من حياة الامام علي الهادي عليه السلام .................................................................. هو علي الهادي بن محمد الجواد عليهما السلام، كنيته أبو الحسن الثالث. ولد في 15 من ذي الحجة سنة 214 هـ وتوفى مسموماً في 3 رجب من عام 254 للهجرة بسامراء (سُرَّ مَنْ رأى) في خلافة المعتز بالله العباسي، وعمره 40 سنة، دفن في داره في سامراء. وقد نص على إمامته أبوه محمد الجواد (ع). وكان مقيماً في المدينة. وولي الخلافة المتوكل وكان يكره أمير المؤمنين عليه السلام وأولاده ويجور على العلويين، ولقوا منه في زمانه شدة.
كان الإمام علي الهادي كثير الإحسان للناس سيما الفقراء والضعفاء، وقد شاهد الناس منه كثيراً من الكرامات حتى أحبه الخاص والعام. وبعد أن أُتِيَ بالإمام من المدينة إلى سامراء بأمر من المتوكل العباسي كان الوشاة بين الحين والآخر يشحنوا المتوكل بالحقد على الإمام الهادي (ع)، يصورا له خطره على عرشه، وكانت الحاشية المحيطة به تدين بالنصب والعداء لأهل البيت (ع).
الإمام الهادي (ع) والمتوكل :
جاء في مروج الذهب أن جماعة من حاشية المتوكل سعوا بالإمام الهادي إلى المتوكل بأن في منزله سلاحاً وأموالاً وكتباً من شيعته يستحثون فيها على الثورة وهو يعد العدّة لذلك فوجه إليه جماعة من الأتراك وغيرهم فهاجموا داره في جوف الليل فوجدوه في البيت وحده وعليه مدرعة من شعر وليس في البيت شيء من الأثاث والفرش وعلى رأسه ملحفة من الصوف وهو يقرأ آيات من القرأن في الوعد والوعيد، فأخذوه إلى المتوكل على الحالة التي وجدوه عليها فمثل بين يديه والمتوكل على مائدة الخمر وفي يده كأس، فلما رآه أعظمه وأجلسه إلى جانبه ولم يكن في منزل الإمام الهادي شيء مما قيل فيه ولا حالة يتعلل بها عليه، فناوله المتوكل الكأس الذي في يده، فقال الإمام: يا أمير المؤمنين والله ما خامر لحمي ودمي فاعفني منه، فعفاه، ثم قال له: أنشدني شعراً أستحسنه فاعتذر الإمام (ع) وقال: إني لقليل الرواية للشعر، فألح عليه ولم يقبل له عذراً فأنشده:
المرقد الذي فجره التكفيريون الوهابيون.......................................................................
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم لب الرجال فما أغنتهم القُلَلُ
واستنزلوا بعد عِزٍّ عن معاقلهم فأودعوا حُفراً يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما قبروا أين الأسرّة والتيجان والحللُ
أين الوجوه التي كانت منعّمةٌ من دونها تضرب الأستار والكللُ
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم تلك الوجوه عليها الدود ينتقلُ
قد طالما أكلوا دهراً وما شربوا فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكِلوا
وطالما عمّروا دوراً لتحصنهم ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا
وطالما كنزوا الأموال وادّخروا فخلفوها على الأعداء وارتحلوا
أضحت منازلهم قفراً معطلة وساكنوها إلى الأحداث قد رحلواواستمر الإمام عليه السلام ينشد شعراً من هذا النوع الذي لم يكن يتوقعه المتوكل، فبكي المتوكل بكاءاً عاليا حتى بلّت لحيته من الدموع، وبكى الحاضرون لبكائه. ثم أمر برفع الشراب من مجلسه وأمر بردّ الإمام إلى منزله مكرماً.
من حكمه (عليه السلام):
1- من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوقين.
2- من كان على بينة من ربه هانت عليه مصائب الدنيا ولو قُرِضَ ونُشِرْ.
3- الحسد ماحي الحسنات والعُجُبْ صارف عن طلب العلم، والبخل أذم الأخلاق، والطمع سجية سيئة.
4- المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان.
5- إن الظالم الحالم يكاد أن يُعْفى على ظلمه بحلمه، وإن المحق السفيه يكاد أن يطفئ نور حقه بسفهه.
وفاته (عليه السلام):
إن وفاة الإمام علي الهادي (عليه السلام) كانت في عهد المعتز بالله في الثالث من رجب من عام 254 للهجرة. وجاء عن المسعودي أنه قال: لما توفي اجتمع في داره جملة من بني هاشم من الطالبيين والعباسيين واجتمع خلق كثير من الشيعة ثم فتح من صدر الرواق باب وخرج خادم أسود، وخرج بعده أبو محمد الحسن العسكري حاسراً مكشوف الرأس، وكان وجهه وجه أبيه لا يخطئ من شيء وكان في الدار أولاد المتوكل فلم يبقى أحد إلا قام على رجليه وجلس بين بابي الرواق والناس كلهم بين يديه، وكانت الدار كالسوق .. وأخرجت الجنازة وخرج يمشي حتى خرج بها إلى الشارع، وصلى عليه قبل أن يخرج إلى الناس .. ودفن في دار من دوره وصاحت سامراء يوم موته صيحة واحدة