نفط رائحته سرقة وليس إعماراً!! سأعد على أصابعي ولا أستخدم المعادلات المتبعة في حسابات الاقتصاد، لأن هذه الحسابات سوف توصلنا للسكتة القلبية بسب حجم السرقات التي حدثت وتحدث في العراق، بلدنا فاحش الثراء، وأمام شعبنا الغارق في الحرمان!!
"يصدرون!!" من نفط العراق مليونان ومائتي ألف برميل يومياً كمعدل عام معلن بشكل رسمي، يزيد قليلاً أو ينقص! هذا ما تقوله مصادر وزارة النفط في بغداد. ويشك الكثيرون بهذه الكمية لعدم وجود العدادات في موانئ التصدير منذ احتلال البلاد وحتى لحظة كتابة هذه السطور، إذ المعتقد أن الكميات المصدرة هي أكثر من الرقم المذكور، وإلا فما الحاجة لإخفاء كميات التصدير؟
بلغ سعر برميل النفط الخام كمعدل عام (115 دولاراً) للبرميل الواحد! والأفق ينذر بزيادة السعر وليس نقصانه!!!!!!
و بهذا "يصدرون!!" كل أربعة أيام ما مقداره مليار دولار أمريكي من ثروة شعبنا المنهوب إلى حسابات الآخرين الذين نعرف القليل منهم ولا نعرف الكثيرين.
نعم... يصدر كل أربعة أيام ما قيمته مليار دولار من نفط العراق، وهذا حال الوطن وهذا حال الشعب.
بلغت الحسابات المكدسة بعد إخراج السرقات في البنك الأمريكي المكلف بأموال ( النهب) المسماة إعادة الإعمار مائة مليار دولار حسب ما قاله مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية، وعلى أساسه صوت الكونجرس على قطع بعض ميزانيات الإعمار في العراق، ولا أدري ماذا يعمرون!!
مائة مليار دولار أمريكي متبقية في المصارف الأمريكية بعد السرقات، وهذا حال الوطن والشعب!
وإذا لم يرتفع سعر النفط الخام في الأسواق العالمية، (وهذا غير متوقع لأن بعض مافيا النفط تتكلم عن سعر 200 دولار للبرميل الواحد)، ولكن لو لم يرتفع سعر النفط الخام فإن عائدات ما يصدر من وطننا العراقي من نفط سيبلغ 92 مليار دولار لهذا العام (2008) لوحده!! وهذا غير المائة مليار المكدسة في البنك الأمريكي!!
92 مليار دولار من نفط العراق لعام 2008 لوحده، إذا لم يرتفع سعر النفط أكثر!!
سأمر على ميزانيات مجموعة من الدول العربية قبل العجز فيها، لأنها بعد العجز ستكون أقل:
1 ) تبلغ ميزانية المغرب ( 32 مليون نسمة) 26 مليار دولار أمريكي (المصدر وزارة المال المغربية / مجموعة ماروك سوار)، وتدير الحكومة شؤون الدولة والخدمات بها!
2 ) تبلغ ميزانية سوريا (19 مليون نسمة) 12 مليار دولار أمريكي (المصدر: وزارة المال السورية / مجلس الشعب)، وتدير شؤون الدولة والخدمات بها، وتستضيف مئات آلاف العراقيين على أرضها!
3 ) تبلغ ميزانية اليمن (20 مليون نسمة) 8.5 مليار دولار أمريكي (المصدر: وزارة المال اليمنية/ ميزانية عام 2008)، وتدير شؤون الدولة والخدمات بها!
4 ) تبلغ ميزانية تونس (9.5 مليون نسمة) 12 مليار دولار أمريكي (المصدر: وزارة المال التونسية/ مناقشة البرلمان – الموازنة العامة)، وتدير شؤون الدولة والخدمات بها!
5 ) تبلغ ميزانية السودان (35 مليون نسمة) 13 مليار دولار أمريكي (المصدر: وزارة المال السودانية)، وتدير شؤون الدولة والخدمات بها!
6 ) تبلغ ميزانية لبنان ( 3 مليون نسمة) 7.5 مليار دولار أمريكي (المصدر: وزارة المالية اللبنانية)، وتدير شؤون الدولة والخدمات التي يمكن توفيرها بها، ويتواجد بها ألاف العراقيين!
7 ) تبلغ ميزانية الأردن ( 5.3 مليون نسمة) 7.3 مليار دولار أمريكي (المصدر: وزارة المال الأردنية عن جريدة القبس)، وتدير شؤون الدولة والخدمات بها، ويتواجد بها مئات آلاف العراقيين!
سبعة دول عربية، تبلغ ميزانياتها لعام 2008 ما مجموعه (86.3 مليار دولار)، ولكل واحدة منها عجز في مواردها، وتخدم هذه الميزانيات ما مجموعه (123.8 مليون نسمة)، وتعاني من فساد إداري يتكلم عنه أهل هذه البلدان العربية.
لم نكتب عن بلدان أوربية حتى يقال لنا أنها بلدان تحسن إدارة اقتصادياتها وميزانياتها، بل ضربنا المثل بأمصار من وطننا العربي الذي لم يبق محترف أو هاو لم ينتقد الأداء الاقتصادي لكل بلد من بلدانه!
بينما يصدر من وطننا العراقي ما يبلغ (92 مليار دولار للعام 2008 فقط، والمتوقع أن يزيد) ولا أثر للعجز هنا لأنها أموال حقيقية، ولا تتعدى نفوس العراق (27 مليون نسمة)!!
سبعة دول (123.8 مليون نسمة) تمر عليها الحياة بشكل نتمناه نحن العراقيون بميزانية (86.3 مليار دولار)
ولا يمر يوم دون أن نودع عشرات الشهداء ونبكي على حال مئات الجرحى في بلد "يصدرون!!" منه ( 92 مليار دولار نفط) لعام 2008 لوحده ولا تتعدى نفوسنا ( 27 مليون نسمة) هاجر منا أربعة ملايين إلى خارج الوطن!!
فهل يمكن تصور حجم السرقات التي ترتكب في بلادنا؟ هل يتمكن أحد من طرق باب شركة "هاليبرتون" التابعة لنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ويسألها بكم دولار للبرميل تأخذ النفط العراقي؟
كم مليون من دولارات النفط المخفض السعر تدخل إلى جيب شركة نائب الرئيس الأمريكي مع صبيحة كل يوم تقديراً وشكراً لها على عمليات الإعمار؟!!
لا يمكن أن تحدث سرقات بهذا الحجم إلا حينما يتربع على عرش الهيكل المالي في العراق أناس يمتازون بهذه الصفات الثلاث: الجهل المركب، والغرور الأعمى الذي يمنعهم من رؤية جهلهم، والصلف الذي يمكنّهم من التوقيع على ما ينهب ويفتخرون به!
في بلادنا، أيها الأخوة، من الثروة ما يجعل العراقي يعيش كأغنى إنسان في العالم، لو أن البلد محرر ويديره أهله، ويعمر بسواعد أبناءه، مع حكومة مخلصة مؤمنة بشعبها.
ولكن ليس في بلادنا ما يكفي لإعمار أصغر مدينة، فضلاً عن مدننا الكبرى، مع وجود لصوص العالم ومافيا السلاح والنفط حاكمة لبلادنا باسم المنطقة الخضراء وأهلها!!
حينما لا نجد أثراً للإعمار مع ( 92 مليار دولار!!!) تصدر نفطاً من بلادنا لسنة واحدة!! فعلينا أن ندرك الإعمار لن يأتي والاحتلال جاثم على صدرنا ولو بعد دهر طويل، وأن ندرك أن احتلال اللصوص لوطننا واستماتة عبيدهم في التمسك بهم لن ينتهي إلا عندما نقرر أن ننهيه بأيدينا!
لن ينتهي احتلال اللصوص لوطننا بالشعارات أو المطالبات!
لن ينتهي على يد مقاومين بواسل في هذه المدينة اليوم وفي تلك غداً!
لن ينتهي حينما يؤدي الأمانة قسم من شعبنا لوحده في كل حقبة من الوقت!
بل سينتهي حين يتحرك الشعب بأكمله، وحين ندرك أن وحدتنا هي طريقنا الوحيد، وأن الكل مطالب بالتحرك لإنهاء الاحتلال وإخراجه بكل ما أوتينا من قوة!
يومها لن نحتاج إلى مصالحة وطنية، لأن المؤمنين أخوة، وكلهم شارك التحرير!
أما إذا لم يأت هذا اليوم، فلن يتركنا المحتل دون أن يدخلنا في حرب الطوائف، وسنكون مثال قوله تعالى ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) 105 – آل عمران
وأي بينة أعظم مما نمر به اليوم؟
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون