به مرات عدة، كما اتصلنا به عبر عدد من الوسطاء الا انه ظل مصرا على عدم المشاركة في المجلس وكنا نحتاج الى عضو شيعي اخر يمنح الشيعة اغلبية في المجلس المكون من 25 عضوا، وكنا ندرك ان بحر العلوم سوف يشكل اضافة مهمة ووزنا للمجلس.
وفي ليلة الجمعة 11 يوليو، وكنا نخطط لاعلان المجلس الاحد 13 يوليو، توصلت وسورز الى نتيجة مفادها ان علينا بذل محاولة اخيرة وشخصية لإقناع بحر العلوم. وعليه انتقلنا يوم السبت بالسيارة الى مسكنه المتواضع في بغداد.
وخلال الاجتماع كان اسلوبه التهكمي الساخر واضحا. فخلال اكثر من ثلاث ساعات اعترض على كل امر قلته أو قاله جون، فهو سريع البديهة ويجيد طرح الحجج والمطالب، كما انه حاد الذهن، وقد قدم بحر العلوم ثلاثة اسباب لعدم رغبته في المشاركة في المجلس. وقال 'اولا لقد اتيتم لي في وقت متأخر للغاية في هذه العملية، وهناك العديد من الناس في المجلس المقترح لا اعرفهم.
وثانيا ان فتوى آية الله السيستاني تشير بوضوح الى ان الدستور لابد ان تتم صياغته بواسطة هيئة منتخبة. واخيرا هناك ثلاث محافظات شيعية في الجنوب لم يتم تمثيلها في المجلس.
وقدمنا اسفنا البالغ لعدم سعينا للاتصال به في وقت ابكر، وقلنا انه لا يوجد اي مقترحات تتعارض والفتوى. واننا نأمل ان تكون من اولى الخطوات التي يتخذها المجلس، تشكيل لجنة اعداد لتقديم المشورة حول الكيفية التي تتم بها صياغة الدستور. واوضحنا بالاضافة الى ذلك اننا سنعمل لمدة شهرين لتشكيل المجلس الذي سيكون ممثلا لكل الاطراف. وان عشرة من الخمسة والعشرين عضوا هم من الجنوب.
وبعد عدد لا يحصى من اكواب الشاي قدم لنا الآيس كريم اللذيذ بالفستق، وقال السيد بحر العلوم 'انني لا ارفض طلبكم بل لدي رغبة في العمل معكم ولكنني لا استطيع ان اشارك شخصيا في المجلس' كان يرغب في تكليف ابنه. ورفضنا ذلك الأمر اذ لا نستطيع في هذه المرحلة ان نسمح بأي استثناء. وابلغته ان 'العمل معنا لا يكفي. فاذا كنت تود خدمة مواطنيك يجب ان تكون في المجلس حيث تتم صياغة اهم القرارات'.

وعرضنا عليه السلطة الواسعة التي اقترحنا منحها للمجلس، واوضحنا بجلاء ان لجنة الاعداد سوف تقترح فقط عملية صياغة الدستور ولن تقوم بصياغته. وان على المجلس تقرير كيفية سير العملية. ولم يتمكن من فهم هذه النقطة ويبدو انها كانت مهمة بالنسبة اليه. وسأل بعد برهة من التفكير 'ولكن ماذا سيحدث اذا ما اوصى المجلس بطريقة لصياغة الدستور تتعارض وفتوى السيستاني؟' وقلت ان افضل اسلوب لضمان الالتزام بالفتوى هو انضمامه الى المجلس. وقال 'آه نعم ولكن ماذا لو وافقت الاغلبية في المجلس على عملية تتعارض مع الفتوى؟'.
واشار سورز الى انه لا يوجد اي احد ممن تحدثنا معهم حول المجلس عارض الحاجة وجود لجنة دستور منتخبة.
وأمضينا الساعة التالية في مناقشة رغبته في تكليف ابنه للعمل في المجلس بدلا منه والتزمنا بصرامة بموقفنا. وقال السيد بحر العلوم 'سعادة السفير انتم تصرون على أن أنضم شخصيا إلى المجلس، هل هذا صحيح؟'. لقد كانت تلك 'لحظة حاسمة' في تاريخ العراق. فالزعماء البارزون في المجتمع يجب أن يشاركوا في المجلس لكي يقوم بدوره بنجاح. وان مجلس الحكم أفضل موقع للتأثير في الأمور التي تهم 'مواطنيه'.
وبعد ان استمع لي أعاد السيد بحر العلوم طرح مقولة ان المحافظات الشيعية في الجنوب لم تمثل تمثيلا كافيا. والا نستطيع إضافة ثلاثة أعضاء من هناك؟ وقلنا ان الوقت قد فات فنحن ننوي الإعلان عن المجلس في اليوم التالي.
وأضفت بخبث نوعا ما 'ربما يرغبه المجلس في توسيع نفسه بطريقة متوازنة لاحقا. وبالطبع فإن هنالك محاف
ظات أخرى قد تشعر بأن تمثيلها غير كاف' وقال وقد اتسعت ابتسامته 'حسنا، كنت أنوي إثارة هذا الأمر بنوع من الإصدار وبما انكم قد أقنعتموني بالانضمام إلى المجلس، فجاءتني فكرة أن أرى كيف أثأر منكم'.
وعليه بحلول مساء السبت 12 يوليو كنا قد توصلنا إلى مجلس من 25 عضوا.

[size=16]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shiaatalmosel.yoo7.com
ابنة الحدباء
مشرفة
مشرفة
ابنة الحدباء


انثى
عدد الرسائل : 385
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالأربعاء 4 أبريل - 16:10

مجلس الحكم
مشكلتنا المزمنة في العراق: لا زعماء سنة يعتد بهم
الناشطون السنة تم استيعابهم في البعث أو الأمن أو تم اغتيالهم
عامي في العراق لبريمر 06
بحر العلوم محترم ساخر سريع البديهة اعترض على كل أمر قلته
كنا قد افترضنا منذ البداية ان يكون الشيعة اغلبية في مجلس الحكم المؤقت، بما انه كان يعتقد انهم يشكلون نسبة 60 في المائة من مجموع السكان وبعدها كنا نرغب في ضمان مشاركة المرأة. كما كانت هناك حاجة لأعضاء وطنيين وذوي كفاءة من السنة. ومحاولة الوصول اليهم وضعتنا في مواجهة مشكلة مزمنة الا وهي عدم وجود زعماء سنة يعتد بهم فكافة السنة الناشطين سياسيا تقريبا تم استيعابهم اما في حزب البعث، او في الاجهزة الامنية، او اغتيلوا بتهمة الخيانة.
والأكراد يطلبون ان يتم تمثيلهم حسب نسبة الاكراد الى مجموع السكان العرب اي حوالي عشرين في المائة. وهنالك المسيحيون والتركمان وغيرهم من الاقليات التي من المهم اشراكها بصورة من الصور. وكأن ذلك التعقيد لا يكفي، كنا نأمل ان يتم تمثيل المحافظات العراقية التي يبلغ عددها 18 محافظة في المجلس، كما لم نكن نرغب في ان يسيطر الاسلاميون على الاغلبية العلمانية في البلاد.


لا تقل لأحد
استمرت محاولاتي في اقناع مجموعة السبعة في الانضمام للمجلس، حيث عقدت اجتماعا آخر طويلا مع السيد عبدالعزيز الحكيم في الاول من يوليو وقد المح الى انه سيتعاون اذا ما اطلع على القائمة الشاملة لأعضاء المجلس مسبقا وذلك حتى يطمئن على انه بالفعل مجلس 'تمثيلي'. واعتقدت انه ربما رغب في معرفة عدد الشيعة للتأكد من انهم الاغلبية. وطمأنته إلى ان النتيجة النهائىة سوف تعكس 'توازن المجتمع العراقي' وقلت له انني سأطلب من هيوم هوران اطلاعه على قائمة المرشحين للمجلس شرط الا يبلغ اي احد بذلك الامر.
من السيستاني والدستور
وعند حضور الجلبي لاجتماع آخر في 3 يوليو كان قد خف حماسه للمعارضة بعد ان سمع انني اقنعت الزعيمين الكرديين بالانضمام الى المجلس. وقال ان ذلك خلق لديه انطباعا جيدا لانهما كانا قد اكدا له قبل اسبوع عدم مشاركتهما. وادرك ان عليه الاستمرار في العملية والا فإنه سيواجه خطر التهميش.
وقال الجلبي انه التقى مؤخرا آية الله علي السيستاني الذي ابلغه انه لا يهتم بكيفية تشكيل المجلس ولكنه اصر على ان يقوم العراقيون وليس التحالف بصياغة الدستور العراقي. واضاف الجلبي 'لقد قرأ السيستاني ان الجنرال ماكارثر هو الذي صاغ دستور اليابان وهو يخشى ان يقدم التحالف على اتخاذ الخطوة ذاتها هنا'.
وابلغت الجلبي انه 'ليست للتحالف نية لصياغة الدستور وسأحرص على ان يفهم السيستاني هذا الامر'.
وقال الجلبي يبدو ان دي ميلو ابلغ السيستاني انه لا يرى اي سبب يحول دون اجراء الانتخابات في العراق خلال وقت قريب.
وبعد مغادرة الجلبي اتصلت بسيرجيودي ميلو وابلغته برأيي في اجتماعه مع السيستاني وكيف انه خلف لدى السيستاني عدم فهم بالغ للتعقيدات التي تقف حائلا دون اجراء انتخابات مبكرة في العراق، وقال 'سأحاول ان اصحح هذه النقطة مع السيستاني' ولكن كما عرفنا فإن الضرر كان قد وقع.


ضم الشيوعيين
واثناء عملنا في توسيع مجلس الحكم في الاسبوع الاول من يوليو طرح البريطانيون فكرة ضم شخص من الحزب الشيوعي العراقي، وسألني سورز ان كان لدي اعتراض على تلك الفكرة، وقلت انه لا يوجد لدي اعتراض طالما وجدنا شخصا يكون قد تخلى عن الافكار الشيوعية حول كيفية ادارة الاقتصاد. وعليه فانه في الثامن من يوليو كنت في مكتب سورز اجلس قبالة السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي عزيز محمد الذي تقاعد أخيرا. وهو كردي في التاسعة والسبعين من عمره. وبعد شرح خططنا الخاصة بالمجلس سألته عن ماهية الدروس التي خرج بها من تجربة سقوط الاتحاد السوفيتي.
وفي رده استطرد عزيز طويلا وأخذ يتحدث كيف ان بريجنيف كان يتلقى رسائل دون ان يقرأها ويبعث برسائل لم يكن قد كتبها. وقد اعطاني حديثه الانطباع بانه يعشق ان بريجنيف مازال يدير شؤون البلاد في موسكو. ولم اجد الشجاعة كي ابلغه ان ليونيد لم يكن بصمة جيدة أخيرا. وشطبنا عزيز من القائمة.
ولحسن الحظ فقد اجرى سورز بعد يومين من ذلك مقابلة مع زعيم الحزب الذي تولى منصب السكرتير العام بعد عزيز، حميد ماجد موسى وهو شخص ممتلئ ونشط في منتصف الاربعينات من عمره. وموسى الذي ينتمي الى الطائفة الشيعية ثبت انه اكثر اعضاء مجلس الحكم كفاءة وشعبية.


في المراحل الاخيرة
لقد بلغنا الان المراحل الاخيرة ولكن ما زلنا نعمل على وضع اللمسات الاخيرة لتمثيل الشيعة في مجلس الحكم.
ففي العاشر من يوليو عقدت اجتماعا اخر مع السيد عبدالعزيز الحكيم الذي مازال يحاول الابتعاد، وكان يرغب بشدة في تكليف نائبه عادل عبدالمهدي بتمثيل المجلس الاعلى في مجلس الحكم. وقال الحكيم 'احتاج ان اكون متفرغا لخدمة مواطني' ويبدو في هذا الصدد ان الحكيم يلجأ الى تقليد 'التقية' لحماية نفسه. وقلت 'ان مجلس الحكم يعد افضل موقع لخدمة مواطنيك فهناك ستوجه السلطة والمسؤولية'.
واشرت استطرادا الى انه سيكون هناك تمثيل واسع للشيعة في المجلس، بوجود المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق او بدونه، وكانت تلك رسالة واضحة باننا سائرون قدما في طريقنا مهما كان قراره.
وقال الحكيم 'الا يمكن ان تسمحوا باستثناء بالنسبة للمجلس الاعلى لكي يرشح نائبا لمجلس الحكم؟' وقلت 'لا. لقد وافق كل زعماء الاحزاب بالعمل شخصيا في المجلس. وعليه اذا لم تشارك في المجلس فان المجلس الاعلى لن يكون ممثلا فيه'.
حسنا، سوف انظر في الامر بجدية اذا ما منحتموني بعض التطمينات، قلت 'ما هي التطمينات'؟ قال عبدالمهدي، الذي ظل صامتا حتى ذلك الوقت، انهم يرغبون في 'معاملة تفضيلية' وقلت 'هذا امر مستحيل فلدي مسؤولية تجاه كل العراقيين لانجاح عمل المجلس. وسأكون مستعدا للقاء السيد الحكيم او اي عضو في المجلس في أي وقت طوال الاربع والعشرين ساعة في اليوم، غير ان اس الديموقراطية هو النزاهة والحلول الوسط. وعليكم وزملائكم في المجلس العمل على حل خلافاتكم بانفسكم'.
ولقد تركت الفرصة للسيد الحكيم للاطلاع على القائمة المقترحة لعضوية مجلس الاحكم وان يقرر بعدها. واطلعه هيوم في وقت لاحق على القائمة بطريقة سرية، وكما هو متوقع اعترض الحكيم على اسم احد معارضيه وكنا قد اضفنا اسمه في آخر لحظة عن قصد لاختباره، وعندما سربت كلمة تقول انني سأحذف الاسم اذا ما وافق الحكيم على الانضمام للمجلس، توصلنا الى صفقة.


مشكلتان
عمل فريق الشؤون السياسية بجد لتحديد الاسماء والمناصب في المجلس حتى ساعة متأخرة من ليلة 9 يوليو حيث واجهوا مشكلتين متبقيتين اذ مازال لدينا ثلاث نساء في القائمة المؤقتة، وكنا نأمل في اربعة كحد ادنى وكنت قد حثثت الاكراد لاسابيع على تقديم اسماء بعض المرشحين، وكان السبب وراء ذلك هو ان المرأة ظلت تلعب دورا سياسيا نشطا في كردستان خلال العقد الماضي.
وفي 10 يوليو ابلغنا الحزبان الكرديان انهما لم يستطيعا الاتفاق فيما بينهما حول اي عضوات اضافيات، ومنحتهما 24 ساعة اضافية لحل هذه المشكلة واجتمعا وتشاورا ليوم كامل ولم
يتوصلا لأي شيء.
والمشكلة الثانية كانت ضم السيد محمد بحر العلوم احد اكثر رجال الدين الشيعة احتراما وتوقيرا في العراق. وكان بحر العلوم قد فر من البلاد خلال انتفاضة الشيعة في الجنوب في عام 1991، وقضي معظم العقد التالي في لندن.
وكنت قد التقيت به مرات عدة، كما اتصلنا به عبر عدد من الوسطاء الا انه ظل مصرا على عدم المشاركة في المجلس وكنا نحتاج الى عضو شيعي اخر يمنح الشيعة اغلبية في المجلس المكون من 25 عضوا، وكنا ندرك ان بحر العلوم سوف يشكل اضافة مهمة ووزنا للمجلس.
وفي ليلة الجمعة 11 يوليو، وكنا نخطط لاعلان المجلس الاحد 13 يوليو، توصلت وسورز الى نتيجة مفادها ان علينا بذل محاولة اخيرة وشخصية لإقناع بحر العلوم. وعليه انتقلنا يوم السبت بالسيارة الى مسكنه المتواضع في بغداد.
وخلال الاجتماع كان اسلوبه التهكمي الساخر واضحا. فخلال اكثر من ثلاث ساعات اعترض على كل امر قلته أو قاله جون، فهو سريع البديهة ويجيد طرح الحجج والمطالب، كما انه حاد الذهن، وقد قدم بحر العلوم ثلاثة اسباب لعدم رغبته في المشاركة في المجلس. وقال 'اولا لقد اتيتم لي في وقت متأخر للغاية في هذه العملية، وهناك العديد من الناس في المجلس المقترح لا اعرفهم.
وثانيا ان فتوى آية الله السيستاني تشير بوضوح الى ان الدستور لابد ان تتم صياغته بواسطة هيئة منتخبة. واخيرا هناك ثلاث محافظات شيعية في الجنوب لم يتم تمثيلها في المجلس.
وقدمنا اسفنا البالغ لعدم سعينا للاتصال به في وقت ابكر، وقلنا انه لا يوجد اي مقترحات تتعارض والفتوى. واننا نأمل ان تكون من اولى الخطوات التي يتخذها المجلس، تشكيل لجنة اعداد لتقديم المشورة حول الكيفية التي تتم بها صياغة الدستور. واوضحنا بالاضافة الى ذلك اننا سنعمل لمدة شهرين لتشكيل المجلس الذي سيكون ممثلا لكل الاطراف. وان عشرة من الخمسة والعشرين عضوا هم من الجنوب.
وبعد عدد لا يحصى من اكواب الشاي قدم لنا الآيس كريم اللذيذ بالفستق، وقال السيد بحر العلوم 'انني لا ارفض طلبكم بل لدي رغبة في العمل معكم ولكنني لا استطيع ان اشارك شخصيا في المجلس' كان يرغب في تكليف ابنه. ورفضنا ذلك الأمر اذ لا نستطيع في هذه المرحلة ان نسمح بأي استثناء. وابلغته ان 'العمل معنا لا يكفي. فاذا كنت تود خدمة مواطنيك يجب ان تكون في المجلس حيث تتم صياغة اهم القرارات'.

وعرضنا عليه السلطة الواسعة التي اقترحنا منحها للمجلس، واوضحنا بجلاء ان لجنة الاعداد سوف تقترح فقط عملية صياغة الدستور ولن تقوم بصياغته. وان على المجلس تقرير كيفية سير العملية. ولم يتمكن من فهم هذه النقطة ويبدو انها كانت مهمة بالنسبة اليه. وسأل بعد برهة من التفكير 'ولكن ماذا سيحدث اذا ما اوصى المجلس بطريقة لصياغة الدستور تتعارض وفتوى السيستاني؟' وقلت ان افضل اسلوب لضمان الالتزام بالفتوى هو انضمامه الى المجلس. وقال 'آه نعم ولكن ماذا لو وافقت الاغلبية في المجلس على عملية تتعارض مع الفتوى؟'.
واشار سورز الى انه لا يوجد اي احد ممن تحدثنا معهم حول المجلس عارض الحاجة وجود لجنة دستور منتخبة.
وأمضينا الساعة التالية في مناقشة رغبته في تكليف ابنه للعمل في المجلس بدلا منه والتزمنا بصرامة بموقفنا. وقال السيد بحر العلوم 'سعادة السفير انتم تصرون على أن أنضم شخصيا إلى المجلس، هل هذا صحيح؟'. لقد كانت تلك 'لحظة حاسمة' في تاريخ العراق. فالزعماء البارزون في المجتمع يجب أن يشاركوا في المجلس لكي يقوم بدوره بنجاح. وان مجلس الحكم أفضل موقع للتأثير في الأمور التي تهم 'مواطنيه'.
وبعد ان استمع لي أعاد السيد بحر العلوم طرح مقولة ان المحافظات الشيعية في الجنوب لم تمثل تمثيلا كافيا. والا نستطيع إضافة ثلاثة أعضاء من هناك؟ وقلنا ان الوقت قد فات فنحن ننوي الإعلان عن المجلس في اليوم التالي.
وأضفت بخبث نوعا ما 'ربما يرغبه المجلس في توسيع نفسه بطريقة متوازنة لاحقا. وبالطبع فإن هنالك محاف
ظات أخرى قد تشعر بأن تمثيلها غير كاف' وقال وقد اتسعت ابتسامته 'حسنا، كنت أنوي إثارة هذا الأمر بنوع من الإصدار وبما انكم قد أقنعتموني بالانضمام إلى المجلس، فجاءتني فكرة أن أرى كيف أثأر منكم'.
وعليه بحلول مساء السبت 12 يوليو كنا قد توصلنا إلى مجلس من 25 عضوا.


يوم تاريخي
كان يوم الأحد 13 يوليو يوما تاريخيا، بالنسبة لجميع العراقيين ولكن لم يخل من عقبات اللحظة الأخيرة كما هو الحال في هذا البلد. فقد وصل الجلبي إلى نطقة تفتيش مبنى المجلس مع أربعة من مساعديه وذلك بالرغم من الشرط الذي وضعه المسؤولون الأمنيون أن كل عضو في في مجلس الحكم يمكنه اصطحاب شخصين فقط لحضور الحفل. ولم يحاول أي عضو آخر من أعضاء المجلس انتهاك هذا الشرط، غير أن الجلبي هدد بأنه سيعود أدراجه إذا لم نسمح لهم جميعا بالمرور.
وبعثت سكوت كاربنتر إلى الحاجز الذي تحميه أكياس الرمل برسالة 'ان القاعدة تقول: اثنان فقط، وعد إلى بيتك ان كنت تفضل ذلك'. وابعد الجلبي اثنين من مساعديه.
وفي منتصف صباح ذلك اليوم اتصل سيرجيو دي ميلو من المطار ليقول لي انه وصل المطار متأخرا ولكنه في طريقه إلى المدينة.
وكان الترتيب الذي اتفقنا عليه مع بريطانيا والأمم المتحدة وأعضاء المجلس ان يتجمع أعضاء المجلس الخمسة والعشرون في مبنى لا يبعد كثيرا عن القصر. وهو مبنى استطاع بات كنيدي أن يعيده بمعجزة إلى فخامته السابقة وكانت الخطة أن تشكل المجموعة نفسها كمجلس للحكم. (وقد عرفت هذه الخطوة بيننا باسم: الحمل بلا دنس).
وبعدها يمكن للمجلس الذي يمني نفسه بأن 'يستدعي' الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا لعقد اجتماع سري خاص يبلغ من خلاله الثلاثة انهم شكلوا مجلس الحكم. وبعد الغداء ستعد قاعة كبرى حيث يقدم أعضاء المجلس أنفسهم للصحافة العالمية.
ووصل سيرجيو ان ميلو في حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا وجاء مباشرة إلى مكتبي، وتبادلنا سورز وسيرجيو وانا الحديث حوالي 45 دقيقة عندما أبلغنا ان المجلس مستعد لاستقبالنا. وذهبت وسورز إلى قاعة المؤتمرات معا وذلك حتى يصل سيرجيو إلى القاعة وحده.
وتم اختيار السيد بحر العلوم من قبل أعضاء المجلس كمتحدث باسمهم في ذلك اليوم احتراما لسنه بالرغم من أن عدنان الباجه جي كان أكبر سنا منه.
وبينما كان أعضاء المجلس يجلسون حول الطاولة البيضاوية، أشار بحر العلوم الى الاهمية التاريخية لذلك اليوم وابلغنا ان المجلس قد اصدر مسبقا قرارين الاول، يلغي كافة عطلات حزب البعث بما في ذلك يوم 17 تموز ذكرى ثورة صدام، كما اعلنوا ان التاسع من ابريل 'يوم التحرير' هو عطلة وطنية.
وسألني السيد بحر العلوم ان كنت اود الحديث، واقترحت ان يمنح الفرصة اولا لسيرجيو دي ميلو الذي القى كلمة موجزة، وبعدها اصر بحر العلوم ان ألقي كلمة ووافقت فقد كان ذلك يوما تاريخيا بالنسبة للعراق والعراقيين. وقلت في كلمتي ان 'مجلس الحكم يعد الخطوة الاولى في رحلة سنقوم بها جميعا نحو هدفنا المشترك لاقامة حكومة ديموقراطية تمثل الشعب العراقي'، وانهيت كلمتي بالقول ان 'مجلس الحكم ستكون له سلطات فعلية وان التحالف على استعداد لتقديم يد المساعدة بكافة الطرق الممكنة، لاننا معا سوف نحقق النجاح'.
وبعد فترة قصيرة من تناول الغداء، انتقلنا الى قاعة المؤتمرات القريبة وجلست ودي ميلو وسورز في الصف الامامي، وبعد مضي عشرين دقيقة، بدأ توافد اعضاء المجلس حيث اخذوا مقاعدهم على المنصة في شكل نصف دائري وكانت خلفهم خريطة بسيطة للعراق وعبارة مجلس الحكم.

