طورانية التشيع التركماني
سلام كبة
يعتبر تركمان العراق أحفاد ابناء القبائل التركمانية في هجراتها القديمة من الشرق وبالأخص القبائل الياقوتية من شمال الصين الى بلاد ميديا حيث انتشرت على ضفتي دجلة والفرات سنة 100 ق.م. ، والقبائل المغولية في صولتها الجنكيزخانية والتيمورلنكية والفتح العثماني للعراق سنة 941 هجرية… واستوطنت هذه القبائل من تلعفر في غرب العراق الى دلي عباس في ديالى ، وشكلت الخط الفاصل الديموغرافي بين الكرد والعرب … وتمركزت الأكثرية في كركوك و طوزخورماتو و كفري و داقوق و تازه و ليلان و قزرلباط و خانقين و الرشيدية .. وتعرضت القرى التركمانية للتهجير القسري والتطهير العرقي مثل قرى بشير ، تسعين ، يابجي ، كومبتلر.
ويعتبر التركمان من اكبر الشعوب التورانية ولهم باديتهم المعروفة ببادية الترك ، وتمركزت أوطانهم الأولى في بوادي آسيا الوسطى بين بحر الخزر و بحر خوارزم و نهر جيحون . وقبل اعتناق الاسلام عرفت القبائل التركمانية بالاوغوز أو الغز وحتى الخوارزمية. واسس التركمان من الأمراء السلجوقية إمارات تركمانية في العراق منها : اتابكة الموصل ، بني قفجان في كركوك ، بني زين الدين كجك في اربيل ، الايوائية في جبل حمرين …. وجاءت بعدئذ الدولة البارانية ( الخروف الأسود ) والدولة البايندرية ( الخروف الأبيض ).وقد وصلت الفتوحات الاسلامية على أيدي التركمان على مشارف النمسا.. وبني سور الصين أصلا لصد الهجمات والغزوات التركمانية في عهد اوغوزخان.. وانتصر التركمان بقيادة ابن أصلاف نصرا حاسما على االروم في معركة ملا ذكرت حيث اسر إمبراطور الروم رومانومل.. كما انتصر التركمان بقيادة ايلغازي على الصليبيين في معركة تل عفرين.
من القبائل التركمانية العراقية المعروقة : البيات ، قره لوس ، قنبر أغا ، الدامرجي ،الداوودي ، الونداوي ، بندر ، علي خان بك ، النفطجي ،آل كتانة ، ملا الياس ، آل القاضي ، النائب ، قوجاق ، اوغلو ، الخياط…الخ.أما اليوروك فهم بدو رعاة اتراك ( عشائر تركية ) من أرومة العثمانيين القبلية (اوغوز) وهم قريبون في أصولهم من التركمان . ومن القبائل التركمانية التركية أفشار التي دخلت في معركة مع العثمانيين بداية القرن التاسع عشر وانهزمت أمامهم … ومن القبائل التركمانية على ضفاف نهر جيحان : دجيلي ، تيجرلي ، السومباسلي ، بوزدوغان… واستهدفت القوانين العثمانية توطين القبائل الكردية والتركمانية وحتى الآثورية أحيانا معا عبر منحهم الحقول و ملكيتها التامة ، وتحجيم عريكة الرجال وابناء هده العشائر لتدجينها. وتركز التقاليد التركمانية على الشهامة والشجاعة في معارك القبائل والصيد . كما وصف الجنرال جاكو الشعب التركماني كالتالي: " التركماني قوي البنية - صبور قنوع - له مشيته الخاصة التي تنم عن خيلاء وغرور لأن التركمان على الفطرة مغمورون وعلى البلاء والحكام صابرون وعلى النظام حافظون". واثناء الحرب العالمية الاولى كانت مناطق القبائل التركمانية مرتعا للفارين من الجيش وقطاع الطرق والخارجين عن القانون وشرفاء الناس واللصوص والأشرار.
