[size=18]بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الأول
المنقذ الإلهي
إن الناس في كل أنحاء العالم بصورة عامة منقسمون حول موضوع المنقذ المنتظر الذي ينتظر ظهوره في آخر الزمان إلى قسمين قسما يرى أن من المهم معرفة كل ما يمكن من معلومات عن المنقذ المنتظر وكل ما يتعلق به و بوقت ظهوره و حقيقة شخصيته و غالبا أن هذه الفئة هي من المؤمنين بوجود الله الخالق لأن كل الديانات السماوية و حتى الغير سماوية قد بشرت بظهور هذا المنقذ في آخر الزمان الذي سيخوض حرباً عالمية ضد الشر بكل صوره و سينشر العدل و السلام في الأرض و نزول المسيح ( عليه السلام ) و من ثم بعد هذا لن يبقى إلا عدة عقود من السنين و تقوم القيامة و ما تمثله من انتهاء وجود الإنسان على هذه الأرض و انتقاله إلى عالم آخر حيث يحاسب الله سبحانه و تعالى كل إنسان على عمله .
أما القسم الآخر فهم معتنقو الأفكار العلمانية أو الإلحادية حيث إنهم يرون أن كل ما ذكر عن هذا المنقذ ما هي إلا خرافات و معتقدات آمنت بها الشعوب المتخلفة و المغلوبة على أمرها و التي كانت ترزح تحت سيطرة شعوب أقوى منها فمنّت نفسها بسراب الخلاص على يد إنسان ذو قدرات خارقة يظهر حين غفلة من الزمن و ينتقم لهم من مستعبديهم و يعيد لهم مجدهم و سيطرتهم التي وعدهم بها الله على بقية الخلق … و أن هذا الاعتقاد مما يقود و يشجع الشعوب على الاستكانة للذل و الخضوع و يعرقل كل من يسعى للتحرر و التقدم للأفضل وهم يعتقدون أن كل من يبحث أو يخوض في هذا الأمر هو إنسان يؤمن بالخرافات و المعتقدات البالية ومما لا داعي لإضاعة الوقت في نقاشه و الحوار معه حول الموضوع و هؤلاء يشكلون تقريبا وحدة واحدة في الرأي لا اختلاف في ما بينهم .
و في الحقيقة أن حتى البعض من المسلمين المؤمنين بظهور المنقذ العالمي يعتقدون أن من الأفضل عدم الخوض في هذا الأمر الآن لأنه قد يسبب في شيوع حالة من التكاسل و التخاذل بين المسلمين عن السعي لتحرير فلسطين و القدس الشريف من الاحتلال الصهيوني البغيض ( اكثر مما نحن عليه الآن)!!!!.
و أما الذين يؤمنون بظهور هذا المنقذ العالمي فأن الاختلاف في ما بينهم ظاهر فكل منهم يدعي أن المنقذ المنتظر سيظهر من جماعته و أن الباقين واقعين في ضلالة و أن المنقذ سيقتص منهم لأنـهم لم يؤمنوا بظهوره ( شخصيا ) مع كل صفاته التي ذكرتها كل أمة .. بل أن الاختلاف حاصل مع أفراد الدين الواحد في صفات و العلامات التي تدل أو تخص هذا الشخص .
وكل الديانات تؤكد أن للعالم نهاية لا ريب فيها و سوف يسبق هذه النهاية ظهور علامات مثل كثرة الزلازل و انتشار الفساد و انتشار الظلم و من ثم نزول المنقذ المنتظر بقدرة الإلهية, لإنقاذ المؤمنين من الفساد و الظلم الذي يسود الأرض . وسأستعرض بعض المعلومات المختصرة عن ما ذكره بعض أصحاب الديانات السماوية في مختلف أرجاء العالم عن هذا المنقذ .
و أجد من المهم هنا أن أؤكد أني لا احمل أي ضغينة أو عداء لأي من اتباع الديانات السماوية من غير المسلمين و اقصد هنا ( اليهود و النصارى ) إلا من كان منهم معاديا للإسلام والمسلمين و يسعى للأضرار بهم و بدينهم و أن كل ما سيرد في الكتاب ما هو إلا شرح لوقائع و أحداث وقعت و ستقع إنشاء الله .
إن أهم الديانات السماوية المنتشرة في العالم هي الديانات اليهودية و المسيحية و الإسلامية و هذه الديانات الثلاثة ظهرت في منطقة جغرافية واحدة و هي منطقة الشرق الأوسط و كلها بدأت بنبي الله إبراهيم ( عليه السلام ) فكل أنبياء هذه الديانات يرجعون في نسبهم إليه ففي الديانة اليهودية التي جاء بها موسى ( عليه السلام ) و من جاء من بعده من الأنبياء قد وردت عدة تنبؤات تتحدث عن هـذا المنقذ العظيم و الذي سيقوم اله بني إسرائيل ( يهوه ) بإرساله لإنقاذهم من أعدائهم على أساس انهم شعب الله المختار ( و في الواقع أن لليهود اكثر من منقذ ( مسيح ) كما صرحت التوراة بهذا ) و لهـــذا نرى أن اله بني إسرائيل ( يهوه ) في التوراة يسمي ملك الفرس ( كورش ) بالمسيح و كما ورد في سفر أشعيا الإصحاح الخامس و الأربعين :
( سأقوم بكتابتها و كما وردت في نسخة الانجيل الموجودة عندي ( مع ما فيها من اخطاء لغوية )
Is:45:1:
1 : هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمما واحقاء ملوك احل لأفتح أمامه المصراعين والأبواب لا تغلق.
