شؤون سياسية - 04/10/2008 - 9:26 pm
واشنطن-الملف برسِ: يركز خبير أمني أميركي على خطورة سياسات (البارزاني) على العراق بشكل آني، فيما يراها خطرة جداً على مستقبل الأكراد من سكان منطقة كردستان المزدهرة نسبياً بسبب إفلاتها من العنف الذي أعقب الغزو الأميركي. وفي الوقت نفسه، ينظر الخبير الى خطورة المشاكل الصحية لـ (جلال الطالباني) ويعدها تفتح الباب واسعاً لما يسمّيها (الطموحات غير المنضبطة للبارزاني) والتي ترتكز الى التوسع في اكتساب المزيد من الأراضي العراقية وضمها الى كردستان لاسيما تلك المناطق الغنية بالنفط، إضافة الى تركيز (البارزاني) على اتخاذ المزيد من خطوات الاستقلال عن الحكومة المركزية، بتسارع ملحوظ يريده أن يتحقق قبل أنْ تقوى شوكة الحكومة في بغداد. وفي تقرير تحت عنوان (سوء حكم مسعود البارزاني) نشرته مجلة وورلد بوليتكس ريفيو، يصف (سام بارنين) الزميل في برنامج الأمن العالمي بمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في واشنطن، الزعيم الكردي بأنه ((ياسر عرفات كردستان عراقية))، وهو وصف كان قد أطلقه من قبل المحلل السياسي الأميركي (مايكل روبن). ويعد الخبير الأمني (واحة الاستقرار في شمال العراق) كما يسمّيها مصدراً متزايداً للاضطراب، بسبب (الحكم السيء) لـ (البارزاني) رئيس الحكومة الإقليمية الكردية، الذي يرتكب بحق الشعب الكردي الأخطاء ذاتها التي ارتكبها الزعيم الفلسطيني الراحل (ياسر عرفات) لأنه جعل كردستان منطقة خطرة على سكانها وعلى العراق بأسره، حسب تعبير (بارنين). وقال إن المقارنة بين (البارزاني) وبين الرئيس العراقي (جلال الطالباني) تعكس هذا التصوّر بشكل واسع. فـ (الطالباني) زعيم السلالة السياسية الثانية لأكراد العراق، أمضى سنوات – منذ اليوم الذي تخلصت فيه بغداد من حكم البعث- يكسب سمعة جيدة باعتباره واحداً من موحدي العراق العنيدين، إذ غالباً ما حاول التوسط بين الفئات السياسية المختلفة، والأميركان، والآخرين في المنطقة. و(مسعود البارزاني) من جانب آخر، أمضى السنوات الخمس الفائتة في تركيز السلطة في أربيل ومحاولة فرض نفوذها، ودفعه باتجاه المزيد من الاستقلال عن العراق. وفيها يركز على عقد صفقات نفطية بعيداً عن سيطرة الحكومة المركزية في العاصمة بغداد، وفي الوقت نفسه يرفض التعاون مع تركيا لقتال إرهابيي حزب بي كي كي للعمال الأتراك المتمردين، الذين ظلوا يعملون ضد أنقرة من ملاذاتهم الآمنة في شمال العراق الذي يقع تحت سيطرة (البارزاني). ويؤكد الخبير الأميركي (بارنين) انتشار الفساد المالي في منطقة كردستان، مشيراً الى أنّ الكثير من الشركات التركية التي اندفعت بعد غزو العراق، متلهفة لإبرام عقود في المنطقة الكردية العراقية، قد عادت أدراجها من دون أن تتسلم شيئاً عن الأعمال التي أنجزتها. وفي الوقت الذي تظهر فيه السيارات الفارهة والغالية الثمن في الشوارع، فإن الكثيرين من الأكراد العراقيين، أصيبوا بخيبة أمل كبيرة كنتيجة لاستمرار الحاجة الى تطوير الخدمات