لن يتوقف عن الحديث
في المؤتمر الصحفي لاعلان تشكيل مجلس الحكم قرأ السيد بحر العلوم 'البيان السياسي' الذي اصدره المجلس في ذلك الصباح وقد اشار فيه الى ان المجلس 'تم تشكيله بمبادرة عراقية وطنية' وحددت الوثيقة اهداف المجلس بتوفير الامن للمواطنين العراقيين.
وبعد القاء البيان جاء دور اسئلة مراسلي وسائل الاعلام. وكان اول المتكلمين مراسل هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) الذي قال 'هل صحيح ان هذا المجلس ما هو الا مخلوق اميركي، ليس لديه سلطات بل انه حقيقة لا معنى له؟'. امسك الطالباني بالمايكروفون ووبخ المراسل الذي يمثل 'سادتنا الاستعماريين السابقين'، ان 'بي بي سي' لم تذكر الحقيقة حول العراق، واضاف الطالباني 'ان المجلس يعد اكثر حكومة تمثل العراق' وشرع يعدد سلطات المجلس وألمح الى ان المراسل لا يعرف ما يتحدث عنه.
بعدها قدم مراسل قناة تلفزيون الجزيرة، التي كثيرا ما تهاجم التحالف، كلمة في شكل سؤال طرحت ما ذكره مراسل 'بي بي سي' وقد احدث هذا الامر سلسلة من ردود الفعل في اوساط اعضاء مجلس الحكم.فقد دحض الباجه جي بشدة التلميح القائل 'ان المجلس العوبة'، واشار الى انه من الافضل بالنسبة لوسائل الاعلام العربية ان تلفت الانظار الى التغيرات الفعلية التي تجرى في العراق.
وهاجم نصرت الجادرجي الجزيرة 'اقول هذا للاعلام العربي: توقفوا عن تقديم النصائح للعراقيين لمقاتلة الاميركيين'، وقوبل ذلك بعاصفة من التصفيق من الحضور ومن بينهم، حسب ما لاحظنا، بعض الصحافيين العراقيين.
وقاد ذلك السيد بحر العلوم الى الوقوف حيث قال 'كل تغطيات التلفزيونات العربية للحرب والتحرير غير متوازنة ومنحازة ضد العراقيين'، وقال، وقد ارتفع صوته الى درجة قريبة من الصياح، 'ان وسائل الاعلام هذه ظلت تهددنا منذ اول يوم من بداية الحرب والى اليوم!'، وحال جلوسه على المقعد كان المزيد من التصفيق مما ادى الى وقوفه مرة اخرى. 'انتم ممن تمثلون (الجزيرة) و(العربية) وغيرهما، لم تغطوا البتة الفظائع التي ارتكبها صدام حيث قتل مئات الالوف من العراقيين! وقضى على العراقيين بالغاز! لماذا لم تعرضوا المقابر الجماعية على مشاهديكم؟!' وارتفع المزيد من التصفيق عندما عاد السيد بحر العلوم الى الجلوس. وقد حثه الطالباني على الحديث مرة اخرى، وراق ذلك بحر العلوم الذي بدا وكأنه لن يتوقف عن الحديث.
بعد ذلك جاء دور واحدة من ثلاث نساء في المجلس اي الدكتورة رجاء وهي من الديوانية وقالت 'خلال الخمس والثلاثين سنة الماضية ساعدت في توليد آلاف النساء العراقيات، والآن وللمرة الاولى في تاريخ العراق الحديث. سيكون للمرأة العراقية موقع في المجتمع. ويشرفني ان العب دورا في ميلاد اليوم العراقي الوطني الجديد'.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shiaatalmosel.yoo7.com
ابنة الحدباء
مشرفة
مشرفة
ابنة الحدباء


انثى
عدد الرسائل : 385
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالأربعاء 4 أبريل - 16:10

مجلس الحكم
مشكلتنا المزمنة في العراق: لا زعماء سنة يعتد بهم
الناشطون السنة تم استيعابهم في البعث أو الأمن أو تم اغتيالهم
عامي في العراق لبريمر 06
بحر العلوم محترم ساخر سريع البديهة اعترض على كل أمر قلته
كنا قد افترضنا منذ البداية ان يكون الشيعة اغلبية في مجلس الحكم المؤقت، بما انه كان يعتقد انهم يشكلون نسبة 60 في المائة من مجموع السكان وبعدها كنا نرغب في ضمان مشاركة المرأة. كما كانت هناك حاجة لأعضاء وطنيين وذوي كفاءة من السنة. ومحاولة الوصول اليهم وضعتنا في مواجهة مشكلة مزمنة الا وهي عدم وجود زعماء سنة يعتد بهم فكافة السنة الناشطين سياسيا تقريبا تم استيعابهم اما في حزب البعث، او في الاجهزة الامنية، او اغتيلوا بتهمة الخيانة.
والأكراد يطلبون ان يتم تمثيلهم حسب نسبة الاكراد الى مجموع السكان العرب اي حوالي عشرين في المائة. وهنالك المسيحيون والتركمان وغيرهم من الاقليات التي من المهم اشراكها بصورة من الصور. وكأن ذلك التعقيد لا يكفي، كنا نأمل ان يتم تمثيل المحافظات العراقية التي يبلغ عددها 18 محافظة في المجلس، كما لم نكن نرغب في ان يسيطر الاسلاميون على الاغلبية العلمانية في البلاد.


لا تقل لأحد
استمرت محاولاتي في اقناع مجموعة السبعة في الانضمام للمجلس، حيث عقدت اجتماعا آخر طويلا مع السيد عبدالعزيز الحكيم في الاول من يوليو وقد المح الى انه سيتعاون اذا ما اطلع على القائمة الشاملة لأعضاء المجلس مسبقا وذلك حتى يطمئن على انه بالفعل مجلس 'تمثيلي'. واعتقدت انه ربما رغب في معرفة عدد الشيعة للتأكد من انهم الاغلبية. وطمأنته إلى ان النتيجة النهائىة سوف تعكس 'توازن المجتمع العراقي' وقلت له انني سأطلب من هيوم هوران اطلاعه على قائمة المرشحين للمجلس شرط الا يبلغ اي احد بذلك الامر.
من السيستاني والدستور
وعند حضور الجلبي لاجتماع آخر في 3 يوليو كان قد خف حماسه للمعارضة بعد ان سمع انني اقنعت الزعيمين الكرديين بالانضمام الى المجلس. وقال ان ذلك خلق لديه انطباعا جيدا لانهما كانا قد اكدا له قبل اسبوع عدم مشاركتهما. وادرك ان عليه الاستمرار في العملية والا فإنه سيواجه خطر التهميش.
وقال الجلبي انه التقى مؤخرا آية الله علي السيستاني الذي ابلغه انه لا يهتم بكيفية تشكيل المجلس ولكنه اصر على ان يقوم العراقيون وليس التحالف بصياغة الدستور العراقي. واضاف الجلبي 'لقد قرأ السيستاني ان الجنرال ماكارثر هو الذي صاغ دستور اليابان وهو يخشى ان يقدم التحالف على اتخاذ الخطوة ذاتها هنا'.
وابلغت الجلبي انه 'ليست للتحالف نية لصياغة الدستور وسأحرص على ان يفهم السيستاني هذا الامر'.
وقال الجلبي يبدو ان دي ميلو ابلغ السيستاني انه لا يرى اي سبب يحول دون اجراء الانتخابات في العراق خلال وقت قريب.
وبعد مغادرة الجلبي اتصلت بسيرجيودي ميلو وابلغته برأيي في اجتماعه مع السيستاني وكيف انه خلف لدى السيستاني عدم فهم بالغ للتعقيدات التي تقف حائلا دون اجراء انتخابات مبكرة في العراق، وقال 'سأحاول ان اصحح هذه النقطة مع السيستاني' ولكن كما عرفنا فإن الضرر كان قد وقع.


ضم الشيوعيين
واثناء عملنا في توسيع مجلس الحكم في الاسبوع الاول من يوليو طرح البريطانيون فكرة ضم شخص من الحزب الشيوعي العراقي، وسألني سورز ان كان لدي اعتراض على تلك الفكرة، وقلت انه لا يوجد لدي اعتراض طالما وجدنا شخصا يكون قد تخلى عن الافكار الشيوعية حول كيفية ادارة الاقتصاد. وعليه فانه في الثامن من يوليو كنت في مكتب سورز اجلس قبالة السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي عزيز محمد الذي تقاعد أخيرا. وهو كردي في التاسعة والسبعين من عمره. وبعد شرح خططنا الخاصة بالمجلس سألته عن ماهية الدروس التي خرج بها من تجربة سقوط الاتحاد السوفيتي.
وفي رده استطرد عزيز طويلا وأخذ يتحدث كيف ان بريجنيف كان يتلقى رسائل دون ان يقرأها ويبعث برسائل لم يكن قد كتبها. وقد اعطاني حديثه الانطباع بانه يعشق ان بريجنيف مازال يدير شؤون البلاد في موسكو. ولم اجد الشجاعة كي ابلغه ان ليونيد لم يكن بصمة جيدة أخيرا. وشطبنا عزيز من القائمة.
ولحسن الحظ فقد اجرى سورز بعد يومين من ذلك مقابلة مع زعيم الحزب الذي تولى منصب السكرتير العام بعد عزيز، حميد ماجد موسى وهو شخص ممتلئ ونشط في منتصف الاربعينات من عمره. وموسى الذي ينتمي الى الطائفة الشيعية ثبت انه اكثر اعضاء مجلس الحكم كفاءة وشعبية.


في المراحل الاخيرة
لقد بلغنا الان المراحل الاخيرة ولكن ما زلنا نعمل على وضع اللمسات الاخيرة لتمثيل الشيعة في مجلس الحكم.
ففي العاشر من يوليو عقدت اجتماعا اخر مع السيد عبدالعزيز الحكيم الذي مازال يحاول الابتعاد، وكان يرغب بشدة في تكليف نائبه عادل عبدالمهدي بتمثيل المجلس الاعلى في مجلس الحكم. وقال الحكيم 'احتاج ان اكون متفرغا لخدمة مواطني' ويبدو في هذا الصدد ان الحكيم يلجأ الى تقليد 'التقية' لحماية نفسه. وقلت 'ان مجلس الحكم يعد افضل موقع لخدمة مواطنيك فهناك ستوجه السلطة والمسؤولية'.
واشرت استطرادا الى انه سيكون هناك تمثيل واسع للشيعة في المجلس، بوجود المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق او بدونه، وكانت تلك رسالة واضحة باننا سائرون قدما في طريقنا مهما كان قراره.
وقال الحكيم 'الا يمكن ان تسمحوا باستثناء بالنسبة للمجلس الاعلى لكي يرشح نائبا لمجلس الحكم؟' وقلت 'لا. لقد وافق كل زعماء الاحزاب بالعمل شخصيا في المجلس. وعليه اذا لم تشارك في المجلس فان المجلس الاعلى لن يكون ممثلا فيه'.
حسنا، سوف انظر في الامر بجدية اذا ما منحتموني بعض التطمينات، قلت 'ما هي التطمينات'؟ قال عبدالمهدي، الذي ظل صامتا حتى ذلك الوقت، انهم يرغبون في 'معاملة تفضيلية' وقلت 'هذا امر مستحيل فلدي مسؤولية تجاه كل العراقيين لانجاح عمل المجلس. وسأكون مستعدا للقاء السيد الحكيم او اي عضو في المجلس في أي وقت طوال الاربع والعشرين ساعة في اليوم، غير ان اس الديموقراطية هو النزاهة والحلول الوسط. وعليكم وزملائكم في المجلس العمل على حل خلافاتكم بانفسكم'.
ولقد تركت الفرصة للسيد الحكيم للاطلاع على القائمة المقترحة لعضوية مجلس الاحكم وان يقرر بعدها. واطلعه هيوم في وقت لاحق على القائمة بطريقة سرية، وكما هو متوقع اعترض الحكيم على اسم احد معارضيه وكنا قد اضفنا اسمه في آخر لحظة عن قصد لاختباره، وعندما سربت كلمة تقول انني سأحذف الاسم اذا ما وافق الحكيم على الانضمام للمجلس، توصلنا الى صفقة.


مشكلتان
عمل فريق الشؤون السياسية بجد لتحديد الاسماء والمناصب في المجلس حتى ساعة متأخرة من ليلة 9 يوليو حيث واجهوا مشكلتين متبقيتين اذ مازال لدينا ثلاث نساء في القائمة المؤقتة، وكنا نأمل في اربعة كحد ادنى وكنت قد حثثت الاكراد لاسابيع على تقديم اسماء بعض المرشحين، وكان السبب وراء ذلك هو ان المرأة ظلت تلعب دورا سياسيا نشطا في كردستان خلال العقد الماضي.
وفي 10 يوليو ابلغنا الحزبان الكرديان انهما لم يستطيعا الاتفاق فيما بينهما حول اي عضوات اضافيات، ومنحتهما 24 ساعة اضافية لحل هذه المشكلة واجتمعا وتشاورا ليوم كامل ولم
يتوصلا لأي شيء.
والمشكلة الثانية كانت ضم السيد محمد بحر العلوم احد اكثر رجال الدين الشيعة احتراما وتوقيرا في العراق. وكان بحر العلوم قد فر من البلاد خلال انتفاضة الشيعة في الجنوب في عام 1991، وقضي معظم العقد التالي في لندن.
وكنت قد التقيت به مرات عدة، كما اتصلنا به عبر عدد من الوسطاء الا انه ظل مصرا على عدم المشاركة في المجلس وكنا نحتاج الى عضو شيعي اخر يمنح الشيعة اغلبية في المجلس المكون من 25 عضوا، وكنا ندرك ان بحر العلوم سوف يشكل اضافة مهمة ووزنا للمجلس.
وفي ليلة الجمعة 11 يوليو، وكنا نخطط لاعلان المجلس الاحد 13 يوليو، توصلت وسورز الى نتيجة مفادها ان علينا بذل محاولة اخيرة وشخصية لإقناع بحر العلوم. وعليه انتقلنا يوم السبت بالسيارة الى مسكنه المتواضع في بغداد.
وخلال الاجتماع كان اسلوبه التهكمي الساخر واضحا. فخلال اكثر من ثلاث ساعات اعترض على كل امر قلته أو قاله جون، فهو سريع البديهة ويجيد طرح الحجج والمطالب، كما انه حاد الذهن، وقد قدم بحر العلوم ثلاثة اسباب لعدم رغبته في المشاركة في المجلس. وقال 'اولا لقد اتيتم لي في وقت متأخر للغاية في هذه العملية، وهناك العديد من الناس في المجلس المقترح لا اعرفهم.
وثانيا ان فتوى آية الله السيستاني تشير بوضوح الى ان الدستور لابد ان تتم صياغته بواسطة هيئة منتخبة. واخيرا هناك ثلاث محافظات شيعية في الجنوب لم يتم تمثيلها في المجلس.
وقدمنا اسفنا البالغ لعدم سعينا للاتصال به في وقت ابكر، وقلنا انه لا يوجد اي مقترحات تتعارض والفتوى. واننا نأمل ان تكون من اولى الخطوات التي يتخذها المجلس، تشكيل لجنة اعداد لتقديم المشورة حول الكيفية التي تتم بها صياغة الدستور. واوضحنا بالاضافة الى ذلك اننا سنعمل لمدة شهرين لتشكيل المجلس الذي سيكون ممثلا لكل الاطراف. وان عشرة من الخمسة والعشرين عضوا هم من الجنوب.
وبعد عدد لا يحصى من اكواب الشاي قدم لنا الآيس كريم اللذيذ بالفستق، وقال السيد بحر العلوم 'انني لا ارفض طلبكم بل لدي رغبة في العمل معكم ولكنني لا استطيع ان اشارك شخصيا في المجلس' كان يرغب في تكليف ابنه. ورفضنا ذلك الأمر اذ لا نستطيع في هذه المرحلة ان نسمح بأي استثناء. وابلغته ان 'العمل معنا لا يكفي. فاذا كنت تود خدمة مواطنيك يجب ان تكون في المجلس حيث تتم صياغة اهم القرارات'.

وعرضنا عليه السلطة الواسعة التي اقترحنا منحها للمجلس، واوضحنا بجلاء ان لجنة الاعداد سوف تقترح فقط عملية صياغة الدستور ولن تقوم بصياغته. وان على المجلس تقرير كيفية سير العملية. ولم يتمكن من فهم هذه النقطة ويبدو انها كانت مهمة بالنسبة اليه. وسأل بعد برهة من التفكير 'ولكن ماذا سيحدث اذا ما اوصى المجلس بطريقة لصياغة الدستور تتعارض وفتوى السيستاني؟' وقلت ان افضل اسلوب لضمان الالتزام بالفتوى هو انضمامه الى المجلس. وقال 'آه نعم ولكن ماذا لو وافقت الاغلبية في المجلس على عملية تتعارض مع الفتوى؟'.
واشار سورز الى انه لا يوجد اي احد ممن تحدثنا معهم حول المجلس عارض الحاجة وجود لجنة دستور منتخبة.
وأمضينا الساعة التالية في مناقشة رغبته في تكليف ابنه للعمل في المجلس بدلا منه والتزمنا بصرامة بموقفنا. وقال السيد بحر العلوم 'سعادة السفير انتم تصرون على أن أنضم شخصيا إلى المجلس، هل هذا صحيح؟'. لقد كانت تلك 'لحظة حاسمة' في تاريخ العراق. فالزعماء البارزون في المجتمع يجب أن يشاركوا في المجلس لكي يقوم بدوره بنجاح. وان مجلس الحكم أفضل موقع للتأثير في الأمور التي تهم 'مواطنيه'.
وبعد ان استمع لي أعاد السيد بحر العلوم طرح مقولة ان المحافظات الشيعية في الجنوب لم تمثل تمثيلا كافيا. والا نستطيع إضافة ثلاثة أعضاء من هناك؟ وقلنا ان الوقت قد فات فنحن ننوي الإعلان عن المجلس في اليوم التالي.
وأضفت بخبث نوعا ما 'ربما يرغبه المجلس في توسيع نفسه بطريقة متوازنة لاحقا. وبالطبع فإن هنالك محاف
ظات أخرى قد تشعر بأن تمثيلها غير كاف' وقال وقد اتسعت ابتسامته 'حسنا، كنت أنوي إثارة هذا الأمر بنوع من الإصدار وبما انكم قد أقنعتموني بالانضمام إلى المجلس، فجاءتني فكرة أن أرى كيف أثأر منكم'.
وعليه بحلول مساء السبت 12 يوليو كنا قد توصلنا إلى مجلس من 25 عضوا.


يوم تاريخي
كان يوم الأحد 13 يوليو يوما تاريخيا، بالنسبة لجميع العراقيين ولكن لم يخل من عقبات اللحظة الأخيرة كما هو الحال في هذا البلد. فقد وصل الجلبي إلى نطقة تفتيش مبنى المجلس مع أربعة من مساعديه وذلك بالرغم من الشرط الذي وضعه المسؤولون الأمنيون أن كل عضو في في مجلس الحكم يمكنه اصطحاب شخصين فقط لحضور الحفل. ولم يحاول أي عضو آخر من أعضاء المجلس انتهاك هذا الشرط، غير أن الجلبي هدد بأنه سيعود أدراجه إذا لم نسمح لهم جميعا بالمرور.
وبعثت سكوت كاربنتر إلى الحاجز الذي تحميه أكياس الرمل برسالة 'ان القاعدة تقول: اثنان فقط، وعد إلى بيتك ان كنت تفضل ذلك'. وابعد الجلبي اثنين من مساعديه.
وفي منتصف صباح ذلك اليوم اتصل سيرجيو دي ميلو من المطار ليقول لي انه وصل المطار متأخرا ولكنه في طريقه إلى المدينة.
وكان الترتيب الذي اتفقنا عليه مع بريطانيا والأمم المتحدة وأعضاء المجلس ان يتجمع أعضاء المجلس الخمسة والعشرون في مبنى لا يبعد كثيرا عن القصر. وهو مبنى استطاع بات كنيدي أن يعيده بمعجزة إلى فخامته السابقة وكانت الخطة أن تشكل المجموعة نفسها كمجلس للحكم. (وقد عرفت هذه الخطوة بيننا باسم: الحمل بلا دنس).
وبعدها يمكن للمجلس الذي يمني نفسه بأن 'يستدعي' الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا لعقد اجتماع سري خاص يبلغ من خلاله الثلاثة انهم شكلوا مجلس الحكم. وبعد الغداء ستعد قاعة كبرى حيث يقدم أعضاء المجلس أنفسهم للصحافة العالمية.
ووصل سيرجيو ان ميلو في حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا وجاء مباشرة إلى مكتبي، وتبادلنا سورز وسيرجيو وانا الحديث حوالي 45 دقيقة عندما أبلغنا ان المجلس مستعد لاستقبالنا. وذهبت وسورز إلى قاعة المؤتمرات معا وذلك حتى يصل سيرجيو إلى القاعة وحده.
وتم اختيار السيد بحر العلوم من قبل أعضاء المجلس كمتحدث باسمهم في ذلك اليوم احتراما لسنه بالرغم من أن عدنان الباجه جي كان أكبر سنا منه.
وبينما كان أعضاء المجلس يجلسون حول الطاولة البيضاوية، أشار بحر العلوم الى الاهمية التاريخية لذلك اليوم وابلغنا ان المجلس قد اصدر مسبقا قرارين الاول، يلغي كافة عطلات حزب البعث بما في ذلك يوم 17 تموز ذكرى ثورة صدام، كما اعلنوا ان التاسع من ابريل 'يوم التحرير' هو عطلة وطنية.
وسألني السيد بحر العلوم ان كنت اود الحديث، واقترحت ان يمنح الفرصة اولا لسيرجيو دي ميلو الذي القى كلمة موجزة، وبعدها اصر بحر العلوم ان ألقي كلمة ووافقت فقد كان ذلك يوما تاريخيا بالنسبة للعراق والعراقيين. وقلت في كلمتي ان 'مجلس الحكم يعد الخطوة الاولى في رحلة سنقوم بها جميعا نحو هدفنا المشترك لاقامة حكومة ديموقراطية تمثل الشعب العراقي'، وانهيت كلمتي بالقول ان 'مجلس الحكم ستكون له سلطات فعلية وان التحالف على استعداد لتقديم يد المساعدة بكافة الطرق الممكنة، لاننا معا سوف نحقق النجاح'.
وبعد فترة قصيرة من تناول الغداء، انتقلنا الى قاعة المؤتمرات القريبة وجلست ودي ميلو وسورز في الصف الامامي، وبعد مضي عشرين دقيقة، بدأ توافد اعضاء المجلس حيث اخذوا مقاعدهم على المنصة في شكل نصف دائري وكانت خلفهم خريطة بسيطة للعراق وعبارة مجلس الحكم.

لن يتوقف عن الحديث
في المؤتمر الصحفي لاعلان تشكيل مجلس الحكم قرأ السيد بحر العلوم 'البيان السياسي' الذي اصدره المجلس في ذلك الصباح وقد اشار فيه الى ان المجلس 'تم تشكيله بمبادرة عراقية وطنية' وحددت الوثيقة اهداف المجلس بتوفير الامن للمواطنين العراقيين.
وبعد القاء البيان جاء دور اسئلة مراسلي وسائل الاعلام. وكان اول المتكلمين مراسل هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) الذي قال 'هل صحيح ان هذا المجلس ما هو الا مخلوق اميركي، ليس لديه سلطات بل انه حقيقة لا معنى له؟'. امسك الطالباني بالمايكروفون ووبخ المراسل الذي يمثل 'سادتنا الاستعماريين السابقين'، ان 'بي بي سي' لم تذكر الحقيقة حول العراق، واضاف الطالباني 'ان المجلس يعد اكثر حكومة تمثل العراق' وشرع يعدد سلطات المجلس وألمح الى ان المراسل لا يعرف ما يتحدث عنه.
بعدها قدم مراسل قناة تلفزيون الجزيرة، التي كثيرا ما تهاجم التحالف، كلمة في شكل سؤال طرحت ما ذكره مراسل 'بي بي سي' وقد احدث هذا الامر سلسلة من ردود الفعل في اوساط اعضاء مجلس الحكم.فقد دحض الباجه جي بشدة التلميح القائل 'ان المجلس العوبة'، واشار الى انه من الافضل بالنسبة لوسائل الاعلام العربية ان تلفت الانظار الى التغيرات الفعلية التي تجرى في العراق.
وهاجم نصرت الجادرجي الجزيرة 'اقول هذا للاعلام العربي: توقفوا عن تقديم النصائح للعراقيين لمقاتلة الاميركيين'، وقوبل ذلك بعاصفة من التصفيق من الحضور ومن بينهم، حسب ما لاحظنا، بعض الصحافيين العراقيين.
وقاد ذلك السيد بحر العلوم الى الوقوف حيث قال 'كل تغطيات التلفزيونات العربية للحرب والتحرير غير متوازنة ومنحازة ضد العراقيين'، وقال، وقد ارتفع صوته الى درجة قريبة من الصياح، 'ان وسائل الاعلام هذه ظلت تهددنا منذ اول يوم من بداية الحرب والى اليوم!'، وحال جلوسه على المقعد كان المزيد من التصفيق مما ادى الى وقوفه مرة اخرى. 'انتم ممن تمثلون (الجزيرة) و(العربية) وغيرهما، لم تغطوا البتة الفظائع التي ارتكبها صدام حيث قتل مئات الالوف من العراقيين! وقضى على العراقيين بالغاز! لماذا لم تعرضوا المقابر الجماعية على مشاهديكم؟!' وارتفع المزيد من التصفيق عندما عاد السيد بحر العلوم الى الجلوس. وقد حثه الطالباني على الحديث مرة اخرى، وراق ذلك بحر العلوم الذي بدا وكأنه لن يتوقف عن الحديث.
بعد ذلك جاء دور واحدة من ثلاث نساء في المجلس اي الدكتورة رجاء وهي من الديوانية وقالت 'خلال الخمس والثلاثين سنة الماضية ساعدت في توليد آلاف النساء العراقيات، والآن وللمرة الاولى في تاريخ العراق الحديث. سيكون للمرأة العراقية موقع في المجتمع. ويشرفني ان العب دورا في ميلاد اليوم العراقي الوطني الجديد'.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shiaatalmosel.yoo7.com
ابنة الحدباء
مشرفة
مشرفة
ابنة الحدباء


انثى
عدد الرسائل : 385
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالأربعاء 4 أبريل - 16:11

رأيي بمقتدى الصدر لم يتغير
ضقت ذرعا بألاعيب السياسيين العراقيين وانعدام حس المسؤولية لديهم
عامي في العراق لبريمر 08




بغداد: يونيو 2004
ظل الوضع الامني يشكل مشكلة كبيرة في ظل تكثيف الارهابيين والمجموعات المتمردة لنشاطها في بغداد والمثلث السني مع تحول العراق الى الديموقراطية.
في هذه الفترة كانت لدي ايضا رغبة في تكريم عدد من العراقيين الذين عملوا بلا كلل في ظل هذه الظروف الصعبة والمحفوفة بالمخاطر في الغالب من اجل صنع مستقبل العراق.
كان علي بادئ ذي بدء ان اساعد عدنان الباجه جي الذي كان يخطط للالتحاق بزوجته في ابوظبي، على مغادرة العراق بكرامة فتوجهت جوا الى المطار يوم 2 يونيو برفقة كل من سكوت كاربنتر وديفيد ريكموند لتوديع الرجل، وكان قبل يومين من رحيله قد تعرض لانتقادات وسائل الاعلام بسبب عضويته في حزب البعث سابقا. وهذا ما جعله يرى في قبوله بمنصب الرئيس عامل ارباك محتمل للحكومة الجديدة.
تحدثنا معا عن حاجة اعضاء الحكومة الى التعاون وابديت له انطباعي بان الانقسامات الطائفية التي طغت على رجال السياسة العراقيين في مجلس الحكم كانت اقل وضوحا بين المواطنين العاديين. وهو انطباع تولد لدي بعد عام من التجول في انحاء البلاد، ومحاورة الاف العراقيين.
وعبرت له عن املي في الالتقاء من جديد في واشنطن واعدا اياه بتحضير وجبة دسمة له ولزوجته وقلت له: 'سأغضب منك كثيرا ان علمت انك زرت المدينة ولم تتصل بي'.




مع علاوي والجنرالاتفي اليوم التالي، اجتمعت انا والجنرال ابي زيد والجنرال سانشيز برئيس الوزراء اياد علاوي بمكتبه للتشاور بشأن رسالة كان قد بعث بها الى الامم المتحدة تتعلق بالقرار الذي يعكف مجلس الامن على التداول بشأنه والذي يرمي الى تأييد الحكومة العراقية المؤقتة، وتحديد المسؤوليات الامنية المنوطة بقوات التحالف بعد 30 يونيو كما تسلط الضوء على دور الامم المتحدة في العملية السياسية المتطورة.
ولما غادر الجنرالان عقدنا انا وعلاوي اول جلسة احاطة يومية ضمن سلسلة من جلسات تلت.. وكان خبراؤنا قد اعدوا كتابا ضخما يشمل اكثر من 40 موضوعا بما فيها تدريب قوات الامن العراقية، ووضع السياسة النقدية الخاصة بالعراق ومواصلة الاصلاح الحكومي المحلي، ووضع ميزانية الحكومة العراقية لعامي 2004 و2005، ومحاربة الفساد وتعزيز اجهزة المخابرات، وتشديد المراقبة على الحدود، والتفاوض بشأن الديون العراقية، وتحديد مستقبل الشركات المملوكة للدولة وتنويع اوجه الاقتصاد العراقي بعيدا عن فرط الاعتماد على النفط وما الى ذلك.
وحين حمل علاوي الكتاب الثقيل بيده الضخمة رمى بنظرة الى الروزنامة وكأنه يحاول ان يقيس عدد الصفحات على الايام المتبقية من الشهر، وسألني قائلا: 'سنلتقي غدا من جديد اليس كذلك سعادة السفير؟' واجبته 'بل كل يوم الى حين مغادرتي وبقدر ما ترغب انت في ذلك'.
وقد التقينا في الاسابيع التي تلت اكثر من ثلاثين مرة وكانت اجتماعاتنا تشمل في الغالب تقرير احاطة يستعرضه استشاري رفيع حول النفط والكهرباء وما الى ذلك، ثم اجتماعا ثنائىا يضمني مع رئىس الوزراء لمناقشة المزيد من القضايا ذات الطابع السري.




تباين شيعي - كرديفي الليلة التالية اقمت مأدبة عشاء دعوت اليها اعضاء مجلس الحكم السابق وحضر معظمهم بمن فيهم الرئىس الجديد ورئىس الوزراء، وقبل تناول العشاء بقليل سلمني عماد ضياء نسخة من كتاب تأييد فاتر من آية الله السيستاني للحكومة الجديدة، وجاء في آخر جملة من الكتاب 'ينبغي الا يكون المجلس الوطني المنتخب حتى العام المقبل مقيدا بقانون الحكم المؤقت'.
فقلت لضياء 'ان هذا سيسبب مشاكل' وهذا ما حدث وعلى الفور، فأثناء العشاء سحبني احد زملاء البرزاني جانبا ليلبغني 'رسالة مستعجلة' من الاخير تعبر عن استيائه من خلو مسودة قرار الامم المتحدة الحالية من اية اشارة الى قانون الحكم المؤقت.
وانخرط الرجل في شكوى مملة من المعاناة الطويلة التي تكبدها الاكراد ملوحا باحتمال تغيير موقفهم من الحكومة الجديدة في حال لم يتم ارضاؤهم، والحقيقة انني ضقت ذرعا بموضوع المواقف السياسية فقلت له 'سيكون انسحاب الاكراد الآن ضربا من التهور وانعدام حس المسؤولية ثم ان الاكراد استفادوا من العملية السياسية اكثر من اي طرف آخر خلال الاشهر الاربعة الاخيرة بفضل جهودنا'، ورد قائلا: 'ربما لكن الشارع الكردستاني ملحاح' وهززت رأسي معلقا: ومن اجل هذا وجد الزعماء من اجل ان يبينوا للناس الامكانات المتاحة'!




مشكلة حقيقيةكانت مسألة الاشارة الى قانون الحكم المؤقت في قرار الامم المتحدة تمثل معضلة حقيقية.
وفي المساء نفسه بعث الي السيستاني برسالة جديدة تقول انه سيتعين عليه ان يصدر بيانا آخر ان تضمن قرار الامم المتحدة اشارة الى قانون الحكم المؤقت، فاتصلت بستيف هادلي مقترحا ان يؤيد الرئىس بوش هذا القانون في خطابه الاذاعي الاسبوعي، واشرت الى ان قرار الامم المتحدة يؤيد فكرة الفيدرالية التي يتوق اليها الاكراد، وكذلك موعد انتخابات يناير 2005 وذلك كطريقة لرتق الفتق بين مطالب السيستاني والاكراد.
وفي جلسة الاحاطة الاستخبارية الصباحية ليوم 5 يونيو وصلتنا اخبار طيبة من النجف، اذ علمنا بانسحاب رجال مقتدى من صحن مرقد الامام علي في الليلة الماضية ودخول الشرطة العراقية اليه مما يعني ان الازمة قد انفرجت بشكل مؤقت، وها هي حكومة عراقية سيستعين عليها الآن ان تتعامل مع مقتدى الذي لم يتغير رأيي فيه منذ ظهر على الساحة قبل عام مضى.
الا ان الوضع في الفلوجة كان يبعث على القلق فالتقارير تشير الى ان كتائب الفلوجة ما زالت تخيب آمال المارينز في ان تعينه على فرض النظام في المدينة.
وبعد مرور يومين اخبرني رئيس الوزراء علاوي باسما ان مسعود البرزاني قد اتصل به في الصباح مضيفا: 'هناك اخبار طيبة بخصوص قرار الأمم المتحدة'.
لقد ابتهج البرزاني الان لكون القرار سيشير الى الفدرالية والحقوق الكردية، فيما لن تأتي مسودته على ذكر قانون الادارة المؤقت صراحة، كما سره ان بوش ايد في خطابه الاذاعي الاسبوعي هذا القانون وهذا ما كنت ارجوه.
وختم علاوي معلقا: 'اظن ان المسألة انتهت الآن' وحمدت الله في نفسي ان مشكلة واحدة وجدت لها حلا.
انتقلنا لمناقشة امر مقتدى الصدر وقلت لرئيس الوزراء انه لمن المؤسف حقا اننا اغفلنا حل هذه المسألة، وان حكومتنا سيتعين عليها ان تجد طريقة للتعامل مع الرجل. واجاب بانه على الشرطة العراقية الا تحاول اعتقال الصدر قبل 30 يونيو. وحين اثرت قضية اعمال التمرد، قال علاوي انه يميل الى فتح نوع من الحوار مع المتمردين.




رسائلي مع السيستانيوفي يوم 8 يونيو اعتمد قرار مجلس الامن 1456 بالاجماع وتضمن ترحيبا بالحكومة الانتقالية في العراق باعتبارها تمثل 'مرحلة جديدة لانتقال العراق الى حكومة منتخبة بشكل ديموقراطي' بالاضافة الى تأييد صريح للجدول الزمني المنصوص عليه في قانون الادارة المؤقت، ولتنظيم الانتخابات في 31 يناير 2005، وارفق القرار برسائل من علاوي والوزير باول تحدد دور قوات التحالف متعددة الجنسيات.
وبعد ظهر ذلك اليوم، اتى ضياء برسالة اكثر تعبيرا عن الرضا من آية الله السيستاني، وبدا انه كان 'مسرورا' بما آلت اليه الامور في العتبات المقدسة وبالحكومة الجديدة ورئيس الوزراء ولكون قرار الأمم المتحدة لم يذكر صراحة قانون الادارة المؤقت وايد موعد تنظيم الانتخابات في يناير 2005، وختم رسالته بالقول: 'ان حواري مع السفير بريمر خلال العام الماضي كان مفيدا للغاية وآمل ان يستمر هذا'.
ورغم ان آية الله كان رافضا للالتقاء بسلطات الاحتلال، فانني تبادلت معه طيلة الشهور الاربعة عشر الماضية ما يزيد عن 30 رسالة عبر وسطاء عديدين، وهي رسائل أعتبرها من ناحيتي ايضا 'مفيدة جدا'.

العد التنازليكان العد التنازلي قد بدأ، ولم يبق امامنا سوى القليل لننقل السيادة الى العراقيين واغادر انا. لذلك شرعت في مناقشة المسائل البروتوكولية والامنية المتعلقة بعملية نقل السيادة في اطار السرية.
وكان لا بد من التخطيط للوضع بعناية، وتشديد المراقبة في ظل آخر المعلومات الاستخباراتية التي كشفت وجود 'مؤشرات قوية' على هجمات ارهابية كبيرة يتوقع شنها يوم الاربعاء 30 يونيو.




الموعد المحدد لنقل السلطةوالى جانب تدارس القائمة الطويلة من القضايا مع رئيس الوزراء، كنت اود توديع كثير من العراقيين ممن عملت معهم طيلة الشهور الاربعة عشر الماضية.
وفي 13 يونيو اجريت مكالمة وداع مع نائب الرئىس ابراهيم الجعفري الذي استضافني على وجبة رائعة كان الطبق الرئىسي فيها مصنوعا من الباذنجان كالعادة. وشرع الجعفري يدلي برأيه في انواع مختلفة من المواضيع وهو لا يكاد يتوقف لحظة لالتقاط انفاسه فتحدث عن الفلاسفة اليونانيين وعن هتلر وستالين وصدام وجورج واشنطن وجون آدامز وقدم تكهناته بشأن مستقبل الحكومة العراقية الجديدة.
هنأته على قبوله بمنصب نائب الرئيس، وعندما كنت اغادر بيته وجدتني افكر في الرجل باعتباره ما زال السياسي الاكثر شعبية في البلاد. فهو اسلامي لكنه يتحدث بفخر عن زوجته التي تعمل ايضا طبيبة.






مراقبة ومحاسبةومن بين الغايات الاكبر التي كنا نسعى الى بلوغها، فرض نظام للمراقبة والمحاسبة في الحكومة بعد تجربة الحكم الفردي المركزي الطويلة.
وذات صباح وصلتنا تقارير عن حدوث هجمات تخريبية عدة ضد انابيب النفط الاستراتيجية في الجنوب، وفي الساعات الاولى من فترة بعد الظهر اتضح مدى الدمار الذي لحق بالانابيب، وبعد ساعة واحدة تلقيت تقريرا يفيد ان انبوب النفط وطوله 48 انشا الذي يربط الحقل التابع لشركة نفط الجنوب بالفاو ومحطات شحن النفط الى الخارج تعرض بدوره للهجوم ظهرا في جنوب غرب البصرة.
وكانت التقارير الاستخباراتية قد اشارت الى تخطيط الارهابيين لشن موجة من الهجمات وتكثيفها بحلول 30 يونيو، وهي هجمات تشمل تخريب البنية التحتية النفطية.
وكان لا بد من التفكير جديا في مسألة الأمن استعدادا ليوم 30 يونيو.




مباغتة المعارضةوفي يوم 17 يونيو سمعت فكرة مفاجئة من رايس في اتصال هاتفي، اذ اخبرتني ان الرئيس 'يرغب في مباغتة المعارضة بتقديم موعد نقل السيادة يومين'، ووجدتها فكرة لا بأس بها مقترحا موافقة علاوي عليها.
ولا شك ان المتمردين لم يتوقعوا هذا. غير انني وضعت شرطين وألححت عليهما وقلت لها: 'لا بد لنا ان نبقي على هذا طي الكتمان حتى آخر لحظة، وإلا دفعنا الارهابيين الى التحرك اكثر'.
وشددت ثانيا على ان تسبق نقل السيادة المبكر ايام عدة من الهدوء النسبي، وقلت: 'ينبغي الا يبدو الامر وكأننا نريد ان ننفذ بجلدنا من هنا كوندي'.
فوافقت على الاقتراحين ووعدت انا بعرض الفكرة على علاوي، وفي اليوم التالي اثرت المسألة مع رئيس الوزراء مشيرا الى تزايد المعلومات الاستبخاراتية المتواترة حول الهجمات الارهابية التي يتوقع شنها في 30 يونيو، فوافق على الشرطين واتفقنا على تحديد يوم نقل السيادة في غضون اسبوع تقريبا.
في 20 يونيو قامت جودي فان ريست، وهي من اكثر الخبراء السياسيين حيوية ونشاطا في فريق سلطة التحالف المؤقتة، باطلاع علاوي على فحوى برنامج ارساء الديموقراطية الذي وضعناه وشرحت له اولا الدوافع وراء اعطاء الاولوية لهذه الجهود، مشيرة الى ان الديموقراطية لا تقف عند مجرد تنظيم الانتخابات بل تعني اكثر من ذلك بكثير، ويرمي الجزء الاكبر من البرنامج الى بناء المؤسسات والمنظمات التي تشكل ما نطلق عليه نحن في الغرب 'المجتمع المدني'، فالعراقيون في امس الحاجة 'الى ادوات امتصاص الصدمة' هذه بعد عقود عاشوها في ظل الاستبداد.
وتابعت جودي تقول: 'اننا نقيم هذه المؤسسات في كل انحاء العراق، ومكاتبنا الاقليمية خلقت عشرات المراكز المعنية بشؤون حقوق الانسان والمنظمات غير الحكومية، والجمعيات القانونية، ولدينا موارد مالية مرصودة لتأسيس المراكز النسائية في كل المحافظات الثماني عشرة، تسعة منها في بغداد، كما خصصنا مئات الملايين من الميزانية العراقية لدعم عملية تسجيل الناخبين، وقطاع التعليم، وكذا تنظيم انتخابات يناير.
وعلق علاوي قائلا: 'هذا عمل رائع' مضيفا: 'ارجو ان يتوفر بعض المال لتأسيس مركز دراسات مستقل.. فاذا كان العراق مقدما على التحول الى بلد حديث فسنحتاج الى مثل هذه المؤسسات التي من شأنها ان تساعد الشعب العراقي على تعلم المبادئ الاساسية للديموقراطية'.
كللت جهودنا الرامية الى معالجة مشكلة الاحزاب في يونيو بصدور قانون سرعان ما ايدته حكومة العراق الانتقالية، وينص على حظر أي ميليشيا غير منخرطة في الاجهزة الامنية للحكومة الجديدة او في عملية التدريب على الحياة المدنية، كما اسسنا ادارة لقدماء المحاربين للاشراف على تسجيل واعادة تسجيل افراد الميليشيات وكذا عناصر الجيش السابق.
ولم تكن لدينا اي ضمانات تكفل احترام الاتفاقات المتعلقة بالميليشيات التي تولى ديفيد غومبيرت التفاوض بشأنها، ولكن بما ان البديل الوحيد المتاح امامنا هو استخدام القوة ضد كل هذه المجموعات بما فيها حلفاؤنا البشمركة، فقد شعرنا بأننا حققنا صفقة جيدة ضمن الحدود ا لممكنة، اذ مكنا العراقيين على الاقل من فرصة فرض السيطرة على الميليشيات وضبطها، ولكن هل ستكون الحكومة العراقية الجديدة حريصة على انفاذ القانون والوفاء باتفاقات اعادة الاندماج؟
وفي يوم 22 يونيو، حيث لم يبق على مغادرتي سوى ستة ايام قضيت اليوم خارج بغداد. اذ ذهبت جوا الى كركوك بصحبة الرئيس غازي الياور، وديفيد ريكموند وفريق كبير من الصحافيين، وكانت تلك زيارة وداعية، لكننا اردنا في الواقع ان نخفف قليلا من وطأة التوتر الذي ما زال مخيما على المدينة.
انضمت الينا وزيرة الترحيل والهجرة باسكال وردة وهي مسيحية، يتعين على وزارتها الاضطلاع بدور كبير لمحو آثار 35 عاما من اعادة التوطين القسري في كركوك. وقد نص قانون الادارة المؤقت على تأجيل القرار المتعلق بالوضع النهائي لكركوك بعد مفاوضات عسيرة مع الاكراد الذين ظلوا يحاولون المطالبة بأراض هناك، اذ تتنافس الاحزاب السياسية الكردية فيما بينها لتحقيق السبق، لقد كانت كركوك اشبه بقمقم العفريت، وبالتالي سنكون محظوظين اذا لم ينفتح قبل انتخابات يناير.
ومن الافكار التي شجعتها انشاء ووقف مؤسسة كركوكية لتنمية المشاريع تستفيد منها مختلف الاثنيات، ورصدت لذلك 50 مليون دولار من الميزانية الوطنية العراقية، واقنعت الاكراد بالم
ساهمة ب 50 مليون اضافية، ولا شك في ان مؤسسة بهذا الوقف، يديرها مجلس ادارة من اثنيات مختلفة، ستكون قادرة على تنفيذ عدة مشاريع مهمة كل عام، لكن ذلك سيظل رهنا بمدى استعداد كل مجموعة للتعاون مع الاخرى.
وبعد الاعلان عن هذه المؤسسة في حضور اعيان المدينة انتقلنا بالهليكوبتر الى مهبط صغير في ملعب لكرة القدم بالقرب من معقل مسعود البرزاني الجبلي.
وبعد نزولي من الهليكوبتر استقبلني هذا الاخير ودعاني بحماس الى ان انسى برنامج الزيارة قائلا: 'لا يمكنك ان تغادر العراق دون ان تمنحني فرصة اطلاعك على جمال كردستان، لكي اضمن عودتك الى هنا برفقة زوجتك في يوم من الايام'.

وداع النساءيوم السبت 19 يونيو كان قد حان الوقت لتوديع عدد من الشخصيات النسائية العراقية، ممن عملت معهن طيلة العام الماضي من اجل النهوض بحقوق المرأة. واقمت مأدبة غداء على شرف ممثلات اهم الهيئات النسائية في العراق والوزيرات ونائباتهن في الحكومة الجديدة. وقلت مازحا: 'علي ان اتوخى الحذر وانا اخبر زوجتي انني تناولت الغداء اليوم بصحبة 50 سيدة'.. وبعد ان خبا صوت الضحكات علقت سيدة متحذلقة: 'ان ذلك افضل بكثير من ان تتغدى مع امرأة واحدة'.

وداع حسين الصدركان لقاء الوداع بآية الله حسين الصدر في بغداد يتطلب اتخاذ اجراءات احترازية امنية مكثفة قدر الامكان، وألح علي فرانك غالاجر الا اذهب الى منزله ليلا. فرتبت لزيارة الرجل في وقت الغداء. ومع ذلك، لم يكن فرانك سعيدا بمرافقتي نهارا في ظل تدفق معلومات استخباراتية تتوقع تفاقم الهجمات.
استقبلني آية الله بحفاوة في مكتبه الذي يعج بالكتب، وبعد تناول المرطبات، ووجبة الغداء ثم الشاي تحدثنا في كل المواضيع، بما في ذلك دور الدين، وأهمية الأسرة أينما كان، وتطوير الديموقراطية العراقية، وحاجة الشرطة الى مزيد من الأسلحة. وفي نهاية الزيارة، نظر آية الله إلي وشرح لي ما يعنيه التحرير بالنسبة له قائلا: ان رجال المخابرات في عهد صدام كانوا يباغتونه في بيته ليلا ويسوقونه للاستجواب والتعذيب.
واضاف: 'سعادة السفير، كنت طوال سنوات عدة اجد صعوبة في الاستسلام للنوم خشية ان يقتلوني وانا نائم. اما الآن فإنني أنام كطفل صغير'.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shiaatalmosel.yoo7.com
ابنة الحدباء
مشرفة
مشرفة
ابنة الحدباء


انثى
عدد الرسائل : 385
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالأربعاء 4 أبريل - 16:13

ازددت شيبا خلال عام
عامي في العراق لبريمر 09

فاجأنا مقتدى الصدر باعلان وقف النار ضد قوات التحالف




بعد اجتماع خاص جمعني عصر يوم 23 يونيو مع رئيس الوزراء (علاوي) اتفقنا على محاولة نقل السيادة في يوم الاثنين 28 يونيو في حال سمحت الظروف الامنية بذلك.
غير ان اليوم التالي بدأ باربع هجمات بمدافع الهاون عند الساعة الخامسة وخمس واربعين دقيقة صباحا، وسمع صوت الانفجارات في المنطقة الخضراء.
وفي صباح ذلك اليوم، ذكرت الجنرال بربارة فاست في تقرير الاحاطة الاستخباراتي الذي قدمته ان المعلومات الاستخباراتية تشير الى وصول الارهابيين من الغرب والجنوب الى بغداد لتنفيذ تفجيرات بالسيارات المفخخة وهجمات اخرى في يوم 30 يونيو، وفي حال تفاقمت اعمال العنف في الايام القليلة المقبلة سيتعين علينا العدول عن مناورة تقديم موعد نقل السيادة لان ذلك سيبدو وكأننا طردنا.




في وداع بحر العلوم
بعد الاجتماع ذهبنا لتوديع السيد محمد بحر العلوم في مكتبه ووجدته في مزاج جيد فخاطبني ضاحكا 'قد زاد عدد الشعر الابيض في رأسك اليوم عن قبل لدى وصولك منذ عام سعادة السفير'، واجبته 'انت دقيق المراقبة يا سيد' واضفت وانا اشير الى الشعر في صدغي الايمن: 'هذه الشعرات ابيضت بسبب السنة وفي الخلف بسبب الاكراد وهذه في الاعلى بسبب الشيعة امثالك' فضحك ضحكة خافتة، وعندما سألته عما اذا وجد التعامل مع الاميركيين الذين يديرون الحكومة صعبا اجاب ضاحكا 'فلننتظر ونرى ما يكون عليه التعامل مع العراقيين'.
واضاف 'لدي اقتراح سعادة السفير، سأغفر لك كل خطاياك على ان تغفر لي انت خطاياي ايضا، واجبت 'انا موافق يا سيد'.
وفي فترة الظهر، اعدنا فتح بورصة بغداد واستغرق التداول فيها مدة ساعتين فقط، لكن سجلت رقما قياسيا من حيث عدد الاسهم المتداولة.




اختبئ اختبئ
ظلت مراعاة الاعتبارات الامنية في تسريع عملية نقل السيادة مدعاة للقلق، وفي يوم الجمعة 25 يونيو استيقظت من جديد على صوت مجلجل يصرخ 'اختبئ اختبئ' وبعد ثوان معدودة وجدتني اركض حافي القدمين باتجاه ملجأ الفيللا حين سقطت قذيفة هاون في المنطقة الخضراء.
واشارت التقارير الاولية الى عدم سقوط ضحايا او حدوث اضرار، ولكن هل سننعم ببعض الهدوء في الايام القليلة التي نحتاجها لتقديم موعد نقل السيادة؟ش
وفي عصر ذاك اليوم طلبت من الجنرال سكوت كاستل وهو المستشار العام لسلطة التحالف المؤقتة ان يرافقني الى اجتماعي اليومي مع رئيس الوزراء ولخص سكوت سياستنا في اعداد ما يزيد عن مائة قانون تم سنها على مدى العام الماضي وقال: 'كنا محافظين سيدي الرئيس، فحرصنا على احترام القوانين العراقية حيثما كان ذلك ممكنا، ولجأنا الى تعديلها عند الضرورة فقط، لخلق بنية قانونية تزدهر في اطارها الديموقراطية واقتصاد السوق الحر'.




جراحة قانونية
لقد اعتمدنا اسلوبا جراحيا بدل استبدال قوانين غربية بالقوانين العراقية، واضاف سكوت قائلا ان فريقه استعان بمحامين عراقيين، كما حرص على التشاور بانتظام مع محامين واساتذة ورجال اعمال عراقيين وتم اشراك الوزارات العراقية المعنية في تحديد الاصلاحات اللازمة ومراجعة مسودات القوانين، وجرى التنسيق بعناية بهذا الشأن مع الحكومة الاميركية وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي والحكومتين البريطانية والاسترالية وتم احترام كل الحدود القانونية التي رسمها القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة.
وختم سكوت كلامه بالقول: 'لقد كانت عملية دقيقة وشاملة للغاية'.
واضفت انا قائلا باننا حاولنا تحديث قانون العراق التجاري لنجعل البلاد اكثر قدرة على المنافسة ومساعدتها على تطوير قطاعها الخاص ليصبح اكثر نشاطا وتنوعا.
وعلق علاوي: 'جنرال كاستل، انا ادرك تماما ان مهمتكم لم تكن يسيرة، ففي عهد صدام كانت هناك عدة قوانين لكنها لم تكن ذات هيبة'.
ولدى مغادرتنا، قدمنا لرئيس الوزراء مجلدات القوانين العراقية الجديدة باللغة العربية وعشرات النصوص الاضافية للاصلاحات المقترحة لتنظر فيها الحكومة الجديدة.




الإرهابيون يخططون للسيطرة على مدينة
يوم السبت 26 يونيو كنت قد خلدت الى النوم للتو حين سقطت اول قذيفة هاون تلتها عدة قذائف بالقرب من المنطقة الخضراء لليوم الثالث على التوالي. فنظرت الى ساعتي وانا اسير متثاقلا في الرواق فوجدت الساعة تشير الى الثانية عشرة وخمس دقائق عند منتصف الليل.
وعندما طلع النهار تبين ان الهجوم لم يلحق اي اضرار بساحة القصر، غير انه كان ينذر بحدوث شيء ما ربما، وفي تقرير الاحاطة الاستخباراتي لذلك اليوم تحدثت الجنرال فاست عن مؤشرات تفيد بتخطيط المتمردين للسيطرة على احدى المدن في 30 يونيو وقد تكون الرمادي او بعقوبة.
مما يعني انهم يريدون ان يوجهوا ضربة الى الحكومة الجديدة قبل ان تخطو اولى خطواتها.
وفي فترة بعد الظهر، تلقينا نبأ مفاجئا يفيد بان الناطق باسم مقتدى الصدر قد اعلن على ما يبدو عن شكل من اشكال 'وقف اطلاق النار' ضد 'قوات التحالف'.
وكانت قد وردتنا اخيرا تقارير موثوقة تقول ان مقتدى يحاول الانضمام الى العراقيين في مكافحتهم للارهابيين. وقلت للجنرال سانشيز 'مهما حدث في الجنوب، فاننا لن نوقف عملياتنا العسكرية ضد مقتدى في مدينة الصدر. فلن ننجر الى حل على نمط ما حدث في الفلوجة' واجاب: 'انا اتفق معك سيدي'.
وفي اجتماع صباحي مع علاوي يوم السبت 27 يونيو اغلقنا علينا باب مكتبه واستعرضنا معا الخيارات المتاحة لتسريع نقل السيادة.
وقلت: 'آمل ان يحدث ذلك غدا.. لكن ذلك سيعتمد على مدى امكان الحفاظ على قدر نسبي من الهدوء اليوم'. واجاب: 'فهمت' وانا موافق'. ووعدت بالاتصال به مرة اخرى في آخر اليوم بعد ان نكون قادرين على تقييم الوضع الامني.
وفي غضون ذلك بدا ان المسؤولين البريطانيين في قوة التحالف المؤقتة قد التقطوا اشاعة تتعلق بالنقل المبكر للسيادة. وقلت لديفيد ريكموند اذا تسربت المعلومة فمعنى ذلك ان كل الرهانات قد طارت.
واجاب قائلا: 'لقد تلقيت تعليمات من لندن بالتحدث مباشرة مع علاوي بشأن نقل السيادة المقترح. وهم يريدون التأكد من انه راغب بالفعل في اتمام ذلك غدا'. وقلت له بشيء من البرود اذا لم يرقني ان تظن حكومته بانني أؤثر في موقفه.وفي نهاية صباح ذاك اليوم، التقيت سرا بالجنرال سانشيز وقلت له: 'نحن نفكر في امكان نقل السيادة غدا ولكن كل شيء سيكون رهنا بضمان قدر من الهدوء النسبي'. ولذلك طلبت من الجنرال ان يلتقي بجميع قادته العسكريين عند الساعة السادسة مساء لتقييم ما كان عليه الوضع الامني خلال النهار. ثم اعود لاجتمع به انا بعد ربع ساعةمن ذلك الاستماع الى تقريره وابحث المسألة لاحقا مع الرئيس.
في ذلك المساء اخبرنا الجنرال سانشيز ان عدد الحوادث لم يتجاوز 19 حادثة في مختلف انحاء البلاد، في حين كان لا يقل عن 40 حادثة يوميا خلال الاربعين يوما الاخيرة. فاجتمعت بعلاوي مرة اخرى وقلت له: ايها الرئيس، بإمكاني ان اؤكد كل عزمنا على المضي قدما في موضوع نقل السيادة غدا.. على انه لا بد من ان احصل على الموافقة النهائية من حكومة بلادي'.
اتصلت بكونداليسا في انقرة، حيث كانت تحضر الى جانب الرئيس اجتماعا ضم رؤساء الدول الاعضاء في حلف الناتو، وقلت لها: لقد مرت بضعة ايام اتسمت بالهدوء ولا توجد تسريبات ولا شك انه اصبح بإمكاننا نقل السيادة غدا'. فردت متنهدة: 'البريطانيون بدأوا يثيرون الشكوى الآن ويتساءلون عما اذا كان الامر سيبدو وكأننا نهرب من مأزق، سيناقش الرئيس وبلير الامر اثناء العشاء الساعة التاسعة والنصف، وسأطلعك على ما دار في النقاش في وقت لاحق'.
وحوالي منتصف الليل تقريبا اتصلت بي رايس قائلة: 'بلير موافق على نقل السيادة غدا' وعقبت بالقول: 'جيد، وانا طلبت من شانشيز ان يطلعني على آخر مستجدات الليلة على الساعة السابعة وخمس واربعين دقيقة صباحا'.
وقالت: 'حسنا، لنتحدث الساعة السابعة وخمس وخمسين دقيقة جيري، ونحسم الامر'.
وعندما كنت منهمكا في التفتيش بين كومة من الوثائق في تلك الليلة، جاءني الكولونيل نوروود بأخبار لا تبعث على الاطمئنان اذ اخبرني عن تعرض طائرة سي.13 اثناء اقلاعها من مطار بغداد للهجوم بأسلحة خفيفة ومقتل مدني من وزارة الدفاع كان على متنها.
كان فرانك غالاغر يقف الى جانب سكوت في الممر ويبدو عليه التجهم.
لقد ازداد افراد المفرزة المسؤولة عن سلامتي طيلة الاسبوع الماضي قلقا بشأن كيفية اخراجي من البلاد حيا. وكنت طيلة فترة تربو على العام استخدم بصورة شبه دائمة الطائرة سي 130 في تنقلاتي بين داخل العراق وخارجه.
وكان هذا النوع من الطائرات مزودا ببالونات حرارية لتضليل معظم الصواريخ ارض جو وليس كلها، وقد اطلقت هذه الصواريخ عدة مرات على الطائرات التي كنت استقلها. والآن يخشى غالاغر ان يحظى الارهابيون بالوقت الكافي لإعداد هجوم صاروخي ضد اي طائرة من طراز سي130.
عرجت على بريان كورماك وقلت له: 'اريد منك ان تضع خطة من خططك السحرية مع فرانك غالاغر وفريق ريك سانشيز لتخرجني من هنا غدا'.
وعدت الى الفيللا وحزمت حقائبي على امل ان تكون هذه آخر ليلة لي في بغداد. ولم يكن احد يعلم بأن الاثنين هو اليوم الموعود ما عدا اقرب المقربين في الفريق المساعد لي. وكان معظمهم يخطط للمغادرة معي يوم الاربعاء على متن طائرة من طراز سي17 الى المانيا.



الاثنين 28 يونيو :2004
جاء سانشيز ليطلعني انا وديك جونز على ما حدث في تلك الليلة وقال 'لم تقع سوى حوادث متفرقة ويبدو انهم ينتظرون حلول يوم الاربعاء'.
واتصلت بكونداليسا في انقرة حسب الاتفاق على الساعة السابعة وخمس وخمسين دقيقة وقلت لها: 'كل شيء جاهز لنقل السيادة اليوم عن الساعة العاشرة صباحا' وردت: 'سأخبر الرئيس اننا مقدمون على الامر'.
وبعد ان تأكد لي اننا مغادرون اليوم ارسلت للرئيس تقريري النهائي. واشرت في رسالتي الى ان العراقيين مبتهجون لتمكينهم من الحرية'.




التحدي الأكبر: مجتمع تسوده الثقة
بذلت قوات التحالف قصارى جهدها لارساء مبدأ الحكومة المسؤولة امام الشعب الملتزمة بسيادة القانون وقدر رسخنا مفاهيم ميزان القوة في الحكومة واحترام حقوق الاقليات في قانون الادارة المؤقت.
ومن نافلة القول ان الواقع السياسي في العراق حال للاسف دون تنفيذ اصلاحات اقتصادية عدة.
وعلى صعيد آخر، لفتت انتباهه الى جهودنا في مكافحة الفساد وكتبت: 'سيستغرق الامر سنوات عدة قبل ان تنقلب الاوضاع في هذه المؤسسات'، وفي معرض حديثي عن الضرر الذي الحقه حكم صدام بالبنية التحتية في العراق كتبت قائلا: 'ان افدح ضرر لحكمه لحق البنية التحتية النفسية للشعب العراقي' اذ عاش افراده في غرفة مظلمة لعقود عدة تعلموا خلالها الا يثقوا في احد وسيكون بناء مجتمع تسوده الثقة تحديا ضخما في ظل قسوة الحياة اليومية.
وعبرت في كتابي الى الرئيس عن خيبتي ازاء عجزنا عن خلق بيئة آمنة فقد اثبتت المجموعات المتمردة انها اكثر تنظيما، وان اختراقها اصعب مما كنا نتوقع والارهابيون التابعون للقاعدة والزرقاوي استطاعوا ان يحولوا العراق الى الخط الامامي لحربهم الشيطانية.
وبما ان قيام حكومة ديموقراطية يتعارض مع توجهاتهم فاننا نتوقع مزيدا من العنف في الاشهر المقبلة'.



حوالي الساعة التاسعة صباحا من يوم 28 يونيو، بعث مكتب الاتصالات الاستراتيجي التابع لسلطة التحالف المؤقتة بكتاب الى الصحافة ووسائل الاعلام للاعلان عن مؤتمر صحفي نزمع عقده انا ورئيس الوزراء اياد علاوي، وعندما وصل الصحافيون الى مبنى مجلس الحكومة السابق جمع موظفونا الهواتف النقالة الخاصة بكل صحافي منعا لانتشار الخبر فور الاعلان عنه حتى اتمكن من مغادرة العراق.
وعند الساعة التاسعة وخمس وخمسين دقيقة استقللت انا وديفيد ريكموند سيارة دفع رباعي مصفحة وتوجهنا الى مبنى الحكومة، وعرجنا على مكتب رئيس الوزراء، حيث كنت اجتمع به احيانا كثيرة خلال الشهر الماضي، وكان علاوي قد دعا الرئيس غازي إليادر ونائبه برهم صالح للحضور، وجلسنا لندردش مع رئيس الجهاز القضائي مدحت المحمود في انتظار دخول الصحافيين الى القاعة.
وادراكا منا لمدى اهتمام الرئيس بالحدث، طلبت كونداليسا من برايان ماكور ماك ربط اتصال هاتفي مفتوح مع فريقها في أنقرة حيث كان بوش يجلس الى جانب قادة حلف الناتو حول طاولة النقاش.
وعندما هدأت الامور قليلا داخل المكتب وقفت وفتحت ملفا من الجلد الازرق اللون لا ادري من اين وقع عليه برايان وتلوت رسالة كنت قد وقعتها في ذلك الصباح وتنص على نقل السيادة رسميا الى الشعب العراقي وحكومته ثم سلمت الملف بشيء من التأثر الى رئيس الجهاز القضائي.
وفي أنقرة علمت كونداليسا رايس من برايان ان عملية نقل السيادة قد تمت فخطت على ظهر ورقة ما يلي: 'العراق اصبح سيد نفسه، رسالة نقلت عن بريمر في الساعة العاشرة وست وعشرين دقيقة بتوقيت العراق' وسلمت الورقة الى وزير الدفاع رامسفيلد الذ كان يجلس خلف الرئيس مباشرة وانحنى الوزير قليلا ومدها الى بوش الذي عرضها بدوره على بلير الجالس الى جواره بعد ان خربش عليها 'لتسود الحرية'.
قام علاوي وغازي بمرافقتي انا وديفيد ريكموند الى السيارة وتصافحنا مودعين فقلت لعلاوي: 'بلادك بين يديك الآن، فاعتني بها جيدا'، وما ان عدت الى القصر حتى كان خبر نقل السيادة قد شاع، ووجدت جمعا غفيرا ينتظر امام مكتبي بعضهم يبكي وبعضهم مبتهج. وكان ديك سانشيز في انتظاري داخل المكتب ودعوته الى مرافقتي الى الممر لتوديع المدنيين والعسكريين الموجودين في الخارج، وبعدذلك نزلت الى المدخل الرخامي للمرة الأخيرة وصعدت الى السيارة باتجاه منطقة مهبط الطائرات الخاص بنا.
كان الجنود قد جهزوا مروحيتي شينوك لنقل الصحافيين وفريق العمل الخاص بي بالاضافة الى اغراضي. وكلف علاوي نائبه لمرافقتي حتى المطار ولآخر مرة اقلعت من المنطقة الخضراء الى مطار بغداد، وحطت المروحيتان خلف طائرات عدة مموهة من طراز سي 130، احداها كانت معدة لنقلي خارج العراق وتوجهنا الى داخل قاعة كبار الشخصيات المكيفة للترحيب بآخر وفد من اعضاء الكونغرس يزور العراق برئاسة النائب الجمهوري دانكان هانتر الذي ايد بحماس تحرير العراق وهنأني على نقل السيادة.
وبعد بضع دقائق قيل لي ان الصحافيين قد اصطفوا بجوار طائرة سي 130 لتصوير المغادرة، وسرت برفقة رئيس الوزراء عبر المدرج وسط الحرارة الشديدة في اتجاه طائرة سي 130 تابعة للحرس الوطني الجوي. وبعد ان تصافحنا تبعت عددا من حراسي الى الطائرة وقبل دخولها وقفنا للتلويح للنائب الجمهوري. ثم اعيد الصحافيون الى قاعة الاجتماعات في المدرج، وقام افراد الطاقم باغلاق باب الطائرة ورائي انا وفرانك غالاغر. وانتظرت لمدة 10 دقيقة وسط الحرارة الخانقة في الطائرة الى حين مغادرة الصحافيين للمكان، ثم تسللنا عبر حجرة الشحن المليئة بالامتعة ونزلنا سلم الطائرة عند الباب الخفي واندفعنا مسرعين باتجاه مروحية شينوك التي كانت تنتظرنا على بعد 50 ياردة وعلى متنها افراد الفريق المصغر المساعد لي ويضم: سكوتي نوروود، وسيو، وبرايان، ودان. وفور صعودنا اقلعت الطائرة وحلقت لمدة خمس دقائق، الى منطقة اخرى من المطار حيث صعدنا الى طائرة حكومية اميركية صغيرة وألقيت نظرة اخيرة على العراق قبل ان نغادر.


'استودع الله في بغداد لي قمرا'


عادت بي الذاكرة، وانا احدق من الطائرة التي اقلتني، في الرمال البنية في الاسفل، الى خطابي الوداعي الذي سجلته على شريط فيديو ليلة مغادرتي، وكنت قد عملت اسابيع عدة على كتابة نصه بمساعدة دون هاملتون ودان سيتور، اذ أردته ذا طابع شخصي يخبر العراقيين عن شعوري تجاه مستقبل البلاد، وأوحى لي مترجمي معين الجابري بأن أختم خطابي بأبيات من قصيدة للشاعر العراقي المشهور ابن زريق البغدادي، ودربني عليها اياما قبل تسجيل الخطاب الذي تقرر بثه يوم مغادرتي العراق وقلت فيه:
لقد تركت ورائي بلدا مختلفا للغاية عن ذلك الذي شهدته قبل عام، فالعراق اليوم بلد أفضل بكثير، على الرغم من ان هناك الكثير الذي يجب انجازه من أجل مستقبل كل العراقيين.
لقد ذهبت أيام الطاغية الى غير رجعة وسيسود العدل، العدل الذي ساد في بلاد الرافدين منذ عهد حمورابي.
والعراق اليوم موحد، ليس عن طريق الولاء القسري المفروض وانما بواسطة الرؤى المشتركة للحرية التي ينعم بها كل فرد عراقي، رجلا كان أم امرأة، عربيا أم تركمانيا أم كرديا، سنيا أم شيعيا، مسلما أم مسيحيا.
ان مستقبل العراق في ايديكم انتم الشعب العراقي، ونحن وغيرنا من الاصدقاء سنساعدكم، ولكن كل ما نستطيع تقديمه هو المساعدة، وعليكم القيام بالعمل الفعلي وتحمل المسؤولية الآن من أجل المستقبل.
ان جزءا من قلبي سيظل دائما هنا في بلاد ما بين النهرين الجميلة بأوديتها الخصبة وجبالها المهيبة وشعبها الرائع، وكمؤرخ بت أكن احتراما أكبر لتاريخ العراق المجيد. وخلال اقامتي هنا أصبحت ادرك لماذا ظلت بلاد الرافدين ولآلاف السنين مهدا للحضارة.
وانهيت كلمتي بأبيات من الشعر العربي للشاعر ابن زريق البغدادي:
استودع الله في بغداد لي قمرا
بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
ودعته وبودي لو يودعني
صفو الحياة واني لا أودعه
وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى
وأدمعي مستهلات وأدمعه
ورددت أيضا بالعربية: مبروك العراق الجديد عاش العراق.
وبعد تسعين دقيقة في الجو، حطت الطائرة بنا في مطار عمان العسكري في الأردن، واتصلت بزوجتي فرانسي، التي كانت حتى تلك اللحظة تتابع اخبار نقل السيادة قبل موعده، وقلت لها 'أنا بخير وحر طليق وفي طريق العودة الى الوطن'.


(انتهى)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shiaatalmosel.yoo7.com
alnajafi
عضو جديد
عضو جديد



عدد الرسائل : 31
العمر : 40
تاريخ التسجيل : 19/03/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالجمعة 6 أبريل - 21:32

حقا انه موضوع شيق وجميل جدا على الرغم من ان الاستاذ يعصم نفسه من الخطأ وهو سبب كل ما يجري في العراق كما قالو عن الكتاب ولكن رايي بالاضافة الى ذلك ان انعدام الثقة بين ساستنا هو السبب بحيث كاكة مسعود وجلال ما اتفقو على تمثيل امراة في مجلس الحكم وغيرها من الامور المماثلة بين بقية الاعضاء وما اعرف هل هي عدم خبرة بامور السياسة لاننا قد خرجنا من نظام شمولي دكتاتوري ام هي اطماع وكل يريد حصته من الكعكة ( تاليهة لا حضت برجيلهة ولا خذت سيد علي) والمتضرر الاكبر هو من كل هذا وذاك الشعب العراقي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://google.com
ساره
مشرفة
مشرفة
ساره


انثى
عدد الرسائل : 207
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

عامي في العراق لبريمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عامي في العراق لبريمر   عامي في العراق لبريمر Icon_minitimeالسبت 7 أبريل - 15:57

شكرا اختي الحبيبة ابنة الحدباء على نقل هذا الكتاب فهو اولا واخرا يشكل فترة من تاريخنا السياسي المعاصر , ويسلط الضوء على الدور الامريكي في هذه الفترة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عامي في العراق لبريمر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» هاهم علماء العراق ينهضون من جديد وليخسأ اعداء العراق
» العنف في العراق
» العراق في الخمسينات
» تركمان العراق من هم؟
» العراق بين الكرسي والارهاب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة الموصل الثقافية :: المكتبة العامة :: كتب مختلفة وشاملة-
انتقل الى: