سوق تحت المنارة

سوق تحت المنارة

من الأسواق المهمة في الموصل
سوق تحت المنارة PIC%209%20172

عبد الجبار محمد جرجيس

عند الحديث عن الأسواق الشعبية في الموصل. لا بد لنا من الإشارة أن هذه الأسواق قد لعبت دوراً مهماً في التعامل التجاري بين أبناء الموصل وضواحيها. إضافة إلى اكتساب المهنة والحزمة التي تعين الإنسان أو الفرد في المجتمع الموصلي على العيش. وتخرج من هذه الأسواق تجار, وأرباب حرف مهمة.بعضها ساد, وبعضها بادر. ونحن اليوم نتحدث عن سوق أو ما عرف بسوق المنارة. نسبة إلى المنارة القريبة منه جداً وهي (منارة الجامع) (جامع الأغوات أو ما عرف حديثاً جامع أبي عبيدة الجراح).

السوق في بداية تكوينه في بداية القرن السابع عشر الميلاد. يتكون من عدد كبير من الدكاكين المتلاصقة , وتتكون واجهته من نصف قوس مرمري ذات قبة بيضوية, كان الأساس في البناء مادة (الجص) ثم الحجارة والحلان في الواجهة, أما أبواب هذه الدكاكين سابقاً فكانت ألواحا خشبية ذات ثلاث قطع ينطبق الواحد منها على الآخر بواسطة (القلابات) المصنوعة من الحديد في السوق المجاور (سوق الحدادين) القديم. مثبتة هذه الألواح بواسطة مسامير كبيرة في واجهة حديدية الشكل. في الواجهة كانت هذه الدكاكين لا تحتوي على عناصر فنية زخرفية أو مطعمة، إلا أن البناء كان من نوع نصف العقدة، واجهة الدكان تستند إلى قناطر مرمرية, مثبتة على دعامتين ثم يليها نصف القوس المرمري (الحلان).

هذا السوق كان من الأسواق القديمة في هذه المنطقة. وسط الموصل, فيه ثلاثة مداخل, المدخل الأول , قريب من حائط الجامع. والمدخل الثاني يحتوي على قنطرة كبيرة (قنطرة اليوزبكية) التي تشكل الباب الرئيسي للسوق. وهي قبة نصف مهد, مستندة إلى أساطين مرمرية ذات طابع مزخرف ومنقوش (وهو المدخل الجنوبي) للسوق واجهة السوق فوقه مقهى البزازين ذات القناطر والأروقة. ثم يلج الداخل إليها إلى السوق, في هذا السوق كان العديد من الدكاكين ذات الطراز القديم, ولكن مع مرور الزمن تم تحديث هذه الدكاكين, وخاصة الواجهة الأمامية, وتم استعمال (الخبنك) المصنوع من الصفيح بعد أن كان من الخشب. وتنوعت هذه الدكاكين التي عددها في حدود (60) دكاناً, هذا السوق طبيعياً ينقسم حسب المواد التي يتعاطاها إلى:

1- سوق تحت المنارة: ويشكل الواجهة من كرسي منارة الجامع, باتجاه القنطرة الكبيرة, والتي تحتوي على عدد من هذه الدكاكين، هذه التزمت ببيع المواد التي يحتاجها المواطن وعرف باليوزبكية أو الدكاكين القريبة من القيسرية. وهذه المواد تشمل الخيوط والسروج, والإبر ومواد التجميل (الحمرة والخطاط) والمواد الأخرى. كان الناس وفيما مضى يتحدثون عن نكتة تقال للشخص البسيط.. مثلاً يتم إرسال هذه الشخص إلى هذا السوق, ويقولون أشتري لنا من البائع (طوز وطبل وفيّ المنارة) لقلة تفكيره فيذهب إلى السوق, وهناك من يفهمه هذه الرموز.تتشابه هذه الدكاكين في بنائها والزخارف البسيطة حداً المستخدمة في البناء وقد تنوع دليل الحرف والمهارات التي عملت أو تعمل في هذا السوق إلى (26) حرفة متنوعة, شملت اليوزبكي, والنجار الزراعي والخضارجي, والكواز, تتنجي, باجه جي, الحلاق, القصاب, الخياط, بائع الشربت, شواء أبو الفشافيش, معمل حلاوة, بائع الأدوات الحديثة, البقال, سوفاجي, المزاري.

2- سوق الكوازين: وهذا القسم هو القريب إلى وسط السوق وإلى المدخل إلى جسر نينوى الحديدي. تميز هذا السوق بتجارة الأدوات التي تضع من مادة الطين.والتي كان لا يخلو بيت من الموصلية من هذه المصنوعات الشعبية, وهي: حب الماء, حب النقط, الكوارة, البرمة, السد, البرنية, الجرة, الشربة, القدح, الباطي, ودلاء الماء. للشرب والاستسقاء به من البئر. لعدم وجود إسالة الماء سابقاً, ولأن السقاء. كان يعتمد على السقا الذي يجلب الماء من النهر إلى البيوت. في هذا الجانب الوسطى من السوق كان المواطن المصلي يأتي لشراء حاجياته منه. وهو يحد سوق الكمرك من أمامه؟, وسوق باب الجسر (الميدان) من أمامه. ثم ينطلق المواطن إلى الخروج من الجانب الآخر من مدخل السوق, أو من مدخل سوق الخضارجية أو الكب السابق للمواد الغذائية من الخضراوات. في الوقت الحاضر أهملت هذه الصناعات اليدوية واستعيض عنها بحرف أخرى. ويكون هناك سوق خاص لنجاري المواد الخشبية الزراعية.

3- سوق النجارين: حيث أمتهن البعض الآخر من هذه الدكاكين, صناعة نجارة الآلات الزراعية التي يحتاجها الفلاح أو المزارع وهي المذارة والمساحات وبعض المواد التي تدخل في صناعة حفر الأرض. السكين الطويل, وأدوات اللبن (المحمر) والزراعة آلات الجرجر. وبقي قليلاً من يقوم بهذه الصنعة, واعتمادها على الساكنين في أطراف المدينة, والقرى الزراعية المجاور لها. وهذه المهنة تعتمد على الخبرة والصبر ذات النفس الطويل مع الهدوء النسبي للعامل أو الصانع لها. وهذه الدكاكين أصابها بعض الترميم والتجديد أذهب برونقها ووحدتها العمرانية.

4- سوق الحدادين: وهذا ألسوق أصبح الجزء الأخير من السوق. وكان فيما مضى مزدهراً بعمل الأحذية الصيفية (الكلاش) و(القالوشي) الذي يعتمد على اليد والنسيج القطني. وكانت هذه المهنة من المهن المهمة قبل ظهور الأحذية الحديثة. أما الآن فمعظم الدكاكين المجاورة أصبحت للحدادة التي تعتمد على المهارة والخبرة والقوة الجسدية. لأن في هذه الدكاكين عمل متواصل مع النار والدق (الطرق) لصناعة ما يحتاجه المواطن من مواد حديدية, ومعظم هذه الدكاكين فيها الكور والسندان. لا يوجد ما يميز هذه الدكاكين عن غيرها. فهم متشابهون في البناء والتصميم.هكذا تنتهي هذا السوق التراثية المميزة بالمهن والحرف. إلا أننا ندرج أهم الملاحظات عن السوق.

*إجراء مسح شامل مجددا لهذا السوق, والاهتمام المباشر من قبل الآثار في الموصل بعدم سماح إلى الهدم والبناء والتجديد إلا بأشراف فني معماري على أن لا يستخدم الإسمنت مع الجص.

*الاهتمام البالغ والسريع من بلدية الموصل بتنظيف هذه المنطقة, وعدم إهمالها واعتبار هذا السوق من الأسواق التراثية في المدينة, إذ يعود بناؤه إلى القرن السابع عشر الميلادي.

*السيطرة العقارية على أيجار وبيع أو تشويه لهذه المنطقة في حالة رفع بعض المعالم التراثية فيه.

*لابد أن تقوم أي جهة كانت حكومية, أو منظمات المجتمع المدني بدراسة وإيقاف الهدم والتشويه العقاري. أو الإستخدامي لهذا السوق. وعدم إغفال الجانب الآثاري في هذا العمل, لأن المديرية العامة لآثار نينوى تمتلك الخبرة والمسؤولية عن هذا التراث.

*توثيق هذا السوق حضاريا بالصورة والصوت والفلم بواسطة الفيديو. وجمع كل الصور والآثار المهمة لهذا السوق.

*عقد ندوة تعريفية مستقبلاً لهذا السوق, وتعريف المواطن بأهميته بالنسبة للحضارة والعمارة والتوثيق.

» تفجير المنارة
» سوق تحت المنارة في الموصل