الإسلام يبعث الأمل في المستقبل
يُجمع المسلمون، مع اختلاف بسيط، على حتميّة انتصار قوى الحقّ في صراعها مع قوى الباطل، كما ويجمعون على أنّ هذا الانتصار يتمّ على يد شخصيّة مقدّسة أطلقت عليها الروايات اسم "المهديّ" عجل الله تعالى فرجه الشريف.
وتنطلق هذه الفكرة بالأساس من مفاهيم القرآن الكريم التي تؤكّد على حتميّة انتصار رسالة السماء1، وعلى حتميّة انتصار المتّقين والصالحين2، وانهزام قوى الظلم والطغيان3، ثمّ بزوغ فجرٍ مشرقٍ سعيدٍ على البشريّة4.
كما يمكن استفادة ذلك من مفهوم آخر يطرحه القرآن وهو "حرمة اليأس من رَوْح الله"5
وهذا الأمل مذكورٌ أيضاً في الروايات الإسلاميّة بعبارة "انتظار الفرج"، وقد عُدّ فيها من أفضل العبادات6.
وحصيلة هذه الفكرة هي نظرة تفاؤليّة تجاه مسيرة التاريخ، نظرةٌ تبعث الأمل في المستقبل، ومؤدّاها أنّه مهما قست الظروف فإنّ المؤمن لا يستسلم لليأس ولا يفقد الأمل بالنصر الإلهيّ الموعود، إذ هو على موعدٍ مع فرجٍ متوقّعٍ في نهاية المطاف.
البشرى للعالم أجمع
يحمل مفهوم "انتظار الفرج" البشرى للبشريّة جمعاء، فلا يختصّ بفرد معيّن أو جماعة محدّدة, إذ تمثّل مسألة نهضة المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف قضيّة اجتماعيّة وفلسفيّة كبرى لها خصائص وعناصر ذات أبعاد عالميّة، خصائص ثقافيّة تربويّة كما هي سياسيّة اقتصاديّة واجتماعيّة...
نشير إلى بعض هذه الخصائص باختصار:
أ ـ تتّجه البشريّة نحو مستقبل مشرق تُجتثّ فيه جذور الظلم والفساد من منابتها. وهذا مما يبعث على التفاؤل في مستقبل البشريّة، ويقع ذلك في مقابل نظريّتين:
تعتقد الأولى أنّ الشرّ والفساد والتعاسة صفات ملازمة للحياة الإنسانيّة، وعليه فإنّ أفضل ما يمكن أن يقوم به الإنسان هو وضع حدّ لهذه الحياة.
وتؤمن الثانية بأنّ البشريّة، وبفعل تطوّرها وتقدّمها في صنع وسائل الدمار والخراب، تحفر قبرها بيدها، وبذلك فهي تسير نحو الانهيار والسقوط.
ب ـ ستنتصر قوى الحقّ والتقوى والسلام والعدل والحريّة على قوى الظلم والاستكبار والاستعباد، وستُقتلع جذور الفساد.
ج ـ ستقوم حكومةٌ عالميّةٌ واحدة، تجمع تحت ردائها جميع الفئات والمجموعات البشريّة.
د ـ ستعمر الأرض وتُستغلّ ثرواتها، وتستثمر ذخائرها إلى أقصى حدّ ممكن. وبالإضافة إلى ذلك ستحلّ المساواة بين البشر في مجال توزيع هذه الثروات.
هـ ـ ستبلغ البشريّة حدّ التكامل والنضج, حيث يتّخذ الإنسان سبيل العقل متحرّراً من أغلال الشهوات والظروف الطبيعيّة والاجتماعيّة، وتحصل المواءمة بين الإنسان والطبيعة، وتخلو النفوس من العُقَد والأحقاد.
وتحتاج هذه النقاط إلى تحليل ودراسة أكثر تفصيلاً لا يتّسع لها بحثنا هذا.
كيفية انتظار الفرج(الانتظار الكبير):
هناك نوعان من انتظار الفرج:
الأوّل: الانتظار الهدّام:وهو الانتظار الذي يبعث على الخمول والكسل ويؤدّي إلى شلّ حركة الإنسان ويقيِّد طاقاته.
يبني هذا الانتظار تصوّره لنهضة المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف على أساس أنها مجرّد انفجار ينجم عن انتشار الظلم والفساد وشيوعهما في البلاد. فبحسب هذه النظرة إنّ مسيرة البشريّة تحثّ خطاها نحو انعدام العدل واستفحال الباطل، وهي متى تصل في انحدارها إلى نقطة الصفر فستمتدّ يد الغيب لإنقاذ الحقّ ودحض الباطل.
ولذلك لا يرى أصحاب هذه النظرة لأنصار الحقّ أيّ دور في عمليّة نهضة المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، بل على العكس لكي يظهر المهديّ فلا بدّ من أن يزول أنصار الحقّ نهائيّاً.
من هنا يُدين هؤلاء كلّ إصلاح في المجتمع، على اعتبار أنّه يؤخّر الإمداد الغيبيّ الموعود، فيما يعتبرون أنّ من الأمور التي تساهم في تسريع ظهور المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف مسألةَ إشاعة الفساد، وعلى هذا فإشاعة الفساد أمر مطلوب بل من أفضل أنواع انتظار الفرج ولو من باب "الغاية تبرّر الوسيلة".
لذلك يُرى أصحاب هذا التصوّر ينظرون إلى المصلحين والمجاهدين بعين الحقد والعداء، فإنّ هؤلاء المجاهدين ـ طبقاً لهذه النظرة ـ عامل سلبيّ يساهم في تأخير الظهور.
والذين يتبنّون هكذا نوع من الانتظار، إن لم ينضمّوا إلى زمرة العاصين عملاً فإنّهم يتطلّعون إلى أصحاب المعاصي بعين الارتياح والرضا باعتبار أنّهم الممهّدون لظهور القائم المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
الانتظار الهدّام والاتجاه الديالكتيكيّ7
ولذا فقد يتوافق هذا النوع من الانتظار والاتجاه الديالكتيكيّ في بعض النتائج، فهو يشاركه في معارضة الإصلاحات, بناءً على أنّها تؤخّر في عمليّة الوصول إلى المرحلة الأسمى، وفي التأكيد على ضرورة نشر الفوضى وإشاعة الفساد، فيرتئي ـ كالاتجاه الديالكتيكيّ ـ زيادة الظلم والفساد للوصول إلى النتيجة المطلوبة، وهي الوصول إلى الانفجار المقدّس8. وعلى قاعدة "الغاية تبرّر الوسيلة"، تستحقّ هذه الحركات ـ معارضة الإصلاح، وإشاعة الفساد، وفق هذا التصوّر، عنوان النضال المقدّس.
نعم، هناك فارق بينهما، فإنّ هدف الاتجاه الديالكتيكي من تعميق الفجوات والتناقضات هو تصعيد النضال والجهاد، فيما يفتقد هذا التفكير المبتذل في مسألة انتظار المهديّ لحركة الجهاد والعمل، وينتظر بعد نشر الفساد الوصول إلى النتيجة المطلوبة تلقائياً، بلا أيّ جهد يُبذل9.
تقييم هذا الانتظار
وعلى كلّ حال، وبغضّ النظر عن عدم صوابيّة هكذا نظرة إلى تكامل التاريخ، فإنّ هذا الانتظار الهدّام وهذا التصوّر يتخطّى مجموعة من الحدود والأحكام والمفاهيم الإسلاميّة ويؤدّي إلى تعطيلها10، فلا يتلاءم مع النظرة القرآنيّة ولا مع الموازين الإسلاميّة، ولذا لا يمكن تبنّيه بأيّ شكل من الأشكال، بل هكذا انتظار يمكن اعتباره انتظاراً محرّماً.
الثاني: الانتظار المثمر البنّاء:يأخذ هذا الانتظار منحىً معاكساً للانتظار الهدّام، فهو يبثّ في كيان المنتظِر قوّة تدفعه نحو التحرّك والعمل والجهاد، وهو يعتقد بأنّ لإرادة المنتظِر دوراً أساساً في حصول الفرج.
ويعتمد هذا التفكير في فهمه لزمان وحقيقة الظهور على:
أنّ ظهور المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يمثِّل آخر حلقة من حلقات الصراع الدائم بين أهل الحقّ وأهل الباطل، وعليه فلا بدّ من استمرار مقارعة قوى العدل والخير لقوى الظلم والشرّ، ومن دوام الصراع بين الحق والباطل.
ويلعب النشاط الإنساني دوراً أساساً في تحقّق الظهور، حيث يساهم أهل الحقّ في تحقيق الانتصار، ولهم دور أساس في عمليّة ما بعد الظهور، فليست مسألة الظهور مجرّد امتداد لليد الغيبيّة عند وصول انحدار البشريّة إلى نقطة الصفر، حتّى ينتفي أيّ دور لمثل هؤلاء الصالحين.
وبناءً عليه فالفرد الذي يهمّه المشاركة والتمهيد للظهور فلا بدّ أن يكون منتمياً إلى أهل الحقّ الممهّدين الواقعيين للمهديب، وليس أهل المعاصي والفساد!
أدلّة هذا النوع من الانتظار
يستند هذا الفهم لكيفيّة الانتظار إلى الآيات القرآنيّة والروايات التي تشير إلى أنّ المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف هو مظهرٌ لحتميّة انتصار قوى الحقّ في صراعها مع الباطل، وتجسيدٌ لآمال المؤمنين العاملين، فتشكّل هذه الآيات والروايات منطلقاً لهذا التفكير، فكيف ذلك؟
ـ إنّ الروايات والآيات قد ركّزت على وجود فئة أهل الحقّ في عصر الظهور... بل إنّ الموعودين بالاستخلاف في الأرض والمنتصرين في حركة المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، هم خصوص المؤمنين العاملين بالصالحات، كما في الآية الشريفة: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾11.
وهذا الوعد للعاملين الصالحين جارٍ في جميع الكتب السماويّة: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾12.
فظهور المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف لا يستهدف ملء الأرض إيماناً وتوحيداً وصلاحاً فحسب، بل يستهدف نصرة أهل الحقّ والفئة المظلومة وإنقاذهم.
وعليه فلا بدّ أن يستمرّ الصراع فتكون هناك فئة يستضعفها أهل الظلم والتجبّر، فيمنّ الله عليها بظهور المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾13.
ـ وتحدّثت الروايات عن أنّ نخبة من المؤمنين ستلتحق بالمهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف فيكونون من أنصاره.
وإذا كان لا بدّ من نخبة في ذلك الزمان فلا نشكّ بضرورة وجود أرضيّة صالحة تستمرّ على مدى الأيّام في تأمين هذه النخبة وتربّيها، وهذا لا يتمّ بنشر الفساد والحقد على المصلحين والعاملين!
ـ بل تشير الروايات إلى سلسلة نهضات تسبق ظهوره، كنهضة اليمانيّ.
وهذه النهضات لا يمكن أن تنطلق من العدم، بل لا بدّ أنّها تندرج في سلسلة الصراع بين أهل الحقّ وأهل الباطل.
ـ وأكثر من ذلك، ليست نهضة المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف متوقّفة على وجود فئة ونخبة من أهل الحقّ ونهضاتهم فحسب، بل لا بدّ من أن يشيّدوا دولة لهم تسبق ظهوره.فقد أشارت بعض روايات عصر الظهور إلى أنّه في ذلك العصر تقوم دولة للحقّ تستمرّ حتّى ظهوره14.
وهذا أيضاً من الدلائل على أنّ الظهور لا يقترن بفناء الجناح المناصر للحقّ، بل بانتصارٍ أوّليّ لجناح العدل والتقوى على جناح الظلم والفساد.
كلّ هذا يؤكّد على ضرورة استمرار صراع الحقّ وأنصاره مع الباطل وأهله، ليُختتم ذلك بظهور المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريفمنقذاً لأنصار الحقّ وناصراً لهم، فيكون هذا الظهورُ المبارك الحلقةَ الأخيرةَ من حلقات الصراع الطويل بين الحقّ وبين الباطل، وبه يتحقّق هدف الأنبياء والصالحين والمجاهدين.
والانتظار المثمر البنّاء الذي يبني تصوّره على هذا الأساس، والذي يدعو إلى العمل والجهاد والدفاع عن الحقّ هو الانتظار الذي يستحقّ أن يكون أفضل عبادة أمّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم15.
إشكال البعض بالحديث المعروف عن الانتظار
يشتبه بعض في فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن عصر الظهور، حيث رُوي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "لو لم يبقَ من الدنيا إلّا ساعة واحدة لطوّل الله تلك الساعة حتّى يخرج رجلٌ من ذريّتي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً"16.
فيفهم منه بأنْ لا وجود لأنصار الحقّ في زمن الظهور، بل ذلك الزمان هو زمان خلت فيه الأرض من أنصار الحقّ، وامتلأت بأنصار الظلم والفساد17.
ثمّ يرتّب على ذلك آثاره، من ضرورة إشاعة الفساد والنظر بحقدٍ إلى المصلحين والمجاهدين باعتبارهم عاملاً يؤخّر عمليّة الظهور وفقاً لهذا الحديث، كما مرّ في الانتظار الهدّام.
لكن وبالتأمّل في هذا الحديث، نجده يجعل محورَ حصول الظهور مسألةَ الظلم والجور. ووجود الظلم والجور يستدعي وجود فئة مظلومة تناصر الحقّ، وبذلك تستحقّ النصرة الإلهيّة بظهور المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف.
نعم، لو لم يركّز هذا الحديث على مفهوم الظلم بأن أشار إلى مفاهيم من قبيل الفساد والكفر والشرك لكان من الممكن استفادة أن نهضة المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف تقترن بفناء الجناح المناصر للحقّ والعدل والإيمان... أما وأنّه قد أشار إلى مسألة الظلم والجور، فهذا يعني أنّ نهضة المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف الموعود تستهدف إنقاذ أنصار الحقّ المظلومين ولو كانوا قلّة، لا إنقاذ الحقّ المسحوق فقط.
ولذلك نجد أنّ بعض أحاديث الظهور يدور حول حقيقة بلوغ كلّ شقيّ وكلّ سعيد مداه في العمل، ولا يدور حول بلوغ الأشقياء فقط منتهى درجتهم في الشقاوة، كما في الحديث المرويّ في الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام: "يا منصور، إنّ هذا الأمر لا يأتيكم إلّا بعد إياس ولا والله حتّى تُميّزوا، ولا والله حتّى تُمحّصوا، ولا والله حتّى يَشقى من يشقى ويسعد من يسعد"18.
فهذا الحديث هو خير شاهد على ضرورة وجود أنصار للحقّ بشكل دائم وبالتالي على صحّة الفهم الإيجابيّ والبنّاء لمفهوم الانتظار، ولا يساعد مدّعَى أرباب الانتظار الهدّام، بل يكون دليلاً إضافيّاً على بطلان ما ذهبوا إليه!
الخلاصة
1 ـ يُجمع المسلمون على أنّ مستقبل التاريخ هو مستقبل مشرق، حيث ستظهر شخصيّة باسم "المهديّّ" تحقّق الانتصار لقوى الحقّ على قوى الباطل في الجولة الأخيرة من الصراع، وهذا هو الفرج الذي وعدت به جميع الكتب السماويّة، وجُعِل انتظاره من أفضل العبادات. وبذلك يبعث الإسلام الأمل في مستقبل البشريّة، فتكون نظرته تفاؤلية بخلاف بعض الرؤى التشاؤميّة لمستقبل التاريخ.
2 ـ إنّ الفرج الذي يبشّر به الإسلام هو بشرى لجميع الفئات الإنسانيّة في هذا العالم، فلا يختصّ بفئة معيّنة.
3 ـ تمثِّل مسألة نهضة المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف قضيّة تتمتّع بخصائص فلسفيّة واجتماعيّة كبرى، ولها خصائص ثقافيّة وتربويّة فضلاً عن السياسيّة والاقتصاديّة...
4 ـ هناك نوعان من الانتظار:
الأوّل: الانتظار الهدّام:وهو انتظار يبعث على الخمول والكسل ويدعو إلى عدم العمل، حيث لا يرى لأنصار الحقّ والمصلحين العاملين أيّ دورٍ في عمليّة الظهور، بل بنظره إنّ المجاهدين والمصلحين يشكلون عاملاً مساهماً في تأخيره، لذا يدين أصحاب هكذا تصوّر الإصلاحات، فيما ينظرون إلى انتشار الفساد والظلم بعين الارتياح والرض, فهذه الأمور بنظرهم هي التي تعجّل في حصول الفرج. فهؤلاء يرَون أنّ عمليّة الظهور هي عمليّة انقلاب الأوضاع التي وصلت إلى نهاية الانحدار والفساد فتحلّ مكانها الحكومة المهدويّة.
وهو بذلك يشترك في نظرته للتاريخ مع الاتجاه الديالكتيكيّ في عنصره الأساس، وهو قيام تكامل التاريخ على صراع التناقضات، وفي مجموعة من نتائجه من ضرورة تشديد الفوضى وإشاعة الفساد، ومعارضة الإصلاحات.وهذا الإنتظار مخالف للتعاليم الإسلاميّة والمفاهيم القرآنيّة، ولذا لا يمكن الالتزام به.
الثاني: الانتظار البنّاء:وهذا الانتظار يدعو إلى العمل والجهاد والإصلاح ونصرة الحقّ، واتباع أحكام مفاهيم الإسلام في كلّ زمان ومكان، ويعطي دوراً أساسيّاً لإرادة الإنسان في عمليّة تكامل التاريخ، وهو يقوم على أساس ضرورة استمرار صراع الحقّ مع الباطل، مع إعطاء دور أساس لأنصار الحقّ في مسألة التمهيد للمهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف.
إحياء فكر الشهيد مطهري