طلال النعيمي المدير العام
عدد الرسائل : 1810 العمر : 67 تاريخ التسجيل : 31/12/2006
| | صناعة الوعي بين جهود المؤسسات الدينية ودور النظام الحاكم . بقلم عدنان البلداوي | |
صناعة الوعي بين جهود المؤسسات الدينية ودورالنظام الحاكم عدي عدنان البلداوياعتاد الشعب العراقي مرغما على تقبل وجوده في جو مشحون بانفاس الحزب الواحد منذ عقود بعد ان وجدت تلك الاجواء من يساندها من وعاظ السلاطين والمطبلين والمرتزقة والباحثين عن لقمة دسمة دون النظر الى مصدرها .. لم يكن بوسع الناس في ظل تلك الاجواء الملوثة ان تنظر حولها.. كانت هموم الحياة المفروضة عليهم تثقل كاهلهم وكان الحد الادنى من العيش البشري هو الشغل الشاغل للكثيرين ، فلم يكن بوسع الكثيرين النظر في وجودهم الانساني ، عدا الذين كانت نفوسهم تفيض احساسا بالوعي فيطفح ذلك الوعي على الوجدان مرسلا رشفاته منعشة العقل الذي يوازن بين التذمر والتحكم بالمنظومة الانسانية كي لايشعر التمثال الحاكم باستيائهم فيقضي عليهم .. فمنهم من مات كمدا ومنهم من هاجر ومنهم من تحول الى بركان بارد .. لأن كل ثقافة لايقرها السلطان فهي فكر معارض ، او ثقافة معادية ، او حملة غربية ، او مخطط للنيل من الاسلام !!!.. وكل ثقافة لا تدعم نظام الحكم فهي ريح صفراء قادمة من اعداء الدين تريد النيل من كرامة وهيبة الاسلام !!!!.. في النجف الاشرف ، كان علماء الدين مراقبين او مرغمين على الاقامة الجبرية وكانت عيون النظام تراقب كل من يقترب منهم.. ثم تغيرت الامور وسقط التمثال ، وبدأ العراقيون مرحلة جديدة ، كانت ولا تزال هموم الحياة البسيطة هي الشغل الشاغل لاغلب الناس .. السعي وراء لقمة العيش ، التفتيش بين الايام عن تعويض لذلك العمر الذي ضاعت سنواته على ابواب النظام.. وبعد تلك السنوات العجاف اخذت اكثر توجهات الناس الى البحث عن الكتب الدينية التي منعوا من تداولها واقتنائها وقراءتها طيلة عقود ، ونشطت نوعا ما حركة الكتاب الديني هنا وهناك ، وامتلأت رفوف المكتبات بشتى انواع الكتب ، وهي على محدودية اتجاهاتها وعلى غلاء اثمانها ، وجدت لها قراء ... لقد طالعتنا مؤسسات الحكومة ، بعد الاحتلال الامريكي ، بتوجهات حزبية واداء روتيني اداري بطيء ، وادوار ضعيفة هنا وهناك لاتضمد جرحا او تعالج وضعا .. ان الثقافة ما لم تكن مسؤولة فهي ثقافة احادية الاتجاه ، والمسؤولية تعني ان تتحس معاناة الناس دون ان تتفاجا بثورتهم ومظاهراتهم .. من كل هذه الخيبات التي مررنا بها ، اصبحت الحوزة الدينية تمثل المرجع الامين والمعوّل عليه.. ومجتمعنا اليوم بحاجة الى من يوصل اليه الوعي بعد ان تعددت سبل المتاهات .. احزاب وفئات ومنظمات وكتل وكيانات ، كل يبحث عن صاحبه وغايته من خلال الناس ، الذين باتوا في حيرة من امورهم ، فمثلا في فترة الانتخابات الماضية اوصت المرجعية ان يختار الناس الاكفأ والافضل ، فراح كل من مستواه يفسر معنى الافضل والاكفأ .. قلة قليلة هي التي استوعبت مغزى قول المرجعية ، والعموم تنوعت قدراتهم وتشتت افكارهم حتى اسفرت عن مرشحين لم يكونوا عند مستوى طموح الناس مما اضطرهم فيما بعد الى التظاهر .. عندما لايجد الناس من يسمع لهم ويحقق مطالبهم ويتحسس معاناتهم فانهم يلجأون الى الشارع متظاهرين ليلفتوا انتباه الحكومة الى تقصيرها معهم ومن ثم لفت انتباه العالم الى انهم اصحاب اصوات ليس لها اذن واعية في البلاد وانهم اصحاب معاناة ليس لها من يداويها ... على المؤسسات الدينية وبحكم ثقة الناس بها واطمئنانها اليها ان تبحث عن عديد السبل التي من شأنها ان توصل الوعي الى الناس وتلفت انتباههم الى حقوقهم وكيف يطالبون بها وكيف يستحصلونها ، ثم كيف يحافظون عليها... لاينبغي ان ينحصر الاداء الحوزوي في حدود علماء الدين وطلبة الحوزة ، يجب ان يكون هناك اتصال بينهم وبين المفكرين والمثقفين واساتذة الجامعات والكتاب للعمل تحت شعار توعية الناس توعية ايجابية مثمرة ... لاينبغي التوقف عند طبع الكتاب وتوزيعه على المكتبات ، لابد من ايصال الكتاب الى المواطن ، لان انتظار القارئ على عتبات المكتبات وفي ظل هذه الظروف المادية والامنية والسياسية القلقة ، لن يجدي نفعا عاما ، فلابد من ايصال الثقافة الى المواطن عبر كراسات وكتيبات تصدرها جهة مشتركة برعاية الحوزة الدينية من علماء دين وكتاب ومثقفين ومفكرين وسياسيين واكادميين ، ثم ايصالها مجانا الى المواطنين هنا وهناك ... مادامت قلة المعرفة شيء خطير جدا فلا بد اذن من جهد حقيقي لنشر المعرفة كي يصبح الناس وحدهم من يجني الحصاد ، لا ان يكونوا مناجل بيد الاحزاب يحصدون باصواتهم مقاعد البرلمان وكراسي الوزارات ..
| |
|