عدد الرسائل : 385 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 01/01/2007
موضوع: وحدة العراق ; بقلم الدكتور حنين محمود القدو* الجمعة 11 أبريل - 21:32
وحدة العراق ; بقلم الدكتور حنين محمود القدو*
عبر التاريخ استطاعت الامة العراقية المحافظة على وحدتها رغم الصعوبات والاختلافات والغزوات التي عصفت بها وتعرضها للاحتلال من قبل قوميات شتى، حيث مارس الاحتلال عليها ابشع انواع التنكيل والقتل والتفرقة ومحاولات طمس الهوية بسبل وطرق مختلفة, وبالرغم من التغييرات الداخلية وسقوط النظام السابق الذي كان يمارس عمليات الاضطهاد والتمييز بين ابناء العراق، الا ان الشعب العراقى خرج موحدا ومتحدا ومتبنيا النظام الديموقراطي كخيار سياسى للحفاظ على وحدته، وبالرغم من ان التدخل الخارجي واحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة، لكن الجبهة الداخلية لم تتصدع واستطاعت القيادات السياسية العراقية احتواء الغزو العسكري والفكري والثقافي الذي جاء به الاحتلال بعد العام 2003. ان الكثير من الأمم والدول تصدعت جبهاتها الداخلية وانقسمت الى دويلات كما حدث فى يوغوسلافيا والاتحاد السوفيتي بسبب المؤثرات الخارجية كالغزو الفكري والثقافي عبر وسائل تقنية المعلومات ومفاهيم العولمة الاقتصادية والثقافية التى تجاوزت الحدود الدولية ودخلت فى عقر دار العديد من الدول والحكومات وهزت العديد من الكيانات السياسية، ومع هذه التطورات والمؤثرات الخاجية والداخلية، بقيت الجبهة الداخلية العراقية متماسكة ورصينة بسبب عمق العلاقات التاريخية والروابط الاجتماعية واواصر المحبة والتعايش السلمي الذي يتصف به مكوناته ليصبح رمزا للوحدة الوحدة الوطنية والمحبة والاخوة تشكل من مكوناته لوحة فيسفساء جميلة يزهو بها العراق. لم ولن يتأثر الشعب العراقي الذي تجاوز محن الماضي والحاضر بسبب الخلافات السياسية وما نشهده من الصراع السياسي والتراشق بالكلام والمحاولات الجارية لدفع الشعب العراقي الى التخندق الطائفي والعرقي وزجه فى أتون الصراع الطائفي للقفز على اكتافه وتحقيق مكاسب سياسية التي اصبحت وسيلة وسلوكا لبعض القيادات السياسية التى لاتعبأ بالوحدة الوطنية ومستقبل ابنائها. فالقيادات السياسية تتحمل هذا اليوم مسؤولية كبيرة فى الحفاظ على الأرث الحضاري والتاريخي الذي أنتج الأمة العراقية بثقافاتها وخصائصها المميزة وتلاحمها الاجتماعي وتسامحها الديني والمذهبي وقبولها بالاخر، لكن المواقف السياسية لبعض السياسيين التى ظهرت بسبب النظام الديموقراطي الذي اختاره الشعب العراقي اصبح يهدد الوحدة الوطنية من خلال الدعوة الى التفرقة والتخندق الطائفي والعرقي تنفيذا لأجندات تنسجم مع الأجندات الخارجية والاقليمية. فبعض اوجه المظاهرات البريئة التى تجرى فى هذه الايام تستغل من قبل بعض الشخصيات والجماعات التى تتربص بالشعب العراقى وبنظامه السياسي وبوحدته الوطنية لتفتيت هذا الشعب وتمرير المؤامرات الخبيثة التى تحاك من قبل بعض الدول المعادية وتنفذ بأيدٍ عراقية. ونحن نعتقد بأن الأزمة الحالية هى ازمة مفتعلة لاستغلال العواطف الدينية والتخندق الطائفى واخطر مايجرى في هذه المظاهرات هي قيادتها من قبل بعض رجال الدين، حيث يكون لها تاثير على مشاعر الناس وتدفع باتجاه تجييش التخندق الطائفي، بل ان بعض من يقودون هذه المظاهرات يحاولون ان يقوموا بتقليد المظاهرات البدائية التي جرت فى سوريا من خلال تشكيل الهيئات التنسيقية لدفع العراقيين -لاسمح الله- الى الاقتتال الداخلي والدخول فى اتون الحرب الاهلية. وتقع اليوم مهمة كبيرة على الشعب العراقي فان لم تكن هي المهمة الاساسية التي سيتم بها بناء العراق حاضراً ومستقلاً من خلال الالتفاف حول القيادات السياسية التى تدعو الى الركون الى الحوار لحل المشاكل وتنفيذ المطالب الشرعية للمتظاهرين،ان الوعي الجماهيرى وتلاحمه يجب ان يكون عملا حاسما فى دحر الدعوات الطائفية الى تريد تقسيم العراق,وسيكون للارث الحضاري والعلاقات التاريخية والتجارب التى مر بها العراق وقدرته على احتواء المحن والافادة منها قوة اضافية لوأد كل الفتن والمؤامرات التى تحاك داخلياً او خارجياً. فقوة العراق وقدرة تحمله وتلاحم ابنائه بمختلف مكوناته ستبقى قصة وتجربة رائعة للشعوب فى المنطقة لافشال المخططات الخبيثة التى تستهدف البيت العراقي المتماسك ليبقى بيتنا ووطننا واحدا وموحدا.