اتابكية الموصل
اتابكية كنية تركية من مقطعين( اتا ) بمعنى أب و( بك ) بمعنى أمير أي الأمير الوالد وهم مربو أولاد السلاطين ،أول من تقلد هذا الكنى عماد الدين زنكي تحت راية الخليفة العباسي والسلطان السلجوقي محمود الذي أعطى ولديه ألب ارسلان و فروخ شاه الى عماد الدن زنكي ،وقد استغل الوالي هذا الصفة السياسية في استقلال حكمه سنة( 523 هـ )1127 ميلادي ، وبعد وفاة نور الدين سنة( 625 هـ) 1218 ميلادي بداء حكم بدر الدين لؤلؤ في الموصل ،فقد انتزع الملك من آخر ولاة الدولة الزنكية بعد تولي الوصاية عليه زمن الخليفة المستنصر بالله (1)
وبدر الدين لؤلؤ مملوك ارمني اشتراه نور الدين ارسلان شاه بن مسعود واتخذه مربياً لأولاده ثم وصياً بعد موته، في سنة630 هجرية استقل بالملك فأرسل إلى الخليفة المستنصر بالله هدايا وافرة وعرض عليه أمر تقليده ،فأرسل الخليفة سنة 631هجرية الأمير بدر الدين سنقر شاه الظاهري ومعه خلعة السلطان وتقليد لبدر الدين لؤلؤ وامتطاه فرساً بمركب ذهب وهدايا أخرى ولقبه بالملك المسعود0
كان بدر الدين واسع الحيلة ذا دهاء وتدبير تقرب للشعب فانعم بالخلع على الناس فلم يخص بذلك شريفاً دون مشروف ولا كبيراً دون صغير وأحسن السيرة وجلس لكشف الضلامات بين الناس وانصف بعضهم من بعض0
وكان بدر الدين يترقب الفرص للتقرب من الخليفة العباسي ورجال الدولة ،فيقدم إليهم الطرف والهدايا الثمينة ،ويوثق علاقته مع رجال الدولة بالمصاهرة والانتساب إلى الخليفة ورجاله في رمي البندق,وغير ذلك مما يعزز مكانته (2)
كان عهد بدر الدين لؤلؤ عهد علم وثقافة ،وبناء للجوامع والاضرحه ،وتشجيع لمذهب أهل البيت عليهم السلام في الموصل ،فقد بنى مشهد يحيى بن القاسم ،ومشهد عون الدين ،ومشهد ابراهيم المجاب ،ومشهد عبد الرحمن ،ومشهد الباهر 000000الخ بالإضافة إلى خمس وثلاثون جامعاً وأربعة ألاف مسجد وثمان وعشرون مدرسة وثمانية عشر دار للحديث وسبع وعشرون خاناً للصوفية ومئة حمام زوج وعشرون حمام فرد(3)ورغم إن الملك المسعود بدر الدين كان أميا لا يقرا ولا يكتب إلا انه كان يناصر العلم وأهله ،وقد بنى المدرسة البدرية وبجانبها المشهد لتكون مركز دعاية له في نشر الذهب الشيعي ،وذكر المؤرخون بان أكثر ما كان يجري في مجالسه ايرادالاشعار والحكايات ،فإذا دخل شهر رمضان أحضرت له كتب التاريخ والسير وجلس الزين الكاتب وعز الدين المحدث يقرآن عليه أحوال العلم وأحوال العالم(4)
0ويعز المؤرخون تشجيع الملك المسعود لمذهب أهل البيت إلى سببين:
أحداهما حبا في أهل البيت ومذهبهم وثاني السببين إن بدر الدين لؤلؤ الملك المسعود أراد بذلك مقاومة المد المتنامي للحركة العدوية التي كان يدعو إليها حسن شمس الدين بن عدي بن مسافر الأموي ،فكان هذا الأخير قد استغل الطريقة العدوية التي أسسها عدي بن مسافر الأموي تحت ستار من الطريقة العدوية ،ولاقت الحركة إقبالا عظيما في الجزيرة وسورية وبلاد الأكراد وصارت تهدد الملك المسعود فمال بدر الدين إلى مذهب أهل البيت وأقام في كثير من مدارس الموصل مشاهد لأبناء الإمام علي عليه السلام واعتنى بزخرفتها وجعل لها سدنه ،وكان هو نفسه يتردد إلى زيارتها،وفي الوقت ذاته سعى إلى القضاء على الحركة العدوية وأتباعه فبداء أولا بقيادي الطريقة حيث صلب حسن شمس الدين بن عدي بن صخر الأموي مع مائة من أتباعه وسير حملةً إلى بلاد لالش سنة 653هجرية فهدم قبة عدي بن مسافر واخرج عظامه واحرقها وبدد أتباع الطريقة وكاد يقضي عليها .ورغب بدر الدين لؤلؤ الناس بقراءة سيرة الإمام الحسين (ع)
في المشاهد لكي يستمع إليها الناس ،ومن العلماء الذين رغبهم لهذا الغرض أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي المتوفى سنة 658هجرية –1259م فانه جمع كتاب كفاية الطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب ،والزم بدر الدين الشيخ عز الدين عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر الحنبلي الرسعني (589-661 هجرية ) فجمع كتاباُ عن مصرع الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام فــــــــجمع ما صح مـــن المقتل ونشره بين الناس وولاه بدر الدين دار الحديث المهاجرية بالموصل وصارت له حرمة عند السلطان*
المصادر:-
1-موسوعة تاريخ الموصل/هاشم الملاح /ج2 ص36
2-تاريخ الموصل/ج1ص314
3-موسوعة الموصل الحضارية /ج2 ص145
4-ذيل مرآة الزمان(544:1)