القلب السليم
غانم الموسوي
أحسن المخلوقات وأبدعها هو الإنسان، حيث خلقه الله سبحانه وتعالى وأنزل به الروح وأُعطيّ العقل الذي مُيز به عن باقي المخلوقات، والذي به يثاب المرء أو يعاقب، لأنه لولب الإنسان وأرادته الحرة، فيمكن أن يكون صالحاً أو شريراً، ولأن الإنسان مخيرٌ بين أعمال الخير أو الشر، وينضم إلى العقل، القلب، حيث يكون سليماً أو فاسدا ، فكما أن العقول مصنع الخير والشر فإن القلب معبر المرء إلى أعلى العليين أو أسفل السافلين، وقلب المؤمن كما نعلم بيت الله وقلب المشرك والكافر بيت الشيطان والطاغوت، فالقلب السليم الذي خص به الله المؤمن هو القلب الذي يلقى الله وليس في قلبه أحد سواه ، قلب سليم من الفساد والمعاصي.
وأختص القلب بالسلامة لأنه إذا سلم القلب سلم وغنى الرجل في دينه ، مثل غناه في دنياه بماله وبنيه، حيث لا ينفع مال وبنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فان سليم القلب كما ينفعانه ماله وأولاده في الدنيا، ينفعانه في الآخرة ، والقلب السليم هو الذي سلم وأسلم وسالم واستسلم، قال تعالى في كتابه المجيد يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ {88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{89} – سورة الشعراء -
والآية تحكي قصة نبي الله إبراهيم (عليه السلام) مع قومه، وتعني أين الذين كنتم تعبدون من الأصنام ومن الفراعنة، والقرآن هو كلام الله ووحيه المنزل ذو الأعجاز، وموصوف بالتجدد والتطور فيمكن تطبيق آياته على الوضع الحالي للعراق، فأين كنا والى أين صرنا ولم الاختلاف والفتن ولم لاتصفى القلوب لتكون بيوتاً لله بدلاً من بيوت الشياطين والطواغيت.
عن النبي( صلى الله عليه وآله وسلم) قال: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والخطيئة ستجعل من القلب مأوىً للطاغوت والشيطان، وعن الصادق (عليه السلام) قال: القلب السليم هو الذي سلم من حب الدنيا، سالم من الشرك والشك في الدنيا، وصاحبه صاحب النية الصادقة، وصاحب القلب السليم، أي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه ، وهوالقلب السالم عن المعاصي والآثام، السليم من الكفر والضلال والعداوة والبغضاء والشر لعباد الله، وكل قلب فيه شرك أو شك فهو ساقط ، وإنما نسب إلى القلب لأنه مبعث الخيرات والشرور، ويمثل القلب الملامح الإنسانية الإسلامية الذي يختزن في داخله الخير كله والنصيحة لله ولرسوله وأئمته ولأوليائه وأصحابه ولعباده.
أي متى أسلم القلب من الرذائل سلمت معه جميع الجوارح، فيسلم اللسان من الغيبة والكذب، والسمع من الإصغاء إلى اللغو والباطل، واليد من ممارسة الحرام، والفرج من الزنا والفجور.
والقلوب أربع، قلب فيه نفاق وإيمان، وقلب منكوس، وقلب مطبوع، وقلب أزهر أجرد، أجرد من غير الله ، والأزهر قلب المؤمن، والمنكوس قلب المشرك.
فليتأمل العراقيون أين هم من هذه المعاني العظيمة وليجعلوا من قلوبهم بيوتاً لله ويتداركوا الفتن والقتل كي لا يجعلوا من قلوبهم بيوتاً للطواغيت لاسمح الله.