وتتمثل الشجاعة الحيدرية بميلاد قمر بني هاشم أبي الفضل العباس (ع) الذي شائت إرادة الله أن يكون يوم مولده بعد أخيه الحسين (ع) كإشارة إلى أن ولادته جاءت لتشد به أزر أخيه الحسين (ع). تمثلت في قمر العشيرة الخصال الحميدة التي ورثها من أمير المؤمنين (ع) وأخويه الحسن والحسين (ع) فيكون بذلك جامع الصفات الغر من بيت العلم والفضيلة، فقد «تجلبب العباس بالمناقب حتى لا تكاد تجد فرقاً بين كلمة «العباس» وكلمة «المناقب» في قاموس المناقبيات». كان (ع) شديد البأس والشجاعة في حروبه مع والده أمير المؤمنين، وقد عاش الظروف الصعبة التي مر بها الإمام علي (ع) في النهروان والجمل وصفين.
ظهرت من العباس وهو لا يزال في سني المراهقة شجاعة فائقة في يوم صفين، ومما يروى في هذا المجال أنه في بعض أيام صفين، خرج من جيش أمير المؤمنين شابٌ يعلو وجهه نقاب تعلوه الهيبة وتظهر عليه الشجاعة وكان يقدر عمره بخمسة عشر عاماً وأخذ يطلب المبارزة من أصحاب معاوية فهابه الأعداء، فندب معاوية إليه واحداً من أشجع أهل الشام يسمى أبو الشعثاء فقال أبو الشعثاء: يا معاوية إن أهل الشام يعدونني بألف فارس، فلا أخرج إليه وإنما أرسل إليه أحد أولادي، وكان عنده سبعة فأرسل ابنه الأول فبارز صاحب النقاب فقتله صاحب النقاب، ثم أرسل أبو الشعثاء ابنه الثاني فقتله أيضا فأرسل الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع، فقضى عليهم جميعاً فساء ذلك أبا الشعثاء وأغصبه فبرز إلى صاحب النقاب وهو يظن أنه قادرُ على مواجهة ألف فارس مثله وقال «لأثكلن عليك أمك» فشد عليه صاحب النقاب وألحقه بأولاده السبعة. فهاب كل أصحاب معاوية ذلك الرجل، ولم يجرؤ على مبارزته أحد، فيما بعد أدهش هذا الموقف ليس العدو فقط وإنما الصديق أيضا، وعرف أصحاب الإمام علي من هذه البسالة أنها لا تعدو الهاشميين، ولكنهم لم يعرفوا من هو ذلك البطل الباسل فلما رجع إلى مخيم الإمام أزال النقاب عن وجهه فإذا هو قمر بني هاشم العباس (ع).