Is:44:28:
28 : القائل عن كورش راعيّ فكل مسرتي يتمم ويقول عن اورشليم ستبنى وللهيكل ستؤسس
Is:45:3:
3 : وأعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ لكي تعرف إني أنا الرب الذي يدعوك باسمك اله إسرائيل.
و لم تكن نبؤة اشعيا النبؤة الوحيدة فلقد وجدت نبؤات أخرى في سفر النبي دانيال عليه السلام الذي رأى رؤيا تبشر بظهور منقذ لبني إسرائيل كما جاء في الإصحاح الثامن من سفر دانيال:
1- في السنة الثالثة من ملك بيلشاصر الملك ظهرت لي أنا دانيال رؤيا بعد التي ظهرت لي في الابتداء
2 - فرأيت في الرؤيا وكان في رؤياي وأنا في شوشن القصر الذي في ولاية عيلام. ورأيت في الرؤيا وأنا عند نهر أولاي
3 - فرفعت عينيّ ورأيت وإذا بكبش واقف عند النهر وله قرنان والقرنان عاليان والواحد أعلى من الآخر والأعلى طالع أخيرا.
4 - رأيت الكبش ينطح غربا وشمالا وجنوبا فلم يقف حيوان قدامه ولا منقذ من يده وفعل كمرضاته وعظم.
5 - وبينما كنت متأملا إذا بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض ولم يمسّ الأرض وللتيس قرن معتبر بين عينيه.
6 - وجاء إلى الكبش صاحب القرنين الذي رايته واقفا عند النهر وركض إليه بشدة قوته.
7 - ورأيته قد وصل إلى جانب الكبش فاستشاط عليه وضرب الكبش وكسر قرنيه فلم تكن للكبش قوة على الوقوف أمامه وطرحه على الأرض وداسه ولم يكن للكبش منقذ من يده.
8 - فتعظم تيس المعز جدا ولما اعتزّ انكسر القرن العظيم وطلع عوضا عنه أربعة قرون معتبرة نحو رياح السماء الأربع.
9 - ومن واحد منها خرج قرن صغير وعظم جدا نحو الجنوب ونحو الشرق ونحو فخر الأراضي.
10 - وتعظم حتى إلى جند السماوات وطرح بعضا من الجند والنجوم إلى الأرض وداسهم.
11 - وحتى إلى رئيس الجند تعظم وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن مقدسه.
12 - وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية فطرح الحق على الأرض وفعل ونجح.
13 - فسمعت قدوسا واحدا يتكلم فقال قدوس واحدا لفلان المتكلم إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين.
14 - فقال لي إلى ألفين وثلاث مائة صباح ومساء فيتبرأ القدس
15 - وكان لما رأيت أنا دانيال الرؤيا وطلبت المعنى إذا بشبه إنسان واقف قبالتي
16 - سمعت صوت إنسان بين أولاي فنادى وقال يا جبرائيل فهّم هذا الرجل الرؤيا.
17 - فجاء إلى حيث وقفت ولما جاء خفت وخررت على وجهي.فقال لي افهم يا ابن آدم أن الرؤيا لوقت المنتهى.
18 - وإذ كان يتكلم معي كنت مسبخا على وجهي إلى الأرض فلمسني و أوقفني على مقامي.
19 - وقال هاأنذا اعرّفك ما يكون في آخر السخط.لأن لميعاد الانتهاء.
20 - أما الكبش الذي رأيته ذا القرنين فهو ملوك مادي وفارس.
21 - والتيس العافي ملك اليونان والقرن العظيم الذي بين عينيه هو الملك الأول.
22 - وإذا انكسر وقام أربعة عوضا عنه فستقوم أربع ممالك من الأمة ولكن ليس في قوته.
23 - وفي آخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل.
24 - وتعظم قوته ولكن ليس بقوته.يهلك عجبا وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين.
25 - وبحذاقته ينجح أيضا المكر في يده ويتعاظم بقلبه وفي الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر.
26 - فرؤيا المساء والصباح التي قيلت هي حق.أما أنت فاكتم الرؤيا لأنها إلى أيام كثيرة.
27 - أنا دانيال ضعفت ونحلت أياما ثم قمت وباشرت أعمال الملك وكنت متحيّرا من الرؤيا ولا فاهم ….
و لقد فسر بعض المفسرين القدماء هذا الإصحاح على أن الكبش ذي القرنين يمثل مملكتين تتحدان وهما مملكة مادي و فارس و تكونان مملكة عظيمة يقودها ملك قوي لا تستطيع كل الدول مواجهته , أما التيس ( العنزة ) ذي القرن الواحد الذي حارب الكبش فالمراد منه ( ملك اليونان ) و القرن البارز من راس التيس فهو ملك من اليونان أي الاسكندر المقدوني و تعبر هذه الرؤيا بالنسبة لليهود هي البشارة بخلاصهم من الأسر البابلي بعد قيام المملكة الممثلة بالكبش ذي القرنين أي ملك مادي و فارس حيث أن ملك هذه المملكة سيغير على مملكة بابل و يتغلب عليها و تحرير اليهود من الأسر البابلي و هو ما حدث بالفعل حيث هاجم الملك الفارسي ( كورش ) الممالك في الغرب و الشرق و الجنوب أي في مملكة بابل و حقق الانتصارات فيها و حرر اليهود من الأسر و سمح لهم بالعودة إلى فلسطين و بناء هيكلهم من جديد و من المعروف تاريخيا أن بعد فترة هاجم الاسكندر المقدوني مملكة فارس فأحتلها و بسط سلطانه عليها و بهذا تحققت هذه النبؤة في تلك الفترة و اليهود الآن لا يقبلون بهذا التفسير و يقولون أن هذه النبؤة لم تتحقق بعد و لهذا فهم ينتظرون مسيحا آخر و يدعون أن مسيحهم القادم سيقوم بشن حربا ضد كل أعداءهم و ينتصر عليهم وسيظل اليهود يحرقون أسلحة أعدائهم لمدة سبع سنوات متوالية و من ثم ستأتي شعوب الأرض للمسيح و تقدم له الهدايا و تطلب منه المغفرة فيغفر لهم و يسامحهم و لكنه سيرفض هدايا المسيحيين و لن يغفر لهم ولا يقبلهم في دينه لأنهم من نسل الشياطين . و هم لا يؤمنون بالمسيح الذي يؤمن به النصارى ( عيسى ابن مريم ) عليهما السلام و يعتبرونه (حاشاه ) أنه رجل ولد من زنا و يريد أن يضل اليهود بادعائه أنه هو المسيح و لهذا فلقد قاموا بصلبه . وهناك خلاف بين الحاخامات اليهود حول مدة بقاء المسيح على الأرض فمنهم من يقول أن بقاءه سيطول بنفس المـــدة التي سبقت مجيئه أو منذ زمن نوح ( عليه السلام ) و البعض قال أن بقاءه سيكون لمدة أما أربعين أو سبعين سنة .
و لقد ساند بعض النصارى المتصهينون رأي اليهود و يدعون أن هذه النبؤة لم تتحقق لحد الآن وإنها ستحقق في زماننا هذا و لقد فسروها على إن الكبش ذي القرنين هما يمثلان قوتان ســــتتحالفان فيما بينهما ( روسيا و إيران و ما تمثله من الدول الإسلامية ) حيث سيكون بينهما اتفاق و تعاون عسكري و سيقومون بشن حرب على إيطاليا و فرنسا وجنوب أوربا و يكون حينها اليهود قد تجمعوا مرة أخرى في فلسطين هنا تظهر العنزة التي تمثل ( أمريكا ) فتقوم بالقضاء على الكبش و كسر قرنيه و سحقه و السيطرة على العالم و عندها ستساعد اليهود في بناء هيكلهم المقدس و عندها سيظهر المسيح الذي ينتظرونه …
أما بالنسبة للنصارى فلهم وجهة نظر أخرى مختلفة عن هذا المنقذ الموعود . فالمنقذ المنتظر عندهم هو نفسه المسيح ( عيسى ابن مريم ) عليهما السلام و الذي سيظهر لهم في آخر الزمان و يقوم بإنقاذهم من أعداءهم و ينصر المسيحيون في كل الأرض و يقتل كل من لم يؤمن به من البشر . و النصارى منقسمون حول حقيقة من قـام بصلب المسيح ( عليه السلام ) فكل المسيحيون الشرقيين و اغلب المسيحيون ( الكاثوليك ) خاصة يعتقدون أن اليهود هم من قام بعملية الصلب ( مع أن بابا الفاتيكان قد قام أخيرا بتبرئة اليهود من هذه التهمة بضغط من اليهود و المنظمات الصهيونية في العالم ) أما البروتستانت ( اغلب مسيحيو أمريكا ) فهم يقولـــون أن لا علاقة لليهود بصلب المسيح ( عليه السلام ) و أن الرومان هم الذين قاموا بصلبه .... و هم من اشد المؤمنين برجوع المسيح عيسى ابن مريم (عليهما السلام ) و لهم علامات يؤمنون بها تسبق نزوله و يعتقدون أن المسيح لن يرجع إلى الأرض إلا إذا تمت هذه العلامات و من أهمها تجمع اليهود في فلسطين و بناء الهيكل للمرة الثالثة و عندها سينزل المسـيح ( عليه السلام ) و عندها سيقوم المسيح برفعهم إلى السماء وتحدث معصرة الرب و هي المعركة الكبرى ( معركة هرمجدون ) . و لهذا فهم من اشد المؤيدين لقيام إسرائيل و تجميع اليهود في فلسطين لتتم لهم النبؤة التي بشروا بها و هي ظهور المسيح ( عليه السلام ) مرة أخرى .