جهدت الحكومة التركية بقيادة أتاتورك سنة 1920 وضع حد لسلطة الأسياد الصغار التركمان غير المحدودة وبقايا الإقطاع دون جدوى لأن الأغنياء الجدد حلوا محلهم ! بتسخير القانون والقوة والافساد ..وتقابلت العصابات في الجبال وتسببت في موت الناس الفقراء بينما كانت أراضي الاغوات تزداد اتساعا.الى ذلك آثر التركمان البقاء في صفوف الشعب العراقي مع تأسيس الدولة العراقية بعد أن أمهلتهم عصبة الأمم أما الانضمام الى قطاعات هذا الشعب أو اللحاق بتركية.. وانقضت فترة العامين مفضلين وحدة الشعب العراقي. وفي اول دستور للدولة العراقية عام 1925 جاء ان العرب والأكراد والتركمان شركاء في الوطن. وساهم التركمان في انتفاضة تلعفر ضد الأنكليز ( انتفاضة قاج قاج ) كما جرى قمعهم بقسوة أعوام 1924 و 1946 من قبل السلطات الملكية والأنكليز وأرتكبت بحقهم المذابح. أصدرت الحكومة العراقية عام 1931 قانون رقم (74)_ قانون اللغات المحلية. وتقرر اجراء المعاملات والمحاكمات في المناطق التي فيها أغلبية تركمانية وعلى رأسها اربيل وكركوك باللغة التركية ! اما الدراسة في المدارس التي يؤمها التركمان فبالتركمانية…وقد استخدم تركمان العراق منذ تأسيس الدولة العراقية اللغة التركية الحديثة أي لهجة ( أسطنبول ) في الأعلام من صحف واذاعة وفي مؤلفاتهم الأدبية الا انهم استعاضوا الحروف اللاتينية في الكتابة بالحروف العربية ( العثمانية ) عموما .. ومع مرور الزمن في المدارس التركمانية ! وفي عام 1937 لم تبق مدرسة واحدة تستخدم اللغة التركمانية في العراق !
وعموما اتسم التركمان بالتبعثر وعدم التواجد فوق بقعة موحدة من الأراضي وبضعف المشاعر القومية والسياسية حتى العقدين الأخيرين، والانشداد الى تركية والماضي العثماني رغم التبدلات السياسية في أنقرة والأستانة ، والتزام غالبيتهم المذهب السني .. وهم بالتالي كانوا من اقرب الفئات الى الإدارات المركزية والحكومات المتعاقبة السنية في بغداد. الى ذلك لم ينج التركمان من غضب دكتاتورية صدام التي أعدمت اكثر من 500 شابا تركمانيا من الإسلاميين ودمرت مدينة تسعين وقرية بشير واعدمت القوميين التركمان نهاية السبعينات. وترى الأوساط التركية الحاكمة في أنقرة بالتركمان ورقة الضغط الرابحة على الحركة التحررية الكردية ليجري على الدوام خلق التناقض بين الخطاب السياسي التركماني والخطاب السياسي الكردي والديمقراطي والعلماني. لقد عانى التركمان من المواقف السلبية منها:النظرة الأقلية ، التأثير التركي ، الطائفية ، النافذة الكردية، الانعكاسات الآيديولوجية،دور النفط ، قضية كركوك. ويبقى عادلا حق الشعب التركماني كثالث قومية في العراق يصل عدد نفوسها الى أكثر من ثلاثة ملايين نسمة التمتع بحقوقه القومية الثقافية والإدارية وكشف محاولات طمس الهوية القومية والإرث الثقافي والحضاري للتركمان أي ضرورة أن تفهم الحركة السياسية التركمانية خصوصية كردستان العراق وان تحافظ على التجربة الكردستانية ونهوض الفيدرالية لا بجعل الحقوق القومية منفذا للتدخلات الإقليمية والدخول في لوحة الصراعات الإقليمية. بعد انتفاضة آذار سنة 1991 توسع التعليم بالأحرف اللاتينية والعربية في المدارس التركمانية بالإقليم الجبلي وتوسع الأعلام السمعي والمرئي والمقروء لتتفتح الآفاق الرحبة في الاستنهال من ثقافات الشعوب الناطقة باللغة التركية والتي يربو تعدادها على 200 مليون نسمة في العالم التركي.
ميزت الحركة الوطنية في العراق بين التركمان كقومية وبين الأحزاب والتنظيمات السياسية.. وناضلت في سبيل حق الشعب التركماني التمتع بحقوقه القومية والثقافية والإدارية وتطوير الديمقراطية وحماية حقوق الأنسان وتكريس حكم القانون واقامة العراق الفيدرالي البرلماني التعددي التداولي، ومقاومة سياسات جعل الحقوق القومية منفذا للتدخلات الإقليمية او الدخول في لوحة الصراعات الإقليمية. ومع ذلك تعرض ويتعرض الشعب الكردي الى الدعايات المغرضة من قبل بعض القوى التركمانية المرتبطة بالنظام التركي الإستبدادي الذي لا يعترف بوجود أية قومية في تركيا بما فيها كردستان الشمالية التي تحكمها العلاقات الإستعمارية تحت ظلال أسم الديمقراطية الفارغة من الممارسة الديمقراطية ، سوى شكلها وصورتها ..... مثل الإنتخابات الشكلية التي وصفها المفكر الفرنسي جان جاك روسو ، بأن الناخب حر لحظة إدلائه بصوته ، ومتى ما وضع بطاقة التصويت في صندوق الإنتخابات رجع عبدا . فلا يمكن تسمية دولة بالديمقراطية دون الإعتراف بالأسس الأساسية للديمقراطية وهي الإعتراف بحق الشعوب في الحرية ، والإعتراف بحقوق الإنسان بعيدا عن الطورانية والقومية الشوفينية والتفريس والتتريك والتعريب .
يتمتع التركمان في كردستان الجنوبية ، ولا سيما في مدينة كركوك الكردستانية بكافة حقوقهم ، والدراسة بلغتهم التركمانية ، ولهم مؤسسات وإذاعات وقنوات تلفاز ومنظمات سياسية ومهنية . ومع ذلك ايضا استمر تنسيق البعض ، وهذا البعض شريحة صغيرة وقليلة من التركمان ، من المأجورين لممارسة الإرهاب السياسي ، والإرهاب الدموي بإغتيال العناصر القيادية الكردستانية في كركوك وغيرها لتشويه القضية الكردية وواصلوا الزعيق الديماغوجي لا ضد الكرد فحسب بل باتجاه معاداة كل القوى الوطنية والديمقراطية ( انظر البيانات والتصاريح الاخيرة لمرتزقة التشيع التركماني – المجلس الشيعي التركماني _ وتهجماتهم الوقحة على الحزب الشيوعي العراقي وسكرتيره العام ) .
يمكننا أن نقارن ما للأقليات القومية والدينية في كردستان العراق من نعيم وما يتمتعون بها من حقوق ، مقابل ماكانوا معرضين له ، للقتل والتشريد على يد نظام صدام حسين المنهار رغم تبوأ بعضهم المواقع القيادية لا في مؤسسات الدولة البعثية الفاشية بل في صفوف الحزب العفلقي نفسه . كما يمكننا مقارنة وضعهم اليوم مع وضع الشعب الكردي وما يتعرض له من إضطهاد في الأجزاء الأخرى من كردستان .
ان الطورانيين تحكم خطواتهم ومخططهم وهم استعادة مجد مفقود وجاه زائل وخدمة حكام انقرة واحذية جندرمتها ... والطورانية حركة شوفينية عنصرية تعتبر الذراع التركي للتدخل الاقليمي في الشؤون الداخلية للبلدان المجاورة كالعراق . وليس غريبا ان تتلاقى الطورانية والصهيونية والماسونية والاصولية والصدامية البعثية فهي نماذج حية من الثقافات المعادية ونزعات ضيقة وطائفية ، متزمتة ومتعصبة ومنغلقة على نفسها ترفض التسامح والتغيير وروح العصر. وهؤلاء جميعا في توهمهم واحلامهم لا يألون جهدا ووسيلة إلا واستخدموها بوعي ..... شبكات تتغلغل، بهدوء في نسيج الدولة ومنظمات المجتمع المدني . شبكات تعمل متكاتفة وتقود خيوط الارهاب الاسلامي الاصولي والشيعي مستفيدة من قوته التعبوية وجهاديته وظلاميته . ولا يمكن للارهاب الاسلامي الاصولي ان ينمو في مناطق الارهاب بدون رعاية بعثيي صدام حسين والمخابرات العالمية . فشبكاتهم تعرف جيدا من يدخل حدود العراق من المرتزقة. وتشرف على من يريد منهم طلب الجنة بتفجير الابرياء. شبكات تختطف وتطالب بالفدية. وشبكات تجمع الدعم السياسي والمالي . وشبكات تعرف كيف تدق على الوتد الحساس في الصحافة والاعلام والقنوات الفضائية زاعقة ان الامل الوحيد في نيل الاستقرار والامن هو اعادة كل بعثيي صدام حسين الى الدولة . انه ارهاب تُخطط له يوميا قوى تمتد وتنشر كوادرها في جسد الدولة الجديدة والنخب الحاكمة . وهذا ما يقوم به اليوم مخانيث الطورانية المتشيعة . ومن ينسى ان قادة جيش فدائيي صدام حسين وكوادره تدربوا، اولا وكل شيء، على ذبح العراقيين وضمت قياداتها مرتزقة تركمان ؟ ليس من مصلحة استراتجية التغيير السياسي والاستقرار الامني (اذا كانت هناك استراتيجية وليس مجرد حملات طارئة) ان نتوهم ان مسلسلا ارهابيا بهذا الاتساع والشدة تقف وراءه قوى محدودة لا اهداف لها غير التدمير العشوائي وهي لا تلبث ان تستنفد مواردها وتسقط عاجلا . القوى التركمانية الوطنية والديمقراطية مدعوة للارتفاع الى مستوى المسؤولية في بناء الصرح الديمقراطي التعددي الفيدرالي لخير الشعب العراقي ككل ولجم مرتزقة الحقد الاسود . إننا مدركون أن المسؤولية الوطنية تتطلب أن نكون مخلصين للديمقراطية التعددية الفيدرالية البرلمانية ، وأن مصلحة العراق تتطلب ذلك حيث يتمتع الشعبين العربي والكردي والأقليات التركمانية والكلدو آشورية والطوائف الدينية بحقوقها في حدود مسؤولياتها الإخلاقية والوطنية . وان أي خضوع للأجنبي مثل تركيا أو ايران يعد تجاوزا للحدود الوطنية .