نظرية عدالة الصحابة عند اهل السنة
اتفق اهل السنة على ان جميع الصحابة عدول ، ولم يخالف في ذلك إلاّ شذوذ من المبتدعة ، على حد تعبير ابن حجر العسقلاني ، ويجب الاعتقاد بنزاهتهم ، اذ ثبت ان الجميع من اهل الجنة وانه لا يدخل احد منهم النار (1) والمقصود بالصحابة كل الصحابة بالمعنى الذي عرضناه عند تحليل تعريف ابن حجر .
ما هو دليل اهل السنة على ذلك
ذكر الخطيب ان عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم ، واخباره عن طهارتهم واختياره لهم . فمن ذلك قوله تعالى ( كنتم خير امة اخرجت للناس ) وقوله ( وكذلك جعلناكم امة وسطا ) وقوله ( لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجره فعلم ما في قلوبهم ) وقوله ( والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ) وقوله ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) وقوله ( للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله اولئك هو الصادقون ) الى قوله ( انك رؤوف رحيم ) وفي آيات كثيرة يطول ذكرها ، واحاديث شهيرة يكثر تعدادها (2) .
____________
(1 و 2) راجع الاصابة في تمييز الصحابة ص 9 و 10 .
( 20 )
مضمون عدالة الصحابة عند أهل السنة
تعني عدالة الصحابة فيما تعنيه ، ان كل من عاصر الرسول او ولد في عصره ، لا يجوز عليه الكذب والتزوير ، ولا يجوز تجريحه ، ولو قتل آلافاً وفعل المنكرات ، وعلى اساس ذلك فجميع الطبقة الاولى من الامويين ، كأبي سفيان واولاده ، وجميع المروانيين بما فيهم طريد رسول الله واولاده ، والمغيرة بن شعبة وولده عبد الله الذي كان في حدود العاشرة من عمره حين وفاة النبي صلى الله عليه وآله ، ومع ذلك نسبوا اليه مجموعة من الاحاديث كتبها على النبي في صحيفة يسمونها الصادقة . فجميع هؤلاء من العدول ومروياتهم من نوع الصحاح ولو كانت في تجريح علي وآهل البيت ، وفي التقريظ والتقديس لعبد الرحمن بن ملجم . هذه المرويات يجب قبولها ولا يجوز ردها لان رواتها من العدول ، والعادل لا يتعمد الكذب ، والذين اتبعوا معاوية وسايروه طيلة ثلاثين عاماً من حكمه ، هؤلاء كلهم على الحق والهدى ، وحتى الذين سموا الحسن بن علي وقتلوا الحسين واصحابه ، وفعلوا ما فعلو من الجرائم في الكوفة وغيرها كانوا محقين ومن المهتدين بحجة ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قال بزعمهم ( اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ) (1) وهذا الحديث ضعفه ائمة اهل الحديث فلا حجة فيه وطعن فيه ابن تيمية (2) .
ما هو جزاء من لا يعتقد بهذا الرأي ؟
بأقل أقوال أهل السنة ( اذا رأيت الرجل ينقص احداً من اصحاب رسول الله فاعلم انه زنديق . والذين ينقصون احداً على الاطلاق من اصحاب رسول الله هم زنادقة والجرح اولى بهم ) (3) ومن عابهم او انتقصهم فلا تؤاكلوه ولا تشاربوه ولا تصلوا عليه (4) .
____________
(1) راجع ص 81 و 82 من كتاب آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم للسيد مرتضى الرضوي .
(2) المرجع السابق ص 91 وقد نقل عن محب الدين الخطيب وعن المنتقى للذهبي .
(3) راجع الاصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ص 17 و 18 .
(4) راجع ص 238 من كتاب الكبائر للحافظ الذهبي وراجع آراء علماء المسلمين ص 85 للسيد مرتضى .