الرئيس طالباني يلقي كلمة في ذكرى استشهاد شهيد المحراب July 5, 2008
شارك فخامة رئيس الجمهورية جلال طالباني، قبل ظهر اليوم السبت 5-7-2008، في الذكرى السنوية الخامسة لشهادة شهيد المحراب آية الله العظمى سماحة السيد محمد باقرالحكيم، والقى فخامته كلمةً بهذه المناسبة، فيما يلي نصها :
“بسم الله الرحمن الرحيم
باق و أعمار الطغاة قِصارُ من سفرِ مجدك عاطر موارُ متجاوب الأصداء نفخُ عبيره لُطف، ونفخ شَذاتهِ إعصار رف الضميرُ عليه فهو منورٌ طُهراً كما يتفتحُ النوار وذكا به وهَجُ الإباء فرده َوقداً يشُب كما تُشب النار العمرُ عُمرُ الخالدينَ يَمده فَلكٌ بطيبِ نَثاهمُ دوار يتمخصُ التأريخُ في أعقابهم حَمداً، وتعصِفُ ليلة و نهار
وللتأريخ مآثر عديدة ولتكن تظل مأثرة الشهادة تحفز في ذاكرة الأجيال معانٍ سامية، تتحول مع الأيام إلى طاقة خلاقة تتحدى، وتستثيِر الهمم وتتجاوز الذات لتصبح في لحظة توهج مصدر الهام لا ينضب. والإلهام يبعث على التفاؤل ويفتح أبواب الأمل والتفاؤل أمام المستضعفين، أولئك الذين بإرادتهم و قوة شكيمتهم تُبنى الأمم والشعوب، وتتحدد الخيارات بفعل إصرارهم وعزيمتهم، ونفاذ رؤياهم. وشهيد المحراب آية الله العظمى محمد باقر الحكيم قدس سره، كان في حياته شعلة متوقدة، لم تستطع الصعاب ومواكب الشهداء من أهله وذويه ومحبيه، أن تنال من قناعاته وثقته وصبره على المكاره والتجبّر والاستبداد، الذي خيم على العراق طوال عقود، حتى بدى كما لو انه كابوس لا يزول. فالشهيد الثائر العظيم، إستمد من مأثرة سيد الشهداء الحسين( ع ) العزم الذي لا يلين على منازلة الطغيان، ولم تنل التضحيات، وهو يتابع مسيرة إخوته وبني عمومته وهم يتساقطون شهداء الواحد تلو الأخر، من شكيمته، بل كانت التضحيات قوة معنوية مضافة تضيء بصيرته وتهدي سبيله نحو ما كان هدفاً أسمى له. في حياته كما في رحيله الى الرفيق الأعلى ظل شهيد المحراب، ملاذاً رحيماً للمناضلين الذين شاطروه الطريق، وجعلوا منه قدوة ومثلاً، وطاقة عطاء. لم يتردد الشهيد الحكيم الأمين يوماً، في التقاط أي فكرة تعزز ركائز العمل الوطني، وتوحد القوى، وتفتح منافذ أوسع للانقضاض على الطاغية، المتجبر، لإنهاء معاناة شعبنا العراقي ووضعهم على طريق الخلاص والتحرر من تسلطه وبطشه. لقد كان الفقيد العظيم نقطة التقاء لذوي الإرادات الحرة المتبصرة، ممن وضعوا مثله نصب أعينهم مصلحة الأمة وخلاصها، وتجاوزوا الصغائر لكي يستطيعوا استلهام التفاؤل منه و الارتقاء الى مستوى التحديات و المهام الكبرى التي تجسدت في الإطاحة بالدكتاتورية المتكرسة بأبشع أساليب البطش و سفك الدماء وتلويث المقدسات. و بشهادته البطولية في لحظة كان العراق بأمس الحاجة الى حكمته و مرونته و قدرته على التسامح و قبول الأخر و العمل على إطفاء بؤر الفتن و التفرقة، ووعيه بمخاطر الانزلاق الى متاهاتها، عمد الفقيد الكبير خلوده و كرس قيمه التي لطالما افتدى نفسه بها. لكنه وهو يستشهد أيضاً، أضاء طريقنا لحمل رسالته و مواصلتها و التشبث بكل السبل المؤدية الى تحقيقها ورفع ألويتها. إن أية الله العظمى (قدس) المتوقد بالوطنية الحقة حتى اخر لحظة من حياته الزاخرة. يحيا اليوم بيننا إذ تتحقق خطوات جادة على الطريق الذي كان يسعى لسيرنا المشترك فيه، طريق التوافق و الوحدة الوطنية، و إلحاق الهزائم المتواصلة بالإرهابيين و الصداميين و القتلة، طريق التحولات التى تفضي الى بناء العراق الديموقراطي الاتحادي الجديد الذي ساهم هو بنكران ذات في إرساء مفاهيمه و اسس بنائه. إننا و نحن نعيش ربيع العراق الجديد، و نعمل معاً لكي تظل نسائمه تعطر أجواء بلادنا و تنعم على شعبنا بالطمأنينة و الحرية و الاستقرار، نفتقد الشهيد الخالد آية الله العظمى محمد باقر الحكيم (قدس)، نفتقده لكن ذكراه لا تثير في نفوسنا الفجيعة، بل الأمل و القوة، لما تركه من مآثر و أفكار و قيم تشكل قوة دفع لنا، يتجلى في خلفه و حامل رايته المجيدة، شقيقه و رفيق دربه الطويل و أمين سره سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم حفظه الله لنا جميعاً الذي يستهدي بكل ما تزخر به ذاكرته من فضائل و توجهات شهيد المحراب. ان شعبنا سيظل يتذكر بعرفان مأثرتي الكفاح المجيد، و الشهادة العظيمة لآية الله العظمى محمد باقر الحكيم و كوكبة الشهداء من آل الحكيم الكرام. و نحن إذ نسترجع ذكراه العطره، ومآثر آل الحكيم المجيد ، لن نفجع، لكي يخسأ القتلة الذين توهموا بأنهم بجرائمهم يطفؤون شعلتهم و يقطعون على شعبنا طريق الانتصار الأكيد. لن نفجع لأنهم مثل كل الشهداء العظام منارات نضالية تضيء الطريق و تعبده لنا ولأجيالنا في المستقبل..وعهداً ايها الشهيد العظيم ان نسير على هدى الآية الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم ((من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)). المجد الخالد للشهيد المحراب و جميع شهداء آل الحكيم الكرام و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته".