شبكة الموصل الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اسلاميّة ثقافية عامة .
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 خمسة ايام من الرعب والقذارة في ارقى مستشفى سويدي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ساره
مشرفة
مشرفة
ساره


انثى
عدد الرسائل : 207
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 01/01/2007

خمسة ايام من الرعب والقذارة في ارقى مستشفى سويدي Empty
24052011
مُساهمةخمسة ايام من الرعب والقذارة في ارقى مستشفى سويدي


خمسة ايام من الرعب والقذارة في ارقى مستشفى سويدي
سفيان الخزرجي

الشمس تفترش الغيوم القطنية المتناثرة في السماء الزرقاء، والاشجار والازهار في احتفالية من العطر والسحر بعد شتاء مثلج طويل. كان يوما ربيعيا بامتياز حين اوصلتني زوجتي من جزيرة ايكرو الى مستشفى كارولينسكا في شمال ستوكهولم. كنا صامتين طول الطريق، فهل اذهلنا مهرجان الطبيعة ام كنا غارقين في توجس مريب من المجهول؟
ارشدتني ممرضة فاتنة الى غرفتي رقم 15 في الجناح دي 14. كان علي ان اقضي يوما من الفحوصات بشأن نقص حاد في كمية البوتاسيوم في الدم. ولان المسؤول عن البوتاسيوم في الدم هما الغدتان الكظريتان المتمركزتان فوق الكليتين، فيجب اخذ عينة دم من كل منهما لتشخيص الخطأ.
استقبلت يومي الاول بتفاؤل مبالغ فيه حتى اني كتبت في الفيس بوك متغنيا بجمال الممرضات السويديات:

"من مرضي
من السرير الابيض"
من فاتنات كلما لمسنني
تفجرت مشاعري
وزاد الفاً نبضي
لا تقلقوا..
فما انا بنائل ما اشتهي
ولا أخال غادة بمثل حالي ترتضي

دخلت صالة الفحص وسط جمهرة من المنقبات باللون الاخضر، طلبن مني ان اخلع ملابسي الداخلية واستلقي على سرير الفحص. حاولت ان استر نفسي بقميص المستشفى الوحيد الذي بقي علي ولكنهن رفعنه بثقة العارف بمجريات الامور، فقد تبدى لي ان مكان ادخال الخرطوم الدقيق (الصوندة) هو اعلى الفخذ.
حمدا لله اني قمت بتنظيف المنطقة، لا لكي تبدو افضل منظرا، ولكن لكي لا تذكرهم بلحى ارعبتهم سنينا.
بعد التخدير الموضعي بدأت احس بالصوندة تشق طريقها في احشائي من الجهة اليسرى. توقفت الطبيبة واعطت ايعازا لمساعداتها ان العينة هي رقم 4، ثم سحبت الصوندة وبدأت بحشرها من الجهة اليمنى. كان الطريق الى الغدة الكظرية اليمنى اكثر تعقيدا، فليس هناك طريق مباشر وانما على الصوندة ان تشق طريقها الى الظهر اولا ثم النزول من هناك الى الغدة. وفي الظهر شعرت بالم حاد، اخبرتهن بهذا الالم فادعت الطبيبة ان الوريد ضيق.
وما هي الا لحظات حتى شعرت ان ظهري قد شق الى نصفين، صرخت حتى ارتجت الصالة. اعطت الطبيبة ايعازا بتشغيل الانذار، تحلق الاطباء والممرضون والممرضات حولي وانا اتمزق الما. هدأت قليلا بعد ان زرقوني بابرة مورفين وادخلوني في نفق للاشعة المقطعية، واعلن الطبيب المختص ان نزيفا حادا قد تفجر في احشائي.
اعادوني الى غرفتي وانا اتضور الماً رغم المورفين الذي يضخ الى ساعدي مع المغذي من قربة شفافة معلقة جنب السرير.
فتحت عيني على زوجتي وهي تمسح جبيني المتصبب عرقا، ابتسمتُ لكي ازيح القلق عن عينيها المغرورقتين بالدمع، ابتسمت هي الاخرى متشجعة وقلت لها اني بخير.
جاء المساء ثقيلا متباطئا ومع كل دقيقة من الظلام كان الالم يزداد شراسة وكأنه الحيوانات البرية التي تستيقظ ليلا في غابات جزيرتنا وتأوي الى مخابئها في النهار.
وعندما لم اعد احتمل الالم حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل ضغطت على جرس الانذار. انتظرت طويلا او هكذا شعرت، حتى فتحت باب الغرفة ممرضة لا اكاد اتبين رأسها الغائر في ظلام الغرفة ، وصرخت بي: ماذا؟
ثم تابعت باكثر خشونة: ماذا تريد؟
اشرت الى موضوع الالم وطلبت مساعدة منها.
دارت ظهرها وتركتني دون ان تنبس ببنت شفة.
شعرت باهانة وغربة شديدتين. وحدة قاتلة اكثر ايلاما من النزيف الداخلي.
تذكرت المتنبي...
ما كنت احسبني ابقى الى زمن..
جاءت بقرصي دواء ووضعتمها على طاولتي قائلة: خذ هذا
لم تكلف نفسها عناء مساعدتي في تناولهما، بل غادرت الغرفة لتترك هذا السجين العربي يذوق مرارة هربه من بلاده حالما بعوالم اكثر انسانية.
كان مؤنسي الوحيد قمر يلوّح لي من الشباك وكأنه ينبئوني بأن خلف هذه الاسوار فضاءات اكثر اتساعا. كنت اتابعه طوال الليل حتى يغرب بعيدا خلف اشجار البلوط الباسقة.
مر اليومان التاليان بنفس الرعب وقد صادف ان يكونا يومي عطلة نهاية الاسبوع. وما ان جاء صباح الاثنين حتى تنفست الصعداء لاطلب من الطبيب اخراجي من هذا السجن.
شرحت للطبيب وطاقمه وضعي ودعوته ان يلقي نظرة على ارض الغرفة القذرة التي تشبه مرافق عامة في احد بلدان العالم الثالث واخبرته بانهم لم يغيروا شراشف السرير طيلة الايام الخمسة الماضية. فحتى الفنادق الشعبية تغيير شراشف اسرة نزلائها كل يوم.
طلبت منه ان يكتب امر خروجي حالا على مسؤوليتي، وهذا ما تم.
ارفق صورا للغرفة صورتها بموبايلي قبل خروجي من المستشفى بدقائق.

/https://www.youtube.com/watch?v=GZgMSOpPtPI

نسخة الى:
ـ وزير الصحة السويدي
ـ مجلس ادارة محافظة ستوكهولم
ـ مدير مستشفى كارولينسكا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

خمسة ايام من الرعب والقذارة في ارقى مستشفى سويدي :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

خمسة ايام من الرعب والقذارة في ارقى مستشفى سويدي

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» خمسة ملايين يورو ! ثمنا لاستخدام اسم
» مشروع دولي يمنح الأكراد خمسة مدن
» القدو يؤكد اختطاف خمسة مواطنين من الشبك
» اغتيال خمسة من شيعة الموصل , والقدو يطالب الحكومة بالتحرك السريع وتعزيز القوة العسكرية في المنطقة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة الموصل الثقافية :: مدونة شبكة الموصل-
انتقل الى: