ما سر جريان هذا الماء العذب الزلال الذي يشفي المرضى
هل ان الماء من المياة الجوفية ؟
لا ، لان هناك دلائل ، منها : لا وجود لماء في مكتبة ضريح الامام الحسين عليه السلام وهي بعمق مقارب .. ومنها : ان مستواها ثابت يغطي نصف ارتفاع القبر الشريف والمياة الجوفية ترتفع وتنخفظ حسب الفصول والسنين .. ويقول البعض ان مستواها متغير .. مرة يرتفع حتى يصل الى حافة القبر العليا .. ومرة ينخفض .. لذا نحتاج الى دراسة مستوى الماءومنها : ان الماء عذباً نقياً وله رائحة كأنها رائحة المسك .. وليس مجاً أو مالحاً كما يكون في المياة الجوفية .. وهناك رائحة عطرة لا مثيل لها تنبعث من السرداب .. وقد اثبتت التحليلات المختبرية صلاحيته للشرب ..ومنها : ان مياة سراديب البيوت المحيطة ، مياة آسنة وذات رائحة كريهة فهي مياة جوفية راكدة ومتعفنة ..هل ان الماء هو نهر العلقمي ؟
نعم هذا جائز .. لاسباب : منها : تعلق العباس عليه السلام بالوصول الى النهر .. ومحاولته بان يشرب منه .. لولا تذكره عطش الحسين عليه السلام .. وتعلقه بايصال الماء الى الاطفال والعيال وهو ساقي عطاشى كربلاء .. وتعلقه بالعودة إليه بعد ان اريق الماء من القربة أو الجود .. لذا وهبه الله هذا النهر جارياً الى ما شاء الله .. ومنها : ان الصور القديمة تظهر جريان شديد قبل معالجة جريان النهر بطرق مختلفة وترى ادناه أحد الصور التي نرى فيها موج .. وهذا هو نهر العلقمي الجاري ..ومنها : من الممكن هندسياً ان يغير نهر العلقمي مساره عبر القرون مسافة 150 الى 200 متراً وهذا صفة من صفات الانهار فكيف وهو رافد من نهر الفرات .. بل من الممكن جداً ان يكون ذلك بمعجزة ايضاً .. والذي يرى النهر لا يستبعد ذلك ..ومنها : من غير المعقول ان يترك كل من بنى المرقد الشريف نهر يدخل الى المرقد ويخرج منه دون ردمه وتغيير مساره .. ونترك هذا للتاريخ .. ومن لديه علماً بذلك .. فان كان هذا هو الحال فان النهر قد استمر في جريانه تحت الضريح رغم ردمه أو تغيير مساره .. ولعل ذلك يبين حجم المعجزة .. إذ قد يقول قائل ما المعجزة من نهر يدخل ويخرج من المرقد ويا كثرة تأويلات الشيطان وحزبه من الجن والآنس ..هل هو ماء متدفق لا من المياة الجوفية ولا من نهر العلقمي ؟
نعم هذا جائز .. والله العالم .. ولكن هناك تعلق بين العباس عليه السلام ونهر العلقمي وهذا من اسرار المرقد الشريف ، ولعل في تضارب الآرار حول مصدر الماء لحكمة .. وعلى أي حال فان المعجزة مستمرة .. ووفرة الماء تشبه وفرة ماء زمزم .. فهل يهتدي المهتدون الى فضل أهل البيت عليهم السلام ؟ أم قد طبع الله على قلوبهم فهم لا يهتدون .. ولا ادري لماذا لا يعلب هذا الماء ويعطى الى المرضى .. فلم عن مرقد العباس عليه السلام وجريان نهر العلقمي تحته
اسرار مرقد العباس عليه السلام وجريان نهر العلقمي تحته
بقلم شاهد العيان الذي زار المرقد الشريف
ملخص المشاهدات من مقال شاهد العيان ادناه
عند الزاوية الشمالية الغربية من الحضرة في مصلى النساء فتح لنا باباً فضياً عملاقاً حيث دخلنا غرفة مربعة وطلب منا ان نخلع ملابسنا بعد ان أغلق الباب خلفنا الزميل حسن النواب الذي رافقني ..نادانا قائلاً : ” توكلوا على الله “ بعد ان فتح أقفالاً في الارض ورفع شباكاً حديدياً يغلق مدخل السرداب ..
من الخارج شاهدت الماء الذي كان حكاية الحكايات بالنسبة للكثير من الناس .. هبطنا درجات من المرمر الابيض المزخرف بخطوط سود ، كانت ثماني درجات ، ومع كل درجة اهبطها كان الماء يتسلق ساقي حتى استقر فوق ركبتي ، عندها وجدتني في دهليز يبلغ عمقه نحو مترين وعرضه اكثر من متر يمتد امامي بعمق متساوٍ لكنه ينحني مشكلاً دائرة شبه مضلعة ، مضاءة بمصابيح كهربائية اعتيادية .. كانت المياه صافية مثل الزلال بحيث كنت أرى من خلالها تفاصيل خطوط أظافر قدمي ، بالرغم من طبقة الغبار الخفيف المتسلل من فتحات جانبية تشكل نهايتي دهليزين جانبيين ينفتحان خارج مبنى الروضة للتهوية ولكن بمسافة بعيدة عن الدهليز الدائري ..
اول شيء فعلته هو انني شربت الماء لأتذوق طعمه ، فكان عذباً ونقياً وليس مجاً او مالحاً كما هو شأن المياه الجوفية ، وعلمت انه محافظ على مستواه حتى وان تغيرت مناسيب المياه الجوفية في اراضي كربلاء ..
في اثناء تقدمنا لم يتغير صفاء الماء بالرغم من ان السيد زكي قد سبقني مؤدياً طقوس الزيارة والبسملات والحوقلات والصلوات ، سقف الدهليز الذي يشكل ارضية الحضرة المطهرة في الاعلى مبنية من الاسمنت والجانبان من الطابوق ، الجانب الخارجي مبني بالطابوق الحديث ، اما الداخلي الذي يشكل غلافاً للكتلة الدائرية التي يستدير عليها الدهليز فأغلبها مبني بالطابوق الفرشي القديم يعود الى عصور ماضية متعددة حسب فترات الترميم ، بعضه مبني بالاسمنت ، والبعض الآخر بالنورة والرماد حيث لا يوجد اسمنت آنذاك ..
الكتلة الدائرية التي يستدير عليها الدهليز تكاد تكون بقدر مساحة الحضرة ، حيث يقوم في الاعلى الصندوق او الخاتم المصنوع من الصاج الفاخر ومطعم بالاصداف والزخارف النادرة وعليه الشباك الفضي المغطى بالذهب الخالص المزين بالآيات القرآنية والزخارف النباتية والفنية .. اما الدهليز الذي نمشي فيه فيكاد يكون تحت رواق الطواف على الشباك تماماً ..
بعد خطوات ينفتح في الكتلة الدائرية دهليز آخر أضيق قليلاً ويشكل قطراً للكتلة الدائرية وفي منتصف القطر الذي هو منتصف الكتلة الدائرية ينهمر ضوء ساطع على فراغ حيث يقوم القبر المطهر الشريف مغموراً بالضوء بشكله المربع .. الذي تقدر مساحته بحدود .. ”3 × 3 “ م هنا وجدت رأسي يمتد ويتوقف محشوراً في المنتصف ، يتملى القمر الهاشمي المضمخ بدماء الشهادة والثبات بلا ذراعين تحوم حوله تلك الهالة العظيمة التي صنعها شرف النسب والمواقف والموت التراجيدي للبطل ..
ازاء هذا الخاطر وجدت ان الاسمنت يغلف هالات من النور والتقوى وهي بعض اسرار قداسة ارضنا .. سألني حسن النواب : هل تشم هذه الرائحة الطيبة ؟ لم أجبه .. فأنا واقف الآن تماماً على المكان الذي جلس فيه الحسين ”ع“ يتفقد جراح اخيه ، فقد انشغلت بتحديد الاتجاه الذي ركض به سيد الشهداء الامام الحسين ”ع “ بعد مصرع اخيه وحامل لوائه .. تنحيت عن مكاني ومن ثم دسست رأسي وكأني احاول تحديد المكان الذي جلس فيه الحسين ”ع“ ووضع رأس أخيه المفلوق في حجره .. كان ثمة فراغ بين القبر وكتلة الدائرة التي بدا التهري على طابوقها الفرشي لقدمه .. اختلط علي الضوء والماء ، ثمة رسائل واوراق تطفو ما بين الماء والضوء ، التقطها وافضها برغم بللها واحاول ان اقرأها ، انها رسائل شكوى واستجارة بهذا الولي الصالح من ضيم الدنيا ، حاولت قراءة الاسماء والكلمات كانت رائحة الفجيعة محسوسة من الحبر المنتشر على الورق بفعل المياه ..استدرت في الدهليز ، اجتزت النصف الايسر من الكتلة الدائرية وتوقفت عند الطرف الاخر من الدهليز الوسطي الذي يشكل قطر الدائرة واطل مرة اخرى على القبر .. المياه لا تغمر القبر وانما تصل الى نصف ارتفاعه وثمة فراغ بين القبر والكتلة الدائرية .. يلوح من تحت الماء فيها الكاشي الكربلائي الذي بلطت فيه الارضية المحيطة بالقبر وكأنها وضعت فاصلة بين القبر ومن يريد الاقتراب منه ..اسحب رأسي واستدير على النصف الايمن من الكتلة الدائرية اذ اجد دهليزا ثالثا يقود الى منتصف الدائرة ” القبر “ لكنه متعرج واضيق من ان تمد رأسك فيه فتعلق عند منتصفه بالطين ، من الواضح ان يعود الى عصور تاريخية ليست قريبة .. اتركه لاجد نفسي عند نقطة الانطلاق اذ تنتهي الدائرة فاصعد الدرجات المرمرية حاملا معي اجابات عن الكثير من الاسئلة التي بدت لي غامضة قبل نزولي السرداب ولاجد السيد الغرابي بانتظاري ..
مقال شاهد العيان مع تفاصيل آخرى
منذ سقوط النظام الدكتاتوري والكثير من الاصدقاء والمعارف والقراء يذكرونني بالموضوع الذي نشرته في مجلة ” الف باء “ في آب 1998 بعنوان ” أسرار الحضرة العباسية المطهرة “ ويطلبون مني اعادة كتابته بحرية لاعتقادهم بأنني أخفيت الكثير من الحقائق والاسرار تحت وطأة الرقابة والخوف وضيق مساحة الحرية .. وآخر ما وصلني بهذا الشأن ما حمله لي مراسلنا في البصرة وهو طلب عدد من القراء في البصرة اعادة نشر الموضوع ...