الأساسية في المنطقة. ويؤكد المحلل السياسي والخبير الأمني الأميركي أن أحزاب المعارضة ذات الجذور الإسلامية –والتي تمثل حالة محصنة ضد الفساد- بدأ نشاطها يتصاعد في المشهد السياسي الكردي، وما يجعلها بعيدة عن السلطة عدم وجود أية جدولة لانتخابات ديمقراطية في المنطقة (محافظات المنطقة الكردية لن تشارك في الانتخابات التي ستُجرى في بقية محافظات العراق) ومن المحتمل حتى إذا أجريت الانتخابات، فإن النتائج ستُفرض مسبقاً، كما تذهب الى ذلك تخمينات (سام بارنين). وفي الفترة الأخيرة، طالب (البارزاني) وبإلحاح حكومة رئيس الوزراء (نوري المالكي) بدفع رواتب قوات ميليشيات البيشمركه، والتي مازالت تشكل القوة الأكثر تدريباً وانضباطاً في العراق، ويعني الخبير الأميركي أن هذا الأمر يؤخذ بنظر الاعتبار حتى بالمقارنة بين البيشمركه والقوات الأمنية العراقية. ويصر (مسعود البارزاني) على أن قوات البيشمركه لها ((دور كبير في منطقة كردستان وبالنسبة لجميع أنحاء العراق)) لكن لا أحد يعرف كيف يفسر مثل هذا التقييم، سوى أن (البارزاني) يعني تلك المشاركات الجزئية لقوات البيشمركه في السيطرة على بعض المناطق العربية في العراق، وبشكل خاص في المناطق المتنازع عليها مثل كركوك وخانقين ومدن وقرى صغيرة أخرى. وهذه النتيجة –يؤكد بارنين- أدت الى تصعيد سلسلة من الاشتباكات مع العرب السنة، وبشكل رئيس تركزت هذه الاشتباكات في محافظة ديالى. وادعى (البارزاني) أن البيشمركه يقاتلون القاعدة، وأن دورهم في استقرار العراق، يواجه باستمرار بغير (التقدير) الذي يستحقه. ويدافع عن فكرة أن البيشمركه عملت في ثنايا الجيش العراقي وقاتلت بشجاعة ومات الكثير من أفرادها من أجل تحقيق المكاسب الأمنية على صعيد كل العراق في السنة الماضية، لكن البارزاني كان حريصاً على زج قواته وتركيزها في مناطق بعينها من دون أن تكون هناك أية حاجة إليها. ويقول الخبير إن ((الهدف الحقيقي للبارزاني واضح جداً وهو: تمديد حدود كردستان العراقية الى المناطق الغنية بالنفط، قبل أن تقوى الدولة العراقية عسكرياً وتمتلك الحكومة المركزية في بغداد قدرات فرض السيطرة)). ومن جانب آخر يقول خبير مركز الدراسات الدولية الإستراتيجية إنّ ابن أخ (مسعود) ورئيس وزراء الحكومة الإقليمية في كردستان (نيجرفان البارزاني) يحاول أن يُظهر نفسه بصورة الرجل الذي يحكم بعقلانية، ولهذا فهو أكثر المرتبطين بالمحادثات المستمرة مع تركيا بشأن قضية متمردي بي كي كي، لكنه يعمل القليل من أجل أنْ يعدّل (سياسات عمّه). وثمة جانب آخر في الموضوعة الكردية يتطرق إليه الخبير الأمني الإستراتيجي (سام بارنين) وهو القلق من استمرار المشاكل الصحية لـ (جلال الطالباني) الذي يترك خروجه من المشهد السياسي المجال واسعاً لطموحات (مسعود البارزاني) غير المنضبطة في كثير من امتداداتها. وحالة كهذه ستكون خطرة بشكل آني على استقرار العراق، ولكنها ستكون ذات تأثير سلبي كبير أيضا على حالة الازدهار النسبي التي يتمتع بها الشعب الكردي أيضا.
|