شبكة الموصل الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اسلاميّة ثقافية عامة .
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 الشبك ...المتغيرات القوميه في كردستان العراق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
علي الشبكي
عضو فعّال
عضو فعّال
علي الشبكي


عدد الرسائل : 74
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

الشبك ...المتغيرات القوميه في كردستان العراق Empty
مُساهمةموضوع: الشبك ...المتغيرات القوميه في كردستان العراق   الشبك ...المتغيرات القوميه في كردستان العراق Icon_minitimeالخميس 4 يناير - 9:51

الشبك
المتغيرات القوميه في كردستان العراق

بقلم : الدكتور ميشيل ليزيرك
تعريب : الدكتور اسماعيل سلطان
يعتبر الشبك ظاهره سكانية متميزة في شمال العراق وقد ظهروا لمجموعة عرقية واضحة في القرن السادس عشر الميلادي على خلفية التنافس العثماني الصفوي في المنطقة . ومؤخراً بدا نوع من الابهام والغموض يطغى على هذه المجموعة العرقيه ضمن التباين العرقي في المنطقة ولقد ظهر الاهتمام بها مؤخراً بسبب السياسات التفكيكية للتجانس والتناغم العرقيين من قبل الحكومة العراقية خلال عقدي السبعينات والثمانينيات من القرن الماضي .
الشبك :
لا يحد المتتبع لشؤون منطقة شمال العراق سوى النزر اليسير من المعلومات عن تلك الجيوب الصغيرة من المجاميع العرقيه المتباينه والمنتشرة على حوافي كردستان العراق والممتدة من منطقتي تل عفر والموصل مروراً بكركوك الى خانفين وما حولها . وهذه التجمعات العرقيه كالشبك والباجلان والصارليه والكاكآئية وأهل الحق وكذلك اليزيديه تشترك في موروث ديني خاص يتصف بتفاوت المراتب بين رجال الدين للطائفة الواحده وهذا التخصص الديني الذي يمّيز رجال الدين عن سواهم يعتبر العامل الاسلاس للترابط القائم للافراد ضم كل مجموعه من هذه المجاميع وبهذا الشكل يظهر التشابه بين هذه المجموعات وبين الطائفة المعروفة بالصوفية على الرغم من ان معتقداتهم وطرائق ممارساتهم للشعائر الدينية تعتبر مزيجاً من معتقد الاسلام ومعتقدات ما قبل الاسلام وما عدا اليزيديه الذين يتكلمون اللهجة الكرمانجيه أوالباديذانيه الكرديه قام كل مجموعة من هذه المجاميع تتميز بلهجتها الملحية الخاصة بها وأغلها يتحدث بلهجة ترتبط بشكل أو آخر باللهجتين الكَورانيه او الهورمانيه أو لهجة ماجو ( بتضخيم الجيم ) كما هو الحال بالنسبة للشبك وكما يسميها أصحابها والناطقين بها وعلى الرغم من ذلك فأن التباين في المعتقدات الدينية واللهجات الملحيه من جهة وعلاقة هذه التجمعات ببعضها من جهة اخرى لم يثر الاهتمام الذي يستحق لدى اغلب الباحثين ولم يتم ف يهذا البحث التركيز على تاريخ وجغرافيا الشبك ولكن على نموّهم الحديث والتغيرات التي حصلت لتركيبة الشبك الاجتماعية وخاصة تحت التأثير الدامي للسياسات اللاحقة للحكومة العراقية وكذلك على التباين الحاصل في اللهجة التي يتكلمون بها . وتبقى المعلومات المستقاة هنا غير عكتمله لأسباب عديدة وان كان ذلك لا ينفي وجوب الاهتمام الحالي بالشبك ويظل الأمل ان يتوسع البحث ويمتد التمحيص في هذا الأمر في المستقبل القريب .
خلفية تاريخية :
ان الكثير من الغموض لا زال يحيط بتاريخ الشبك ولعل السبب في ذلك هو نشؤوهم اصلاً في مناطق خارج المراكز الرئيسية للعالم الاسلامي وقد حاول الكثير من الباحثين ربط اصول الشبك وغيرهم من التجمعات العرقيه الصغيرة في شرق تركيا الحالية وشمال العراق وغرب ايران بعصور ما قبل الاسلام ولكن ظهورهم كمجموعات عرقيّة متميّزة يجب ان ينظر اليه على خلفية الفترات المضطرب بين غزو المغول وتوطّد الامبراطوريتين العثمانية والصفويه بين القرنين الثالث عشر والسابع عشر الميلاديين وهذه الفترات تميزت بغياب الاستقرار السياسي وسرعة تعاقب السلالت الحاكمه والفراغ النسبي للقوة في ارجاء عديدة من مناطق النفوذ ولذلك وعلى المستوى المحلّي فقد ظهرتْ مجاميع بشرية اتصّفت بتمايز عرقي وديني ولغوي وهذه الظروف هيأت المناخ الخصب لظهور اشكال لتنظيمات اجتماعية جديده وتفتح معتقدات دينية مختلفة . ولقد كانت القبائل التركيه التي ابتدأت الدخول الى المنطقة في القرن العاشر الميلادي سنيّة المذهب ومشيّعه بروح الجهاد على الرغم من كون معتقداتها الدينية الحقيقية هي عبارة عن خليط من مبادئ الاسلام وشعائر سكان آسيا الوسطى مع نفحات من الديانة المسيحية ولقد كان هناك اختلاط تام بين هذه القبائل وبين فلاّحي الاناضول المسيحيين الا ان الآخريين سارعوا الى الانخراط تحت مظلّة المعتقدات الاسلامية لهذه القبائل وقد وجد باحثون عددون ان كثيراً من المعتقدات المسيحية لفلاحي الاناضول قد تسربت الى معتقدات هؤلاء الغزاة والكثير منها يعود بأصله الى المذهب البولصي وليس الى الكنيسه البيزنطيه في ذلك العصر والكثير من هذه المعتقدات لا تزال تجد صدى لها في شعائر بعض الطرق الصوفيه وكذلك الشبك والكاكآئيه وهناك باحثون آخرون يرون التوازي بين ديانة أهل الحق والمتصوفة الاتراك من جهة وديانات ما قبل الاسلام لدى اتراك آسيا الوسطى من جهة أخرى .
وفي الارياف دون الحضارة كان المتصوفة من مراتب القلندر والباب يمنّون المزارعون البسطاء بقرب نهاية الظلم وبزوغ فجر الخلاص وكان يسحرون متحدثيهم ببيان الفروقات بين الاسلام التصوفي وما سواه بين المعتقدات الدينية الأخرى ،وبذلك ساهموا في نشر معتقدات لا يصح ان تمسى اسلاماً صحيحاً كالتناسخ والملوك وعلى الرغم من كون الاساس المذهبي للصوفية ظهرت تباشيره في القرن التاسع الميلادي الا ان انتشاره الواسع لم يتحقق كتنظيم اجتماعي الا في القرن الثاني عشر الميلادي خلال حكم السلاجقة وخاصة اثناء الغزو المغولي للبلاد الاسلامية ولعل النمو الواسع وتزايد الهيبه الواضح لهذه الطرق (الطريقة النقشبندية على سبيل المثال ) يُعزى في احد جوانبه الى فراغ القوة الذي نجم عن ثهر الامارات الكردية في الامبراطورية العثمانية خلال القرن التاسع عشر وفي هذا المجال يُشار الى ظهور أهل الحق كحركة اجتماعية دعتْ الى معتقدات كالثنويه والتسامي والقدريه خلال القرنيين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين حيث يمكن مقارنتهم بالحركات الايرانية السابقة لهم كالمزدكية .
وقد ظهرت طريقة صوفية جديدة برئاسة الشيخ صفي الدين في آردبيل وتطوّرت الى حركة جهادية خلال القرن الخامس عشر ثم انطلق احفاد الشيخ صفي الدين ومريديه لتأسيس الامبراطورية الصفوية في بلاد فارس معلنية انفسهم من ذريته الأمام علي بن أبي طالب كي يكسبوا ولاء القاطنين في بلاد شرق الاناضول واستمالوا الى جانبهم القبائل التركية المجاورة والذين حارب افرادها وهم معلّمين انفسهم بشد رباط أحمر حول الرأس ولذلك اطلقت عليهم تسمية تزل باش ومعناها في التركية " الرؤوس الحمراء " وخلال قرون عديدة نمت الطرق الصوفية وتداخلت مع طوائف شعيية وسنية عديدة واعتباراً من القرن السادس عشر ابتدأ الحكام العثمانيون والصفويون اضفاء المذهب الديني على سكان المناطق التي يحكموها وقد تعرض الآلاف من المتصوفة لمذابح على يد السلطان سليم العثماني بعد معركة قالدريان مما اضطر أفراد الطائفة القزلباشيه الى التواري عن الانظار واخفاء معتقداتهم الدينية الحقيقية أو انضوءا تحت لواء السلطة العثمانية الحاكمة واعتنقوا المذهب السني البكتاشي للنجاة بأنفسهم من عقاب الحاكم .. وفي مطلعه الأحوال فان الطرق الصوفيه لم تتلاشى تماماً لأن بعضهم انخرط ضمن مقاتلي السلطنة العثمانية وكانوا وسيلةً لاذكاء الهمم بين الجنود الانكشاريه وهم النخبة ضمن المقاتلين الاتراك وبذلك استمرتْ لا بل نمتْ أكثر فأكثر الطريقة البكتاشيه حتى القرن التاسع عشر وسرى ذلك على مجاميع اخرى استطاعت ان تحصل لها على وضع متمّيز نوعاً ما ضمن الامبراطورية العثمانية ويشار في هذا الصدد الى الباجلان الذين قدموا الى مدينة الموصل اواسط القرن الثامن عشر وانتظموا للعمل كجباة ضرائب للسلطة المحلية الحاكمة ولعل ذلك يفسّر أيضاً استطاعة الشبك تجنّب المشاكل مع السلطة المحلية والتمكن من الاستقرار في شرق مدينة الموصل وهي ليست بمعزل عن مراكز الاستقرار المدني في الامبراطورية العثمانية .
ولكن هل يعني ذلك ان الشبك تمكنّوا من فرز انفسهم كمجموعة عرقية متميزة ؟ الاجابة على هذا السؤال لا تمكنهم في التبسيط المخل الذي يربط الخليط من معتقداتهم الدينية بكونهم من غلاة الشيعة بل يتعداه الى مشاعر الاسى والأعم التي تخالج الكثيرين منهم وحتى الوقت الحاضرين من محاولات جيرانهم التشكيك بمعتقداتهم الاسلامية وغلو آخرين في محاولة اخراجهم من حظيرة الاسلام ولعل ذلك ما دفعهم الى تصوّر انفسهم بمعزل عن جيرانهم العرب والاكراد ومع ذلك فالكثير منهم يعتبرون انفسهم ذوو اصول كردية وزد على ذلك ان بعضاً منهم انخرطوا بالفعل في الكثير من الحركات الكردية الناشطة وقد لا يحس الفرد منهم بأية مشاعر متناقضة بين كونه يتميز لغوياً ودينياً وبين تحدّره من أصل كردي بالمفهوم العام وعموماً فالولاء يكتنف الشبكي بمستوياته المختلفة وبنفس الدرجة منطلقاً من ولائه الشبكي مروراً بالولاء للقومية الكردية وانتهاء بالولاء للعراق كوطن .
ومع ذلك يمكن القول بان وضع الشبك ظلّ مبهماً منهم فسيفساء المنطقة ولكن وضمن سياق معيّن في الثمانينيات فقد أجبر سكان المناطق الشمالية في العراق على اتباع خيار واحد واضح وصريح فيما يتعلق بتحديد قوميتهم وكان هذا الخيار الأوحد هو إعلانهم اما الانتساب للعرب أو للأكراد وسيظهر لاحقاً التاثير الدامي الذي خلفه هذا الخيار عليهم .
وفي حال كهذا ، فان من المبالغة القول بأن مجموعة من البشر تظهر ضمن نطاق يختلف عنها وبالظروف التي ظهرت بها يمكن اعتبارها مجموعة عرقية متميزة ولا يصح كذلك تسميتها بالمذهب لأ[ن ذلك قد يسبغ عليها غطاءاً دينياً وذلك مجافٍ للحقيقة ولعل افضل ما يمكن وصفها به هو مصطلح الطائفة وقد تكون منحدرة من عرق واحد أو اعراق متعددة وذلك اعتماداً على التمايز اللغوي وليس اختلاف المعتمد الديني .
وقد لوحظ تقليدياً ان الشبك استوطنوا قرى صغيرة شرق الموصل تمتد حتى اسكي كلك على الضفة الغربية لنهر الزاب الكبير وقد جاوروا بشكل مباشر قرى مسيحية وأخرى تقطنها قبائل الباجلان واختلطوا بالباجلان اختلاطاً مباشراً بحيث سكنوا قرى مشتركة في كثير من الاحيان وكذلك جاوروا التركمان والعرب والى الشمال قليلاً اليزيدية كذلك .
ومن الصعوبة الوصول الى الاعداد الحقيقية للشبك في الوقت الحاضر لغياب أي احصاء حديث موثّق عنهم ولعل رقم مائة الف نسمة يقترب من الصحة وهم موزعون على حوالي ستون قرية متفرقة الى جانب بضعة آلاف يسكنون مدينة الموصل نفسها وقد اوردت الحكومة العراقية اعدادهم ضمن الاحصاء السكاني لعام 1960 فبلغت بهم خمسة عشر الف نسمة ضمن خمسة وثلاثون قرية على أن الانكليز اوردوارقماً يقارب العشرة آلاف نسمة سنة 1925 .
وقد شاب اغلب الدراسات السكانية الحديثة عن الشبك بعض الابهام والغموض فأحد الباحثين الاجانب وهو Rich قد ذكر ان سكان القرى الواقعة على طريق اربيل ـ الموصل والتي مر بها سنة 1836 هم روزبان وباجلان ذوات الاصل الكردي وان كانتا هاتين العشيرتين وثيقتي الصلة بالشبك ولكنه لم يذكر أي شيء عن لهجتهم المحلية أو معتقداتهم الدينية وذكر باحث آخر هو اوستن هنري ليارد والذي أمضى فترة طويلة في نقيبات في منطقة الشبك ذكر انهم ينحدرون من سلالات كردية عاشت في ايران وقد تمكن باحث آخر من احصاء خمسمائة عائلة شبكية ضمن القبائل القاطنة في ارجاء الامبراطورية العثمانية وذكر ان منهم من التزم المذهب الشيعي في العبادة بينما اعتنق آخرون المذهب السني وذهب آخرون لاعتناق الديانة البابية وكذلك قسم منهم أسمى لنفسه نبياً جديداً هو البير ولكن البير في الحقيقة هو لقب لأعلى مرجع ديني لديهم وفي جميع الاحوال اعتبر جميع هؤلاء الباحثين الشبك وجيرانهم الاقربون الباجلان ، اعتبروهم اكراداً بالاصل .
أما الدراسات العربية فقد نحتْ في أغلب الاحيان الى رد اصول الشبك للتركمان وأورد السيد أحمد الصراف على سبيل المثال الوجود الشبكي على خلفية الطريقة البكتاشية ـ القزلباشية وحاول دعم الرؤية القائلة بان قدومهم الى شمال العراق توافق مع الحملة الصفوية على العراق ولم يعتبر ان الشبك ينحدرون عن اصول كردية لأنهم حسب رأيه يتكلمون لغة اخرى تختلف عن اللغة الكردية وتعتبر مزيجاً من اللغات الفارسية والعربية والكردية وان المفردات التركية هي الغالبة عليها .
وثمة باحث آخر هو السيد موسى يرى ان اصولهم تركية وقد نشأوا في بلاد الاناضول ثم التصقوا فيما بعد بالشاه اسماعيل الصفوي واستقروا في منطقة الموصل بعد هزيمة الشاه من قبل العثمانيين في معركة قالديران واستدل على ذلك بأن كتابهم المقدّس والذي يسمى البيروق أو كتاب المناقب مكتوب باللغة التركية اضافة لوشائجهم المذهبية مع الطريقة البكتاشية والطرق الصوفية الاخرى ويبقى الاستدلال بكتاب البيرق تبسيطاً للأمر لايستقيم معه دليل قوي لأن المفردات الشبكية في الكلام تتوافق اغلب الأمر مع اللهجتين الكَورانية والهورمانية الكرديتين وكذلك يعوز الدليل عن عقيام اية اتصالات مباشرة أو غير مباشرة بين الشبك والطريقة البكتاشية .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي الشبكي
عضو فعّال
عضو فعّال
علي الشبكي


عدد الرسائل : 74
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

الشبك ...المتغيرات القوميه في كردستان العراق Empty
مُساهمةموضوع: الشبك ...المتغيرات القوميه في كردستان العراق   الشبك ...المتغيرات القوميه في كردستان العراق Icon_minitimeالخميس 4 يناير - 9:52

بقية المقال
ومن غير الواضح على وجه اليقين متى ظهر الشبك كمجموعة عرقية متميّزة وما هي خلفية اعراقهم وكذلك لا يزال الابهام يلف العلاقة بين الشبك والباجلان ( والذين يُسمون احياناً البيجوان ) الساكنين في وادي نهر الخوصر شمال الموصل وقد ميز الباحث سايكس سنة 1908 بين هاتين المجموعتين واستطاع ان يحصي ثمانمائة عائلة للبيجوانية تتكلم جميعها خليط من اللغتين العربية والكردية أما الباحث مكنزي سنة 1958 فيرى ان اسمي الشبك والبيجوان أو الباجلان هما صنوان لمجموعة عرقية واحدة تسمى نفسها الشبك ويسميها جيرانها العرب بيجوان ومما لاشك فيه ان المجموعتين جد متقاربتيين ولكن هناك ما يدعو للفصل بينهما ففي حين ان لهجة الباجلان قريبة جداً من لهجة الشبك فان الباجلان انتظموا في عشائر معروفة بخلاف اشلبك واتبعوا المذهب السني بعكس الشبك الذين انتظم اغلبهم في اتباع المذهب الشيعي الاثني عشري ولذلك ثمة مايدعو للاعتقاد ان الباجلان هم منظومة قبليّة ضمن المجتمع الشبكي ولعل اكثر ما يدل على الاصول المتعددة التي انحدر الشبك عنها هو تسميتهم هذه والتي تعني بالعربية الاختلاط وتعني كذلك احتمال انحدارهم من اكثر من مجموعة عرقية ضمن الاعراق المتعددة في المنطقة ولكن الأمر لا يبدو كذلك للقوميين العرب أو الأكراد أو التركمان حيث يحاول كلاً منهم ربط اصول الشبك بقومية واحدة وعرق مفرد كأن يكونوا باجمعهم عرباً أو اكراداً أو تركماناً او فرساً .
وعلى الرغم من ان المعتقدات الدينية للشبك هي مما يمكن مقارنته بسواها من المعتقدات الدينية لطوائف عدة وخاصة الطريقة القزلباشية الا ان الحقيقة ليست بهذه السهولة وقد حاول الباحث بنفسه الحديث الى من قابلهم من الشبك وكانوا جميعاً عازفون عن الخوض في تفاصيل معتقدهم الديني وكانوا يكتفون بالاجابة بانهم مسلمون وحسب ومع ذلك يبدو ان تنظيمهم الاجتماعي يقترب من مراتب الطرق الصوفية حيث يسمى رجل الدين الناشئ " المريد " وهو يرتبط روحياً بشخص اعلى منه مرتبة يمسى "المرشد " وهنالك عدة مراتب للمشردين وهم جميعاً يرتبطون بمرجع اعلى يسمى " البير " ومن الناحية النظرية يحق للأفراد تزكية احده واختياره لمنصب البير ولكن عمليا تم توارث هذا المنصب بين عوائل معينة على مدى عقود من الزمن وبذلك تمكن نوع من التماسك للنسيج الاجتماعي في مجتمع يفتقر اصلاً لمقومات الترابط المتين سواء على اساس قبلي أو مذهبي أو عرقي وقد أقام الشبك علاقات وطيدة مع اليزيدية وكان الكثيرون منهم يحجّون الى مراقدهم وهذا يبدد الانطباع السائد ان اليزيدية هم سنة غلاة ووريثوا العداء لكل ما هو شيعي(1) .
ومن خلال الخلفية القزلباشية للشبك يُلاحظ مدى تعلّقهم وتقديرهم للشاه الصفوي اسماعيل وذكر باحثون آخرون ان الكثير من الشبك كانوا يحجون الى العتبات الشيعية المقدسة في كربلاء والنجف وليس الى مكة(2) .
وماعدا هؤلاء الزعماء الدينيون فقد ارتبط الشبك في شؤونهم اليومية بمرجعين آخرين ففي العراق الملكي عمل اكثر الشبك في قراهم كمزارعين لأراضي يملكها ابناء عوائل في مدينة الموصل ارتبط بهم لقب السادة وهو لقب يضفي على صاحبه مسحة دينية وهؤلاء الملاك أتي بهم ايام السلطنة العثمانية من الحجاز والكوفة ومنحت لهم الأراضي ليقوموا بالمقابل على خدمة السلطة واصبح هؤلاء الملاّك بحكم موقعهم واحتكاكهم اليومي بالشبك من ناحية وافراد الحكم العثماني في الموصل من ناحية اخرى ، اصبحوا الوسيط الذي يساعد الشبك في تسويق منتوجاتهم الزراعية ف يمدينة الموصل وكذلك ففي النزاعات التي قد تحصل بين الشبك وبين اركان الحكم في الموصل بين الحين والآخر وبالاضافة لهذه المرجعية المدينية ( نسبة الى مدينة الموصل ) فقد تولدّت مرجعية اخرى للشبك هي من بعض مواطني الشبك انفسهم والذين استطاعوا ان يرتقوا اجتماعياً إما بامتلاك الثروات أو باستكمال مراحل عالية من التعليم والانخراط في وظائف مدنيّة أو عسكرية مرموقة .. هؤلاء استوطنوا مدينة الموصل نفسها وتأثروا بالتيار العروبي السائد فيها وحاولوا لعب دور السادة في حل النزاعات بين الشبك وانفسهم وبين اشلبك وجيرانهم . الا ان تأثيرهم وتنظيمهم كان أقل درجة من الملاّك السادة .
وحين هبت رياح التغيير على العراق وصدور قوانين الاصلاح الزراعي بين عالي 1958 و 1963 إستطاع الكثير من الشبك ان يتملكوا الاراضي التي كانوا يزرعونها وانتقل بعضهم للاستقرار في مدينة الموصل وعمل آخرون في مصانعها وبسبب هذه الدرجة من التحرر الاقتصادي ضعفت الروابط التقليدية بين الشبك وملاّ الاراضي في مدينة الموصل من جهة وبين الشبك كمجتمع متجانس ومتكاثف من جهة اخرى ومع ذلك ظلّ الكثير من الشبك يعتمدون على سادة الموصل في تسويق منتجاتهم الزراعية ومواشيهم الحيوانية وخاصة الاغنام التي برعوا في تربيتها . وبشكل عام اخذ النسيج الاجتماعي للشبك يتهاوى نتيجة انتقال الكثير منهم للسكن في مدينة الموصل ومدن المناطق الكردية وحتى العاصمة بغداد وانخرط الكثير منهم ضمن القوات العراقية المسلحة مما اكسبهم رقياً اجتماعيا وبدّد بعض الشيء السمعة التقليدية التي اشيعت عنهم كونهم ضعاف الهمّة وقليلي التمرّس في القتال .
ونتيجة لكل التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي هبّت على العراق الجمهوري فقد انهار نظام المرجعيات لدى الشبك وتداخل نسيجهم الاجتماعي مع محيطهم الجديد وخمدتْ لديهم جذوة المرجعية الدينية والاعتماد على المراتب المختلفة من رجال الدين ومنذ السبعينيات وجد الشبك انفسهم حجر الرحى في النزاع بين القوميين العرب ممثلين بحكومة البعث وبين الحركة الكردية بزعامة البرزاني ولكنهم لم ينحازوا بشكل جماعي لايّاً من الطرفيين وقد حاولت الحكومة العراقية اقناعهم بانهم عرباً وليسوا اكرادا ً ولكن في نهاية المطاف تولدّت القناعة لدى الحكومة بان مسعاها لضم الشبك لم يكلّل بالنجاح وفي نهاية صيف 1988 أمرت بتفريغ قرى الشبك من سكانها وهدم منازلهم وترحيلهم وكان السبب الحقيقي لذلك هو اعلان الشبك انهم اكراداً وليس عرباً .
وهنالك ما يشير الى ان اثنتان وعشرون قرية على الأقل قد تم تدميرها جزئياً أو كليا مثل قرى باديرنا ، باجربوعة ، بارزيكتا ، باصخرا ، بازوايا ، كوكجلي ، كاني كيروان ، كاركشان ، كبرلي ن منارة ، مفتية ، تيراوه ، شيخ أمير شيخ شيلي ، شاقولي ، تركلّة ، طوب زيره ، طوب زاوه ، خزنة ، اورطه خران وزهرة خاتون ومن هذ القرى تم ترحيل ثلاثة آلاف عائلة الى مجمعات سكنية حديثة المنشأ في سهل حرير بمحافظة اربيل وكذلك الى منطقة بازيان ومنطقة جمجمال التابعة لمدينة كركوك وفي هذه التجمعات لم تتوفر لديهم مصادر للدخل واعتمدوا كليّا على معونات الادارة المحلية ولم يستلموا اية تعويضات عن منازلهم المصادرة أو المهدمّة ولم يُسمح لهم بالعودة أو حتى شراء السيارات وتسجيلها بأسمائهم ولكن في خريف سنة 1990 سُمح لأغلبهم بالعودة الى أماكن سكناهم الأصلية بعد ان اعلن بعض زعمائهم انهم عرب وليسوا اكراداً ولعل السبب الحقيقي الذي دعا الحكومة العراقية الى السماح بعودتهم مرة اخرى هوان العراق واجه في تلك المرحلة العقوبات الاقتصادية التي اعقبت عملية اجتياحه للكويت في آب 1990 واحتياج الحكومة لتنشيط ودعم القطاعين الزراعي والحيواني في المنطقة والذي انكمس الى حد كبير في السنوات السابقة .
والاساس الاداري الذي تم الاستناد اليه في ترحيل الشبك من قراهم بعد اعلانهم الكردية بدل العربية قومية لهم هو الاحصاء السكاني الذي اجرته الحكومة العراقية في شهر تشرين الأول سنة 1987 وفي هذا الاحصاء خُيّر مواطني العراق كافة تحديد قوميتهم بالعربية أو الكردية فقط دون السماح بخيارات اخرى تعتمد على الاسس الدينية أو اللغوية وبذلك لم يأت أي ذكر لمجاميع عديدة اخرى كالتركمان والآشوريون وسواهم .
وبهذه الطريقة حاول الاحصاء المذكور اجبار السكان الشمال العراقي على الالتحام بالصف الوطني من خلال تصويتهم على كونهم عرباً أو في حالة الأكراد القاطنين في مناطق تتسلل إليها المعارضة الكردية ( البيشمركة) للانتقال الى مجمعات سكنية تحت سلطة الحكومة المركزية والكثيرين من الذين اعتبرتهم الحكومة عرباً واعتبروا هم انفسهم اكراداً كان عليهم ان يتركوا قراهم والذين عاشوا في مناطق تجتاحها المعارضة الكردية بين الحين والآخر وفشلوا في تسجيل انفسهم خلال الاحصاء فقدوا جنيستهم العراقية وتم اعتبارهم متخلفين عن اداء الخدمة العسكرية وكانوا هدفاً اساسياً في عملية الانتقال ذائعة الصيت والمصدر الذي تم منه الاطلاع على ما حصل للشبك سنة 1988 يعود الى مصنّف وثائقي صادر عن مديرية امن اربيل لفروع دوائر الأمن التابعة لها والمؤرخ في 31 آب 1988 وقد صودر خلال احداث ربيع 1991 والوثيقة التي تحمل الرقم الاشاري س. ج. س. س 13069 تقرأ كما يلي :
تم اعلامنا بما يأتي :
1 . هناك عناصر من الشبك الذين التحقوا بأفواج الدفاع الوطني والذين غيرّوا قوميتهم من العربية الى الكردية .
2 . امر الرفيق المناضل علي حسن المجيد امين سر مكتب تنظيم الشمال تدمير منازلهم وترحيلهم الى المجمعات السكنية في محافظتنا وقطعا سوف لن يتم تعويضهم بأي شكل من الاشكال .
للتفضل بالاطلاع واتخاذ ما يلزم واعلامنا .
توقيع : عقيد الأمن / مدير امن محافظة اربيل
هذه الوثيقة توضح بما لا يدع مجالاً لأي شك بان احصاء سنة 1987 هو الذي حدّد مصير اولئك الشبك الذين اختاروا ان يكونوا اكرادا بدل ان يكونوا عرباً ولعل سبب تأخير الترحيل في حينه يعود الى حقيقة انالجيش العراقي كان مشغولاً آنذاك بدرجة كبيرة ف يالحرب ضد ايران وبعد وقف اطلاق النار بين العراق وايران تحول الفيلق الخامس الى مدينة الموصل لأكمال المراحل النهائية من عملية الانفال في منطقة بادينان وشملت مهام هذه القوات عملية ترحيل الشبك من مدينة الموصل ولم يرافق هذه الحملة اعدامات أو اعتقالات في صفوف الشبك وان ادعى بعضهم ان قوات الفيلق الخامس ظلّت في اماكنها لارهاب الشبك العائدون .
ولم يكن ترحيل الشبك جزءاً أو امتداداً لعملية الانفال الحقيقية وانما كان المرحلة النهائية في برنامج تعريب كامل للمنطقة الشمالية والذي تبنّته الحكومة العراقية منذ سنة 1975 .
وفي جميع الأحوال فقد حصل ما حصل على خلفية الاحصاء السكاني المذكور والذي كان كذلك الاساس لإطلاق عملية الانفال ورسالة مديرية امن اربيل تؤكد ان المسؤولية المطلقة تقع على عاتق نفس الشخص الذي نظّم عملية الانفال علي حسن المجيد والذي كان يشغل آنذاك منصب امين سر مكتب تنظيم الشمال لحزب البعث .
ومن هنا نلاحظ ان خيار المرجعية العرقية ( القومية ) ترك آثاره الدامية على الشبك وبعد حرمانهم من تعريف انفسهم كتجمع قائم بذاته تُركوا بني خيار اثبات ولائهم للسلطة المركزية باعلان انفسهم عرباً او تسجيل انفسهم اكراداً وتعريضهم بالتالي لعقوبات الحكومة القاسية .
ومن المستحيل قياس مدى التأثير الذي تركته عملية الترحيل على هويتهم العرقية المتآكلة اصلاً واقل مايقال انه ضاعف من محو وطمس معالم هذه الهوية .
وفي الوقت الحاضر يجد الشبك القاطنون في شمال العراق غير الخاضع للسلطة المركزية انفسهم اكراداً اكثر من ذي قبل وقد تساءل بعضهم عن احقية ترحيلهم من قبل السلطة المركزية اذا كانت تعتقد اصلاً انهم عرباً ولسوا اكراداً .
وفي نهاية المطاف نجدان روابطهم المشتركة مع بعضهم قد ضَعفتْ وتفككت ولا يزال اغلبهم موزعاً على مدينة الموصل وضواحيها ولا زالت عملية شدّهم الى صف الحكومة جارية الا ان المعلومات عنهم قليلة وناردة في الوقت الحاضر بسبب التكتم الاعلامي حولهم من قبل الحكومة المركزية .

(1) ان احتفاظ الشبك بعلاقات طيبة مع اليزيدية كما مع بقية جيرانهم لا يعني انهم اتخذوا من المزارات المقدّسة لليزيدية قبلتهم للحج وليس هناك ما يدل على قيام الشبك بالحج الى مزارات اليزيدية المقدسة ومن ناحية اخرى فليس للديانة اليزيدية علاقة بالمذهب الشيعي أو المذهب السني وقد اعتقد بعض العامة عداء اليزيدية للشيعة مع احد التفاسير الواردة عن تسميتهم كونهم من اتباع يزيد بن معاوية الاموي وهذا الأمر اختلف فيه الباحثون كثيراً ( المعرب ) .
(2) لم يستبدل الشبك الحج الى مكة المكرمة بالحج الىالعتبات المقدسة في كربلاء والنجف وكماهو معروف فهناك شبك يبتعون المذهب السني وهؤلاء لا بديل لهم عن مكة للحج وحتى الشبك اتباع المذهب الشيعية الاثني عشري فهم يحجون الى مكة المكرمة ويتبركون كذلك بزيارة العتبات المقدسة في كربلاء والنجف لا يختلفون في ذلك عن جميع الشيعة أو السنة في العراق ( المعرب )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشبك ...المتغيرات القوميه في كردستان العراق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بوركت ياخنساء الشبك وانت تدافعين عن دماء الشبك
» ممثل الشبك يؤكد رفضهم الانضمام إلى إقليم كردستان
» حمّل كتاب الشبك في العراق
» الاكراد يضغطون على الشبك والمسيحين لفصلهم عن العراق
» هاهم علماء العراق ينهضون من جديد وليخسأ اعداء العراق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة الموصل الثقافية :: منتــدى الموصــل :: منتدى القومية الشبكيّـــــــــة-
انتقل الى: