الغلو في الفضائل

بسم الله الرحمن الرحيم
الغلو على ماصرح به أئمة اللغة كالجوهري والفيومي والراغب وغيرهم هو:تجاوز الحد ومنه غلا السعر يغلو غلاء وغلا الرجل غلوا وغلا بالجارية لحمها وعظمها اذا أسرعت الشباب فجاوزت لداتها قال الحرث بن خالد المخزومي :
خمصانة قلق موشحها رود الشباب غلابها عظم
ومنه قوله ص :لاتغالوا في النساء فأنماهن سقيا الله ------- والغلو ممقوت لامحالة أينما كان وحيثما كان في أي أمر كان ولاسيما في الدين وقد جاء في الذكر الحكيم في موضعين: يااهل الكتاب لاتغلوا في دينكم \ ويعني ذلك كما ذكره المفسرون:غلو اليهود في عيسى حتى قذفوا مريم وغلو النصارى حتى جعلوه ربا ان كثير من المتقدمين والمتأخرين- مع الأسف- قد وضعوا أحاديث في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة ردا على من ينتقصهم \1\ فمن منطلق أن الكذب على رسول ص يعد من اكبر الكبائر أن صاحبه يتبوأ مقعده من النار سواء كان خطأ أم عمدا كان لزاما علينا أن نشير إلى بعض مانسجته يد الغلو في الفضائل لأنه من المؤسف حقا إن كثيرا من بسطاء الأمة قد اغترت بهذه الأحاديث من غير أن تدري ماعلتها ومضمونها وما حقيقة وجودها فلابد أن نقف موقف المستشف للحقيقة ولا ننبس في الحكم والقضاء ببنت شفة
\1\ هو أمر لم يحصل وما حصل هو مجرد التعريف ببعض مافعله أشخاص منهم فقد اعترفوا بوضع أحاديث في فضل الصحابة جميعا أو في فضل جمع منهم راجع اللألي المصنوعة للسيوطي ج1ص 428 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص22 عنه أه

غير ماننقله عن أئمة فن الحديث المميزين بين صحيحه وسقيمه ثم نتبع ببعض التعليق
قال الفيروز أبادي في خاتمة كتابه سفر السعادة المطبوع:خاتمة الكتاب في الإشارة إلى أبواب روي فيها أحاديث وليس فيها شيء صحيح ولم يثبت منها عند جهابذة علماء الحديث شيء ثم عد أبوابا إلى أن قال: باب فضائل أبي بكر الصديق رض أشهر المشهورات من الموضوعات إن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة وحديث ماصب الله في صدري شيئا إلا وصبه في صدر أبي بكر وحديث كان ص إذا اشتاق الجنة قبل شيبة أبي بكر وحديث أنا وابويكر كفرسي رهان وحديث إن الله لما اختار الأرواح اختار روح أبي بكر وأمثال هذا من المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل آه
وعد العجلوني في كتابه كشف الخفاء ص419-421 مائة باب من أبواب الفقه وغيره فقال: لم يصح فيه حديث آو ليس فيه حديث صحيح وقال في ص 419:فضائل أبي بكرالصديق رض أشهر المشهورات من الموضوعات كحديث ان الله يتجلى--- الخ من عبارة الفيروز أبادي المذكورة
وذكر السيوطي في اللألي المصنوعة ج1ص186-302 ثلاثين حديثا من أشهر فضائل أبي بكر مما اتخذه المؤلفون في القرون الأخيرة من المتسالم عليه وأرسلوه ارسال المسلم بلا أي سند أو أي مبالاة
فنصيحتي للإخوة في هذا المندي الكريم بعدم الاستشهاد بمثل هذه الأحاديث لأنه في حال علمهم بها يعتبر ذلك من الكذب على رسول ص رحم الله الشاعر حيث قال:
اذاكنت لاتدري فتلك مصيبة واذا كنت تدري فالمصيبة أعظم