عودة الحرب الباردة بنغمة عربية إيرانية
غانم الموسوي
السياسيون يعلمون جيدا أكثر من المواطن العادي بأن مصطلح الحرب الباردة ناتج من انتصار أطراف عدة في الحرب العالمية الثانية وبالتحديد عند نهايتها ولحين انحلال وانهيار الاتحاد السوفييتي . فالحرب الباردة ظهرت على أرض الواقع منذ عام 1945 إلى عام 1990 بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي عند إيقافهما فعليا عن ممارسة واستخدام السلاح بين الطرفين واللجوء إلى تطوير هذه الأسلحة لإبراز عضلات الطرفين وقوتهما وليكون ذلك وبالا على الإنسانية جمعاء والغرض من هذه الحرب قيام حروب صغيرة بين أطراف تعود إلى الدولتين المعنيتين بالحرب الباردة وهذه الحروب تؤدي إلى استنزاف طاقات كل الأطراف .
وأنا برأي الشخصي هذه الحرب كانت فخاخ للدول المنضوية تحت العباءة الأمريكية والعباءة السوفييتية والخاسر الأوحد هي الدول التي كانت تستنزف أموال شعوبها وتقدمها إلى الطرفين المتنازعين بحجة تطوير الأسلحة حيث استفادت كلتا الدولتين من هذا الدعم واعني بهما الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي ووقعت الشعوب تحت أدنى درجات الفقر باستعمال أساليب التقشف وما إلى ذلك من أساليب أخرى الغرض منها سرقة خيرات البلاد.
إن غالبية الدول العربية شملتها خدعة الحرب الباردة وبدأت بعضها بتقديم المال والبعض الأخر الاستهانة بالقيم البشرية الإنسانية من خلال المشاركة في حروب بعيدة كل البعد عن مفاهيم هذه الدول.
إن أهم ما أججت هذه الحرب هو انعدام الثقة بين الكتلة الشرقية والكتلة الغربية وخاصة عند حدوث أزمة الصواريخ الكوبية ولكن الحقائق كانت تدل على أن الاتحاد السوفييتي توجه أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأميركية حول نشر الفكر الامبريالي واتهام أمريكا للسوفييت بنشر الفكر الشيوعي وهكذا استمرت الحرب .
ومن صراعات هذه الحرب غزو السوفييت لأفغانستان الذي لم يؤثر على الكتل الكبيرة ولا على إمكانياتها وشعوبها وهيكلتها بل أثرت على الدول الداعمة بما يسمى بتحرير أفغانستان وخاصة العربية منها.
بعد انتهاء هذه الحرب وميلاد ما يسمى بالنظام العالمي الجديد بقيادة أميركا انتهى الدور السياسي للعرب عالميا وعربيا وأصبحوا مكونات شطرنجية لا حول لهم ولا قوة لعدم وجود من يحركهم شمالا وجنوبا، شرقا وغربا حيث تعلموا على تلقي التعليمات من الآخرين وكان المفروض بهم الوقوف على الحياد بين أطراف الحرب الباردة ولكن وقوع الفاس في الرأس حال دون ذلك وبدأ بعدها الضمان الأمريكي لاسرائييل دون تقديم أي ضمان للعرب.
لقد صرح محمد حسنين هيكل قائلا : (( الحرب الباردة انتهت ونحن لا نزال غارقين في عقلية الحرب الباردة وفي ميادينها نفكر فيها وغير قادرين على التحرك )) ، واليوم هناك ملامح لقيام حرب باردة أخرى بعيدة عن دول الغرب وقريبة من الدول العربية ودولة إيران التي أصبحت العنصر الأساسي في قيام هذه الحرب الباردة وبحجج واهية وكلنا نعلم بأن العراقيين قدموا أكثر من مليون شهيد بحجة الدفاع عن الحدود الشرقية للوطن العربي والصحيح هو الدفاع عن دول الخليج بما يسمى أطماع إيران في المنطقة وإلا فماذا يعني وقوف أكثر الدول العربية مع الجانب الإيراني سرا في حرب الخليج الأولى ولماذا وقفت دول الخليج ضد العراق حامي البوابة الشرقية في حرب الخليج الثانية ، إنها مبدأ الغباء السياسي الذي يتبناه بعض القوى التي لاتهمها سوى مصالحها في المنطقة.
الحرب الباردة الجديدة قادمة لامحالة من ذلك ونرجو أن لايصار إلى استنزاف المليارات العائدة لشعوب المنطقة والخاصة للبقاء فترة أطول على كرسي الخلافة ، فالله هذه الحرب ليست حرب الإسلام والمسلمين بل حرب استنزاف النفط والمال، استنزاف الطاقة البشرية الإسلامية ، استنزاف للعقل الإنساني العربي في المنطقة. والحرب الباردة قادمة ونتمنى أن لانكون حطبا فيها وكفانا قتالا بالنيابة عن الأمة العربية التي لم تقف يوما ما مع الشعب العراقي في مأساته ومعاناته المتعددة ولعشرات السنين.
كفانا مشاركة في حروب لن تخدمنا فما الذي جنيناه من حربنا كعراقيين ضد إيران سوى الدمار وزيادة في أعداد القبور وما الذي جنيناه من احتلال الشقيقة دولة الكويت سوى حصار دام سنين عجاف أرجعتنا عشرات السنين إلى القرون المظلمة قتل ودمر خلاله مئات الآلاف من العراقيين ، وماذا سنجني من الحرب القادمة التي يخطط لها من لايؤمن بعراقيته ومن يؤمن بها قد ينصاع إلى خطابات دول الجوار.
الرئيسية 
التسجيل 
دخول 
الخميس 9 أغسطس - 9:45