الجسر العتيق في الموصل .... والله زمان ....
تمرين موصلي يومي.. لنعبر جسر العتيق مشيا...…
علي محمود – الموصل -
فرصة حلوة أن تستغلها في عبور (الجسر العتيق) في مدينة الموصل (400 كم شمال العاصمة بغداد) باتجاه السوق العتيق في منطقة الميدان أو العودة إلى الفيصلية .. هذه الفرصة كان يستغلها كثيرون للترويح عن النفس بمنظر الجسر العتيق الذي يعيدك بقدمه الى سنوات طويلة مرت على الموصل بأحداث سياسية واجتماعية عديدة .. وتراصف البيوت العتيقة في الميدان واطلالة طاق كسرى الجالس في مكانه دون تغيير أو تبديل أو استغلاله سياحيا فهو يراوح في مكانه بانتظار السياحة بعد ألف سنة ضوئية .. والمهم ان كثير من الموصليين كانوا يروحون عن نفسهم بالعبور مشيا على الأقدام واشباع اعينهم بزرقة نهر دجلة .. ويرافق كثير من الموصليين أولادهم ، ومرات كثيرة تعبر (الجدات) مع أحفادها وتخبرهم بقصص كثيرة عن الجسر .. أين كان سوق (الكب) وكيف يخبر الجد حفيده انه كان يسبح هنا على ميمنة وميسرة الجسر في أيام شهري حزيران وآب من ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم .. وبعدها يطلعك (شيابنا) انهم كاوا يمشون من الساحل الايسر في مناطق الفيصلية أو منطقة النبي يونس والدركزلية على طول الطريق مرورا بالجسر العتيق الى الساحل الايمن ليصلوا الى مدرسة الابتدائية او الاعدادية منتصف الثلاثينيات من القرن الفائت ..وحتى قبل سنوات الاحتلال كانت العوائل الموصلية التي تقع بيوتها بالقرب من الجسر العتيق في الميدان و(الدجة) وباب لكش لتعبر الجسر مشيا على الاقدام لتصل الى مدينة الالعاب ومعها (دست) الدولمة لتستمع بساعات حلوة داخل المدينة وتعود بعد المغيب الى بيوتها مستمتعة بالهواء العليل الذي يهب وهم يقطعون الجسر العتيق مشيا على الاقدام … اليوم .. يعبر الموصليون .. الاف منهم مجبرين .. ليس هدفهم الاستمتاع بالترويح عن النفس او قضاء وقت مفيد برياضة المشي .. هم يعبرون الجسر بسبب الازدحامات الخانقة في السوق .. وبدل ان يركنوا مركباتهم في (كراجات) السوق ودفع مثلا مبلغ (750 دينار) اجرة وربما تحدث حالة اصطدام بسبب الازدحام وقلة خبرة سائقي المركبات الحديثة .. ومن ثم قضاء ساعات طويلة للخروج من الشوارع التي قطعتها الشرطة بسبب التحسب من وقوع انفجارات وتحول سوق باب الطوب الشهير بتدفق آلاف الموصليين للتبضع منه الى سوق صغير بعد غلق الشارع الواقع أمام مركز شرطة باب الطوب ذهابا وإيابا حتى ان اصحاب سوق (بسطات) انقطع رزقهم وتحولوا الى الشارع ليبيعوا الخضرة والمواد الاخرى في الشارع .. وأكد موصليون أنهم بدل أن يعبروا بالمركبات قرروا أخيرا ترك مركباتهم في (كراجات) الفيصلية في الساحل الايسر من مدينة الموصل ويعبرو الجسر العتيق مشيا على الاقدام ثم التبضع والعودة مجددا الى مركباتهم والعودة الى منازلهم … وبعدها كانت الشرطة او قوات الاحتلال في مرات كثيرة تقطع الجسور ومنهم الجسر العتيق بسبب التحسبات الأمنية الطارئة وما كان من الموصليين الا عبور الجسر العتيق مشيا على الاقدام وشراء مايحتاجونه او فتح محالهم التجارية والعودة مشيا على الاقدام من جديد عبر الجسر العتيق .... وتشهد ساعات أول النهار والظهيرة ازدحام شديد في عبور الموصليين ويضايقهم اصحاب العربات عندما ينقلون بضاعة التجار عبر الجسر العتيق من المكان المخصص للمشاة . وبعد فان الموصلي لم يعد يهتم كثيرا بإلقاء نظرة واسعة الى جمال الطبيعة لنهر دجلة وتداخل الآثار المترامية هنا وهناك وانصهار البيوت العتيقة بالمحال الحديثة .. كل هذا لم يعد يهم الموصلي .. المهم يعبر بأمان ويعود بر الجسر العتيق بسلام الى بيته ....